×

القاضي ابو ذيد : قد تتساهل بعض النساء في التغاضي عن سلوكيات الزوج في ‏علاقاته العابرة... ولا تتساهل أبدا

التصنيف: نسوان

2021-10-20  03:25 م  389

 

فلا يوجد زوجة في الدنيا ‏ترتضي أن يكون في حياة زوجها امرأة أخرى. فغيرة المرأة على ‏زوجها أمر فطري، ولا تكاد تجدُ في الدنيا بأسرها زوجة سويّة تتقبل ‏‏"حقيقة" و"من كلّ قلبها" و"أعماق كيانها" فكرة أن يكون في حياة ‏زوجها أمرأة أخرى منافسة لها...رغم الغيرة وحب الاستئثار بالزوج، فقد تتظاهر بعض ‏النساء بعدم المعرفة أو عدم المبالا متى علمت أن زوجها يقيم علاقة ‏عابرة مع امرأة... ظنّا منها أنّها نزوة عابرة، ستنتهي عاجلا أو آجلا، ‏وسيعود زوجها إليها عند انتهاء هذه النزوة... ‏

اسئلة  نقلتها صيدا نت إلى فضيلة قاضي صيدا الشرعي الشيخ محمد أبو زيد، وجاءت أجوبتها وافية لتضع النقاط على الحروف.

‏ لماذا لا تزال المهور مرتفعة في مدينة صيدا في ظل الازمة ‏الاقتصادية؟
بداية يجب أن نعلم جميعا، أنّ الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. ‏وجعله: ﴿على شريعة من الأمر﴾ (الجاثية:18)، وشاء سبحانه لهذه ‏الشريعة أن تكون شريعة سمحة، من أبرز سِماتِها: التيسير، ورفع ‏الحرج، وتجنب كلّ ما يُثقل كاهل المُكلّفين، أو يكون سببا للمشقة أو ‏الإعنات. قال تعالى:‏
‏﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا‏‎ ‎عَنِتُّمْ‎ ‎حَرِيصٌ عَلَيْكُم ‏بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ التوبة:128.‏
وعليه فإنّ الله تعالى لم يشرع المهر ليكون عبئا ثقيلا على كاهل ‏الزوج. بل شرّع الله المهر: إعزازا للمرأة، وتِبْيَانا لقَدْرِها، وإشْعارا ‏بكرامتها ومكانتها، وجبراً لخاطرها، وتطييبا لنفسها، وبرهانا على ‏حسن نيّة الزوج تجاههها... ‏
وإنّما تتحقق هذه المعاني السامية عن طريق عدم المغالاة في المهور، ‏وتحرّي صيانتها عن التطلعات الماديّة، والحسابات التجارة... ‏
وبالتالي فإنّ المهر يبقى مفعما بالمعاني الإنساني السامية ما دام ضمن ‏المُتَيسَّر، وما هو مقدور على أدائه. متى ظهرت المغالاة في المهور ‏والمبالغات في مقدارها، تحول المهر إلى مأربٍ ماديّ، وعَرَضٍ ‏مالي... ‏
من هنا سنّ لنا النَّبي صلى الله عليه وسلم عدم المغالاة في صداق المرأة، فقال: "خير ‏الصداق أيسره"، أخرجه الحاكم في المستدرك.‏‎ ‎
وجعل التيسير في الهور سببا للبركة في الحياة الزوجية، فعَنْ عَائِشَةَ ‏رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ ‏صَدَاقًا"‏‏. أخرجه الحاكم في المستدرك.‏‎ ‎
ومعلوم أنّ المغالاة بالمهور تؤدي إلى إرهاق كاهل الزوج من جهة، ‏وتضفي على عقد القران طابعا ماديّا –وربما تجاريّا- قد يفهم منه أنّ ‏المرأة سلعة، وأن الزواج منها مشروعا تجاريّا!‏
لذلك، خطبَ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس، ‏فقال: "...لا تغالوا بصُدُق (أي مهور) النِّساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً ‏في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النَّبي صلى الله عليه وسلم...‏‎"‎‏ أخرجه أبو ‏داود، والترمذي.‏
أمّا إجابتي عن سؤالكم الوارد أعلاه، فأحب أن أقدّمها في قالب عمليٍّ ‏وحسابيٍّ أستقيه من واقع تجربتي الشخصية، ليعلم الناس الخلل الكبير ‏الذي يقعون فيه من حيث لا يدرون:‏
من المعلوم أن ثمن الذهب يُحدد عالميا بالدولار الأمريكي، وهو قابل ‏للزيادة والنقصان تبعا لتقلبات البورصة العالميّة التي من خلالها تُحدد ‏أسعار المعادن.‏
وإنّ سعر الدولار الأمريكي بدوره، قابل للزيادة والنقصان تبعا لتقلبات ‏البورصة العالميّة التي من خلالها تُحدد أسعار العملات.‏
إضافة إلى ذلك، فإنّ سعر الدولار الأمريكي في لبنان يُزاد في ثمنه ‏أضعافا مضاعفة تبعا للعر والطلب في السوق الموازية (السوق ‏السوداء).‏
وإنّ العرف السائد بين أهلنا في مدينة صيدا تسمية مائة ليرة ذهبية ‏إنكليزية كمهر للفتيات المقبلات على الزواج. صحيح أن هناك ‏استثناءات، لكن الذي ذكرتُه هو الأغلب...‏
وإن رجعنا نحو عشرين سنة مضت... نجد أنّه حين جرى الاتفاق في ‏عقود الزواج على مهرٍ مقداره مائة ليرة ذهبية إنكليزية، فإنّ ذلك كان ‏يساوي وقتها:‏
خمسة عشر ألف دولار أمريكي (15.000$) تقريبا، أي ما يعادل ‏إثنين وعشرين مليون وخمسمائة ألف ليرة لبنانية(22.500.000 ل ‏ل).‏
وبالنسبة للموظف العادي، فإنّ هذا المبلغ يساوي راتب عامين.‏
أما في هذه الأيام فإنّ مائة ليرة ذهبية إنكليزية قد بات ثمنها أكثر من ‏أربعين ألف دولار أمريكي(40.000$).‏
وباعتبار أنّ ثمن الدولار الأمريكي في السوق الموازية(السوق ‏السوداء) قد لامس عتبة العشرين ألف ليرة لبنانية!‏
فإنّ ذلك يعنى أنّ مائة ليرة ذهبية إنكليزية باتت تساوي أكثر من ‏ثمانمائة مليون ليرة لبنانية (800.000.000 ل ل)...‏
ولعل الجدول التالي يعرض الأمر بشكل أوضح:‏
قبل 20 سنة ‏100 ليرة ذهب ‏15.000$‏ ‏22500000ل ل راتب عامين
هذه الأيام ‏100 ليرة ذهبي ‏40.000$‏ ‏800.000.000ل ل راتب أربعين عاما

