أكد السفير التركي في لبنان أنان أوزيلديز "إن الصعوبات في البلاد العربية تختلف من بلد الى أخر، وكل بلد لديه خصوصيته وتركيا لديها تجربتها الخاصة و19 سنة من الخبرة في اعادة البناء والديمقراطية، ولعل الأصدقاء والأخوة العرب يستطيعون أخذ الدروس من التجربة التركية... وعلى إسرائيل بذل المزيد من الجهود لإعادة العلاقة الطبيعية مع تركيا التي تسودها الآن المشاكل".

 

كلام السفير التركي جاء خلال زيارته مدينة صيدا حيث تفقد مشاريع "جمعية رعاية اليتيم" وتحدث الى طلاب القسم المهني خلال تعلمهم اللغة التركية، كما قام بجولة على في مدينة صيدا والأماكن الأثرية فيها، وذلك برفقة المستشارة فايزة براتشي، الملحقة الإعلامية موجا أوداباش وضابط الأمن في السفارة عمر أتشل.

وكان في استقباله رئيس "جمعية رعاية اليتيم" في صيدا الدكتور سعيد المكاوي، رئيس "جمعية الصداقة اللبنانية – التركية" في صيدا المحامي محمد علي الجوهري وأعضاء الجمعية فرنسواز الجوهري، المحامية باسمة عثمان، المحامي محمد منيب العاكوم ومنير البساط، رئيس "جمعية الصداقة اللبنانية – التركية" في طرابلس رامي محفوض، رئيسة "جمعية جيل المستقبل" دولجان سلام، مديرة الشؤون التربوية والرعائية في "رعاية اليتيم" فاتنة جردلي فاخوري ومدير العلاقات العامة والشؤون المالية نبيل فاخوري وعدد من أعضاء المجلس الإداري للجمعية.

 

بداية رحب الدكتور سعيد المكاوي بالسفير التركي في "جمعية رعاية اليتيم" التي تسعى الى خدمة مختلف شرائح المجتمع عبر مشاريع تربوية وصحية وانتاجية، حيث توسعت برامج ومشاريع الجمعية استجابة لحاجات المجتمع وخصوصاً في مجال التعليم والتربية، لتنتقل من الشق الرعائي الى التثقيفي، خصوصاً أن الجمعية وجدت أن العديد من الأشخاص يعجزون حتى عن دخول المدرسة الرسمية، لذلك كان التركيز على التعليم المجاني بشقيه الأكاديمي والمهني.

ثم تحدث السفير التركي أوزيلديز بالقول: ألبى اليوم دعوة الدكتور سعيد المكاوي والمحامي محمد الجوهري لزيارة مدينة صيدا وهذه المؤسسة العريقة، وقد سبق لي زيارة صيدا عدة مرات، ولكن اليوم أقوم بزيارة هذه المؤسسة الهامة التي تأسست منذ 60 عاماً وما زالت تنمو بشكل لافت، فأتمنى لها التوفيق والنجاح وأن يحظى الأجيال بتعليم أفضل.

ورداً على سؤال حول تدهور الوضع في المنطقة العربية والشرق الأوسط والدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في هذا المجال قال: إن الصعوبات في البلاد العربية تختلف من بلد الى أخر، وكل بلد لديه خصوصيته وصعوباته الخاصة، لذلك عليهم أن يقوموا بالتعاطي مع هذه الأمور وفقاً لأهدافهم وسياساتهم، وتركيا لديها تجربتها الخاصة في الماضي، ولعل الأصدقاء والأخوة العرب يستطيعون أخذ الدروس من التجربة التركية، والأن يبحثون إذا كانت تركيا هي النموذج الذي يجب الإقتداء به أم لا، وهو جدال لا نريد الدخول بتفاصيله، لكن لتركيا 19 سنة من الخبرة في اعادة البناء والديمقراطية، وربما تكون تركيا مثالاً للأخوة العرب.

وعن العلاقات بين تركيا وإسرائيل السفير أوزيلديز: لدينا هذه الأيام علاقات تشوبها المشاكل، ونحن نحاول أن نعيد الأمور الى طبيعتها لهذه العلاقة، وكان لدينا علاقات جيدة معها، ولكن في السنة الأخيرة كان هناك عدد من المشاكل، وعلى إسرائيل بذل المزيد من الجهود لإعادة هذه العلاقة الى طبيعتها مع تركيا.. وفي نفس الوقت نتمنى التوفيق للشعب اللبناني الصديق.

ثم قام السفير التركي بزيارة صيدا القديمة بمواكبة القوى الأمنية بأمرة الرائد سامي عثمان، حيث استلها من "خان الإفرنج" واستمع لشرح من شوقي جويدي، ثم زار الأسواق الشعبية، مروراً بالكنيسة الأرثوذكسية و"قصر دبانة"، "مدرسة عائشة أم المؤمنين" و"مصبنة عودة" حيث كانت في استقباله مديرة "مؤسسة عودة" كارول عازر، ليعرب السفير التركي عن سروره بهذا التراث التاريخي وأهمية تدريس اللغة التركية لتعميق الروابط بين الشعب التركي والعربي في لبنان.

كما رعى السفير أوزيلديز المحاضرة التي أقامتها "جمعية رعاية اليتيم" و"جمعية الصداقة اللبنانية التركية" في صيدا بعنوان "شركاء في حضارة واحدة" والتي حاضر فيها المؤرخ الدكتور طلال المجذوب بحضور حشد من الفاعليات السياسية والإقتصادية والتربوية والإجتماعية تقدمهم: ممثل النائب بهية الحريري الدكتور مصطفى متبولي، ممثل أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري رمزي مرجان، ممثل مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان الشيخ حسين حبلي، ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي محمد قبرصلي، القاضي الشيخ عصام عاكوم، رئيس "جمعية تجار صيدا وضواحيها" علي الشريف، الرائد سامي عثمان وعدد من المهتمين.

بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والتركي تحدث المحامي محمد علي الجوهري، فأكد على عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين وضرورة تفعيل هذه العلاقات المبنية على التعاون والتآخي لما فيه مصلحة العرب والأتراك وتعميقاً للأصول التاريخية لبناء مستقبل مزدهر في منطقتنا.

ثم تحدث الدكتور طلال المجذوب عن عمق العلاقة بين الشعبين العربي والتركي بالقول: إن المؤرخين المنصفين، وأنا منهم، يعتبرون الدولة العثمانية، أكثر امبراطوريات التاريخ عدلاً وإنسانية، وقد عمد سلاطينها الى اصدار الفرمانات المختلفة لتحديث وتنظيم الشؤون الإدارية والعسكرية والمالية والإقتصادية وغيرها فيما عُرف بـ "التنظيمات"، أما بخصوص عنصري الدولة العثمانية الأكبر: العرب والأتراك، فقد انصهرا معاً بدرجة قلّ نظيرها في التاريخ، في شتى شؤون الحياة الثقافية والأدبية واللغوية، وأيضاً في المصطلحات الدينية والإدارية، وفي العادات والتقاليد، وفي أسماء الأفراد والعائلات، وفي المأكل والمشرب، وفي الأدوات والأثاث وفي اللباس والعمارة وغيرها. لذلك، فإن تركيا في سياستها الحاضرة نحو الإنفتاح على العرب، ليست عنصراً وافداً، بل شريكاً عائداً، على بساط من المصالح الإقتصادية والتنموية، بما يؤمّن المنافع لشعوبنا ويعمل على تقدمها ونجاحها.