×

مولان في ليل المدينة

التصنيف: إقتصاد

2011-01-12  09:59 ص  2257

 

ثائر غندور

صيدا. مدينة هادئة، محافظة، لم تستطع الجامعة اللبنانيّة أو غيرها من الجامعات الخاصّة أن تندمج بنسيجها، بل بقي روّادها مجرّد زوّار طارئين يُغادرونها عند غروب كلّ يوم.
صيدا، حيث لـ«ابن البلد» حظوة على غيره، لأنه ابن البلد، في هذه المدينة، خلقت المجمّعات التجاريّة الكبيرة فضاءً جديداً، لم يكن ربما في بال أصحابها.
فحتى أشهر خلت، كان مساء صيدا يفتقر إلى الأمكنة التي تحضن عائلات أو مجموعات شبابيّة مختلطة، فمعظم مقاهي صيدا، هي مقاهٍ متوارثة منذ سنوات، أو مقاهٍ حديثة، لكنّ معظمها يُحافظ على مبدأ الفصل بين الجنسين. معظم هذه المقاهي، محصور بالذكور، حيث يُمضون ساعات ما بعد الظهر والليل في مداعبة النرجيلة وشرب القهوة والشاي ولعب الورق. أمّا المقاهي المختلطة، فإنها تُعدّ حكراً على الطبقات الاقتصاديّة المتوسّطة وما فوق.
من هنا، يلجأ أهالي صيدا، وشبّانها خصوصاً، إلى عبرا والهلاليّة وغيرهما في شرق صيدا لتكون متنفّساً لهم.
منذ أشهر؛ افتُتح في هذه المدينة مجمّعان تجاريّان كبيران. استطاع هذان المجمّعان أن يخلقا مساحة جديدة من التواصل بين شباب هذه المدينة وجوارها. فالمقاهي التي جرى افتتاحها، مفتوحة أمام أهالي المدينة على مصاريعها، وبالتالي فإن ارتياد مجموعة من الشبان لها لا يُمثّل مشكلة عند عدد من العائلات المحافظة، لكون المكان مفتوحاً، لا مقهىً منزوياً، يُمكن بالتالي بدء القيل والقال عن صبايا هذه العائلة، كما يُفكّر البعض.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن المجمّعين سمحا بأنواع أخرى من التواصل الاجتماعي بين فئات المجتمع؛ وبات في إمكان زائر هذه المدينة مشاهدة نوع من الحياة الليليّة في مدينة كانت تهوى النوم باكراً.
ولم يستطع هذان المجمّعان حتى اليوم، وبإذن الله لن يستطيعا، قتل السوق التجارية الشعبية لمدينة صيدا، وجلّ ما أثّرا فيه هو المحالّ التجاريّة، التي كانت مخصّصة للعلامات التجاريّة الغالية الثمن. ومن يزُر المجمّعين اليوم يجدهما نهاراً فارغين، ويجد أنّ الحياة لا تزال قائمة في السوق الشعبية، والسبب الرئيسي وراء هذا الأمر هو أن أسعار السوق أرخص بكثير من الأسعار الموجودة في المجمّعين الكبيرين، إضافةً إلى هذا الأمر، يُمكن مشاهدة عدد من المحال التجاريّة الصغيرة التي تجد عملاً إضافياً لها بسبب وجودها الجغرافي بالقرب من المجمّعين.
هذا ليس دفاعاً عن المجمّعين التجاريّين، اللذين يعرف الجميع أن ما يقومان به أساساً هو التضييق على المحال الصغيرة، ما يدفع أصحابها إلى إقفالها ويتحوّل هؤلاء إلى عمّال بعدما كانوا يملكون عملهم الخاص.
وفي الوقت عينه، ألا يحق النظر قليلاً إلى بعض الفوائد التي يُمكن المجمّعات التجاريّة أن تخلقها، ففي صيدا، هي فرصة تواصل بين الجنسين بطريقة مقبولة.
البعض في صيدا، لا يرى أنّ المجمّعين استطاعا أن يكسرا التابو في المدينة، لكونهما قد رضخا للسائد فيها، وهو عدم تقديم المشروبات الكحوليّة أو بيعها، وهو ما يُسهم في الحفاظ على لجوء أبناء صيدا إلى شرق صيدا، وهذا أمر إضافي يؤكّد أنّ المجمّعين اللذين يُذكّران الكثيرين من أبناء صيدا بالمدن الخليجيّة، لن يستطيعا القضاء على خصوصيّات هذه البلدات الصغيرة لجهة استيعابها لأبناء صيدا، وخلق دورة اقتصاديّة من نوع آخر.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا