×

التحرش الجنسي ... الثمن المر للقمة العيش

التصنيف: المرأة

2009-10-18  05:45 ص  1776

 

  الديار

رانيا سويد
التحرش الجنسي في العمل مشكلة بدأت تتحول في مجتمعات كثيرة إلى ظاهرة تبعث على القلق، حيث ‏تجد المرأة نفسها بين فكي ؛ الحاجة إلى العمل من جهة ووجود رجال ضعاف النفوس في محيطها ‏الوظيفي يقفون في طريق عملها وعفتها ويضغطون على أعصابها من جهة ثانية ...وتقف آنذاك ‏حائرة وتسأل نفسها، ما الخطوات التي يمكن أن تتخذها لتتخلص من مثل هذه المشكلة؟..
هل ‏تترك العمل؟ هل تشتكي المتحرش سواء كان مديراً أو زميلاً؟ وإلى من وكيف ستثبت صحة شكواها؟ ‏أم تستمر وتتهرب قدر الإمكان؟ أم تستسلم ....للأسف فإن هناك نماذج من الفتيات تستسلم ‏للتحرش لتحافظ على وظيفتها وفي ذهنها مبررات غير معذورة بها حتى من قبل نفسها!! كان ذلك ‏رغماً عني، كنت أعاني، أتألم، أشعر بعذاب الضمير، أقلق وأخاف في كل مرة عزمت فيها على ‏الذهاب إلى العمل.
كان ينتظرني كل صباح آملاً أن يكون بابه هو أول ما أدقه وآخر ما ‏أخرج منه عند انتهاء وقت الدوام.
لا أعرف ماذا أقول أو بماذا أبرر فعلتي هذه..
أهو ‏الخوف على مصدر رزقي الوحيد، أهي الخشية من مديري الذي جعله التسلسل الإداري يتحكم بي؟ ‏كل ما أعرفه أني لست راضية عما أقوم به لكني أفعل......
رجال كثيرون ارجعوا الاسباب إلى ‏ملابس المرأة، وآخرون إلى اختلاطها بزملا‎ ‎ئها ، ولكن الكثيرين من يرفضون بشدة هذه ‏الإدعاءات قائلين : نحن نرفض تلك الأقاويل والإدعاءات، لأنه إذا كانت ملابس المرأة السبب في ‏التحرش، فهذا يعني أن الرجل حيوان يبحث عن متعته ويجب تغطية المرأة بخيمة حتى تأمن شره.
‏وان هذه الادعاءات ترمي بالمسؤولية على المرأة، والحقيقة أنها بعيدة تماماً عنها ، كما أن ‏الرجل لديه قدرة على ضبط نفسه ، ولو فكرنا بالعقل سنجد أن السبب، أننا مجتمع ذكوري ‏متخلف يهتم بهيمنة الرجل على المرأة، كما أن الواقع يؤكد أننا لدينا كبت جنسي وأننا ‏بعيدون كل البعد عن الثقافة الجنسية مما يجعل البعض ينفثون الكبت بالتحرش.‏
مطلوب موظفة حسنة المظهر بمرتب عالي لا يشترط الخبرة ولا المؤهلات، إعلان تتهافت عليه الكثيرات ‏، لأنه يفتح أمامهم باب الأمل في عمل ينتشلهن من وحش البطالة ، ولكن الإعلان قد يكون ‏مجرد ستار لعدد من المكاتب والمؤسسات والتي تتخذ من هذا الإعلان وسيلة لمآرب أخرى، ‏فتفاجأ الفتاة في المقابلة بما لا يخطر لها على بال.
فصاحب العمل غالباً ،لا يطلب موظفة ‏وإنما عشيقة أو سكرتيرة تقوم بدور الزوجة اللعوب من دون عقد زواج عرفي..‏
تشتكي الكثير من السيدات اللبنانيات من مشكلة التحرش الجنسي أثناء التقديم على وظيفة ‏أو حتى أثناء العمل ،وخصوصا إن كان في وسط يعمل فيه الرجال والنساء سويا.
وتتنوع طرق ‏التحرش وتتدرج من نظرات فاحشة إلى كلمات غزلية أو تعليقات على الجسد إلى محاولات للتقرب.
‏وهذا يأخذ أشكالا مختلفة وأحيانا في حالة كون شخصية المرأة ضعيفة وغير مدبرة لأمورها قد ‏تكون هناك محاولة للاعتداء على الجسد باللمس أو غيره.
ومن صور التحرش، أن يجد موظف معين ‏رقم هاتف المتقدمة على الوظيفة من خلال ملفها ثم يتصل بها مراراً ويحاول معاودة الاتصال ‏بحجج مختلفة لكي يوصل إليها رسالة مفادها أنه وحده هو القادر على مساعدتها وتثبيتها في ‏هذه الوظيفة.
وقد تستمر المسرحية ويطلب منها أمورا كثيرة كمقابلته أو غير ذلك من ‏تصرفات مخجلة حتى يتلطف عليها بكرمه ويساعدها بالتوظيف لديهم.
والبعض الآخر يعطل ‏أمورها حتى تأتي بنفسها وتتحدث معه ثم تتصل به؛ وهنا قد يخبرها أنه وقع في حبها وأنه ‏فهمها من أول نظرة وأنه قادرعلى إسعادها وغير ذلك من الترهات، التي يختلقها بعض الرجال ‏وتقع فيها قليلات العقل.
وقد تكون صور التحرش غير واضحة في عبارة أو جملة يظهر فيها ‏الموظف استحسانه لهذه السيدة مثلا كأن يمدح مظهرها أو صوتها أو شخصيتها أو خلاف ذلك ويقول ‏بأنه يفخر بمساعدة أمثالها أو يشعر بالبهجة أن القدر أوقع به تحت أقدام هذه السيدة، أو ‏أنه لا يعرف سببا لسعادته الغامرة هذا اليوم ولكن اكتشف أن ذلك يعود إلى مقابلته لها، ‏وغير ذلك من السلوك المهين الذي تواجهه المرأة العفيفة.
ويتعمد بعض الرجال المسؤولين عن ‏التوظيف الاحتكاك بالمرأة لأي سبب سواء بالحديث معها ومحاولة التعرف أكثر عليها؛ ثم يأخذ ‏هذه المعلومات ويستخدمها في خلق شخصية له يحاول بها جذب هذه المرأة أو الإيقاع بها بشكل ‏معين.
بالطبع، هذا النوع غيرمحدود على ثقافة أو بلد بعينه، ولكن في ظل ظروفنا الخاصة من ‏فصل بين الجنسين ومحاولة جادة في إبعاد الاتصال المباشر بينهما حتى تحت الظروف الرسمية إلا في ‏حالة الضرورة؛ فإن المرأة تظل قليلة خبرة في كيفية التعاطي والتعامل مع مواقف التحرش ‏والأشخاص الذين يتجرأون عليها لفظا أو فعلا.
فالمرأة اللبنانية تخاف كثيرا من الفضيحة حتى ‏ولو كانت هي المظلومة؛ فهي في الغالب ستلام إن حصل لها اعتداء لأن الآخرين سيقولون إنها من ‏دون شك ،قد ساهمت في استثارة هذا المعتدي.
وفي ذهن هؤلاء الناس فإن طرق الاستثارة تكون ‏إما بطريقة لبس المرأة التي قد يرونها مختلفة أو مثيرة وفقا لقوانينهم الثقافية، أو في ‏الكلام بطريقة عفوية أو غير حادّة، أو في أمور سلوكية أخرى مثل طريقة المشي أو النظرات ‏التائهة وخلافها....
وحتى نكون واقعيين فإنه لا يمكن أن ننكر أن هناك سيدات يساهمن في ‏تعزيز هذه الفكرة في كونهن يكسرن الكثير من المسلمات الثقافية ويضعن أنفسهن في مواقف ‏حرجة ويتعاملن بطريقة غير ناضجة.
ولكن حتى مع وجود هذه الفئة غير الواعية بين النساء ، ‏فإنه لا تزال الغالبية العظمى من السيدات بعيدات عن هذه السلوكيات ولا يبحثن بشكل ‏متعمد نحو شد انتباه أحد أو إثارة غرائز الرجال.
اضافة إلى ذلك ،فان الناس سيلقون ‏باللوم عليها فيما حصل لها حتى وهي الضحية، فإنه لا توجد قوانين واضحة تمنع التحرش ‏وعقوبات صارمة معروفة تردع كل من تسول له نفسه أن يعتدي على أي سيدة مهما كانت ‏ظروفها.
وهذه الضبابية القانونية تفتح بابا واسعا للمعتدين وتجعل المرأة فريسة تكاد ‏تكون سهلة.
الملاحظ على فئة عريضة من الرجال ،أنهم وللأسف ،لا يجدون حرجا في أن يطلقوا ‏لأعينهم العنان في تفحص النساء وبشكل فج بعيد عن الحياء والحشمة.
وما أعنيه هنا ليست ‏النظرات الطبيعية العفوية؛ بل أعني تلك النظرات المشحونة والتي يتعمّد أن يظهر فيها ‏الرجل معاني جنسية غير لائقة.
والعجيب أن الكثيرين من هؤلاء لا يتورعون أن يلاحقوا ‏بأعينهم نساء هن بعمر أمهاتهم؛ ولكن مع هذا تجدهم يسيرون خلفها ويطلبون رقمها عنوة، ‏وكأن هذه السيدة فعلا ستنسى دنياها وكل من عرفت من أجل شاب لا يعرف الأدب ويعتقد أن ‏عينيه الجائعتين فيهما سر سعادة كل امرأة! والغريب، أنه إن سألت هؤلاء الشباب لماذا ‏يقومون بهذا العمل؛ فإنك ستجد الواحد منهم يقول لك في الغالب إنه رجل ولا يعيبه شيء؛ ثم ‏إن هذا يدل على رجولته التي تدعمها الثقافة من خلال تشبيهه بالذئب الذي لا يؤتمن على ‏الغنم! والبعض يؤكد أنه كونه غير مرتبط فلا يوجد ضرر.‏
كثيراً ما نسمع أن أمور السيدة الجميلة تتيسر، حينما يقف على أمرها رجل وربما تتعطل ‏كثيرا حينما تتولى أمورها امرأة.
وهذا بالفعل يحصل ويجعل المرأة التي تعطل مصالح غيرها ‏بتصرفاتها هذه غير المسؤولة تقوّي مركز الرجل دائما وتجعل النساء ، بشكل عام ، يحتجنه ‏باستمرار؛ وبهذا يبقين ضعيفات معرّضات للاعتداء.
فمتى تكسر المرأة هذه الحلقة؟ لذلك فإنه ‏إضافة إلى سن قوانين واضحة وصارمة ضد التحرش الجنسي فإنه كذلك يجب أن نهتم بتأهيل سيدات ‏يرتفعن بمستواهن العقلي عن الاسفاف ويرتقين بإنتاجية العمل إلى مستوى المهنية المطلوبة

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا