×

كلمة النائب الدكتور أسامة سعد في جلسات مناقشة البيان الوزاري

التصنيف: الناس

2019-02-12  09:20 م  475

 


دولة الرئيس، أيها الزملاء،
تسعة أشهر من الخلافات حول الحصص وحول الوزارات السيادية والخدماتية والوزارات الدسمة !
ثم رست المحاصصات على ما رست عليه، وصدر البيان الوزاري بلمح البصر، وبدا التوافق حول البيان شبه كامل وشامل !
لا فرق بين بيانكم والبيانات السابقة المعادة، سوى إشارته للأوضاع المتدهورة والأزمة المستحكمة ومزاعم قاطعة لإصلاح لا مجال للتهرب منه.
أيها السادة ألم تتولوا الحكومات والوزارات لسنوات وسنوات؟؟
ما فعلتم سوى مراكمة الأزمات والديون والمآسي فوق رؤوس اللبنانيين ...
أسوأ ما في بيانكم أنكم تنكرون أبوة الأزمة وتزعمون الإصلاح...
الإصلاح بدايته الاعتراف والمكاشفة...
بدايتكم لا تبشّر بالخير...
لما الثقة ؟ لا ثقة لحكومتكم.
لا ثقة لحكومة نغّصت حياة اللبنانيين تسعة أشهر حتى تشكّلت حصصاً ومكاسب.
لا ثقة لحكومة كرّست كونفدرالية الطوائف وحق الفيتو بذريعة الميثاقية.
ولدت الحكومة وزعموا أن الوحدة الوطنية تتجسّد فيها، لكنه زعم باطل لأن المحاصصات والصفقات لا شأن لها بالوحدة الوطنية.
الوحدة الوطنية هي حقوق الناس، كل الناس، الحق في الحرية والصحة والتعليم وفرص العمل والمسكن والضمانات الاجتماعية الشاملة والخدمات، وفي الإدارة الشفافة والقضاء المستقل والاستقرار السياسي.
الوحدة الوطنية هي البيئة العامة الصالحة والمساحات الرحبة لحوار وطني شامل حول كل الملفات المهمة والحساسة، لا الإقصاء ولا التجاهل ولا المصادرة لصوت الناس.
والوحدة الوطنية ليست صيغة تلفيقية تتجمع في حكومة، ولا هي اختصار لمجلس النواب في الحكومة، ففي ذلك إضعاف لدور المجلس في المساءلة والمراقبة والمحاسبة.
لذلك لا ثقة لحكومة مصادرة حقوق الناس وصوت الناس، ولا ثقة لحكومة تطويق المعارضة وتحجيم المحاسبة، لا ثقة لحكومة البرلمان المصغّر.
اللبنانيون يتطلعون إلى دولة مدنية حديثة تنصفهم، لكن القوى السياسية التي أوليت السلطة منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم لم تكن أمينة على تطبيق الدستور.
ففي دوّامات من الخصام تارة والتفاهم تارة أخرى توافقت تلك القوى باستمرار على تقاسم مغانم السلطة، ولم يزل البلد في دوّاماتها يدور من حلم الدولة الحديثة إلى دولة المزارع والمحاصصات والعجز والفشل.
يتجاهل البيان الوزاري أيضاً الالتزام بتطبيق مواد الدستور، ولا سيما المواد الإصلاحية. فلا كلام عن اعتماد الكفاءة في الوظائف العامة بغض النظر عن الانتماء المذهبي، ولا عن هدف إلغاء الطائفية، أو تشكيل الهيئة الوطنية لإلغائها، ولا عن قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس الشيوخ، وجميعها التزامات دستورية.
قانون الانتخابات الهجين أنتج واقعاً سياسياً قائم على خصومات وتفاهمات طائفية ومذهبية... وهو واقع سياسي عاجز عن تحقيق تفاهمات وطنية حول أزمات وتحديات ومخاطر...
يتجاهل البيان تقديم قانون وطني جديد للانتخابات وفق نصوص الدستور...
سلامة البيئة السياسية واحترام الدستور هما جذر الاصلاح ولا تستقيم معالجة الأزمات من دونهما...
لا ثقة لحكومة تمارس الفرز على الهوية الدينية...
لا ثقة لحكومة لا تلتزم بتطبيق الدستور... فمن دون احترام الدستور تفقد أي سلطة شرعيتها.
دولة الرئيس، أيها الزملاء
نقول للحكومة: الأسئلة الكاشفة والفاضحة تلفّ البلاد... تسأل عن السلطة والثروة، وعن اللصوص والأشرار وتجار الطائفية ورعاة الفساد والصفقات، وعن الوجع والأنين وضيق العيش... تسأل عن الولاة والأزلام والمحاسيب. أما الأجوبة فتهرب من بيان الحكومة...الأجوبة عند كل الناس إلا عند الحكومة...التفاصيل مملّة والفضائح على كل لسان...البيان الوزاري تجاوز الأسئلة الحرجة، وتجاهل أصل العلّة...وقال: إلى العمل...إلى الحلول السحرية لمشاكل البلد.
بينما لا كلام عن محاسبة الفاسدين ولا عن استعادة أموال الدولة وأملاكها من النهابين، ولا أي تطرق لقانون " من أين لك هذا؟" أو لرفع السرية المصرفية عن الحسابات التي تفيض بالملايين من أموال الرشوة والسمسرة والصفقات المشبوهة واستغلال النفوذ!
والبيان الوزاري لا يتضمن أي التزام بمشروع واضح من أجل تحقيق استقلالية القضاء وتحصينه في مواجهة التدخلات السياسية وغيرها من التدخلات. كما يتجاهل هيئات الرقابة والمحاسبة التي تحتاج إلى التحصين والتفعيل والإنقاذ من واقع الحصار والتهميش الذي فرض عليها.
السلطة وحكوماتها المتعاقبة عملت في البلاد ما لا يعمل... تخريباً لمؤسسات الدولة، وتدميراً للنسيج الاجتماعي، وتقسيماً وتفتيتاً للشعب الواحد.
والحكومة الجديدة تتقدم ببرامج وحلول للأزمات وهي ليست بحلول، والبرامج ليست من عندياتها.
هي برامج البنك الدولي و"سيدر" و"ماكينزي" والدول المانحة...
هي إملاءات وشروط دولية تخدش الكرامة الوطنية...
هي ديون إضافية فوق الديون، وأعباء جديدة فوق الأعباء...
هو التفريط بأملاك الدولة، أي أملاك الشعب...
هي الأبواب الجديدة المشرعة لنهب جديد...
هو القديم على قدمه...
هي الحكومة الجديدة القديمة...فيها العلّة وأصل العلة...
منذ عقود والصداع يستوطن رؤوسنا من البيانات الوزارية التي تزعم الإصلاح ومعالجة الأزمات مثل هذا البيان...
لكن قبل كل بيان، وبعد كل بيان، تكبر وتزدهر منظومات الفساد...ولكل قرش في الدولة أزلام ومحاسيب.
يكدح اللبناني، يتعب ينتج بساعديه وعقله، يهاجر إلى أصقاع الدنيا، يتعطل عن العمل، يموت على أبواب المستشفى، يُهان في شيخوخته، تستنزفه فواتير الكهرباء والمياه والسكن ورشاوى الادارات وأكلاف المعيشة... تحرق أعصابه ازدحامات السير وخراب الشوارع...
تسمم أجواءه وبحره وأنهاره ومياهه الجوفية مافيات النفايات وعشوائيات الصرف الصحي...
وفوق ذلك كله يقضي جورج زريق وهو المواطن اللبناني عجزاً عن تعليم الأولاد...
مكافحة البطالة ليست شعارات ترفع بل هي سياسات مالية وتوجهات اقتصادية لا نجدها جدية في بيانكم.
تتعهدون بالرعاية الصحية وضمان الشيخوخة وتطوير التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية .... من أين التمويل ؟ من خزينة خاوية ؟؟ أو من جيوب الناس الخاوية أيضاً؟ أم من دين جديد ؟ أم أن كل ذلك حبر على ورق.. أخبرونا.
تعهدتم بخطة إسكانية وكنتم قد أوقفتم ثم قلصّتم القروض السكنية بعد فضائح .. وأصدرتم قانون إيجارات غير قابل للتطبيق، ما هي خطتكم بالتحديد؟
أفيدونا عن قصة الكهرباء ووعودها وفضائحها ؟؟ ما استجد بشأنها سوى تخصيصها وزيادة فواتيرها بعد أن أفرغت خزائن الدولة وجيوب الناس.
ماذا عن مافيا النفايات وما سببته من كوارث بيئية وصحية ونهب لأموال الدولة والبلديات. كل ما استجد عليها اعتماد المحارق لتزيد طينتها بلّة.
مليارات الصرف الصحي ذهبت إلى جيوب المقاولين المحظيين قبل أن تذهب مياه المجارير لتسمم البحر والأنهار...
ازدحام سير وخراب شبه شامل لطرقات لبنان. إنها مافيا المقاولات ذات الحظوة..
مافيات ذات رعاية، متخصصة بالكهرباء والنفايات والصرف الصحي ومقاولات الشوارع، نهبت وتنهب المليارات ولم تحاسبوها...
لما تطلبون الثقة ؟؟ لا ثقة ...
تتحدثون عن حماية التنوع البيئي، وعن الحفاظ على الإرث الحضاري، لكنكم تصرون على إنشاء سد بسري، ولا تستمعون إلى آراء علمية اخرى. السد سيقضي على مرج بسري، بالغ الغنى بالتنوع البيئي الفريد وبالإرث الحضاري المميز، وعلى الرغم من الخطر الكبير الكامن في إنشاء السد على فالق زلزالي. وذلك بحجة تأمين مياه الشفة لمدينة بيروت، بينما يمكن تأمين هذه المياه من مصادر أخرى .
دولة الرئيس، أيها الزملاء
الحكومة تحاول إخفاء الحجم الحقيقي للدين العام، والبيان الوزاري يتجاهل حجم الدين وحجم خدمته، ويتجاهل أيضاً طرق المعالجة...خبراء وطنيون يؤكدون أن نسبة خدمته هي بحدود 50% من حجم الموازنة...ما يعني أن محفظة الدولة شبه خاوية...لكنها تبقى أفضل حالاً من جيوب الناس الخاوية..
أما الدين الجديد (17 مليار دولار) فسيوفّر للحكومة الجديدة فرصة لكي تعمل... ولولاه ستكون مثل الألوف والألوف من اللبنانيين متعطلة عن العمل...الدين الجديد يفتح أبواباً جديدة لشركات مغفلة وغير مغفلة تدور في الأفلاك، وتحوز كل منها على نصيبها بالعدل والقسطاط، وبما يرضي جميع الأطراف...الدين الجديد، مثل القديم، هوعمر جديد لسلطة فاشلة وأزمات متلاحقة لا تريد أن ترسو على حلّ...
لذلك نقول لا ثقة لحكومة تنقذ نفسها بالاستدانة ثم الاستدانة، ولا تنقذ البلد.
لا ثقة لحكومة لا تعدل في توزيع الأعباء والضرائب، فتعفي أصحاب الثروات من أي مسؤولية، وتحمّل الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة كل الفواتير، فليس من العدل أن تفرض على هؤلاء وحدهم القرارات "الصعبة والمؤلمة" التي أشار إليها البيان الوزاري، ولا أن يطلب منهم وحدهم الصبر والتجلّد وتحمّل وطأة الأزمة.
والحكومة الجديدة تتجه بقوة نحو الخصخصة وإشراك القطاع الخاص في إدارة مشاريع الدولة ومؤسساتها وأملاكها بذريعة تجاوز الأزمة المستحكمة. خطوة تعبّرعن الفشل في إدارة المليارات من الديون والواردات لسنوات طويلة، وعن نجاح باهر في سرقتها وإهدارها...خصخصة وشراكة بينما مؤسسات الدولة مهترئة!... فكيف يمكن لهذه المؤسسات أن تشرف على أعمال الخصخصة وتراقبها؟
الخصخصة باتت لدى البعض الحل السحري لكل المشاكل والأزمات، بل صارت إلهاً يعبد؟ هي في ظل الدولة المهترئة شيطان يأكل الأخضر واليابس !
ويتحدثون عن الدولة القوية... الدولة تكون قوية عندما تعمل مؤسساتها بانتظام وعدالة وبشكل سليم، لكنها تتحول إلى دولة فاشلة عندما تخسرها...الدولة القوية تحمي حقوق الناس من جموح الاحتكار والطمع بالربح الوفير والسريع. ولكي لا تتحول حكومة لبنان إلى مجلس ادارة لصناديق دولية وشركات بات إنقاذ مؤسسات الدولة من الانهيار مهمة وطنية ملحة.
حضراتكم وظّفتم خمسة آلاف شخص عشوائياً عشية الانتخابات.. هذه رشوة.
قررتم الآن الوقف والتقنين للتوظيف في القطاع العام والتطويع في الاسلاك العسكرية لمدة خمس سنوات بحجة وقف الهدر وإعادة الهيكلة. والهدر مكامنه معروفة والهياكل ستغدو معكم هياكل عظمية !! وصفة عشوائية تؤدي إلى تقويض القطاع العام ومصادرة أدواره في التنمية والنهوض.
أكثر من 30 ألف من الأجيال الجديدة يدخلون سوق العمل سنوياً. من يضمن ان تستوعب الشركات المحظية هذه الأعداد بشروط عادلة ؟ ونهوض القطاعات الإنتاجية إذا صدقت وعودكم بدعمها تحتاج إلى سنوات لتكون جاهزة لتأمين فرص عمل ووظائف..
خطوات غير مدروسة تنتج أوضاعاً تستدعي التوترات الاجتماعية والقلق العام.
لا ثقة لحكومة تقوّض القطاع العام وتسلب حقوق الموظفين والمتقاعدين ولا تؤمّن فرص عمل للأجيال الجديدة..
واستطراداً ما هو مصير الذين فازوا في مباريات مجلس الخدمة المدنية ولم يتم توظيفهم حتى الأن؟ وما هو أيضاً مصير الأساتذة الملحقين أو المتخرجين من كلية التربية ولم يتم تعيينهم حتى اليوم؟
مواقف الحكومة السلبية تجاه القطاع العام تزداد وضوحاً عند تناولها في البيان الوزاري قضيتي التقاعد والصناديق الضامنة.
فإصلاح قانون التقاعد كما ورد لا يفهم منه إلا التوجّه نحو تخفيض نسب معاشات التقاعد. وإلا ما معنى اقتطاع نصف الزيادة التي أعطاها قانون سلسلة الرتب والرواتب للمتقاعدين الحاليين قبل بضعة أشهر؟ وهو إجراء غير قانوني يشير أيضاً إلى حقيقة معنى عبارة " إصلاح قانون التقاعد" .
من جهة ثانية، من المرجح أن مشروع توحيد الصناديق الضامنة الوارد في البيان إنما يستهدف، بذريعة تخفيض الإنفاق، المس بالمكتسبات التاريخية لمختلف فئات الموظفين.
في ما يخص الملفات الوطنية الاستراتيجية ( الدفاع عن لبنان، العلاقات اللبنانية-الفلسطينية، النزوح السوري، العلاقات اللبنانية-السورية....) النصوص تلفيقية ولا تعبّر عن حقيقة الخلافات المستحكمة حول هذه الملفات.. لا يتطرق البيان

