×

البطريرك العبسي من صيدا: جمال لبنان بالتوافق

التصنيف: الناس

2018-05-26  06:45 م  441

 

صيدا – رأفت نعيم مستقبل

في مستهل زيارة رعوية له لأبرشية صيدا تستمر يومين، وصل بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي قرابة الثالثة والنصف الى مدينة صيدا حيث اقامت له بلديتها استقبالا حاشدا له في الباحة الداخلية للقصر البلدي شارك فيه حشد من فاعليات المدينة والجوار تقدمهم النواب بهية الحريري وميشال موسى وسليم الخوري وعبد الرحمن البزري ، ورئيس البلدية محمد السعودي وحشد من المطارنة تقدمهم رؤساء اساقفة صيدا للروم الكاثوليك ايلي حداد والموارنة مارون العمار والروم الأرثوذكس الياس كفوري وممثلان عن مفتي الشيخ سليم سوسان ومفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران وقادة امنيون وعسكريون وعدد من رؤساء بلديات اتحاد صيدا الزهراني واعضاء المجلس البلدي لمدينة صيدا وممثلون عن تيارات واحزاب سياسية وعن مؤسسات مجتمع مدني واهلي في صيدا والجوار وجمع من رعايا الأبرشية.

السعودي

رئيس بلدية صيدا محمد السعودي ألقى كلمة ترحيبية بالبطريرك العبسي اعتبر فيها انه رغم كل ما مر على صيدا لكن الثابت الوحيد الذي تقف شاهدة عليه كنائسها ومساجدها هو انها مدينة العيش المشترك التي لم يلغ احد أحداً فيها على مر العصور . وقال: هذه الخاصية هي التي جعلت من صيدا اليوم محور القرى المحيطة بها وصلة الوصل بين كافة الأديان وحتى المذاهب . ولأنها كذلك تستقبل اليوم بكل حفاوة غبطة البطريرك يوسف العبسي الكلي الطوبى الذي يحل ضيفا عزيزا على مدينته واهله في صيدا .

اضاف: غبطته من مواليد سوريا دمشق ، سوري الهوى والهوية ، وكذلك لبناني الهوى والهوية ، تجاوز برسالته الحدود كما السيد المسيح الفلسطيني الهوية ، لأن رسالة الانسانية التي حملها كل أنبياء الله وكان آخرهم سيدنا محمد ( ص) لم تفرق أبداً بين انسان وآخر . لذلك نستمد من وجود غبطته في هذا اليوم من ايام شهر رمضان المبارك الحافز لأن نتوحد جميعاً مسلمين ومسيحيين على اختلاف جنسياتنا لنؤكد بالدرجة الأولى على وحدة قضيتنا في فلسطين وسط ما يحصل من انتهاكات وتهديد للمقدسات ولهوية القدس ولنؤكد على واجبنا في دعم اخواننا الفلسطينيين والسوريين وسط المحن التي تمر بها اقطارهم وسواء كانوا في مناطق النزاع او ضيوفاً أعزاء في بلدنا . اننا نستمد من سماحة الرسالات السماوية تكريس ثقافة ان نعيش سويا كما ورد في القرآن الكريم على كلمة سواء أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً لكي لا يكون العيش المشترك مجرد موضوع فولكلوري بل ثقافة نمارسها بشكل طبيعي في كل يوم من حياتنا. غبطة البطريرك يوسف العبسي ، بإسمي وبإسم مدينة صيدا ارحب بك في مدينتك .

البطريرك العبسي

ثم تحدث البطريرك العبسي فشكر بلدية صيدا وفاعليات المدينة والجوار على هذا الاستقبال في صيدا التي وصفها بالمدينة التاريخيّة الجامعة الفاتحة ذراعيها لجميع أبنائها. وقال: حضوركم هذا المعطَّر بأريج محبّتكم ونبل عاطفتكم وبأزاهير صيدا الطيّبة وبهواء بحرها اللطيف، يبعث في قلبي البهجة والتقدير والامتنان. هذا اللقاء الذي أردتم أن نفتتح به زيارتي غنيّ بمعانيه الوطنيّة والإنسانيّة والدينيّة، يضفي على الزيارة جوًّا صيداويًّا جنوبيًّا ويضعها في إطارها الصحيح: زيارةٌ لجميع أبناء صيدا إذ كلّ واحد منّا هو كلّ للكلّ. هذا اللقاء يعبّر أجمل تعبير عن انتمائنا أوّلاً إلى بلدنا لبنان الواحد، بلد الجمال لا في الطبيعة وحسب بل على الأخصّ في القلوب، في تلك الزهور اللبنانيّة النادرة التي تتفتّح معًا في كلّ صباح وتغفو معًا في كلّ مساء على نداء الأجراس ودعاء المآذن. تلك الزهور اللبنانيّة التي تفتخر وتفرح وتتمتّع كلّ واحدة منها بلون أختها وبعطرها وتسقيها من نداها وتظلّلها بفيئها وتحميها من عصف الرياح. أجل جمال لبنان ليس بالطبيعة ولا بالمال ولا بالأبنية ولا بما شابه ذلك، بالرغم من أهمّيّة هذه، بل جمال لبنان النادر في التوافق والتفاهم والعيش معًا لا عن غصب أو خداع بل عن رضى وصدق وقناعة.

اضاف: هذا الجمال اللبنانيّ الفريد ليس جمالاً وحسب بل هو رسالة للعالم تعلن أنّ العيش معًا في وطن واحد ممكن بل هو مطلوب ولو بلغ حدّ التحدّي، ولو عكّر صفوه معكّر في بعض الأحيان، بسبب ضعفنا البشريّ، لقناعتنا بأنّ التنائي والتجافي لا يقودان إلاّ إلى الانتحار والموت إذ ينافيان إرادة الله الحيّ الواحد الذي يعبده الجميع. ويطيب لي في هذا الصدد أن أنقل إليكم مقطعًا من الرسالة التي بعث بها الفاتيكان إلى المسلمين بداعي شهر رمضان الفضيل: "إنّنا إذ نعترف بما نشترك فيه ونظهر الاحترام لاختلافاتنا المشروعة يمكننا أن نرسّخ بمزيد من الحزم أساسًا متينًا لعلاقات سلاميّة وأن ننتقل من المنافسة والمواجهة إلى التعاون الفعّال من أجل الصالح العامّ. هذا مفيد بشكل خاصّ للمحتاجين ويمكّننا جميعًا من تقديم شهادة صادقة لحبّ الله عزّ وجلّ للبشريّة جمعاء".

وتابع: أمّا صيدا فهي القلب في كلّ ذلك وهي العنوان، ليس اليوم وحسب بل منذ أن كانت، وآخر شاهد هو ما نراه اليوم من عودة بعضنا إلى بعض ولو خطوة خطوة، بعد المحنة التي مررنا بها في الأحداث اللبنانيّة الأخيرة في القرن الماضي. ونرجو الله أن نكمل هذه المسيرة لأنّنا أردناها ونريدها، ولأنّ الأوطان لا تبنى إلاّ بإرادة بنيها، ونحن قد أردنا كلّنا لبنان وطنًا نهائيًّا لنا تجمعنا المواطنة.إلاّ أنّه في حينِ ننعم نحن معًا بوطننا لا يزال إخوة لنا يعانون من الإسرائيليّين مِن الظلم والقتل في غزّة خصوصًا ومِن الظلم والتشرّد في خارج فلسطين لأنّهم يدافعون عن أرض ووطن يريدون أن ينعموا بهما كسائر شعوب الأرض. نناشد المجتمع الدوليّ وأصحاب النيّات الطيّبة أن يسعوا، ونحن معهم ساعون، لوضع حدّ لهذه المأساة الإنسانيّة التي تجاوز فاعلوها حدود الأخلاق والأعراف والمواثيق على مرأى ومسمع العالم كلّه، وإلى وضع حدّ للمأساة الكبرى بإنصاف الإخوة الفلسطينيّين في حقّ العودة وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

