×

سكافيو صيدا يواجهون غزو البضائع الصينية الرخيصة

التصنيف: إقتصاد

2011-01-13  11:44 م  1623

 

محمد دهشة

"لن تنقرض مهنتنا طالما ان هناك أناس يمشون على الارض وطالما هناك صنفان من الناس فقراء لا يملكون الكثير من المال وأغنياء بخلاء يأبون صرف الأموال".. مقولة يردد "السكافية" في مدينة صيدا وهم يحافظون على مهنة "الكندرجية"، يعاندون الاندثار، يصمدون بقوة امام غزو البضائع الصينية الرخيصة، مبتدعين التفنن.. بموازاة تطور "الماكينات " الحديثة كي يتماشوا مع "موضة العصر".

لا يزال زاروب "القشلة" داخل أحياء صيدا القديمة الذي كان سابقا يعتبر سوق المدينة القديم يعج بالمحال التي تختص بمهنة "السكافية" وبات متعارفا عليه بأنه سوق "الكندرجية"، يقصده المتسوقون من مختلف المناطق المحيطة بالمدينة لا سيما من جزين وقرى إقليم الخروب وقضاء الزهراني، فيما تتداخل أصوات محترفي المهنة الذين يزيد عددهم عن اصابع اليدين بقليل مع أصوات باعة الخضار والاسماك لترسم الحركة التي لا تهدأ.

ويؤكد عبد الكريم أحمد البزري (59 عاما) احد ابرز الذين يزاولون المهنة منذ نعومة اظافره قبل 48 عاما بعدما ورثها عن والده، وقد إكتسب شهرة واسعة بفضل حسن معاملته ولسانه الحلو وأسعاره المعقولة.. ان قاعدة النجاح الاولى حب المهنة وعدم "التعيب" منها، فمهنة "الكندرجي" مثل أي مهنة أخرى مصدر رزق ولها زبائنها، قائلا "البعض من الناس يستعيب مهنة الكندرجي، ولكنها مهنة شريفة اكسب من خلالها قوت يومي بعرق الجبين دون الحاجة الى سؤال احد، وهي التي مكنتني من بناء بيت وشراء المحل الذي أعمل به"، مضيفا في ذات الوقت "استطعت ان اشتري محلين لولدي اللذين احترفا المهنة ايضا"، واصفا حال المهنة بأنها "تستر وتؤمن دخلا جيدا، رغم أنني أتقاضى مبلغا زهيدا يبدأ من الف ليرة وينتهي في ثمانية الاف في احسن الاحوال".

أدوات المهنة
وتعتمد مهنة السكافية على الخيط والابرة فهما العنصران الأساسيان، بالإضافة إلى بعض ماكينات الخياطة وعدد من أنواع المسامير الصغيرة، فضلا عن "الشاكوش" و"المقص" و"الشفرة" وبعض أنواع "التلزيق" الخاصة بها، ويقول البزري "ان تطويرها ساهم في بقائها مزدهرة رغم أنف ثورة الإستيراد للأحذية الصينية أو غيرها الرخيصة الثمن والتي بات يفضها بعض الناس على تصليح أحذيتهم وخاصة اذا أكل الدهر والشارع منها"، قبل ان يضيف "صحيح ان الاستيراد بات ينافس هذه المهنة القديمة ولكن حرفيّيها حولوها إلى لغة تحاكي أذواق الزبائن في الصناعة والتصليح والتفنن بالالوان".

مواسم الرزق
ويعترف البزري ان لهذه المهنة مواسم معينة تبلغ ذروتها من العمل في عيدي الاضحى والفطر حيث يقبل الكثير من الناس على تصليح أحذيتهم او لابنائهم بدلا من شراء جديدة، وهم يرددون دوما ان السبب يعود الى الاوضاع الاقتصادية الصعبة والغلاء كما يزداد الاقبال على تصليح الشنط المدرسية و"السحابات" أيضا.

ويباهي "ابو حسين" كما يحلو لزبائنه ان ينادوه بأنه مثل "الملك" لا يشعر بالملل: زبون يأتي وآخر يذهب، هذا يشكو همه وذلك يعبر عن فرحه، فيما لسانه الحلو يواسي الاول ويشارك الثاني، قائلا "لا اشعر بالوقت يمر بسرعة، فيصح النهار قصيرا إذا كثر الزبائن، وإذا كان الطقس ماطرا فإن الزبائن يقلون بالطبع ولكننا في حركة لا نهدأ والرزق على الله"، معترفا بانه "راض عن هذه المهنة وقد حرص على تعليم ولديه حسين واحمد حيث بات لكل واحد منهما محل في ذات السوق كي يبنيان مستقبلهما بنفسيهما كما فعل هو".

احلى الاسعار
ويشير رضوان الظريف الذي يزاول المهنة منذ 37 عاما ان المهنة حافظت على بقائها لانه تم إدخال "ماكينات" حديثة، ولكن المصلحة ما زالت بحاجة إلى تطوير بإدخال أخرى كي تصبح مثل المصانع المتطورة وكذلك طورناها ببيع الأحذية، فالذي لا يأتي من تصليح الأحذية يأتي من بيعها، وطبعا "أحلى أسعار عند الظريف"، موضحا انه كان يملك ماكينة واحدة والان بات لديه ثلاثة منها للتصليح والتوسيع والتضييق والضغط وتغيير الالوان وسواها.

ويؤكد الظريف الذي احترف المهنة قناعة بها وليس وراثة عن احد.. أن زبائنه لا تقتصر فقط على أصحاب الدخل المحدود والفقراء وهم الاكثر بطبيعة الحال بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة والضائقة المعيشية، بل تتعداها إلى شخصيات مرموقة في المدينة تقوم بإرسال أحذيتها مع أشخاص يعملون لديهم، كما أن القسم الأكبر من الزبائن هم من النساء الذين يقومون عادة بتصليح "كعب الكندرة" وتحديدا منها النوع الرفيع العالي الذي يتعرض دائماً للكسر مهما كان نوعها.

بيد ان الظريف يعترف وهو ينهال بشاكوشه على حذاء قاوم عفن الأيام، ويستغيث من قساوة الإسلفت ليقوم بعد ذلك بتبديل نعله ليبدأ رحلة جديدة مع الأيام القادمة.. ان أولاده لم يتعلموا المهنة، فقد قرروا إختيار مهنة أخرى أكثر راحة وتوفيرا للمال بعد الانتهاء من تعليمهم المدرسي والجامعي، قائلا "خسارة ان يذهب هذا الرصيد عبثا".

وبين ابو حسين والظريف، يقول علي مملوك وهو أب لاربع اولاد انه يدأب على اصلاح احذيتهم لانه غير قادر على شراء جديدة لهم الا مرة واحدة في العام مع الاعياد بسبب الغلاء، ان وجود الكندرجية رحمة للفقراء".

تعريف الاسكافي

عرف الانسان مهنة الإسكافي أو الخرازة كما جاء في بعض المصطلحات لحماية الجسد من قساوة الطبيعة ونتوءات الصخور ورطوبة المياه فكان النعل، وكان الإسكافي الذي يصنعه ويصلح ما قد يلحق بع من خراب، واستمر الإنسان في تحديه الطبيعة مخترعا صنوفا لا تحصى من الأحذية منها المدنية والعسكرية، الذكورية والأنثوية، الصغيرة والكبيرة، المتنوعة الاشكال والالون.
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا