×

حسن شمس الدين: "الإنزال الباسيلي" في بعبدا أكان حدثاً حسياً أم استحضار أطياف لا يفاجئ ... ولا يضيف

التصنيف: مواضيع حارة

2020-11-04  05:34 م  777

 

بقلم: المحامي حسن شمس الدين

لم يعد خافياً على أحد ان موضوع تأليف الحكومة اتخذ منحى سلبياً منذ لحظة الهبوط الفضائي لجبران باسيل في قصر بعبدا أكان هذا الهبوط بشخصه أو من خلال "ملائكته" في محاولة لحرف التشكيل وفقاً لمبادرة الحريري والورقة الفرنسية عن مساره الى آلية تشكيل وفقاً لسيناريوهات ما قبل "التفجيرات النووية" والأزمات الكارثية التي تعرض لها لبنان بشكل متتالي وعلى الصعد كافة وبسرعة إنحدارية فائقة، ما يوحي بل يؤكد أن العقل السياسي والأداء السياسي لبعض الأطراف لا زال محكوماً بذات المفاهيم وذات الآليات وذات الأولويات، وبحال الإنكار ذاته للواقع، ولا يزال هذا البعض يستخدم " عدة الشغل " الممجوجة ذاتها..

لا ثورة 17 تشرين ولا الأزمة المالية الإقتصادية وتداعياتها المعيشية على المواطنين لا إرتدادات انفجار المرفأ ولا أزمة الكورونا، كل ذلك لم يكن كافياً لهؤلاء ليدركوا أن ما كان معتمداً في السابق لم يعد يصلح اليوم، فتراهم أمعنوا في تجاهلهم للقواعد التي حتمت هذا التكليف للرئيس سعد الحريري وتحتم اليوم تأليف حكومة يعتبرها الحريري حكومة "مهمة" أقرب إلى المخاطرة الكبرى كان قد ارتضى خوض غمارها بعيداً عن حسابات السياسة في "الجمع" و "الطرح" توخياً لإغتنام فرصة لتحقيق مصلحة وطنية أكيدة ويعتبرها آخرون للأسف حكومة تأكيد أحجام لإثبات وتشبث بالحضور والتحكم بالقرار بأبعاد فئوية شخصية مزمنة.

لقد كان سعد الحريري واضحاً يوم اعتبر نفسه المرشح الطبيعي لرئاسة الحكومة وحين ارتضى لنفسه ما ارتضاه رغم التنبيهات الأساسية والكبيرة التي أتته من كل صوب حتى من داخل صفوفه ومن أقرب الحلقات والأطر لديه وملخصها بأن "الذين أطبقوا على قرار البلد وأنفاسه طوال المرحلة الماضية لن يغيرو سلوكهم وأن المراهنة على تحسن منسوب الحرص والمسؤولية لديهم والتسليم بالشروط الجديدة لإنقاذ البلد وناسه يكاد يكون وهماً وأنت يا سعد الحريري- حتى لو اقتربت من إنجاز المهمة وما تصبوا إليه سيحاصرونك بعقليتهم وطريقتهم وأولوياتهم وفئويتهم وأمراضهم العميقة وسيحاولون تجيير مبادرتك واجتهاداتك في استنباط أي بصيص أمل لما يخدم أهدافهم وخياراتهم واعتباراتهم."

الملفت في الأيام الماضية عجالة البعض وحماسهم للترويج "بأن سعد الحريري خرج من الشروط التي وضعها" قبل التكليف إن لجهة حجم الحكومة أو لجهة التساهل في موضوع المداورة، والإيجاء بأنه سلم بحق الأحزاب بأن تسمي وزراءها ما يشكل تدميراً للطبيعة الإختصاصية للحكومة ولكونها حكومة "مهمة" لستة أشهر ومن خارج الأحزاب وصولاً لإعلان وصفهم المبرم للحكومة المنشودة باعتبارها ستكون "حكومة حسان دياب الثانية" الأمر الذي يظهر تغييباً للغايات الكبرى وتقديماً للهواجس الصغرى.

إن هذا النوع من القراءات لمسار الأحداث يثبت عدم واقعيته ويُثبت العجالة في التأكيد والجزم بغية حجب كم غير قليل من المخاوف والغايات.

إن عملية الإنزال في قصر بعبدا خلف خطوط مبادرة الحريري والتي نسبها البعض إلى جبران باسيل والبعض الآخر إلى ملائكته أو أطيافه ما كانت إلا ترويجاً لنص معلن لا ينسب إلى اليتم بنسب له أب وأم معلنين وما كان كل ذلك إلا لتؤكد "حليمة على عاداتها القديمة" ولنسمع مجدداً معزوفات "التمسك بالمعايير الموحدة" و "التمسك بالحكومة الموسعة" و "حق تسمية الوزراء" ....

إنه العقل ذاته الذي نعرفه جميعاً ولا يستطيع أحد أن يدعي استغراباً أو ذهولاً تجاه هذا الطرح أو هذه الطريقة.

أما السؤال الذي يطرح على البعض ممن استعجل الأحكام المبرمة وأكد النهايات غير السعيدة، أنه لو كان ما يروجون له صحيحاً... ولو كان سعد الحريري قد خضع فعلاً لشروط من احترف الإطباق على البلاد والعباد،

هل كان جبران باسيل مضطراً ليدخل على الخط حسياً أو طيفاً مجدداً ؟؟

وإذا كان الذين" نبهوا من خوض "المغامرة" واعتبروا أنها ستصطدم حكماً بذات الحائط، فإن الرئيس الحريري من ناحيته أقدم وارتضى المخاطرة لمصلحة البلد وجعل من إصراره على شروطه بالتأليف فرصة لكل اللبنانيين ليكتشفوا من يتحمل مسؤولية المنحى الذي تذهب اليه الأمور، وكأنه يقول إذا كان هؤلاء هم المسؤولون بسياساتهم عن الإنهيار وإذا كانوا السبب الرئيسي في ما وصل إليه البلد منذ العام 2011 الى اليوم، فما الضرر من أن يضاف الى مسؤوليتهم عن كل ذلك – بعرقلتهم لمبادرة الحريري -  مسؤولية إضاعة فرصة إنقاذ البلد !.

لقد وُضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ووضعت القوى السياسية أمام نوع من التحدي يكشفها أمام الرأي العام: إما الإنحياز الى الفرصة الإنقاذية او تكون سبباً في ضياعها ... وأن الغد لناظره قريب.

 

ويبقى السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه: ما هو الموقف الفعلي لحزب الله .. وهل يدعم الحزب"قبة الباط" التي منحت لباسيل .. ولماذا كان توقيت دخول الأخير أو خطابه المعهود. على الخط الآن .. وما هي الحسابات التي تحكم هذا التوقيت او أن هذا العهد منحوس بخليفته الذي لم يقم بأي شيء سوى تعطيل فرص نجاح العهد وصولاً الى إنهائه بما تبقى من ولاية الرئيس عون بصفر إنجازات.

ولحين وضوح الصورة أكثر، فإن الإنطباع حتى الآن هو أننا أمام عودة مكشوفة للعبة فرض الشروط على طاولة الرئيس المكلف وهي لعبة إفراغ المبادرة من مضمونها عبر الإصرار على توسيع التركيبة الحكومية ليس لزيادة الإختصاصيين وإنما لضمان الطموحات وحسابات التحكم والإستئثار.

ورغم كل ذلك، لا زالت الفرصة سانحة لإنتزاع حكومة ضمن شروط ومواصفات المجتمع الدولي.. والثابت حتى الآن أن سعد الحريري مستمر بالتمسك بالشروط التي أعلنها ولديه كما رشح أوراقاً لم يستخدمها بعد! .. 

بالمحصلة وأمام انسداد الآفاق وندرة الخيارات يمكننا القول للبعض الذي استعجل الخلاصات والأحكام ونعى الفرص أن حماية الأمل الضئيل المتاح توجب إبعاد السهام عن من اجتهد برأيه وأقدم وخاطر.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا