×

صيدا تكرّم شاعر الثورة المصرية سيد حجاب

التصنيف: تقارير

2011-03-09  09:58 ص  1607

 

ثريا حسن زعيتر

 حضرت ثورة الشباب المصري إلى لبنان انتصاراً، بعد تضحيات ودماء، في صور وشعارات، جسّدها أحد شعراء الثورة، سيد الشعر العاميِّ في العالم العربي سيد حجاب، الذي ألهب متذوقي الشعر، وهو يتلو على مسامعهم أنباء إسقاط النظام المصري، وانتصار الشباب في ثورة فريدة من نوعها في التاريخ الحديث، جمعت عناوين ثورات ما قبلها، من جهة الحرية، التنوع السياسي والعادلة الاجتماعية·· إبن أرض الكنانة ? مصر، الشاعر حجاب، الذي لخّص مفهوم الثورة في فلسفة أدبية وشعرية قلّ نظيرها، خلص إلى أنها بدأت تحقق شعاراتها الثلاث بإنتظار الحكم النهائي على من سيسلم سدة المسؤولية في المرحلة المقبلة، وسط توقعات بأن بارقة أمل جديد أمام ثورات شبابية، في دول عربية أخرى، تلتقي شعاراتها وتتضافر جهودها لتحقيق الوحدة العربية التي طالما حلمت بها الأجيال السابقة··

 

وبتواضع الواثق، يرفض سيد حجاب أن يلقّب بشاعر الثورة، على اعتبار أن شاعر الثورة هو <الشعب> وأمير شعرائها <الشباب>، الذين لعبوا دورا بارزا في تحقيق الإنتصار دون أن يغفل دورا مهماً في إثارة الحماسة وشحذ الهمم بين المتظاهرين··

والشاعر حجاب، الذي حلَّ ضيفاً مكرَّماً على <عاصمة الجنوب> صيدا، استضافته <الهيئة النسائية الشعبية>، في أمسية وطنية في <مركز معروف سعد الثقافي> إحياءً للذكرى السنوية لاستشهاد الزعيم الوطني معروف سعد، الذي طالما حلم تحقيق العدالة الإجتماعية كما تفعل الثورة المصرية··

<لـواء صيدا والجنوب> التقى الشاعر حجاب في صيدا، واستعرض معه بانوراما <الثورة المصرية> من ألفها إلى يائها، ودور المثقفين والشعراء وجيل الشباب فيها··

الثورات العالمية كيف تنظر إلى الثورة المصرية المعاصرة مقارنة بالثورات السابقة؟!

- بدايةً، لا أتحدث بإسم الثورة المصرية، أنا مثقف ثوري مصري، التحقت بهذه الثورة التي فجرها الشعب الممصري، وكنت في طليعة المثقفين في هذا الجيل والزمن، أنَّ ما حدث في مصر، شيء غير مسبوق تاريخياً، لا في تاريخ مصر، وربما لا في تاريخ الانسانية، هذه الثورة من نوع جديد، عرفت الدنيا قبلها ثورات كبرى:

- الثورة الأولى: الثورة الفرنسية - ثورة الحرية، التي طالبت بـ <الأخاء والمساواة>·

- الثورة الثانية: في أوائل القرن العشرين، <الثورة الروسية>، التي غيّرت تاريخ العالم، وكان لها أفق آخر، ومعنى مختلف لمفهوم الثورة، مفهوم السلطة، وكانت تهدف لاستقلال السلطة الرسمية القائمة بسلطة إشتراكية، وصنعوا ثورتهم الديمقراطية، ثم بعد ذلك رفعوا شعار <كل السلطة للسلطة>، وبدأ الإتجاه نحو <الاشتراكية>، وضرب الفكر الماركسي بـ <البراغماتية>، فتحوّلت هذه الثورة إلى إشتراكية ورأسمالية ورأسمال الدولة·

- الثورة الثالثة: المختلفة، فهي <ثورة إيران>، <ثورة الخميني الإسلامية> ضد الشاه والإتجاه الإسلامي وتحالف البازار مع الملآت، وصولاً إلى إقامة الدولة الإسلامية، وهي دولة وطنية، لكنها تفتقد إلى الديمقراطية الواجبة لسيادتها·

- <الثورة الرابعة>، فقد كانت خلال نصف القرن العشرين، حصلت ثورة خاصة إسمها <الثورة الصينية>، وكانت تهدف إلى دمج ثورتين في ثورة واحدة، ثورة التحرر بـ <الإشتراكية>، وأيضاً لم تصل إلى أهدافها، إلا إلى رأسمالية الدولة القوية، وكل نوع من هذه الثورات، تُكرر في أكثر من ثورة·

أما <الثورة المصرية> اليوم، فهي إعلان عن ثلاث <ثمرات> في نسق واحد، بدأت أولها، والثانية تتحقق، والمطلوب استكمالها، كل هذه الثورات، جمعت <ثورة ثقافية>، إذ أن النظام القديم، دمّر <منظومة القيم> القديمة المستقرة للمجتمع المصري، وحل مكانها <منظومة قيم> فاسدة ورديئة، فالحكم، كان يعتمد على عدة أشياء، الإفقار، التجويع، النهب، الترويع، الإلهاء والتطويع·

لعب في هذه الأشياء - الأدوات، فخلق نظاماً، إستبدادياً، معادياً، للجماهير الشعبية، ملتحماً بالمعسكر الإستعماري، والمشروع الأميركي - الصهيوني·

هذه <الثورة المصرية> منذ اليوم الأول، دمرت <منظومة القيم> الفاسدة، التي سادت لمدة ثلاثين عاماً، القيم الغريبة، الإنتهازية، الإستغلالية، المستسلمة للإستعمار، والملتحقة بمصالح الأغنياء· انهارت هذه <المنظومة>، وحلت مكانها، <منظومة> إنسانية أكثر رُقياً، خلَّصت المصريين من الفتنة الطائفية المحتملة، وخلصت طوائف المجتمع المصري من العديد من التباينات بين <الإخوان>، الإسلامي والشيوعي والناصري والسلفي والقبطي، الكل كان مجتمعاً، حول أننا الشعب ونحن أصحاب هذا البلد، وعلينا أن نتولى المسؤولية، فالثورة حققت أهدافاً، ويجب استكمالها عبر الفنون والتربية والتعليم في الفترة القادمة·

أما الخطوة الثانية، فهي سياسية، وتقوم على فكرة أن <الشعب يقرر مصيره>، الإصلاح السياسي أو الثورة السياسية، التي تغيّر شكل الوطن، وتكفل التمثيل الحقيقي للشعب المصري، صاحب الوطن والسلطة·

نحن الآن في طريقنا إلى هذا، عبر دستور جديد، وحراك سياسي جديد، فالمعركة الإنتخابية القادمة، ستنتج حرية التعبير، وتكوين الأحزاب، وممارسة الحقوق الإنتخابية، فالأحزاب والروابط بمعظمها مع هذه الحقوق، نحن في سبيلنا إلى الخطوة الثانية التي تتلائم مع الأولى·

أما الخطوة الثالثة، فالثورة رفعت شعاراً، وهو العدالة الإجتماعية التي هي <الإشتراكية>، مع العناوين الخاصة بالقرن الواحد والعشرين، نحن إزاء <ثورة خاصة جداً>، وكل قيادات القوى التقليدية لم تكن توحي أو تتنبأ بأنها ستحدث أو إمكانية حدوثها، لكنها تفجرت عبر مثقفين ومرتبطين بالعصر، منفتحين، مختزنين تجارب الاحباطات والثورات والإنتفاضات في المنطقة والعالم كله، والذين استطاعوا ابتكار الشعار الجامع: <الشعب يريد التغيير>، <الحرية والعدالة الإجتماعية>، وهذا الشعار مطلبي، استطاع أن يجمع خلفه كل الناس، نحن بإنتظار أن تتحقق <الثورة السياسية>، لنبدأ مسارنا في إتجاه <ثورة العدالة الإجتماعية>·

توقيت الثورات لماذا توقيت الثورات الآن، الشباب نزلوا إلى الشوارع في مصر والعالم العربي، هل هناك من رابط؟ - هناك قواسم مشتركة، وأسباب مترابطة، ولكن لكل بلد ظرفه الخاص، الذي يُشكّل الشرط الخاص لنجاح ثورته، كل بلد له ظروفه وعاداته وتقاليده الإجتماعية المختلفة والمطالب المختلفة والأحلام المختلفة، وهذا كله يشكل ثورات مختلفة، وغير <مستنسخة>، ما أن حصلت <الثورة التونسية> حتى اشتعلت <الثورة المصرية>، ما أشعل الثورات الأخرى في المنطقة وليبيا تحديداً، كل بلد له ظرفه وتاريخه ومخزونه الخاص، أيضاً من التجارب الثورية والإحباطية، وهذه التجارب الإحباطية، تقابلها تجارب التمرد، كل شعب يراكم لحسابه الخاص، مع العلم أننا في عالم عربي واحد، وأن حريتنا مصنوعة، وأن كانت مكانتنا الثقافية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية شديدة الترابط والتفاعل·

هل تتوقع أن تنتقل الثورات إلى بلدان عربية أخرى؟ - المسألة لا تحتاج إلى <بصّار>، ولا إلى أحد، ليقول النتيجة كما لو كان في الامتحان النهائي، إنها تحتاج ببساطة شديدة إلى قراءة الواقع الذي أمامنا، واقع عربي مأزوم، ليس أمامه إلا أن ينتفض على أزمته، ويجد حلولاً لها: ثورية أو أن يموت، نحن الآن في لحظات تاريخية، تقرر الشعوب العربية أن تواصل الحياة وحل أزماتها بالعقل والعلم والثورة أو تنتهي نهاية الهنود الحمر، وأظن أن الشعوب العربية، تفضّل أن تنتفض، وتثور، وتتخلص مما يكبّلها، لأنها تدرك أن لديها قوة مخزونة كبيرة جداً، إذا تفجرت، ستغيّر وجه الحياة·

وجوه الحكم ألا تخشى أن تعود نفس الوجوه إلى الحكم في مصر على اكتاف الثوار؟ - في المرحلة الحالية ليس لديّ حكماً على الامر، في مصر الآن الشعب اتى بجيشه إلى السلطة وأصبح هذا الجيش ضمانته لاستكمال الثورة، يُمكن أن تحدث تلكؤات، تراجعات، ترددات لأن الحياة لا تسير بخطوط مستقيمة، ولكنني واثق بأن هذين الشرطين ثقة الشعب وضمانته بالجيش، وتحصين هذا الجيش الوطني من قياداته الفاسدة وإخراجها من السلطة، هي الضمانة الآن مع الضغط الشعبي لاستكمال الثورة وعدم الإتيان بوجوه قديمة للحكم الجديد·

برأيك كم هي تأثير الشعارات، الأشخاص، الشعراء على الثورة؟ - يقيناً، هذه الثورة ليست نبتة شيطانية، كانت نضالات الشعب المصري تتراكم وربما من أيام رفعت الطبطاب، مروراً بالرئيس جمال عبد الناصر، وسعد زغلول إلى جانب دور الشعراء، والمثقفين لهم دور فاعل أيضاً، ليس من حق أحد أن يزعم انه شاعر الثورة، هذه الثورة شاعرها الأكبر الشعب، وأمير شعرائها هم شباب الشعب نفسه، وكل الشعراء الأخرين لعبوا دوراً بارزاً في ايقاظ الوعي لدى جمهور من الشباب، وبعضهم شارك في هذه الثورة، ولكن لا أحد يُمكن منا أن يزعم انه شاعر هذه الثورة، هذه الثورة شاعرها الشعب·

رفع المعنويات لكن المواطن بحاجة إلى الإستماع إلى كلام الشعراء لرفع معنوياته؟ - الشرفاء، من شعراء هذه الأمة، ومبدعيها، لم يلتحقوا مطلقاً في صفوف السلطة، وظلوا في موقع المقاومة، ويبشّرون ويحلمون ويدفعون بالأخرين إلى الحرية، هناك من التحق بصفوف النظام، وهناك من لم يلتحق، وظل حريصاً على أن يكون صوت من لا صوت لهم، هؤلاء، يلتحقون الآن في صفوف <الثورة>، ليس كقادة، ولكن كملهمين لها، وهي ستفرز بالتأكيد شعراء آخرين، وحالة ثقافية وحياة مختلفة عن الحياة التي كنا نعيش فيها، ولن يكف الشعب المصري عن إبداع جديد، ولن تكف مصر عن الولادة·

لاحظنا العودة إلى الأغاني الوطنية في ميدان التحرير أيضاً، كيف تفسر ذلك؟ - الناس عادت إلى الأغاني الوطنية قبل ذلك، عادت إليها خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز عام 2006، وصمود المقاومة المشرّف، كانوا يغنّون <خلّي السلاح صاحي>، الشعوب عندها ترسانة كبيرة من الخبرات والإبداعات، ومن حق أي شعب، أن يتناول من هذه الترسانة الغنية، بكل شعوب الكرة الأرضية، كغذاء يعينهم في المعركة·

وائل غنيم كثرت الإشاعات بشأن وائل غنيم، برأيكم هل كان له دور بارز في الثورة؟ - وائل غنيم، من المؤكد أنه كان ناشطاً في موقع التواصل الإجتماعي <الفيسبوك>، يقيناً، جذب الكثير من المصريين حوله، لقد لعب دوره بشرف شديد جداً، طوال فترة ما قبل الثورة، وتعرّض لقهر مع تفجرها، ولكنه لم يكن الوحيد ولا الأول ولا الأخير·

هذه <الثورة> عبقريتها أنه ليس لها زعيماً واحداً، بل زعماء كثر، صانعوها كثر جداً بين الشباب وبين من التحق بهم من صفوف الشعب، الأيام المقبلة ستقول كلمتها، وحتى هذه اللحظة، هم من صنّاع هذه الثورة، عليهم أن ينظموا صفوفهم في المرحلة القادمة، وأن يقدموا برنامجاً إجتماعياً يتنافسون به مع قادة القوى القديمة والجديدة·

هل من الممكن أن نشهد بعد هذه الثورات وحدة عربية مجدداً؟ - هذه المرة، نقول بالفم الملآن، أنا أرى لا بعين الحلم، ولكن بعين الحقيقة، كأنما الحقيقة ستكون هناك شعوب عربية مختلفة، تصنع وحدتها الشعبية، وستمثّل هذه ربما وحدة عربية مشتركة أو ربما بسوق أو عملة مشتركة، وفي العديد من الأشياء المشتركة ثقافياً، على أن تراعي التباينات والاختلافات والخصوصيات بين بلد وآخر، وستكون وحدة من نوع مختلف عن تلك التي حلمت بها الأجيال السابقة، وسيقابلها في نظري، يقيناً اتجاه تغيير <منظومة الجامعة العربية>، بحيث تصبح <جامعة الشعوب العربية> لا <جامعة الأنظمة العربية>·

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا