أحمد منتش
النهار
قبل إعلان رئيس الحكومة السابق ورئيس تيّار "المستقبل" سعد #الحريري، قراره الشهير بعدم الترشّح للانتخابات النيابيّة المقبلة، وتعليق عمله السياسيّ، والطلب الى أعضاء كتلة "المستقبل" النيابيّة وأعضاء التيّار الالتزام بقراره، كان رئيس التنظيم الشعبيّ الناصريّ النائب أسامة سعد، حسم خياره بالترشّح للانتخابات، بمعزل عن أيّ تنسيق أو تحالف مع "حزب الله" وحركة أمل خلافًا لما جرت عليه العادة معه ومع شقيقه النائب السابق المرحوم مصطفى سعد، ولم تنجح حتّى تاريخه كلّ المساعي والاتّصالات واللقاءات التي أجراها وعقدها معه مسؤولون في "حزب الله"، أو بعض الحلفاء المشتركين، في ثنيه التراجع عن موقفه الذي بدأ يتكوّن لديه ويترسّخ تباعًا بعد انتفاضة السابع عشر من تشرين الأوّل العام 2019، هذا الموقف الذي عبّر عنه مرارًا وأعلنه بشكل مباشر النائب سعد، يرتكز لديه على اعتباره المنظومة الحاكمة والحكومات المتعاقبة والتي لم يمنحها مرّة واحدة ثقته، بأنّها هي وحدها تتحمّل كامل مسؤوليّة كلّ الأزمات الماليّة والاقتصاديّة والحياتيّة، والانهيارات التي وصل إليها البلد على كلّ الصعد والمستويات، وأنّ الإصلاح وحلّ الأزمات ومعالجتها لن تحصل عبر المنظومة الحاكمة ونظامها السياسيّ المبنيّ على الفساد والمحاصصة الطائفيّة، كما اقتنع سعد أنّ "حزب الله" هو أحد رموز هذه السلطة، وفي آخر زيارة قام بها أحد مسؤولي الحزب قبل نحو شهر الى منزل سعد، خرج فيها مسؤول الحزب مستاءً وغاضبًا بعد سماعه كلامًا مباشرًا من سعد، يتّهم فيه الحزب بأنّه شريك في الفساد وفي تغطية وحماية الفاسدين.

في تلك الفترة، سادت بعض كوادر التنظيم والمتعاطفين معه، وبعض حلفائه المقرّبين من "حزب الله" مخاوف من عدم تمكّن سعد من الفوز في #الانتخابات النيابيّة المقبلة، بسبب موقفه وخسارته الصوت الشيعيّ المحسوب على أمل و"حزب الله"، في منطقتَي صيدا وجزّين، نتيجة عدم توافقه وتفاهمه مع الحزب والحركة.
الوضع تبدّل بعد تنحّي بهيّة الحريري
إنّ القرار الذي اتّخذه سعد الحريري، ومن دون أدنى شكّ، ستلتزم به عمّته النائبة بهيّة الحريري على الرغم من كلّ المعطيات والوقائع التي تؤكّد أنّها المرشّحة الوحيدة في دائرة صيدا – جزّين، الضامنة مقعدها النيابيّ، لما تمثّله من حيثيّة كبيرة لدى الأوساط الصيداويّة، وللعلاقات المتينة التي أرستها في صيدا والجنوب، والخدمات الكبيرة التي قدّمتها طوال مسيرتها النيابيّة على مختلف الصعد في مدينتها، إضافة الى موقف رئيس مجلس النوّاب ورئيس حركة أمل نبيه برّي الواضح والصريح بتأييدها ودعمها في الانتخابات المقبلة، فإنّ حظوظ النائب أسامة سعد باتت شبه مضمونة بالفوز والحفاظ على مقعده النيابيّ، سيّما وأنّ خلافه السياسيّ مع "حزب الله" لم يصل الى حدّ الخصومة أو القطيعة، ولا تزال أوساط الحزب تؤكّد أنّ موقف قيادة الحزب من النائب سعد لن يصل الى حدّ مواجهته، أو العمل على إضعافه أو إسقاطه في الاستحقاق الانتخابيّ بناء على رغبة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، واعتبار قيادة الحزب أنّ تداعيات مواجهة أسامة سعد أو سقوطه في الانتخابات ستكون كلفتها أكبر بكثير من الاختلاف السياسيّ معه. (في الانتخابات النيابيّة الأخيرة اقترع نحو ألفي ناخب شيعيّ في صيدا من أصل أكثر من خمسة آلاف يحقّ لهم الاقتراع، وفي منطقة جزّين اقترع نحو سبعة آلاف من أصل نحو 11 ألفًا يحقّ لهم الاقتراع).

أسامة سعد حتّى الآن لا زال يدرس خياراته مع أكثر من شخصيّة في صيدا وجزّين، كي تتحالف معه، ويتردّد في بعض كواليس صيدا اسم الدكتور لبيب أبو ظهر نجل المرحوم لبيب أبو ظهر، لما يمثّله من موقعه الطبّي في مركز لبيب الطبّيّ، وما تمثّله العائلة وأنسباؤها من كتلة انتخابيّة وازنة في صيدا. وفي جزّين يبدو وضعه صعبًا كونه حسم خياره بعدم التحالف مع كلّ القوى السياسيّة والحزبيّة الرئيسيّة في المدينة، وهي "التيّار الوطنيّ الحرّ" وحزب "القوّات اللبنانيّة" وحزب "الكتائب" والثنائيّ الشيعيّ، ورجّحت مصادره أن يتحالف مع شخصيّة مسيحيّة مستقلّة شبيهة بالدكتور لبيب أبو ظهر.

من هو المرشّح الأوفر حظًّا للمقعد الثاني في صيدا؟
لا شكّ أنّ غياب النائبة بهيّة الحريري عن مسرح الاستحقاق الانتخابيّ والحياة السياسيّة سيترك فراغًا كبيرًا، خصوصًا على الساحة الصيداويّة، والى حدّ ما على الساحة الجنوبيّة، وممّا لا شكّ فيه أنّ غياب بهيّة الحريري وعدم ترشّحها خلافًا لرغبتها التي اعتادت عليها وتمرّست فيها في الندوة البرلمانيّة ولجانها، سيفتح شهيّة مرشّحين جدد للانتخابات، والى جانب المرشّحين التقليديّين الدكتور عبد الرحمن البزري نجل النائب السابق المرحوم نزيه البزري، والذي باتت حظوظ فوزه بالمقعد الثاني شبه مضمونة في حال استمرار تحالفه مع "التيّار الوطنيّ الحرّ"، أو في حال ضمّه الرئيس نبيه برّي مع النائب ابراهيم عازار والمرشح التقليديّ الثاني هو القياديّ البارز في الجماعة الإسلاميّة الدكتور بسّام حمود، وحتّى الآن ظهر بين الأسماء الجديدة المرشّحة اسما الناشطين في حراك انتفاضة صيدا وهما إسماعيل حفوظة المقرّب من التنظيم الناصريّ، والذي أعلن عن توافقه مع المرشّح عن المقعد المارونيّ في جزّين العميد المتقاعد جوزيف الأسمر، والثاني هو الشيخ محي الدين عنتر القياديّ البارز في في حراك الشباب المسلم في انتفاضة صيدا وروّاد المساجد، ولم يعرف بعد إذا كان المرشّح سمير البزري المدعوم من رجل الأعمال مرعي أبو مرعي، والذي تحالف في الانتخابات السابقة مع مرشّح "القوّات اللبنانيّة" عن المقعد الكاثوليكيّ في جزّين عجاج الحداد ومرشّح حزب "الكتائب" سمير نهرا، إذا قرّر الترشّح أو قرّر عدم خوض المعركة، علمًا أنّ المرشّحين الثلاثة لم يُكتب لهم النجاح ولا حصول أيّ واحد منهم على الصوت التفضيليّ.
يبقى أنّ السيّد بهاء الحريري، واستنادًا الى بعض المعلومات المتوفّرة حتّى الآن، سينأى بنفسه عن تسمية أيّ مرشّح له في صيدا، كي لا يثير غضب عمّته ويزيد الخلاف بينه وبين شقيقه سعد الحريري، ولعلمه أيضًا أنّ أيّ مرشّح يقرّر بهاء الحريري دعمه في صيدا لن يُكتب له النجاح، إن لم تكن عمّته راضية أو موافقة عليه، والأرجح حتّى الآن أنّ النائبة بهيّة الحريري ستنأى بنفسها عن تسمية أو دعم أيّ مرشّح، وخصوصًا إذا كان محسوبًا على تيار "المستقبل".