ويظهر واضحا أن ثمن الذهب قد زاد أضعافا مضاعفة، سواء ‏احتسبناه بالدولار الأمريكي، أو بالليرة اللبنانية.‏
ومع ذلك لا يزال أهلنا في صيدا في غفلة عن هذه الحسابات، وبسبب ‏هذه الغفلة لا يزالون يصرّون على أن يكون المهر مائة ليرة ذهبية ‏إنكليزية! ومنهم من بات يزيد فيسمي مائة وخمسين ليرة! أو مائتا ليرة ‏ذهبية إنكليزية! أي ما يزيد على مليار أو مليار ونصف مليار ليرة ‏لبنانية!!!‏
وكلنا يعلم أنه في ظل الأوضاع الإقتصادية الضاغطة التي أفقرتنا ‏جميعا، فإنّ الشاب المُقبل على الزواج في الأعم الأغلب يكون بحاجة ‏إلى دعم ومساعدة أهله ماديا لكي يستكمل متطلبات الزواج الأساسية. ‏وغالبا ما يكون واقعا تحت الديون لسداد أقساط الشقة السكنية أو أثاث ‏المنزل أو تكاليف العرس وغير ذلك...‏
فكيف لهذا الشاب أن يسدد المهر الذي في ذمته؟
علما أن هذا الشاب لو أمضىى عمره كاملا في العملِ والادخار، فإنه ‏لن يستطيع أن يجمع قيمة المهر الذي بالغ فيه، ولن يستطيع أن يسدد ‏هذا الالتزام المالي الذي هو دين في ذمته...‏
لذلك،
فإنّ الشرع الحنيف، والعقل السديد، والوعي الرشيد، يوجبون علينا أن ‏تقلع عن عادة المغالاة في المهور. فالمهر في دين الله: إلتزام مالي، ‏ودين في الذمّة الزوج يُسأل عنه يوم القيامة. وليس هو: "حبر على ‏ورق"، كما يقو العوام.‏

