×

التقسيم مزحة بايدن التي سبقها العراقيون بدستور الأقاليم

التصنيف: مواضيع حارة

2021-08-27  09:16 ص  352

 

المصدر: النهار العربي فاروق يوسف

يوم كان جو بايدن نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما (2009 ــ 1017) طرح مشروعه لتقسيم العراق. ولقد توهم الكثيرون بأن ذلك المشروع هو واحد من الملفات الشخصية التي سيعمل بايدن عليها حين أصبح رئيساً. غير أن الأحداث أثبتت أن الرئيس الأميركي ليس في صدد تسريع عجلة التقسيم التي باشرت عملها منذ الأشهر الأولى للاحتلال الأميركي عام 2003 حين أقر بول بريمير الحاكم المدني لسلطة الاحتلال قانون إدارة الدولة الذي كان الأساس الذي استند إليه الدستور الجديد الذي كُتب على عجل وتدور شبهات استفهامية حول حقيقة الأشخاص الذين كتبوه. إما مجموعة الشخصيات العراقية التي كُلفها بريمير كتابته فلا أحد منها يمكن التعويل عليه في مسألة قانونية صغيرة، فكيف إذا تعلق الأمر بقانون الدولة العام.

 
إضافة إلى إقرار الدستور باستقلال الإقليم الكردي "كردستان" ضمنياً فإنه أقر إمكان أن تتحول ثلاث محافظات إلى إقاليم مستقلة على غرار كردستان. وإذا ما كان البعض قد تصور أن الأمر لا يتعدى كونه مسألة شكلية ليس إلا، فإن جذور هذه المسألة الشائكة تعود إلى عقود سبقت الاحتلال الأميركي. كانت هناك دائماً أفكار إسرائيلية أو صهيونية بلباس أميركي كما هو حال أطروحات برنارد لويس في ذلك الشأن تتوزع بين منطقين. منطق يدعو إلى إقامة ثلاث دول بدلاً من العراق الموحد ومنطق يتبنى الدولة الفدرالية من طريق إقامة ثلاثة أقاليم. اما السبب الذي يستند إليه أصحاب المنطقين بالقوة نفسها فيكمن في أن العراق بلد متعب. يتعب أهله مثلما يتعب جيرانه. لذلك فإن التخلص منه يعد حلاً لجيرانه ولأهله في الوقت نفسه.
 
وبالرغم من أن الدستور الذي حث المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني العراقيين على التصويت لمصلحته كان واضحاً في مسألة الأقلمة التي هي أهون الشرين اذ يمكن الحديث حينها عن عراق فدرالي كما لو أنه سويسرا، غير أن الأحزاب الشيعية الحاكمة وفي مقدمها حزب "الدعوة"، مدفوعة بنزعتها الطائفية شعرت بأن تكرار نموذج الإقليم الكردي في المحافظات ذات الأغلبية السنية سيضعف من نفوذها وسيجعلها وجهاً لوجه أمام جمهورها الشيعي المحروم من الخدمات الأساسية بسبب الفساد وهو ما دفعها بعد التشاور مع إيران إلى ابتكار متاهة سنية، كان تنظيم "داعش" الطرف الذي رصف دروبها بعذابات وآلام ومأسي سكان المحافظات التي تخلى عنها الجيش العراقي لتقع تحت الاحتلال "الداعشي". 
 
كانت فكرة الإقليم السنّي جاهزة من حيث المبدأ. لا لأن الدستور العراقي الجديد أقرها فحسب، بل لأنها أيضاً واحدة من أهم الأفكار التي تضمن عدم عودة العراق موحداً. وهي الفكرة التي قاومها سكان المحافظات السنّية في بداية الاحتلال غير أنهم عادوا إليها بعدما تعرضوا إليه في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي وهو زعيم حزب "الدعوة" من عزل وتمييز وحرمان من الحقوق المدنية وهوان وإذلال لم يعد من اليسير تجاوزها وعدم الالتفات إليها. كان الإقليم السنّي مطلباً شعبياً يوم كانت هناك محافظات لا تزال مؤهلة لتمثيل المكون السنّي غير الموالي لإيران ولا تربطه علاقات ودية بسلطة الاحتلال التي تمثلها الحكومة الاتحادية. اليوم صار كل هذا من الماضي.   
لذلك يمكن القول إن الخوف من تقسيم العراق هو دعاية انتخابية ليس إلا. 
 
فلو عدنا إلى الاستفتاء الذي اجراه مسعود البرزاني بين الأكراد عام 2017 وكان موضوعه انفصال إقليم كردستان عن العراق فإن ذلك الاستفتاء لم يكن حقيقياً. كان كذبة توهم الكثيرون أنها ستكون حقيقة. ذلك لأن الإقليم لا يملك ما يؤهله لإعالة سكانه. كما أن 17 في المئة من الميزانية العراقية تأتيه من غير مقابل هي هبة مجانية لا يمكن الاستغناء عنها. ذلك مبلغ هائل لا تحصل عليه أية محافظة عراقية بما فيها المحافظات التي تنتج النفط وفي مقدمها البصرة. لم يكن البرزاني جاداً غير أن المسرحية كرست أبطالاً جادين حين استقال البرزاني من منصبه رئيساً للإقليم وبدا حيدر العبادي الذي كان يومها رئيساً للوزراء بطلاً وطنياً من غير منازع. 
غير أن ذلك لم يغير من الواقع شيئاً. 
 
كردستان دولة داخل الدولة. دولة يحق لها أن ترفع علمها وتقيم ممثليات لها في أي دولة تشاء كما أنها، وذلك وهو الأهم، تملك الحق في استخراج المعادن التي في أراضيها وتصدرها لحسابها إضافة إلى أن من حقها أن تطالب باستعادة مناطق عديدة لا تزال ضمن ممتلكات الدولة الاتحادية ومنها كركوك، المحافظة الغنية بالنفط. 
لم يكن الرئيس الأميركي جو بايدن طرفاً في ذلك. 
 
العراق الجديد كما اخترعه الأميركان هو مرضعة دولة الأكراد. تلك دولة مستقلة ليس مطلوباً منها ان تنفصل. فالانفصال شعار شعبي عاطفي التأثير يجب أن يؤجل. الدولة الكردية لن تقوم ولكنها أساس وهم مشروع التقسيم الذي يشعر العراقيون بأنه مؤامرة خارجية فيما هم يعملون على إنجازه بأنفسهم. 
التقسيم قائم في العراق على أساس طائفي وعرقي وما لم ينتهِ نظام المحاصصة الطائفية فإن العراق سيكون ثلاث دول في دولة.  

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا