النهار العربي

يستعد دونالد ترامب، أول رئيس أميركي يتهم بارتكاب جريمة،    لتسليم نفسه للسلطات يوم الثلثاء.  

   حتى قبل توجيه الاتهام إلى ترامب الأسبوع الماضي، كان مسؤولو إنفاذ القانون من عدة وكالات يستعدون لاحتمال حدوث احتجاجات أو اضطرابات. وحض ترامب عبر موقعه "تروث سوشال" أنصاره على الاحتجاج وحذر من "الموت والدمار".     ويركز مكتب المدعي العام في مانهاتن على تورط الرئيس السابق في دفع أموال للنجمة الإباحية ستورمي دانيلز، التي زعمت أنها كانت على علاقة مع ترامب، مقابل صمتها. وسدد مايكل كوهين، مساعد ترامب في حينه، المبلغ خلال الأيام الأخيرة من الحملة الرئاسية لعام 2016. وبدأ المدعي العام ألفين براغ التدقيق في المدفوعات الصيف الماضي، وشكل هيئة في كانون الثاني (يناير)،

صوتت على إدانة ترامب الأسبوع الماضي. 

    في حين أن الحقائق دراماتيكية وقرار الاتهام متفجر، قد تعتمد القضية ضد ترامب على نظرية قانونية غير مؤكدة. واستعرضت صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية بعض النقاط المطروحة حول القضية.      لماذا وجه الاتهام إلى ترامب؟   التهم الموجهة إلى ترامب ليست معروفة بعد، رغم أن مصدرين على دراية بالموضوع تحدثا عن أكثر من عشرين تهمة في لائحة الاتهام.  

   من المتوقع أن تستند التهم إلى الأموال التي قدمت لدانيلز، التي كانت تحاول في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الرئاسية، بيع مزاعمها حول علاقة غرامية مع ترامب.  

   واتصل ممثلو دانيلز بشركة "The National Enquirer" لتقديم حقوق حصرية لروايتها. فوافق الناشر الأميركي ديفيد بيكر، الحليف القديم لترامب، على البحث عن قصص عنه قد تكون ضارة خلال حملة عام 2016. ووافق حتى على شراء رواية حول علاقة امرأة أخرى بترامب، لكن من دون نشرها، وهي ممارسة تُعرف باسم "الصيد والقتل".  لكن بيكر لم يشتر رواية دانيلز. وبدلاً من ذلك، ساعد والصحافي ديلان هوارد في التوسط في صفقة منفصلة بين كوهين ووكيل دانيلز.  

   وعام 2018، أقر كوهين بأنه مذنب في عدد من التهم، بما في ذلك تمويل الحملات الفيدرالية المتعلقة بأموال مقابل الصمت. وخلص المدعون الفيدراليون إلى أن المبلغ المدفوع كان بمثابة تبرع غير لائق لحملة ترامب.     في الأيام التي أعقبت إقرار كوهين، فتح مكتب المدعي العام تحقيقاً جنائياً خاصاً في هذه القضية. وبينما كان المدعون الفيدراليون يركزون على كوهين، تناول تحقيق المدعي العام قضية ترامبماذا حدث بعد ذلك؟  وصل الرئيس السابق إلى نيويورك الاثنين بعدما كان في منتجع مارالاغو في فلوريدا، ومن المتوقع أن يمضي ليلته في برج ترامب. وأعلن أنصاره عن تجمع حاشد خارج المبنى في وسط مانهاتن الساعة 11 صباحاً.  

   ومن المتوقع أن يتوجه ترامب إلى مكتب المدعي العام في مانهاتن، قبل المحاكمة في مبنى المحاكم الجنائية في مانهاتن.  كيف سيسلم ترامب نفسه؟ من الشائع تكبيل  المتهمين المقبوض عليهم بتهم جنائية، لكن لم يتضح ما إذا كان سيتم استثناء رئيس سابق. وعادة ما تقيد يدا المتهمين خلف ظهرهم، باستثناء بعض المتهمين الذين يُعتقد أنهم يشكلون خطراً أقل، فتقيد يداهم أمامهم.    

ومن المتوقع أن يرافق عملاء مسلحون من جهاز الخدمة السرية الأميركية ترامب في كل خطوة، من لحظة احتجازه إلى حين مثوله أمام قاض في مبنى المحاكم الجنائية. ويطلب منهم القانون حمايته في جميع الأوقات.     ويتولى ضباط محكمة الولاية، الذين عملت معهم الخدمة السرية في الماضي، ضمان الأمن في قاعة المحكمة. لكن المتحدث باسم الوكالة الفيدرالية أنتوني غوغليلمي أشار إلى عدم امكانية التعليق على الإجراءات التي سيتم وضعها للترامب.     وبعد المثول أمام القضاء،  يضمن ترامب اطلاق سراحه بناء على تعهده الشخصي، لأن لائحة الاتهام قد تقتصر على تهم جنائية غير عنيفة، وبموجب قانون نيويورك، لا يمكن للمدعين العامين طلب احتجاز المدعى عليه في مثل هذه الحالات.     ما الخطأ المحتمل الذي قام به ترامب؟  عند الإقرار بالذنب في المحكمة الفيدرالية، أشار كوهين إلى رئيسه، مؤكداً أن ترامب هو من أمره بدفع تعويضات لدانيلز، وهو ادعاء أكده المدعون لاحقاً.     وأثار المدعون أيضاً أسئلة حول شيكات شهرية قدمها ترامب لكوهين. وذكروا في أوراق المحكمة أن شركة ترامب "قدمت حساباً زائفاً" للمدفوعات الشهرية باعتبارها نفقات قانونية، مضيفين أن سجلات الشركة أشارت إلى اتفاق مع كوهين. ورغم أن كوهين كان محامياً، وأصبح وكيل ترامب بعد توليه منصبه، لم يكن يعقد اتفاق توكيل من هذا القبيل، ولم يكن السداد مرتبطاً بأي خدمات قانونية قام بها كوهين.  وقال كوهين إن ترامب كان على علم باتفاق التجنيب الوهمي، وهو اتهام قد يشكل أساس القضية ضد الرئيس السابق. 

    وقد يرقى تزوير السجلات التجارية في نيويورك إلى حد الجريمة، وإن كانت جنحة. ولرفع الجريمة إلى تهمة جناية، لا بد للمدعين العامين من إثبات أن "نية الاحتيال" لدى ترامب تضمنت نية ارتكاب جريمة ثانية. وفي هذه الحالة، قد تكون الجريمة الثانية انتهاكاً لقانون الانتخابات. وفي حين أن الأموال مقابل الصمت ليست غير قانونية بطبيعتها، يمكن للمدعين العامين أن يجادلوا بأن دفع 130 ألف دولار يعتبر تبرعاً غير لائق لحملة ترامب.     هل ستكون قضية صعبة لإثباتها؟  قد يكون من الصعب إدانة ترامب أو سجنه، وذلك لسبب واحد. من المؤكد أن محامي ترامب سيهاجمون صدقية كوهين، مستشهدين بسجله الإجرامي. وقد يرد المدعون بأن الوسيط السابق كذب منذ سنوات نيابة عن رئيسه، وهو اليوم في أفضل وضع لوصف سلوك ترامب.   

  وقد تعتمد القضية ضد ترامب على نظرية قانونية لم يتم اختبارها.   

  وفقاً للخبراء القانونيين، لم يسبق للمدعين العامين في نيويورك الجمع بين تهمة تزوير السجلات التجارية وانتهاك قانون انتخابات الولاية في قضية تتعلق بانتخابات رئاسية أو أي حملة فيدرالية. ونظراً إلى أن هذه المسألة غير مختبرة حتى الساعة، قد يردها القاضي أو يختزل تهمة الجناية إلى جنحة.   

  وفي جميع الحالات، ترقى التهمة إلى جناية منخفضة المستوى. وإذا أدين ترامب، فسيواجه عقوبة قد تصل إلى أربع سنوات من السجن، رغم أن عقوبة السجن لن تكون إلزامية.     كيف كانت ردة فعل ترامب على اتهامه؟  رد ترامب في بيان، واصفاً تصويت هيئة المحلفين الكبرى في مانهاتن بـ"الاضطهاد السياسي والتدخل في الانتخابات على أعلى مستوى في التاريخ".     وكتب ترامب: "كذب الديموقراطيون وخدعوا وسرقوا نتيجة هوسهم بمحاولة الحصول على ترامب، لكنهم اليوم فعلوا ما لا يمكن تصوره... وهو اتهام شخص بريء تماماً".