ما هو تاثير ارتفاع سعر صرف الدولار على الشباب في الزواج؟
من خلال معايشتي لواقع مدينتي صيدا، ومن خلال متابعتي لأحوال ‏شبابنا الذي في سن الزواج، أستطيع أن أقسمهم إلى ثلاثة فئات:‏
الفئة الأولى: وهم الشباب من أصحاب الدخل المرتفع، إما لكونهم ‏ينتمون إلى أسر ميسورة لديها إستثمارات ومصالح كبرى استطاعت ‏الصمود في وجه الأزمة الإقتصادية الضاغطة... أو شباب مغترب ‏ويتقاضى راتبه العملات الأجنبية، أو شاب يعمل لدى مؤسسات ‏وجهات دولية أو منظمات وتنظيمات تصرف للعاملين لديها رواتب ‏بالدولار... فهذه الفئة من الشباب استفادت كثيرا من ارتفاع سعر ‏صرف الدولار، وبالتلي فهي الفئة الأكثر إقابلا على الزواج هذه ‏الأيام.‏
الفئة الثانية: وهم الشباب من أصحاب الدخل المرتفع، لكن بالليرة ‏اللبنانية، فهذه الفئة من الشباب تأثرت بشكل سلبي وظاهر كثيرا من ‏ارتفاع سعر صرف الدولار. لكن الذين سبق لهم تأمين شقة وبقي من ‏ثمنها شيء يسير، ولديهم دخل ثابت يكفيهم إلى حدّ ما رغم غلاء ‏الأسعار... فهؤلاء لا يزالون يقبلون على الزواج، مع تحري تقليص ‏النفقات قدر الإمكان، مثل: الاقتصاد في ثمن الحلي والذهب وسائر ‏الهدايا، تقليص عدد المدعوين إلى الخطبة وعقد القران والزفاف، ‏والاكتفاء باجتماع عائلي في بيت أحد العروسين بعيدا عن الصالات ‏والقاعات التي تشهد احتفالات كبرى باهظة التكاليف... تجهيز بيت ‏الزوجية بالأشياء الأساسية والضرورية وتجنب الكماليات والأشياء ‏الغالية... ‏
‏ الفئة الثالثة: وهم تلك الشريحة الواسعة من الشباب العاطل عن ‏العمل، أو الذي يعمل براتب قليل بالكاد يكفي الواحد منهم لتنقلاته ‏وطعامه وشرابه... وهؤلاء الشباب أعجز ما يكونوا عن تحمل أعباء ‏الزواج هذه الأيام. وهم يحتاجون إلى عناية ورعاية ومتابعة... لأن ‏عدم الزواج مفتاح لكثير من الآفات الأخلاقية والاجتماعية... وأغتنم ‏حديثي معكم لأقول للدولة والجمعيات والمؤسسات وعلماء الدين ‏والأهل وكلّ معنيّ... انتبهوا لهؤلاء الشباب، وكونوا إلى جانبهم، ‏ويسروا لهم أمر الزواج بأقل مؤونة... وإلا فإنّ عاقبة ذلك دمار ‏أخلاقي واجتماعي وأسري...‏
‏15) لماذا ترضى الزوجة أن يذهب زوجها "إلى الحرام" ولا ترضى ‏أن يتزوج عليها زوجة ثانية؟
بداية اسمحوا لي أنّ أخالفكم أشد مخالفة، فلا يوجد زوجة في الدنيا ‏ترتضي أن يكون في حياة زوجها امرأة أخرى. فغيرة المرأة على ‏زوجها أمر فطري، ولا تكاد تجدُ في الدنيا بأسرها زوجة سويّة تتقبل ‏‏"حقيقة" و"من كلّ قلبها" و"أعماق كيانها" فكرة أن يكون في حياة ‏زوجها أمرأة أخرى منافسة لها... ف
وهذه فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من هي في إيمانها وصلاحها ‏وقدرها ومكانتها، فضلا عن رجاحة عقلها ونضجها... لم تتقبّل أن يُقدم ‏زوجُها علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الزواج من امرأة ‏أخرى... فشكته للنبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث المتفق عليه: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ ‏أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى ‏اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‎ .‎‏ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏، فَقَالَتْ لَهُ : "إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ ، وَهَذَا عَلِيٌّ ‏نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ". فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: "أَمَّا ‏بَعْدُ ...إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ ‏بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا".‏
فإذا كان هذا حال السيدة فاطمة، فما بالكم بمن هم دونها!‏
لكن أقول... رغم الغيرة وحب الاستئثار بالزوج، فقد تتظاهر بعض ‏النساء بعدم المعرفة أو عدم المبالا متى علمت أن زوجها يقيم علاقة ‏عابرة مع امرأة... ظنّا منها أنّها نزوة عابرة، ستنتهي عاجلا أو آجلا، ‏وسيعود زوجها إليها عند انتهاء هذه النزوة... ‏
لكن حسابات هؤلاء النساء تصبح أكثر تعقيدا متى علمْنَ أن الأمر ‏أصبح شرعيا، أو رسميا أيضا، بموجب عقد الزواج! لأن ذلك يعني ‏تكريس وجود زوجة أخرى تتساوى معها في الحقوق كزوجة، ‏وتشاركها زوجها على صعيد الحياة الزوجية... وشتان بين علاقة ‏عابرة، وزواج دائم...‏
لذلك قد تتساهل بعض النساء في التغاضي عن سلوكيات الزوج في ‏علاقاته العابرة... ولا تتساهل أبدا في زواجه الشرعي من أخرى...‏
وإني قد قُلتُ ما قُلتُ، من قبيل التحليل النفسي، والرصد السلوكي لما ‏قد تفعله بعض النساء بدافع من غريزة الأنثى، وغيرتها على شريك ‏حياتها...‏
لكن معيارنا كمسلمين هو ما يقره الشرع الحنيف من مبادئ وأحكام ‏أبعد ما تكون عن الغرائز والأهواء والشهوات... ‏
وعليه: فالرفض كلّ الرفض لما هو حرام، أو نزوة عابرة، وعلاقة ‏غير شرعية... ‏
ومرحبا بكل زواج شرعي يلتزم فيه الزوج بما أوجبه الله من عدل ‏وحسن عشرة وتسوية في المعاملة...‏

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا