ثريا حسن زعيتر: أن تُبلسم جراح الفقراء واليتامى وتحتضنهم، ففي ذلك عمل خير تقوم به الكثير من المؤسسات الخيرية والإجتماعية الناشطة، ولكن أن تُوجه العناية والرعاية الى شريحة من المجتمع من ذوي الإعاقة والإحتياجات الإضافية، فهذا قمة العطاء الذي يتعاظم تدريجياً مع قلة المهتمين بهذا الإختصاص، وهذا ما فعلته <جمعية المواساة والخدمات الإجتماعية> في صيدا، التي ضمت الى أقسامها المتعددة قسماً جديداً لذوي الإحتياجات الإضافية، أطلقت عليه إسم <الوليد الحديث> لتأمين الخدمة التي يفتقرها المجتمع الصيداوي، وتلبية حاجات الكثير من أصحاب هذه الطبقة المهمشة رعائياً وتعليمياً··
 

ويرتكز القسم على التأهيل المهني لأبناءٍ عانوا من صعوباتٍ في متابعة الدراسة الأكاديمية المعهودة، بسبب الإعاقات التعليمية على أنواعها وبعض الإعاقات الجسدية، التي تؤثر سلباً في مقدرتهم على التعلم والتواصل وأداء الأنشطة اليومية ومنها صعوبات في القراءة والتهجي (ديسلكسيا)، وصعوبات في العمليات الحسابية (ديسكلكيليا) وصعوبات في الخط والإملاء (دسغرافيا)، إضافةً الى (النشاط الزائد وتشتت الإنتباه)··

<لـــواء صيدا والجنوب> حط رحاله في الجمعية، التي أخذت على عاتقها تأهيل هذه الفئات من خلال تعليمهم وتدريبهم على المهارات مع مراعاة المستوى العقلي، الوظيفي، الصحي والاجتماعي لكل فرد، بهدف تنمية قدراتهم ليكونوا فيما بعد أفراداً مستقلين وفاعلين··

نشأة القسم أنشئ القسم بداية العام الدراسي 2007-2008 ليستقبل الأبناء من عمر 12 عاماً وما فوق، ويقدم لهم برنامجاً تربوياً تقنياً موزعاً على أربع سنوات دراسية، دمج فيها التعليم الأكاديمي من: لغات، علوم، رياضيات، محاسبة، تربية مدنية وفنون، بالتعليم المهني من تصوير فوتوغرافي، تزيين نسائي، حضانة أطفال، صيانة أجهزة الكومبيوتر، تنسيق أزهار ومساعد طاه، إضافةً إلى البرنامج الحرفي من حرفة الجلديات والخرزيات والحلى والأشغال اليدوية، فضلاً عن التدريب العملي في مراكز الجمعية وخارجها·

الأنشطة والعلاجات على أن الخطوة الهامة كانت في إشراك الأبناء في النادي <اللبناني الأولمبي الخاص>، ففي العام 2007?2008 شاركوا في الدورة العربية في دبي وأحرزوا عدداً من الميداليات والعام 2008?2009 في الألعاب التي أُقيمت في ألمانيا والعام 2009-2010 في الدورة العربية التي نظمت في دمشق، وأحرزوا عدداً من الميداليات، إضافةً الى مشاركة المندوبة إلى <النادي اللبناني الأولمبي> في وضع الخطة الرياضية للعام الحالي، والمشاركة في المخيمات الرياضية الصيفية السنوية التابعة لـ <النادي اللبناني الأولمبي>، كما انتسب القسم الى إتحاد أهالي ومؤسسات التخلف العقلي في لبنان، وشارك في معرض <قادرون للمنتوجات الحرفية> الذي أُقيم في قصر <الأونيسكو> آذار 2010، وفي الأنشطة الترفيهية الخاصة بطالبات <معهد صيدا التقني للشابات>·

وركز المركز في علاجات المساندة على المعضلة الأبرز عند هذه الفئة، الذي يندرج تحت إطارها العملي المتابعة العلاجية النفسية، حيث تولت إخصائية متابعة حالات الأبناء النفسية بشكل فردي وجماعي، فضلاً عن لقاءات دورية داعمة نفسياً ومعنوياً مع أولياء الأمور لتشارك في التجربة، بالإضافة إلى إشراكهم في العملية التربوية وتبنّي ملاحظاتهم، وأضيف هذا العام إلى قائمة علاجات العلاج الإنشغالي، علاج يهدف إلى تأمين الإستقلالية لذوي الإحتياجات الإضافية في مهامهم الحياتية اليومية الخاصة والإجتماعية، ويُساعدهم على ممارسة هواياتهم ويمكنهم من إتخاذ القرارات المناسبة لهم، وذلك عبر إيجاد بدائل للوظائف المفقودة بسبب الإعاقات التي يُعانون منها ومساعدتهم على الإنخراط في المجتمع·

تنمية ومركز جديد ولم يتوقف القسم عند حد، فكل عام يدخل إليه التطوّر، وجديده هذا العام المشروع الصيفي التدريبي الترفيهي التربوي، الذي نظمه بهدف تنمية القدرات الاجتماعية والفردية للأبناء والمساعدة على توظيفها بالتواصل البنّاء، هذا إضافةً إلى متابعة التدريبات الميدانية المهنية والجلسات النفسية، ومع بداية العام الدراسي 2010-2011 انتقل الأبناء الى مركزهم الجديد، بعد إنشاء بناءٍ حديث يُراعي الشروط التنفيذية الخاصة بذوي الإحتياجات الإضافية، يتسع للمختبرات التقنية من قاعة كومبيوتر وقاعة تزيين نسائي إلى المشاغل الحرفية من محترف للجلديات والحلى والقاعات الرياضية، ويضمن للأبناء الإستقلالية·

حشيشو وتؤكد مديرة <معهد صيدا التقني> في <جمعية المواساة والخدمات الاجتماعية> - صيدا مي حاسبيني حشيشو، <أن مركز ذوي الحاجات الإضافية هو الطفل الوليد في الجمعية، عمره 3 سنوات فقط وقد جاء ليلبي حاجة هؤلاء في الرعاية والإهتمام على خلفية جلسات مع ذوي حالة عرضوا خلالها مشاكل في عدم قدرتهم على رعايتهم، بعدما وصلوا الى مرحلة <البريفيه> وليس هناك مجالاً لأي احتضان في صيدا ما يتوجب عليه الركون الى المنزل، في وقت لا يستطيع أحد في صيدا استقبال هذه الفئات العمرية، وإذا فعلوا يكون ذلك فقط لتمضية الوقت دون الإفادة العملية أو التدريبية وعلى قاعدة <حرام جلوسهم في المنزل في هذا العمر> وبما أنه لدينا خبرة في التعليم المهني>·

وأضافت: اقترحنا إفتتاح مركز خاص لذوي الحاجات الإضافية، بالطبع لا يعنى بالكهرباء والتلحيم والنجارة والفخاريات، بل محاسبة وعلوم إدارية بسيطة ورياضيات وأعمال مكتبية تُتيح لهم في المستقبل التوظيف في أعمال مكتبية خاصة بهم، مثل الإستعلامات والإستقبال وغيرهما·

وتابعت: إن الأعمار التي نستقبلها تتراوح عادة ما بين (12-20 عاماً) حسب النمو الذهني للحالة، لدينا صعوبات تعليمية، إعاقة حركية بسيطة، توحّد وتأخّر مدرسي·

ولفتت الى <أن الفكرة قيد التطوير لا سيما أن ذوي المنخرطين فيه لاحظوا تغييراً في سلوكياتهم في المركز وهذا أول الغيث في النجاح، لأننا لا نُعطي فقط دعماً مهنياً، بل اجتماعياً ونفسياً أيضاً، اذ يخضع هؤلاء لعلاجات خلال فترة الدوام ما يخفف على الأهل التكاليف المادية ويوفر الكثير من الوقت، لأنه ليس بحاجة الى وقت إضافي بعد الدوام>·

وأكدت حشيشو <أن هذا المركز قيد التأهيل، لقد افتتحناه هذا العام وخلال فترة قصيرة سوف يُنجز بالكامل، وقد انتقلوا اليه بعدما كانوا ضمن المبنى الأساسي للجمعية، الآن بات لهم مركزاً مستقلاً في المبنى الجديد>·· مشيرةً الى <أن الدراسة لذوي الحاجات الإضافية 12 شهراً - أي عام كامل وليس 9 أشهر، كما المدارس - أي أنهم في عطلة الصيف يجلسون في المنازل، خلال فصل الصيف يكون لدينا برنامجاً داعماً خاصاً ترفيهياً من وحي الصيف، وأننا نكمل معهم على مدار السنة لتعزيز قدراتهم وميولهم>·

وألمحت الى <أن الصعوبات التي نواجهها تمويلية - أي تأمين الأقساط ونسعى لتأمين من يتبنى هذه الحالات أو بعضها، فالقسط ليس مجاناً، أحياناً نُساعد، نُساهم وندعم ولكن ليس بالمطلق مجاناً، فالمركز مكلف ونسعى للدخول في شراكة مع وزارة الشؤون الإجتماعية، وقد عدلنا النظام الداخلي للجمعية ليتلائم مع متطلبات الشراكة مع الوزارة، وقد باتت ملفاتنا فيها على أمل التعاون مع الوزارة العام المقبل>·· مؤكدةً <أن البرنامج مدته أربع سنوات والبرنامج قيد التطوير، فإذا وجدنا أن هناك حاجة لزيارة السنوات قد نمددها لتصل الى 6 سنوات، ونحن نقوم بتوزيعهم وفق الميول والرغبة، هناك بعض الجلسات الإفرادية مع الإخصائية على ضوئها نحدد الإمكانيات والاتجاه، وقد باشرنا بالتدريب الميداني في 4 إختصاصات، تنسيق الزهور، تصوير، تصليح كومبيوتر وخياطة>· وختمت حشيشو بالقول: إننا نُراعي الظروف المالية والإقتصادية لذوي الحاجات الإضافية، هناك حالات لا تملك أموالاً، ولكن لا نقول لأحد أننا لا نقبله وشعارنا <تفاءلوا بالخير تجدوه>، نقول دائماً عسى ولعل يأتي في لحظة فاعل خير ويتكفل أو يتبنى هذه الحالة، ما زلنا نفتح الباب وحتى الآن لدينا حالة واحدة هي مجاناً ولا نستطيع الموافقة على المزيد، لأن الأمر مكلف جداً لجهة العلاج النفسي والتشغيلي، نقول للأهل اذا تيسرت معكم إدفعوا مبلغاً رمزياً ويُمكن لأي شخص أن يتبنى أي حالة، واذا لم يكن بمقدوره دفع القسط كاملاً يستطيع أن يتبرع بجزء منه أو يقسّطه على مدار العام بدفعات شهرية، المهم أن نصل الى تحريك هذا الملف وصولاً الى تبنّي حالات أخرى·