القاضي ابو ذيد : قد تتساهل بعض النساء في التغاضي عن سلوكيات الزوج في علاقاته العابرة... ولا تتساهل أبدا
التصنيف: نسوان
2021-10-20 03:25 م 405
فلا يوجد زوجة في الدنيا ترتضي أن يكون في حياة زوجها امرأة أخرى. فغيرة المرأة على زوجها أمر فطري، ولا تكاد تجدُ في الدنيا بأسرها زوجة سويّة تتقبل "حقيقة" و"من كلّ قلبها" و"أعماق كيانها" فكرة أن يكون في حياة زوجها أمرأة أخرى منافسة لها...رغم الغيرة وحب الاستئثار بالزوج، فقد تتظاهر بعض النساء بعدم المعرفة أو عدم المبالا متى علمت أن زوجها يقيم علاقة عابرة مع امرأة... ظنّا منها أنّها نزوة عابرة، ستنتهي عاجلا أو آجلا، وسيعود زوجها إليها عند انتهاء هذه النزوة...
اسئلة نقلتها صيدا نت إلى فضيلة قاضي صيدا الشرعي الشيخ محمد أبو زيد، وجاءت أجوبتها وافية لتضع النقاط على الحروف.
لماذا لا تزال المهور مرتفعة في مدينة صيدا في ظل الازمة الاقتصادية؟
بداية يجب أن نعلم جميعا، أنّ الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. وجعله: ﴿على شريعة من الأمر﴾ (الجاثية:18)، وشاء سبحانه لهذه الشريعة أن تكون شريعة سمحة، من أبرز سِماتِها: التيسير، ورفع الحرج، وتجنب كلّ ما يُثقل كاهل المُكلّفين، أو يكون سببا للمشقة أو الإعنات. قال تعالى:
﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ التوبة:128.
وعليه فإنّ الله تعالى لم يشرع المهر ليكون عبئا ثقيلا على كاهل الزوج. بل شرّع الله المهر: إعزازا للمرأة، وتِبْيَانا لقَدْرِها، وإشْعارا بكرامتها ومكانتها، وجبراً لخاطرها، وتطييبا لنفسها، وبرهانا على حسن نيّة الزوج تجاههها...
وإنّما تتحقق هذه المعاني السامية عن طريق عدم المغالاة في المهور، وتحرّي صيانتها عن التطلعات الماديّة، والحسابات التجارة...
وبالتالي فإنّ المهر يبقى مفعما بالمعاني الإنساني السامية ما دام ضمن المُتَيسَّر، وما هو مقدور على أدائه. متى ظهرت المغالاة في المهور والمبالغات في مقدارها، تحول المهر إلى مأربٍ ماديّ، وعَرَضٍ مالي...
من هنا سنّ لنا النَّبي صلى الله عليه وسلم عدم المغالاة في صداق المرأة، فقال: "خير الصداق أيسره"، أخرجه الحاكم في المستدرك.
وجعل التيسير في الهور سببا للبركة في الحياة الزوجية، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا". أخرجه الحاكم في المستدرك.
ومعلوم أنّ المغالاة بالمهور تؤدي إلى إرهاق كاهل الزوج من جهة، وتضفي على عقد القران طابعا ماديّا –وربما تجاريّا- قد يفهم منه أنّ المرأة سلعة، وأن الزواج منها مشروعا تجاريّا!
لذلك، خطبَ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس، فقال: "...لا تغالوا بصُدُق (أي مهور) النِّساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النَّبي صلى الله عليه وسلم..." أخرجه أبو داود، والترمذي.
أمّا إجابتي عن سؤالكم الوارد أعلاه، فأحب أن أقدّمها في قالب عمليٍّ وحسابيٍّ أستقيه من واقع تجربتي الشخصية، ليعلم الناس الخلل الكبير الذي يقعون فيه من حيث لا يدرون:
من المعلوم أن ثمن الذهب يُحدد عالميا بالدولار الأمريكي، وهو قابل للزيادة والنقصان تبعا لتقلبات البورصة العالميّة التي من خلالها تُحدد أسعار المعادن.
وإنّ سعر الدولار الأمريكي بدوره، قابل للزيادة والنقصان تبعا لتقلبات البورصة العالميّة التي من خلالها تُحدد أسعار العملات.
إضافة إلى ذلك، فإنّ سعر الدولار الأمريكي في لبنان يُزاد في ثمنه أضعافا مضاعفة تبعا للعر والطلب في السوق الموازية (السوق السوداء).
وإنّ العرف السائد بين أهلنا في مدينة صيدا تسمية مائة ليرة ذهبية إنكليزية كمهر للفتيات المقبلات على الزواج. صحيح أن هناك استثناءات، لكن الذي ذكرتُه هو الأغلب...
وإن رجعنا نحو عشرين سنة مضت... نجد أنّه حين جرى الاتفاق في عقود الزواج على مهرٍ مقداره مائة ليرة ذهبية إنكليزية، فإنّ ذلك كان يساوي وقتها:
خمسة عشر ألف دولار أمريكي (15.000$) تقريبا، أي ما يعادل إثنين وعشرين مليون وخمسمائة ألف ليرة لبنانية(22.500.000 ل ل).
وبالنسبة للموظف العادي، فإنّ هذا المبلغ يساوي راتب عامين.
أما في هذه الأيام فإنّ مائة ليرة ذهبية إنكليزية قد بات ثمنها أكثر من أربعين ألف دولار أمريكي(40.000$).
وباعتبار أنّ ثمن الدولار الأمريكي في السوق الموازية(السوق السوداء) قد لامس عتبة العشرين ألف ليرة لبنانية!
فإنّ ذلك يعنى أنّ مائة ليرة ذهبية إنكليزية باتت تساوي أكثر من ثمانمائة مليون ليرة لبنانية (800.000.000 ل ل)...
ولعل الجدول التالي يعرض الأمر بشكل أوضح:
قبل 20 سنة 100 ليرة ذهب 15.000$ 22500000ل ل راتب عامين
هذه الأيام 100 ليرة ذهبي 40.000$ 800.000.000ل ل راتب أربعين عاما
ويظهر واضحا أن ثمن الذهب قد زاد أضعافا مضاعفة، سواء احتسبناه بالدولار الأمريكي، أو بالليرة اللبنانية.
ومع ذلك لا يزال أهلنا في صيدا في غفلة عن هذه الحسابات، وبسبب هذه الغفلة لا يزالون يصرّون على أن يكون المهر مائة ليرة ذهبية إنكليزية! ومنهم من بات يزيد فيسمي مائة وخمسين ليرة! أو مائتا ليرة ذهبية إنكليزية! أي ما يزيد على مليار أو مليار ونصف مليار ليرة لبنانية!!!
وكلنا يعلم أنه في ظل الأوضاع الإقتصادية الضاغطة التي أفقرتنا جميعا، فإنّ الشاب المُقبل على الزواج في الأعم الأغلب يكون بحاجة إلى دعم ومساعدة أهله ماديا لكي يستكمل متطلبات الزواج الأساسية. وغالبا ما يكون واقعا تحت الديون لسداد أقساط الشقة السكنية أو أثاث المنزل أو تكاليف العرس وغير ذلك...
فكيف لهذا الشاب أن يسدد المهر الذي في ذمته؟
علما أن هذا الشاب لو أمضىى عمره كاملا في العملِ والادخار، فإنه لن يستطيع أن يجمع قيمة المهر الذي بالغ فيه، ولن يستطيع أن يسدد هذا الالتزام المالي الذي هو دين في ذمته...
لذلك،
فإنّ الشرع الحنيف، والعقل السديد، والوعي الرشيد، يوجبون علينا أن تقلع عن عادة المغالاة في المهور. فالمهر في دين الله: إلتزام مالي، ودين في الذمّة الزوج يُسأل عنه يوم القيامة. وليس هو: "حبر على ورق"، كما يقو العوام.
ما هو تاثير ارتفاع سعر صرف الدولار على الشباب في الزواج؟
من خلال معايشتي لواقع مدينتي صيدا، ومن خلال متابعتي لأحوال شبابنا الذي في سن الزواج، أستطيع أن أقسمهم إلى ثلاثة فئات:
الفئة الأولى: وهم الشباب من أصحاب الدخل المرتفع، إما لكونهم ينتمون إلى أسر ميسورة لديها إستثمارات ومصالح كبرى استطاعت الصمود في وجه الأزمة الإقتصادية الضاغطة... أو شباب مغترب ويتقاضى راتبه العملات الأجنبية، أو شاب يعمل لدى مؤسسات وجهات دولية أو منظمات وتنظيمات تصرف للعاملين لديها رواتب بالدولار... فهذه الفئة من الشباب استفادت كثيرا من ارتفاع سعر صرف الدولار، وبالتلي فهي الفئة الأكثر إقابلا على الزواج هذه الأيام.
الفئة الثانية: وهم الشباب من أصحاب الدخل المرتفع، لكن بالليرة اللبنانية، فهذه الفئة من الشباب تأثرت بشكل سلبي وظاهر كثيرا من ارتفاع سعر صرف الدولار. لكن الذين سبق لهم تأمين شقة وبقي من ثمنها شيء يسير، ولديهم دخل ثابت يكفيهم إلى حدّ ما رغم غلاء الأسعار... فهؤلاء لا يزالون يقبلون على الزواج، مع تحري تقليص النفقات قدر الإمكان، مثل: الاقتصاد في ثمن الحلي والذهب وسائر الهدايا، تقليص عدد المدعوين إلى الخطبة وعقد القران والزفاف، والاكتفاء باجتماع عائلي في بيت أحد العروسين بعيدا عن الصالات والقاعات التي تشهد احتفالات كبرى باهظة التكاليف... تجهيز بيت الزوجية بالأشياء الأساسية والضرورية وتجنب الكماليات والأشياء الغالية...
الفئة الثالثة: وهم تلك الشريحة الواسعة من الشباب العاطل عن العمل، أو الذي يعمل براتب قليل بالكاد يكفي الواحد منهم لتنقلاته وطعامه وشرابه... وهؤلاء الشباب أعجز ما يكونوا عن تحمل أعباء الزواج هذه الأيام. وهم يحتاجون إلى عناية ورعاية ومتابعة... لأن عدم الزواج مفتاح لكثير من الآفات الأخلاقية والاجتماعية... وأغتنم حديثي معكم لأقول للدولة والجمعيات والمؤسسات وعلماء الدين والأهل وكلّ معنيّ... انتبهوا لهؤلاء الشباب، وكونوا إلى جانبهم، ويسروا لهم أمر الزواج بأقل مؤونة... وإلا فإنّ عاقبة ذلك دمار أخلاقي واجتماعي وأسري...
15) لماذا ترضى الزوجة أن يذهب زوجها "إلى الحرام" ولا ترضى أن يتزوج عليها زوجة ثانية؟
بداية اسمحوا لي أنّ أخالفكم أشد مخالفة، فلا يوجد زوجة في الدنيا ترتضي أن يكون في حياة زوجها امرأة أخرى. فغيرة المرأة على زوجها أمر فطري، ولا تكاد تجدُ في الدنيا بأسرها زوجة سويّة تتقبل "حقيقة" و"من كلّ قلبها" و"أعماق كيانها" فكرة أن يكون في حياة زوجها أمرأة أخرى منافسة لها... ف
وهذه فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من هي في إيمانها وصلاحها وقدرها ومكانتها، فضلا عن رجاحة عقلها ونضجها... لم تتقبّل أن يُقدم زوجُها علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الزواج من امرأة أخرى... فشكته للنبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث المتفق عليه: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ لَهُ : "إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ". فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ ...إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا".
فإذا كان هذا حال السيدة فاطمة، فما بالكم بمن هم دونها!
لكن أقول... رغم الغيرة وحب الاستئثار بالزوج، فقد تتظاهر بعض النساء بعدم المعرفة أو عدم المبالا متى علمت أن زوجها يقيم علاقة عابرة مع امرأة... ظنّا منها أنّها نزوة عابرة، ستنتهي عاجلا أو آجلا، وسيعود زوجها إليها عند انتهاء هذه النزوة...
لكن حسابات هؤلاء النساء تصبح أكثر تعقيدا متى علمْنَ أن الأمر أصبح شرعيا، أو رسميا أيضا، بموجب عقد الزواج! لأن ذلك يعني تكريس وجود زوجة أخرى تتساوى معها في الحقوق كزوجة، وتشاركها زوجها على صعيد الحياة الزوجية... وشتان بين علاقة عابرة، وزواج دائم...
لذلك قد تتساهل بعض النساء في التغاضي عن سلوكيات الزوج في علاقاته العابرة... ولا تتساهل أبدا في زواجه الشرعي من أخرى...
وإني قد قُلتُ ما قُلتُ، من قبيل التحليل النفسي، والرصد السلوكي لما قد تفعله بعض النساء بدافع من غريزة الأنثى، وغيرتها على شريك حياتها...
لكن معيارنا كمسلمين هو ما يقره الشرع الحنيف من مبادئ وأحكام أبعد ما تكون عن الغرائز والأهواء والشهوات...
وعليه: فالرفض كلّ الرفض لما هو حرام، أو نزوة عابرة، وعلاقة غير شرعية...
ومرحبا بكل زواج شرعي يلتزم فيه الزوج بما أوجبه الله من عدل وحسن عشرة وتسوية في المعاملة...
أخبار ذات صلة
عقار الاغتصاب".. ما قصة مخدر يثير هلعا في مصر؟
2024-11-18 05:41 ص 107
القبض على طبيبة "فيديوهات الزنا وحمل السفاح"
2024-11-12 05:45 ص 161
تفكيك شبكة دعارة... إليكم التفاصيل
2024-11-11 05:07 م 145
أول صورة لهاريس بعد الخسارة الكبيرة في الانتخابات
2024-11-10 09:47 م 103
ابنة" إيلون ماسك: لم يعد لي مستقبل في أميركا
2024-11-09 12:04 م 110
قتل ضحاياه وقطعهن بالساطور.. سفاح جديد يظهر في مصر مارس الرذيلة معهن..ثم قتلهن
2024-11-08 05:42 ص 143
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية