×

لم تنزوِ يومًا ، ولم تنكسر !..

التصنيف: ثقافة

2019-02-16  10:03 ص  496

 


بقلم : خليل إبراهيم المتبولي
ظلّت صيدا عصيّة ، لم تنزوِ يومًا في ركنٍ ما ، ظلّت أسلاكها متداخلة لم تتقطّع وراحت تفيض وتكبر مع مرور الزمن ، والناس من حولها دائبو الحركة ، يستخلصون العِبرَ ، وهم يفكرون في سطوتها وقوتها ووقوفها في وجه الإعتداءات كافة ، تمتدّ على أرض الكرامة والعنفوان ،وتكثف عند التقاء الأرض بالسماء ، وتتوزع فوقها رايات عزّ وانتصارات ، والكثير من الشجاعة والبطولات ...
تقترب منها ، هي هذا المكان الذي يُحكى عنه أعظم السير ، لا ترسخ فوق أرضها أية خيانات ، لا تكتمل المؤامرات فيها ، ولا استطاع غازٍ أو معتدٍ أن يمحي معالمها ، صارت مكانًا مقدّسًا ، يدلف إليها مَن يبتغي استرجاع ذكرى تحرير ، أو يمنّي نفسه بانتصار عقيدةٍ أو فكرٍ أو علاقة إبداعٍ وتأسيس للغة ثورية تغيريّة ، حولها أحكم سياج الزمن لعبته البطولية ، يتراءى للناظر إليها معقلًا للرجال الرجال ، ولمن يعايشها يبصر كل تحولاتها وعدم كسرها ، منذ زمن وهي المكان الذي يُحكى عنه ، وهي في صمتها أحيانًا تنطق بتاريخٍ حافلٍ بإنجازاتٍ تقدّمية ألمعيّة ... هي صيدا ...
يشيرون إلى وضع صيدا ومكانتها ويحكون عنها أروع القصص ، تعرفها بامتلاكها لجروح ابنائها ، وتشعر بدماء شهدائها تترقب إغفاءة صغيرة على صدر الوطن ، ومن ثم تسيل على مهلٍ حتى آخر قطرة على جدار قلاعها الخالدة ، يحذرون صمتها ويهابونه ، يتذكرون ما حدث ، ويخرجون إليها متراصّين متكاتفين ، يتلمسون مناطقها ، ويسيرون في أرجائها لا يرجون غير ملاقاة أبطالها الذين حرّروها من رجس الإحتلال ، يطول السير فيها والرجاء ، ويكبر قلب شباط في عمق صيدا ...
أخذوا يفتحون الكتب والمخطوطات القديمة ، ويخرجونها من أقبية الصمت ، لتفلت من الذاكرة وتظل غاية يُسبَرُ أغوارها بغبطة ومجد وافتخار ، تساقطت أسماء الشهداء وراحت تبوح بعطاءاتها وانتصاراتها ، وظل خيال روح الشهداء دون جسدهم يحوم فوق صيدا ، يطرق الأبواب بخفر ، يحذر في وجلٍ من الوقت ، يأخذ اكتمال تجسّد الوجود ، ويتحرّر من سطوة المغتصبين ...
ظلّوا زمنًا يتأملون انتصاراتها ، ويحاولون إعادة كل ما حصل ، غمروها بضوءٍ لم يحاولوا أن يبحثواعن مصدره من شدّة لمعانه ، ولم يستطيعوا كتابة أصول لعبة مقاومتها في حين أنها تكشفها لهم بحذافيرها مأخوذة بأحلامٍ شاسعة ترقب النهايات والبدايات دون أن تدركها . ينغمس تحرير صيدا في الغياب ، ويعود محاولًا استعادة قدرته على تحريك ضمائر الأحرار ، واستعادة قوته على أن يمنح ميراث تحريرٍ جديد يدحض النسيان بامتلاك مفاتيح انتفاضةِ ثورةٍ متطورة وتحريرٍ جديد ...

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا