×

التحرش الجنسي ... الثمن المر للقمة العيش

التصنيف: المرأة

2009-10-18  05:45 ص  1725

 

  الديار

رانيا سويد
التحرش الجنسي في العمل مشكلة بدأت تتحول في مجتمعات كثيرة إلى ظاهرة تبعث على القلق، حيث ‏تجد المرأة نفسها بين فكي ؛ الحاجة إلى العمل من جهة ووجود رجال ضعاف النفوس في محيطها ‏الوظيفي يقفون في طريق عملها وعفتها ويضغطون على أعصابها من جهة ثانية ...وتقف آنذاك ‏حائرة وتسأل نفسها، ما الخطوات التي يمكن أن تتخذها لتتخلص من مثل هذه المشكلة؟..
هل ‏تترك العمل؟ هل تشتكي المتحرش سواء كان مديراً أو زميلاً؟ وإلى من وكيف ستثبت صحة شكواها؟ ‏أم تستمر وتتهرب قدر الإمكان؟ أم تستسلم ....للأسف فإن هناك نماذج من الفتيات تستسلم ‏للتحرش لتحافظ على وظيفتها وفي ذهنها مبررات غير معذورة بها حتى من قبل نفسها!! كان ذلك ‏رغماً عني، كنت أعاني، أتألم، أشعر بعذاب الضمير، أقلق وأخاف في كل مرة عزمت فيها على ‏الذهاب إلى العمل.
كان ينتظرني كل صباح آملاً أن يكون بابه هو أول ما أدقه وآخر ما ‏أخرج منه عند انتهاء وقت الدوام.
لا أعرف ماذا أقول أو بماذا أبرر فعلتي هذه..
أهو ‏الخوف على مصدر رزقي الوحيد، أهي الخشية من مديري الذي جعله التسلسل الإداري يتحكم بي؟ ‏كل ما أعرفه أني لست راضية عما أقوم به لكني أفعل......
رجال كثيرون ارجعوا الاسباب إلى ‏ملابس المرأة، وآخرون إلى اختلاطها بزملا‎ ‎ئها ، ولكن الكثيرين من يرفضون بشدة هذه ‏الإدعاءات قائلين : نحن نرفض تلك الأقاويل والإدعاءات، لأنه إذا كانت ملابس المرأة السبب في ‏التحرش، فهذا يعني أن الرجل حيوان يبحث عن متعته ويجب تغطية المرأة بخيمة حتى تأمن شره.
‏وان هذه الادعاءات ترمي بالمسؤولية على المرأة، والحقيقة أنها بعيدة تماماً عنها ، كما أن ‏الرجل لديه قدرة على ضبط نفسه ، ولو فكرنا بالعقل سنجد أن السبب، أننا مجتمع ذكوري ‏متخلف يهتم بهيمنة الرجل على المرأة، كما أن الواقع يؤكد أننا لدينا كبت جنسي وأننا ‏بعيدون كل البعد عن الثقافة الجنسية مما يجعل البعض ينفثون الكبت بالتحرش.‏
مطلوب موظفة حسنة المظهر بمرتب عالي لا يشترط الخبرة ولا المؤهلات، إعلان تتهافت عليه الكثيرات ‏، لأنه يفتح أمامهم باب الأمل في عمل ينتشلهن من وحش البطالة ، ولكن الإعلان قد يكون ‏مجرد ستار لعدد من المكاتب والمؤسسات والتي تتخذ من هذا الإعلان وسيلة لمآرب أخرى، ‏فتفاجأ الفتاة في المقابلة بما لا يخطر لها على بال.
فصاحب العمل غالباً ،لا يطلب موظفة ‏وإنما عشيقة أو سكرتيرة تقوم بدور الزوجة اللعوب من دون عقد زواج عرفي..‏
تشتكي الكثير من السيدات اللبنانيات من مشكلة التحرش الجنسي أثناء التقديم على وظيفة ‏أو حتى أثناء العمل ،وخصوصا إن كان في وسط يعمل فيه الرجال والنساء سويا.
وتتنوع طرق ‏التحرش وتتدرج من نظرات فاحشة إلى كلمات غزلية أو تعليقات على الجسد إلى محاولات للتقرب.
‏وهذا يأخذ أشكالا مختلفة وأحيانا في حالة كون شخصية المرأة ضعيفة وغير مدبرة لأمورها قد ‏تكون هناك محاولة للاعتداء على الجسد باللمس أو غيره.
ومن صور التحرش، أن يجد موظف معين ‏رقم هاتف المتقدمة على الوظيفة من خلال ملفها ثم يتصل بها مراراً ويحاول معاودة الاتصال ‏بحجج مختلفة لكي يوصل إليها رسالة مفادها أنه وحده هو القادر على مساعدتها وتثبيتها في ‏هذه الوظيفة.
وقد تستمر المسرحية ويطلب منها أمورا كثيرة كمقابلته أو غير ذلك من ‏تصرفات مخجلة حتى يتلطف عليها بكرمه ويساعدها بالتوظيف لديهم.
والبعض الآخر يعطل ‏أمورها حتى تأتي بنفسها وتتحدث معه ثم تتصل به؛ وهنا قد يخبرها أنه وقع في حبها وأنه ‏فهمها من أول نظرة وأنه قادرعلى إسعادها وغير ذلك من الترهات، التي يختلقها بعض الرجال ‏وتقع فيها قليلات العقل.
وقد تكون صور التحرش غير واضحة في عبارة أو جملة يظهر فيها ‏الموظف استحسانه لهذه السيدة مثلا كأن يمدح مظهرها أو صوتها أو شخصيتها أو خلاف ذلك ويقول ‏بأنه يفخر بمساعدة أمثالها أو يشعر بالبهجة أن القدر أوقع به تحت أقدام هذه السيدة، أو ‏أنه لا يعرف سببا لسعادته الغامرة هذا اليوم ولكن اكتشف أن ذلك يعود إلى مقابلته لها، ‏وغير ذلك من السلوك المهين الذي تواجهه المرأة العفيفة.
ويتعمد بعض الرجال المسؤولين عن ‏التوظيف الاحتكاك بالمرأة لأي سبب سواء بالحديث معها ومحاولة التعرف أكثر عليها؛ ثم يأخذ ‏هذه المعلومات ويستخدمها في خلق شخصية له يحاول بها جذب هذه المرأة أو الإيقاع بها بشكل ‏معين.
بالطبع، هذا النوع غيرمحدود على ثقافة أو بلد بعينه، ولكن في ظل ظروفنا الخاصة من ‏فصل بين الجنسين ومحاولة جادة في إبعاد الاتصال المباشر بينهما حتى تحت الظروف الرسمية إلا في ‏حالة الضرورة؛ فإن المرأة تظل قليلة خبرة في كيفية التعاطي والتعامل مع مواقف التحرش ‏والأشخاص الذين يتجرأون عليها لفظا أو فعلا.
فالمرأة اللبنانية تخاف كثيرا من الفضيحة حتى ‏ولو كانت هي المظلومة؛ فهي في الغالب ستلام إن حصل لها اعتداء لأن الآخرين سيقولون إنها من ‏دون شك ،قد ساهمت في استثارة هذا المعتدي.
وفي ذهن هؤلاء الناس فإن طرق الاستثارة تكون ‏إما بطريقة لبس المرأة التي قد يرونها مختلفة أو مثيرة وفقا لقوانينهم الثقافية، أو في ‏الكلام بطريقة عفوية أو غير حادّة، أو في أمور سلوكية أخرى مثل طريقة المشي أو النظرات ‏التائهة وخلافها....
وحتى نكون واقعيين فإنه لا يمكن أن ننكر أن هناك سيدات يساهمن في ‏تعزيز هذه الفكرة في كونهن يكسرن الكثير من المسلمات الثقافية ويضعن أنفسهن في مواقف ‏حرجة ويتعاملن بطريقة غير ناضجة.
ولكن حتى مع وجود هذه الفئة غير الواعية بين النساء ، ‏فإنه لا تزال الغالبية العظمى من السيدات بعيدات عن هذه السلوكيات ولا يبحثن بشكل ‏متعمد نحو شد انتباه أحد أو إثارة غرائز الرجال.
اضافة إلى ذلك ،فان الناس سيلقون ‏باللوم عليها فيما حصل لها حتى وهي الضحية، فإنه لا توجد قوانين واضحة تمنع التحرش ‏وعقوبات صارمة معروفة تردع كل من تسول له نفسه أن يعتدي على أي سيدة مهما كانت ‏ظروفها.
وهذه الضبابية القانونية تفتح بابا واسعا للمعتدين وتجعل المرأة فريسة تكاد ‏تكون سهلة.
الملاحظ على فئة عريضة من الرجال ،أنهم وللأسف ،لا يجدون حرجا في أن يطلقوا ‏لأعينهم العنان في تفحص النساء وبشكل فج بعيد عن الحياء والحشمة.
وما أعنيه هنا ليست ‏النظرات الطبيعية العفوية؛ بل أعني تلك النظرات المشحونة والتي يتعمّد أن يظهر فيها ‏الرجل معاني جنسية غير لائقة.
والعجيب أن الكثيرين من هؤلاء لا يتورعون أن يلاحقوا ‏بأعينهم نساء هن بعمر أمهاتهم؛ ولكن مع هذا تجدهم يسيرون خلفها ويطلبون رقمها عنوة، ‏وكأن هذه السيدة فعلا ستنسى دنياها وكل من عرفت من أجل شاب لا يعرف الأدب ويعتقد أن ‏عينيه الجائعتين فيهما سر سعادة كل امرأة! والغريب، أنه إن سألت هؤلاء الشباب لماذا ‏يقومون بهذا العمل؛ فإنك ستجد الواحد منهم يقول لك في الغالب إنه رجل ولا يعيبه شيء؛ ثم ‏إن هذا يدل على رجولته التي تدعمها الثقافة من خلال تشبيهه بالذئب الذي لا يؤتمن على ‏الغنم! والبعض يؤكد أنه كونه غير مرتبط فلا يوجد ضرر.‏
كثيراً ما نسمع أن أمور السيدة الجميلة تتيسر، حينما يقف على أمرها رجل وربما تتعطل ‏كثيرا حينما تتولى أمورها امرأة.
وهذا بالفعل يحصل ويجعل المرأة التي تعطل مصالح غيرها ‏بتصرفاتها هذه غير المسؤولة تقوّي مركز الرجل دائما وتجعل النساء ، بشكل عام ، يحتجنه ‏باستمرار؛ وبهذا يبقين ضعيفات معرّضات للاعتداء.
فمتى تكسر المرأة هذه الحلقة؟ لذلك فإنه ‏إضافة إلى سن قوانين واضحة وصارمة ضد التحرش الجنسي فإنه كذلك يجب أن نهتم بتأهيل سيدات ‏يرتفعن بمستواهن العقلي عن الاسفاف ويرتقين بإنتاجية العمل إلى مستوى المهنية المطلوبة

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا