×

توارى المعتدون على شبلي عن الأنظار ويستمر البحث عنهم بموجب بلاغ البحث والتحرّي

التصنيف: أقلام

2019-11-06  02:02 م  774

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

محمد نزال - الاخبار

هذه الأيّام، إذا ما شاهدنا أحدهم يعتذر، مضروباً مكسوراً ذليلاً، وقد جرى تسجيل اللحظة، فليس علينا إلا أن نخشى وجود اعتذارات كثيرة لم تُسجّل. لم تصلنا. أصحابها الآن في مكان ما، وقد زواهم الخوف، يبكون ذلّهم مع أنفسهم. ما حال الشاب لؤي شبلي اليوم؟ رأينا صوراً ــ تسجيلات له، والقهر في عينيه، ثم قالوا إنّه في اليوم نفسه تعرّض لحادث سير، بعد الذلّ، ورقد في مستشفى. هذه واقعة حصلت. ليست إشاعة. لكثرة التسجيلات التي راجت، في الأيّام الأخيرة، لم نعد نعلم أيّ واحدة مِنها تعود لذاك الشاب. أحدهم يتلو فعل الندامة، وآخر يخرج الدم مِن فمه، وثالث يُجزّ شعره، ورابع وخامس... مَن هم هؤلاء؟ غالباً بلا أسماء. كائنات تُذلّ، تُنتهك، ثم ننسى. لولا حادث السير لكان شبلي ظلّ رقماً. ابن حارة صيدا، الذي ارتكب جرم التظاهر، جرم النيل مِن سلطة سرقت أحلامه، حطّمته، والآن لم يبقَ مِنه إلا لحمه... وهذا الآن يُسحق.

في التحقيقات، ونحن في بلاد فيها تحقيقات طبعاً، لا يبدو أنّ حادث السير الذي تعرّض له مدبّر. حصل في مكان آخر بعيد عن مكان الإذلال. لعلّ الحادث صدفة، تحصل، ولعلّ الشاب كان يُفكّر في ما جرى عليه، فامتلأت عيناه دمعاً، فلم يُبصِر، فانقلبت السيارة. لعلّه فقد أعصابه، لحظة تذكّر، وأنّى له أن ينسى، فانفعل ثم فقد السيطرة فتدهور. لعلّ ولعلّ. وحده هو مَن سيحفظ في رأسه أشياء، تفاصيل، لن يبوح بها لأحد في حياته. وحده، ربّما، مَن ستُغيّره تلك اللحظة إلى الأبد. كيف تُصنَع الوحوش؟ هكذا تقريباً. كأن لا أحد في هذه البلاد يُريد أن يتعلّم، أنّ هذه الأساليب لا تنفع، وأنّها، حقّاً، وإن كانت تنفع أحياناً لبعض الوقت، فستعود وتظهر على شكل انفجار. لِمَ السكوت على ما يحصل؟ لِمَ يغيب الإعلام، حتّى الذي يرفع راية الانتفاضة هذه الأيّام، عن هذه الحكايات؟ لِمَ يقفز فوق ما يجري؟ في هذه المآسي تكمن كلّ الحكاية. مِنها يُمكن الانطلاق لتفسير المشهد الجاري الآن في الشوارع. هنا التحدّي. هنا لا بهلوانيّات واستعراضات وسلميّات. هنا «يكون البكاء وصرير الأسنان».
النيابة العامة في الجنوب فتحت محضراً بالحادثة، إثر شيوع خبرها، وأصدرت برقيات إلى الأجهزة الأمنيّة (استخبارات الجيش وفرع المعلومات والاستقصاء في قوى الأمن الداخلي)... لمعرفة هويّة المعتدين على شبلي. عرفوا اسم الشخص الرئيسي الذي كان وراء استدراج المعتدى عليه. توجّهت دوريّات إلى مكان إقامته، لكنها لم تعثر عليه، أصبح متوارياً عن الأنظار. صاحب الجرم لديه محل «كوافير» في حارة صيدا. المحلّ الآن مقفل. الناس هناك يعرفون ما جرى. لا أسرار تدوم بين «الأهل». البحث عنه ما زال قائماً تنفيذاً لبلاغ البحث والتحرّي، شاملاً الذين عاونوه. يرقد شبلي في المستشفى، بعدما وضع تحت المراقبة لمدّة 48 ساعة، وبانتظار خروجه سيكون لديه ما يقوله للقضاء. لا بدّ أن يكون لديه الكثير ليقوله. هل سيمنعه الخوف؟ ماذا عن الخوف؟

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا