برعاية الله وحضور مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار وبدعوة من الجماعة الاسلامية، وقع قاضي صيدا الشرعي الشيخ محمد أبو زيد كتاب "سلطان الدعاة وبقية الصالحين" الذي يروي محطات من حياة الداعية الشيخ خليل الصيفي. وذلك في قاعة ثانوية الايمان في صيدا بحضور حشد من الشخصيات تقدمهم: النائب بهية الحريري، ممثل الأمين العام للجماعة الاسلامية في لبنان ابراهيم المصري مسؤول مكتب الدعوة والدعاة في الجماعة الشيخ أحمد العمري، نائب الأمين العام للجماعة في لبنان الشيخ محمد عمار، عضو المكتب السياسي للجماعة الاسلامية عبد الله بابتي، النائب السابق جورج نجم، ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي عضو المجلس البلدي كامل كزبر، ممثل أمين عام تيار المستقبل في لبنان أحمد الحريري عضو مكتب منسقية الجنوب كرم السكافي، عضو المكتب السياسي لحركة امل بسام كجك، رجل الأعمال مرعي أبو مرعي، وممثلون عن الاحزاب اللبنانية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية والقوى الاسلامية وانصار الله في مخيمات صيدا، ولفيف من العلماء وهيئات اهلية واجتماعية وشبابية وعائلة الداعية الراحل خليل الصيفي.

 

 

وكان في استقبالهم أركان قيادة الجماعة الاسلامية في الجنوب: المسؤول السياسي بسام حمود والمسؤول التنظيمي حسن ابو زيد وحسن شماس والشيخ مصطفى الحريري ..

 

 

 

بعد تلاوة قرآنية، وكلمة تقديم من الشيخ موفق الرواس، ألقى محمد سعيد الصالح كلمة عائلة الداعية الراحل الشيخ خليل الصيفي فتوجه بالتحية والتقدير لكل من ساهم في اعداد واصدار هذا الكتاب، وقال ان الداعية الصيفي تميز بالفهم العميق لدور الاسلام في حياة الناس، فأوقف لذلك حياته، وتحمل في سبيل الله ما لا يتحمله الا من امتحن الله قلبه للتقوى، وصبر على ذلك نفسه فاقامها وقومها حتى استقامت لأمر الله وأنه كان رحمه الله شديد التذكار لله واليوم الآخر ولدوره كداعية..

 

 

ثم تحدث ممثل امين عام الجماعة الاسلامية مسؤول بيت الدعوة والدعاة الشيخ أحمد العمري فقال: ان الشيخ الصيفي كان من مدرسة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، المدرسة الوسط، المدرسة التي تجمع بين العلم والثقافة والتربية والروح والعقل والايمان وتجمع بين القوة والعزة والكرامة والجهاد في سبيل الله.. شيخنا الفاضل رحمه الله جمع بين الزهد والتواضع ولين الجانب والخلق الحسن وبين الجرأة والشجاعة وان يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم. رجل تربى في حركة عريقة، هذه الحركة في هذا البلد عرفت بحركة الجماعة الاسلامية في لبنان، هذه الحركة الممتدة في تاريخها الى مدرسة الامام الشهيد حسن البنا رحمه الله والى مدرسة الامام الشهيد سيد قطب رحمه الله، والى مدرسة الشهيد الشيخ احمد ياسين رحمه الله، والى مدرسة الشيخ فتحي يكن رحمه الله تعالى، والى مدرسة المجاهد الكبير الشيخ محرم العارفي رحمه الله تعالى، والى مدرسة شيخنا الذي نسأل الله تبارك وتعالى له الشفاء والعافية، الذي اصل فقها تغييريا في الفقه الاسلامي النير الذي اسس بيت الدعوة والدعاة وكان من اركانه الشيخ خليل الصيفي رحمه الله، عنيت به شيخنا الفاضل المستشار فيصل مولوي شفاه الله وعافاه..

 

بعد ذلك تحدث راعي الحفل المفتي الشعار فاستهل كلمته بعرض بعض من محطات معايشته للداعية الراحل الشيخ خليل الصيفي وقال: عرفت شيخنا الشيخ خليل وادركت قيمة التدين في حياة الانسان، في سلوكه وبساطته وخلقه ونفسه الرضية ولسانه السوي.. واضاف: ان الاسلام هو الدائرة الأوسع والأرحب التي يلتقي المسلمون في كنفها، وكلما ضاقت دائرة الانتماء كلما خسرنا كما كبيرا ممن تشملهم دائرة الانتماء الأول اي من المسلمين.. وذلكم ان دائرة مطلق انتماء لجماعة او لحزب أو لحركة أو لتنظيم ينبغي أن تكون من مفردات الوسائل والطرق وليست من الغايات او الأهداف او المقاصد.. وبمقدار ما يتجلى هذا الفهم تقل الخسارة وتتضاءل.. ويتسع معها اطار الدعوة الى الله تعالى والتي اريد أن اتحدث واياكم حولها لندرك سر نجاح الداعية الصيفي. فالدعوة الى الله تعالى هي اسمى المراتب واجل المنازل واعلى الدرجات وهي دعوة الى الله تبارك وتعالى.. فداعيتنا وشيخنا الشيخ خليل كان مثلا ونموذجا في هذا الاطار وفي تحقيق هذه المعاني، وقلة هم الدعاة المنظمون الذين تتملكهم هذه المعاني بأبعادها ونقاء مضمونها.. وقليل اكثر اولئك الذين يضعون نصب اعينهم دعوة الناس الى الاسلام، وقليل أكثر اولئك الذين يضعون نصب اعينهم دعوة الناس الى الاسلام وهي الدائرة الأوسع..

وتابع المفتي الشعار: كان يتعامل مع الآخرين بالأحسن والأفضل والأكمل من مكارم الأخلاق وحسن التعامل.. فشيخنا الصيفي كان داعية الى الله عز وجل، الى دائرة الاسلام الكبيرة ولم يكن يوما داعية الى تنظيم في اطار جزئي، ولذلك عم خيره واتسع عطاؤه وكان خلقه مع الأقربين ربما يضاعف ما كان مع الأبعدين والآخرين. كان داعية الى الله تعالى قبل ان يكون داعية الى الحركة رغم انه كان منظماً.. لأنه كان يدرك ان الفهم الهادىء للإسلام بمقاصده سيوصل العقلاء الى تلكم القناعات الخاصة التي تلجئهم الى التفكير بمعرفة الوسائل والطرق وبعد ذلك يحملون الدعوة الى الله في اطار من الجماعة او الحركة.. وبذلك يقوى تيار الدعوة ويشتد ويزداد صلابة وتماسكا ويكون بعد ذلك قوة ضاغطة في المجتمع تصب في مصلحة الاسلام ودون ان تضغط عليه.. فصفة شيخنا الصيفي الأولى أنه كان داعية الى الله تعالى بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وكان من عناصر نبوغه ونجاحاته أنه كان يتحدث بالكليات ويتجنب الخوض في الجزئيات، وكان يتحدث عن الأصول ولا يستغرق في الحديث عن الفروع، وكان يتجنب كل ما له علاقة بالخلافيات.. لذلك عم خيره ووضع له القبول في الأرض ولا ازكيه على الله عز وجل. كان رحمه الله تعالى يدرك مقاصد الشريعة، وكان يدرك الأولويات وكان يترفع عن اي خلاف أو نوع من الأخذ والرد بأسلوب ساخن، كان يترفع عن كل ذلك ولو كان الحق معه. كان يدرك معنى كلمة الدعوة الى الله تعالى، وكان قبل ذلك، كان عالما.. فكثيرون من الدعاة يفصلون بين العلم والدعوة، وكأن المراد أن يكون الداعية ربع متعلم أو ثلاثة ارباع الجاهل.. أبداً.. لا تتأتى الدعوة الا من اهل العلم ومن طلبة العلم.. اما شيخنا الصيفي فكان عالما ولا ابالغ اذا ذكرت بأنه كان عالماً ربانياً.. ولذلك تحقق له النجاح في دعوته واسلوبه وكان محببا لدى كل من عرفه او سمع به أو عايشه.. اما الجانب الآخر وهو الجانب العملي والسلوكي فلا أبالغ اذا ذكرت بأن الله تعالى اعطاه ووفقه وجمع فيه من الخلال والسجايا ما تفرق عند عشرات من الدعاة ان لم اقل مئات.. اما تواضعه فليس فيه ضعف ولا استكانة وتواضعه محبب لكل من رآه، لأنه ممزوج بابتسامته الهادئة وخفة حركته وبساطته ولأن تواضعه جزء من جبلته اي من تكوينه وجزء من قناعته الشرعية في اسلوب الدعوة الى الله تعالى.

وفي الختام تحدث مؤلف الكتاب القاضي الشيخ محمد ابو زيد فتوجه بالشكر الى كل من اعانه على تسطير هذا الكتاب وعلى من تبرع لتغطية تكلفة طباعته وخصص بالشكر بيت الدعوة والدعاة والجماعة الاسلامية. وأورد اضاءتين حول عنوان وظروف اعداد هذا الكتاب فقال: الاضاءة الأولى عنوان الكتاب "سلطان الدعاة"، في ميادين السياسة عرفنا سلاطين ولعل اشهرهم السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وفي ميادين الفقه عرفنا سلاطين ولعل في مقدمتهم سلطان العلماء العز ابن عبد السلام رحمه الله، وايضا عند اهل التصوف كان بين العاشقين لله سلطان العاشقين ابن الفارض رحمه الله.. قلت فماذا عن ميادين الدعوة، لعل لميادين الدعوة حاجة ان يكون فيها سلاطين واحسب ان شيخنا الراحل هو سلطان من سلاطين الدعاة الى الله فكان الكتاب "خليل حسين الصيفي.. سلطان الدعاة وبقية الصالحين" رحمه الله تعالى.

واضاف: الاضاءة الثانية: سبب تأليف هذا الكتاب. التقيت بالشيخ بعد غروب يوم الجمعة وهو توفي في اليوم التالي يوم السبت، وصدقوني يا احبة في تلك الليلة كنت اجد صعوبة بالغة في النظر الى وجهه رحمه الله. بل والله لم استطع ان ادقق في ملامح وجهه وكأن النور يسطع من وجهه، وقتها في تلك الليلة وقع في نفسي ان اخط هذا الكتاب، وعاجلت الشيخ المنية ولكن بقي العزم وأنجز الكتاب في مائة يوم، بمعدل خمس ساعات عمل يوميا..

وخلص للقول:هذا الكتاب مزيج من التاريخ والجغرافيا والنثر والشعر والتفسير والحديث والدعوة الى الله. ليس سيرة شخص، بل هو سيرة دعوة وداعية وزاد لمن يحب الصالحين ولمن يحب الدعاة الى الله..

بعد ذلك قام القاضي ابو زيد بتوقيع الكتاب للشخصيات المشاركة، كما جرى توزيع نسخ من ديوان شعري للداعية الراحل الصيفي بعنوان "ريح وريحان".

صيدا في 15 ربيع الثاني 1432 هـ

الموافق له 20 آذار 2011 م