وقال: فيما كنت أفكّر بزيارة مدينتكم المتّكئة في السهل المتطلّعة إلى البحر شعرت بأنّني أدخل إلى أعماق التاريخ وارتسم في مخيّلتي ما شهدَته من شعوب مرّت عليها غازية ولكنّها ما استطاعت أن تنال من إرادتها في الحياة، يشهد على ذلك قلعتها الصامدة. فكانت صيدا تصحو بعد كلّ نكبة وتنهض آبية أن تموت. واليوم إذ نشهد العمران الجميل الذي يزيّنها في مختلف مرافقها نهنّئ أهلها ونهنّئ ونشكر البلدية، رئيسًا وأعضاء، على الإنجازات التي صنعوها وعلى المشاريع التي يسعون إلى إنجازها، ماشين في خطّ الأجداد والآباء، وندعو لهم بالنجاح والتوفيق من أجل ازدهار صيدا ورفاهيتها ورقيّها.قلت القلعة الصامدة. لكنّ قلعة صيدا ما كانت قطّ لردّ الغزاة وحسب بل كانت أيضًا منصّة للإبحار في رحاب العالم ونشر الحضارات المتعدّدة التي توطّنت فيها والتي جعلت من مواطنيها أهل الانفتاح والاعتدال وقبول التنوّع، وهم الأكثر دراية بأنّ البحر يثور يومًا ويهدأ يومًا، وبأنّ المركب ينساب حينًا ويضطرب حينًا، لكن ليس من غنىً لا عن هذا ولا عن ذاك إذا أردنا النجاح في خوض البحار والبلوغَ إلى الطرف الآخر.

وخلص البطريرك العبسي للقول: هذه الزيارة كان مخطّطًا لها في غير هذا الوقت. إلاّ أنّ الظروف شاءت إلاّ أن تكون في شهر رمضان الفضيل حيث تتعانق القلوب وتتآلف الأفكار. هي إصبع الله الحكيم العليم التي تخطّ الدرب وتدلّنا عليه. فنشكره وندعو إليه أن يتقبّل صيام عبيده وصلاتهم وزكاتهم وأن يكافئ جهادهم الروحيّ بغزير بركاته وأن يبلّغهم راضين شاكرين إلى الفطر السعيد. أكرّر تحيّتي وشكري وأستودعكم الله.

في كاتدرائية مار نقولا

بعد ذلك قدم السعودي بإسم مدينة صيدا الى البطريرك العبسي درعا تكريمة عبارة عن مجسم لقلعة صيدا البحرية . ثم توجه البطريرك العبسي يحيط به الفاعليات المشاركة وتتقدمهم الفرق الكشفية الى مطرانية صيدا للروم الكاثوليك سيرا على الأقدام مرورا بساحة النجمة والسوق التجاري للمدينة ووصولا الى كاتدرائية القديس نيقولاوس حيث ترأس قداساً احتفالياً حضره لفيف من المطارنة والشخصيات وحشد من ابناء الرعية.

والقى البطريرك العبسي عظة خلال القداس قال فيها :أيّها الأحبّاء، إذ تطأ قدماي هذه الكاتدرائيّة المقدّسة للمرّة الأولى في حياتي أشعر بتأثّر بالغ لأنّ أبرشيّة صيدا لها، بالإضافة إلى كونها من أقدم الأبرشيّات ومن الأراضي التي زارها يسوع وسمعت كلامه، دورٌ كبير في نشأة كنيستنا الملكيّة لا سيّما في عهد مطرانها أفتيميوس صيفي الذي أسّس الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة الكريمة وأطلقها لتثبيت ونشر حركة الكثلكة التي كان من أنصارها حتّى قبل الانقسام الذي حصل في عام 1724. منذ تلك الأيّام، وبالرغم من الأحوال المتقلقلة الحرجة التي كانت تمرّ بها كنيستنا، كان لأبنائنا الصيداويّين، ومن ثمّ الجنوبيّين، نصيب في صنع تاريخها، وفي صنع تاريخ لبنان، على جميع الأصعدة، إلى هذا اليوم.

واضاف: حضور الروم الملكيّين الكاثوليك في هذه المنطقة تعود جذوره إلى الجماعات المسيحيّة الأولى، وقد عرفوا، عبر التاريخ وما مرّ عليهم فيه من تقلّبات ومن حوادث الدهر، أن يعيشوا بسلام ووئام مع الآخرين جميعًا، وأن يكونوا مرنين منفتحين رجال حوار ودعاة توفيق، وأن يحافظوا على أرضهم ويبقوا فيها، وأن يبنوا بلدهم مع شركائهم في الوطن. هذا تاريخنا ومن واجبنا أن نسير في خطّه فلا نفرّطَ بالعيش معًا في بيئتنا ولا نفرّطَ بالأرض في بلدنا. ولكم أنا سعيد ومرتاح إلى ما يقوم به سيادة الأخ المطران إيلي بشارة راعي الأبرشيّة من مشاريع عمرانيّة واجتماعيّة تندرج في هذا الخطّ التاريخيّ الذي لكنيستنا، من بناء مئتي مسكن للعائلات الجديدة، وثلاث مدارس، ومأوى للعجزة، بالإضافة إلى مشاريع زراعيّة عديدة، خلقت كلّها حوالي أربع مئة وظيفة، ممّا شجّع، كما لوحظ، على ارتفاع عدد المسيحيّين في منطقة شرقيّ صيدا.

وتابع: وسيادة المطران إيلي، إذ يعمل كلّ هذا، يتابع عمل أساقفة كبار وقدّيسين سبقوه أذكر منهم في هذه العجالة سلفه المطران جورج كويتر الذي صمد في الأحداث اللبنانيّة على المبادئ عينها وكدّ بعدها حتّى بذل ذاته لإنهاض الأبرشيّة، والمعاون البطريركيّ المطران سليم غزال الذي ذاع صيته ليس في الجنوب وحسب ولا في لبنان بل في العالم العربيّ، رجلَ الحوار والتعايش المسيحيّ الإسلاميّ الذي أرسى له أسسًا وطرائق اعترف الجميع بصدقها وشفافيتها وسلامتها وفاعليتها.لأجل كلّ ذلك أنا أشكر جزيل الشكر أخي سيادة المطران إيلي على دعوته لزيارة أبرشيّتكم التي يفوح تاريخها بما ذكرنا وما هو إلاّ القليل القليل. أشكره على أنّه أتاح لي أن أفرح بلقائكم ومشاهدة وجوهكم وأن أصلّي معكم، أن نحتفل معًا بالليترجيّا الإلهيّة التي هي ينيوع وحدتنا في يسوع المسيح إلهنا ومخلّصنا.

وختم بالقول: أيّها الأحبّاء أشكركم فردًا فردًا على استقبالكم، على تجشّمكم تعب المجيء للمشاركة في الصلاة. أسأل الله تعالى، بشفاعة القدّيس نقولاّوس صاحب هذه الكنيسة، وشفاعة النبيّ إيليّا شفيع راعي الأبرشيّة، أن يكافئكم ببركاته، ويبلغَنا إلى كماله بالمحبّة. لقد زرعنا في هذه المنطقة مريدًا أن نشهد فيها على الخلاص الذي حقّقه بابنه يسوع المسيح للبشريّة جمعاء. ليس المطلوب أن نكون نحن كثيرين. المطلوب أن نكون حاضرين. المطلوب أن يكون يسوع حاضرًا. وأنتم، ولو واحدًا، قادرون أن تجعلوه حاضرًا.

هذا وتقيم مطرانية صيدا للروم الكاثوليك غروب هذا اليوم حفل افطار في دار العناية في الصالحية لمناسبة زيارة البطريرك العبسي يشارك يشارك فيه فاعليات صيدا والمنطقة .

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا