تفجيرات "نورد ستريم": القصّة المُحرّمة
التصنيف: إقتصاد
2023-03-06 09:48 ص 175
مصدر العربي الجديد
فجّر الصحافي الاستقصائي الأميركي سيمور هيرش، قبل زهاء شهر، قنبلة صحافية مفادها بأنّ البحرية الأميركية، بالتعاون مع نظيرتها النرويجية، كانت وراء تفجير خطوط أنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، التي كانت تنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا. وكعادته، لم يُفصح الصحافي عن هوية مصدره، ونشر تحقيقا مطوّلاً ومفصّلاً يروي كيف خطّطت واشنطن لهذه التفجيرات التي نفّذها غوّاصو البحرية الأميركية خلال مناورات حلف شمال الأطلسي، بزرعهم متفجّرات على خطوط الأنابيب في عمق مياه البلطيق، تولّت وحداتٌ نرويجيةٌ خاصة تفجيرها بعد ثلاثة أشهر، في 26 سبتمبر/ أيلول 2022.
لم يكن التحقيق صادماً للغاية بالنظر إلى سجلّ واشنطن الحافل بالعمليات التخريبية والانقلابية السرّيّة، واعتراضها الشّديد والعَلَني على مشروع نورد ستريم حتى قبل إطلاقه، ليس فقط لأنه ينافس شركات الغاز المُسال الأميركية، بل أيضاً، رفضاً للتعاون الاقتصادي الروسي – الألماني، وما قد يشكله على المدى البعيد من تهديد لنظام القطبية الواحدة الذي تحرص واشنطن على الحفاظ عليه بجميع السبل. منذ انطلاق مشروع نورد ستريم 1 في عام 2011، أحدث التقارب الروسي - الألماني توتّراً أميركياً شديداً عبّر عنه عالم الجغرافيا الاستراتيجية الأميركي، جورج فريدمان، قائلاً: "رأس المال الألماني، والتكنولوجيا الألمانية، والموارد الطبيعية الروسية، واليد العاملة الروسية، هذا هو المزيج الوحيد الذي أرعب الولايات المتحدة قروناً"، في إشارة إلى نظرية "قلب العالم" (Heartland theory) لعالِم الجغرافيا والسياسة البريطاني، هالفورد جون ماكندر، إن من يحكم شرق أوروبا يحكم قلب الأرض، وبالتالي يحكم العالم.
جاء تقرير هيرش مؤكّداً الشكوك التي تحوم حول واشنطن وأوسلو لتوافرهما، أكثر من غيرهما، على الدافعين، السياسي والاقتصادي، والقدرة على ارتكاب جريمة تفجيرات نورد ستريم 1 و2، التي جنت من ورائها شركات الغاز الأميركية والنرويجية أرباحاً هائلة؛ شكوك يُعزّزها التصريح المذهل للرئيس الأميركي جو بايدن، في مؤتمر صحافي بمشاركة المستشار الألماني أولاف شولتز في مطلع فبراير/ شباط 2022، وتعهّد فيه بتعطيل خطّ نورد ستريم بأي شكل إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا.
تلزم غالبية أوروبا الصمت المطبق حيال تحقيق سيمور هيرش لخطورة مآلاته، لكن المُدهش صمت الصحافة الغربية
بخلاف تحقيقات هيرش السابقة، لا يقتصر هذا التحقيق على علاقات واشنطن بدولة معينة، بل يأتي على شراكة استراتيجية بين أميركا وكبرى دول حلف شمال الأطلسي، وفي مقدمتها ألمانيا التي يتساءل بعض محلّليها عمّا إن عادت واشنطن بالحلف إلى أولى أهدافه التي لخّصها أمينه العام الأول، اللورد إسماي، "إبقاء الروس خارجاً، والأميركيين داخلاً، وألمانيا في الأسفل". ونظراً إلى خطورة تداعيات عملية التخريب التي ترقى إلى "جريمة حرب" ضد روسيا وألمانيا، فلقد عمد المسؤولون الأميركيون والنرويجيون على تجاهل التقرير، أو الاكتفاء بتعليقاتٍ مقتضبة تنفيه نفياً قاطعاً، إذ اعتبرته المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي أنه "من نسج الخيال"، فيما وصف ناطق باسم وكالة المخابرات المركزية التقرير بأنه "كاذب تماماً"، ونعتته وزارة الخارجية النرويجية بـ"المزاعم الكاذبة".
ويواجه هذا النَّفي صمتٌ أوروبي تجاه تحقيق هيرش، والتحقيق الذي تضطلع به منذ نحو ثلاثة أشهر الدنمارك وألمانيا والسويد، الدول التي اكتفت في رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن بالقول إن "التحقيقات لم تنتهِ بعد" و"من غير المعروف متى يتم الانتهاء منها". من الواضح أنه حتى وإن تأكدت هذه الدول بما لا يترك مجالاً للشك في ضلوع الحليف الأميركي والجار النرويجي في هذه الجريمة، فلن تجرؤ على الجهر بالحقيقة، لما قد يترتب عن ذلك من إعادة النظر في العلاقات الأورو- أميركية، وفي تحالفها في حربها بالوكالة في أوكرانيا، ما يفسّر إصرار هذه الدول على رفض طلب روسيا المشاركة في التحقيق، مثلما رفضت واشنطن ولندن وباريس طلب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة تحقيقاً أممياً تحت إشراف الأمين العام للمنظمة الدولية.
تلزم غالبية أوروبا الصمت المطبق حيال تحقيق هيرش لخطورة مآلاته، لكن المُدهش في هذه القضية ليس صمت السياسيين، بقدر ما هو صمت الصحافة الغربية، الأميركية والأوروبية، التي لا تُفوّت فرصة لإعطاء العالم دروساً في حرية الصحافة واستقلاليتها باعتبارها "السلطة الرابعة"، وصمام الأمان لتقويم السلطات الأخرى في أي نظام ديمقراطي. لقد تجاهلت كبرى الصحف الأميركية، بما فيها "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، تقرير هيرش، رغم أهمية الموضوع ومصداقية الصحافي الذي اهتزّت أميركا لتحقيقاته، حين كشف جرائم الجنود الأميركيين في "مي لاي" الفيتنامية، وسجن أبو غريب في بغداد، وغيرهما من تحقيقاتٍ نال عنها كبرى الجوائز الصحافية، بما فيها جائزة بوليتزر. المدهش أيضاً، أن صحافياً بقامة هيرش يلجأ، لأول مرة، إلى نشر تحقيقه في منصّة "سيستاك" الإلكترونية، بدلاً من كبرى الصحف التي كان يعمل فيها وما زالت تتجاهل تحقيقه. فحسب دراسة أجرتها هيئة "مينت برس نيوز" لرصد الصحافة، ذُكِر تقريره في أربعة من أصل 20 صحيفة ووسيلة إعلام الأكثر نفوذاً في أميركا فقط.
أخبار ذات صلة
تيك توك" يتوقف عن العمل في الولايات المتحدة
2025-01-19 06:05 ص 41
ضبط ٤ مخالفات جاءت كالتالي : عدم الالتزام بالسعر الرسمي للمازوت
2025-01-16 03:21 م 58
فياض وعد بوصول ساعات التغذية الكهربائية الى 11 ساعة يوميا إبتداءا من الاسبوع المقبل
2025-01-15 08:49 م 66
Triple M
2025-01-04 03:29 م 129
لجنة الشفافية في بلدية صيدا تصدر تكلفة اشتراكات المولدات الكهربائية لشهر كانون اول ٢٠٢٤
2024-12-31 09:43 م 131
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة
2024-12-19 01:42 م
حبلي زار السعودي وتم التباحث في شؤون المدينة
2024-12-17 12:29 م
بين التغييريين والسياديين ضاع نواب صيدا في استحقاق الانتخابات الرئاسية