رأفت نعيم
شهد مخيم عين الحلوة امس(الثلاثاء) مأساة عائلة فلسطينية تختصر بأبلغ تعبير معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في ظل انعدام الخدمات الصحية والاجتماعية لهم وتقليصها من قبل وكالة الأونروا ما انعكس ترديا في اوضاعهم  على مختلف المستويات..
ففي يوم المرأة العالمي وعلى بعد ايام من عيد الطفل ، توفي الطفل الفلسطيني محمد نبيه طه ( 11 عاما) بين يدي والديه عند باب احدى المستشفيات بعدما تعذر تأمين كلفة علاجه ، او على الأقل بضع ليترات من الأوكسجين كان يمكن أن تبقيه على قيد الحياة ...
ومحمد الذي يعاني منذ عامه الأول مرض نقص الأوكسيجين في الدماغ الذي تسبب له في اعاقة شبه دائمة وجعله بحاجة دائمة للعلاج ، كان أدخل قبل اسبوعين الى احدى مستشفيات صيدا بعد تدخل خيرين لدى الأونروا لتغطية كلفة علاجه ، وبعدما لم يجد هذا العلاج في مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الغير مجهز بآلة تنفس اصطناعي ، فكان ان تكفلت الأونروا بجزء من التكلفة ، واضطر اهل الطفل للإستدانة ولإخراج ابنهم من المستشفى قبل اكتمال علاجه .. ولما تدهورت حالته مجددا تم نقله مجددا الى المستشفى لكنه توفي في سيارة الاسعاف بعد تأخر تزويده بالأوكسجين وفق ما اوضح والد الطفل نبيه طه الذي روى ما جرى مع ولده فقال: ابني كان يعاني منذ 10 سنوات من مرض صعب ، واخذناه الى المستشفى مؤخرا في حالة خطرة ، بداية اخذناه في حالة طارئة الى مستشفى الهمشري ، لكن تبين أنه غير مجهز بآلة تنفس اصطناعي  ،  فأجروا له اسعافات اولية.. ثم اتصلوا باحدى مستشفيات صيدا الخاصة ، لكنها رفضت استقباله  لأنه فلسطيني وأبلغنا أنه يجب أن يغطى من قبل الأونروا ، وبعد الاتصال بطبيب الأونروا  قال يجب أن يدخل كحالة طارئة الى قسم الطوارىء لتغطيه الأونروا  ، وعندما وصلنا الى الطوارىء فوجئنا بأنهم يريدون 1000 دولار تأمين ولم يكن المبلغ متوفرا وليس معنا 100 دولار حتى .. وبعد تدخل بعض الخيرين ادخلوه المستشفى وبقي حوالي 14 يوما في العناية الفائقة ، وعندما جاء الطبيب قال ان الأونروا ستغطي فقط يومين من اصل مبلغ 13 مليون ، وبعد الضغط عليهم غطوا عشرة ايام وباقي المبلغ لم نستطع ان نسدده. ولما تدهورت حالته مجددا عدنا الى نفس المشكلة وتوفي ابني عند باب المستشفى في سيارة الاسعاف . ونحن نحمل المسؤولية للمسؤولين عن الشعب الفلسطيني وعن الأونروا المسؤولة عن خدماته  .
وقالت والدة الطفل فاطمة طه :رفضوا ان يغطوا تكلفة علاج ابني ، 13 مليون ليرة .. صرت اركض الى هنا وهنا لأسدد الدين الذي تراكم علينا .." الله لا يسامحهم ، الفقير يروح يموت احسنلو .. قالوا لي ما في حكيم . الله لا يسامحهم لا هم ولا الأونروا.. اقول لهم ابني يموت في حضني .. "..
وقبيل تشييع الطفل طه في مخيم عين الحلوة أقدم فلسطينيون غاضبون من اقاربه على اقفال عيادات تابعة لوكالة الأونروا في المخيم ، حيث حُملوا جثمان الطفل المتوفي بالأيدي وساروا به في تظاهرة غضب شارك فيها عدد من ممثلي القوى الفلسطينية في المخيم ، ومن ثم وضعوه في سيارة وجابوا به الشارع الرئيسي  قبل أن يوارى الثرى في مقبرة المخيم .
وقال محمود رابح - أحد اقرباء الطفل : لم نعد نريد الأونروا ، نريد شركة تأمين تؤمن اولادنا وعيالنا ونساءنا التي تموت على ابواب المستشفيات .. رفضوا أن  يزودوه بمجرد اوكسجين حتى توفي داخل سيارة الاسعاف .. نناشد كل الناس ان ينقذوا اولادنا ونساءنا وشيوخنا التي تموت على ابواب المستشفيات ..
اشارة الى أن مأساة الطفل محمد طه تأتي في ظل تصاعد وتيرة الاحتجاجات الفلسطينية على سياسة الأونروا وتقليص خدماتها الصحية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان ، وقبل ايام من تحرك دعت اليه بعض القوى الفلسطينية في الحادي عشر من الجاري امام المقر الرئيسي للأونروا في بيروت رفضا لهذه للسياسة الصحية الجديدة التي اقرتها الوكالة تجاههم .

وطنية

 علقت مديرة قسم الاعلام في "الاونروا" - لبنان هدى سمرا صعيبي في بيان اليوم على "نشر بعض وسائل الاعلام معلومات حول وفاة الطفل الفلسطيني محمد طه محملة الاونروا مسؤولية وفاته"، معتبرة هذه المعلومات "تضمنت جملة من المغالطات".


واوضحت ان "وفاة الطفل محمد طه أمر محزن للغاية، ونتقدم بأحر التعازي الى ذويه، سائلين الله ان يسكنه فسيح جناته، لا سيما ان عائلته لطالما احتضنته وناضلت من اجل حالة ابنها محمد الصحية الدقيقة".


واكدت ان "لا شيء يمكن ان يعوض خسارة محمد، والاونروا وفرت للعائلة كل الوسائل والموارد المتاحة لتتم معالجة الطفل بالطريقة التي يستحقها. وعندما جاء والد الطفل الى عيادة الاونروا اخذ تحويلا الى مستشفى صيدا الحكومي حيث تم اسعافه، لكن بسبب عدم توفر اي آلة تنفس شاغرة في العناية الفائقة في المستشفى، تم نقل الطفل الى مستشفى دلاعة لكنه توفي قبل دخوله اليها".


وتمنت الاونروا من "وسائل الاعلام الموقرة نشر هذا التوضيح وفقا للقوانين المرعية الاجراء، آملين من مراسليكم الاتصال بنا للحصول على معلومات دقيقة قبل نشر اي مغالطات، شاكرين لكم حسن تعاونكم

----------------------------

عقدت قيادة تحالف القوى الفلسطينية في لبنان اجتماعا في مخيم مار الياس - بيروت وناقشت "اوضاع شعبنا الفلسطيني في لبنان وخصوصا معاناة شعبنا نتيجة تراجع خدمات وكالة "الاونروا" في مجالات الاغاثة والشؤون الاجتماعية والتعليم والصحة"، وأصدرت بيانا نددت فيه ب"سياسة تقليص الخدمات التي تنتهجها وكالة "الاونروا" منذ توقيع اتفاق اوسلو عام 1993 والمرتبطة بعملية التسوية، بحيث ان ادارة الوكالة قلصت خدماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة ومنها لبنان لمصلحة دعم التسوية".


وطالبت هيئة الامم المتحجدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية ب"تحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يعانون ألم الغربة نتيجة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، من جهة، وتقاعس وكالة "الاونروا" والتراجع في تقديم خدماتها الاجتماعية والصحية والتعليمية والاغاثية، من جهة أخرى، بحيث بات المريض الفلسطيني يموت على ابواب المستشفيات من دون اهتمام يذكر، وما زال اكثر من 30 الف لاجئ فلسطيني من أبناء مخيم نهر البارد مشردين خارج مخيمهم، أضف الى ذلك حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أبسط حقوقهم المدنية والانسانية، مما زاد من تفاقم معاناتهم الانسانية".


وختم البيان بدعوة "جماهير شعبنا الفلسطيني في لبنان الى المشاركة في الاعتصام الكبير الذي تنظمه اللجان الشعبية والاهلية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في لبنان احتجاجا على سياسة تقليص الخدمات التي تنتهجها وكالة الاونروا، الساعة العاشرة قبل ظهر بعد غد الجمعة امام المقر الرئيسي للوكالة في لبنان في بئر حسن قبالة المدينة الرياضية".