إلى أي استعداد للوصول إلى تفاهمات وطنية بشأنها... التفاهم حولها يؤمّن استقراراً سياسياً لا غنى عنه..
القضية الفلسطينية مستهدفة بصفقة القرن الأمريكية. إلغاء حق العودة أحد استهدافاتها. إقرار الحقوق الانسانية والاجتماعية للإخوة الفلسطينيين، وعلى العكس مما يقوله البعض، يعزّز نضال هذا الشعب الشقيق لاستعادة حقوقه الوطنية..
لا ثقة لحكومة تهرب من حسم الموقف من استحقاقات وطنية تقلق اللبنانيين.
أما الشباب أجيال المستقبل فليسوا بحال أفضل... السلطة أغلقت أبواب الحوار مع الشباب ولجأت إلى قمع الحراك الشبابي المدني...سياسات الحكومات المتعاقبة دفعت الشباب إلى البطالة والعوز والهجرة والتهميش واليأس والإحباط والتطرّف... جيل الشباب يريدون قانوناً عصرياً للانتخابات، وتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة مما يتيح لهم المشاركة ويفتح أمامهم أبواب التغيير...وهم يريدون دولة عصرية تشبههم، لا دولة خارج العصر...لكنكم لم تقدموا لهم شيئاً...برامجكم من الأزمان الغابرة... مع ذلك ندعو الشباب للتخلي عن اليأس وإلى الثقة بالمستقبل، كما نطالبهم بالتحرك من أجل التغيير... ونؤكد لكل الشباب أن الحراك الشعبي سيتواصل ويتوسع ويفرض معادلات جديدة... وأن التغيير قادم لا محالة.
ونؤكد مع الشباب، ومع الحراك الشعبي، أن لا ثقة لحكومة لا تعير الشباب وقضاياهم الاهتمام اللازم.
ختاماً
بناءً لكل ما تقدّم، نكرر التأكيد مع كل المتضررين من السياسات الحكومية، ومع كل أطراف الحراك الشعبي الذين يتظاهرون في الشوارع، ويعتصمون في الساحات، من القوى السياسية والهيئات النقابية والشعبية والمدنية والنسائية والشبابية، نكرر التأكيد: لا ثقة لهذه الحكومة.
كل الشكر لكم، والسلام عليكم.


1

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا