×

هكذا يدير "حزب" الوضع في الشريط الحدودي...

التصنيف: أقلام

2023-09-04  02:24 م  362

 
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

"النهار اخبار اليوم "- ابراهيم بيرم
في دوائر متفرغة وخبيرة في "حزب الله"، ثمة متخصصون برصد مسارات المواجهات في غزة والداخل الفلسطيني وما يمكن أن ينجم عن ذلك من احتمالات.
وعلى نحو أكثر دقة، يتابع الحزب عبر دوائر تحليل متخصصة تفاصيل الموقف على الحدود الجنوبية وما يمكن ان تسفر عنه من مفاجآت وارتدادات، اذ يدرك الحزب تماما انه يُنظر اليه كمعنيّ أول بالتطورات والاحتمالات في الميدان الاول الملتهب، وبالآخر الذي يتبدى قابلاً للسخونة والاشتعال والتدحرج نحو مفاجآت غير سعيدة بحسب المقتضيات والحاجة.

وعليه فقد سُجلت للحزب مزية هي انه يزن كل الامور بميزان الذهب وبعقلية الساعي الى إبقاء زمام التحكم والسيطرة بمسار الامور بيده.
في اليوم التالي لانطلاق المواجهات بين غزة والعمق الاسرائيلي، سارع الحزب الى ارسال رسالة عاجلة الى من يعنيهم الامر في الخارج، فحواها انه ليس في وارد النأي بنفسه عما يمكن ان تتدحرج اليه الامور في الداخل الفلسطيني، وانه لن يقف بالضرورة موقف المكتوف، لذا كان واضحا ان "عين رعايته تلك" سمحت بتدفق عاجل لوفود محسوبة بدقة في اتجاه الحدود.

وفي خطوة متدرجة ومدروسة، أفسح الحزب في المجال امام مجموعات من سكان المخيمات الفلسطينية لتشرع في نشاطات تعدَّت حدود المألوف، إنْ في اقترابها من النقاط الحدودية، وإنْ بتنظيم تظاهرات واستعراضات الى درجة بدت المنطقة الحدودية وقد صارت تحت "نفوذ" الحضور الفلسطيني.
ووفق ما كان مقدراً عبرت الامور بسلام او بالحد الادنى من الاشكالات الى ان كانت الليلة السادسة "ليلة الصواريخ" التي أُطلِقت بشكل مدروس في اتجاه الاراضي المحتلة على نحو لا يستدعي رداً موجعاً. ولخفض حدة التوتر، كان لافتاً الاستخدام المفاجىء لمنطقة مزارع شبعا المنسية لاطلاق تلك الصواريخ التي اتضح لاحقا انها من حيث قوتها التدميرية الخفيفة ومداها القصير تنتمي الى جيل يوشك ان يخرج من الخدمة، فضلاً عن ان المتعارف عليه هو ان تلك المزارع هي في التعريف الدولي منطقة غير محسومة السيادة، أي "متنازع عليها".

وما لبثت هذه الرسالة ان أتت أُكلها، اذ سارعت اسرائيل عبر الناطق بلسان جيشها الى ابراء ذمة الحزب من اي مسؤولية عما حدث في المنطقة، في حين سارعت وسائل إعلام إسرائيلية الى اطلاق رؤية فحواها "ان حماس بموافقة من الحزب بدأت تفرض معادلة جديدة عبر السماح باطلاق صواريخ من لبنان في اتجاه شمال اسرائيل".

وفي الليلة التالية، وجّه الحزب الرسالة التي شاءها ان تكون الاكثر دوياً ولكن هذه المرة من عمق الضاحية الجنوبية. ففي حارة حريك احتشد ما يقارب العشرين ألف شخص بينهم جمهور لا يستهان به من المخيمات الفلسطينية.

ومن العناصر اللافتة في هذه "الوقفة التضامنية" كان ظهور القيادي الاول في حركة "الجهاد الاسلامي" زياد نخالة وأحد قادة الصف الاول في حركة "حماس" اسامة حمدان، الى الشخص الثالث في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

ولم يكن غريبا ان الحزب اراد من خلال شكل تلك الوقفة ومضمونها اظهار حجم "التنسيق" الرفيع بين هذه المقاومات التي عقدت منذ زمن تفاهمات في ما بينها، وهي التي باتت تقدم نفسها على انها "العمود الفقري" للمواجهات المتوالية فصولاً في فلسطين المحتلة وفي ميادين اخرى مع الاسرائيلي، وهي التي لا تخوض كفاحاً يبتغي في نهايته "تسوية مع العدو المغتصب".

والى ذلك، شاء الحزب عنصرا لافتا حمَّال أوجه في طوايا المواقف التي اطلقها صفي الدين، لاسيما عندما اعتبر ان "المعركة العسكرية مع العدو الاسرائيلي قد صارت في حكم المحسومة، ولم يعد هذا العدو يملك إلا المزيد من القتل وتدمير المباني والبنى التحتية". واذ اعاد التركيز القطعي على مسألة التنسيق بين القوى الثلاث، فانه كان لافتا ايضا حجم الثقة بالتحكم بمسار الامور، وتجلّى ذلك بدعوة صفي الدين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى "الاعتراف بالمعادلة التي تفرضها المقاومة وصواريخ غزة". وبحسب معلومات فان صفي الدين الذي قيل انه حل في اللحظة مكان ظهور كان متوقعا حسن نصرالله، أراد ضمناً الحديث عن رغبة تراود وجدان الفلسطينيين وحلفائهم منذ زمن، وهي اعادة تكرار تفاهم على غرار "تفاهم نيسان" عام 1996 الذي سمح للمرة الاولى في تاريخ الصراع مع اسرائيل بحماية المدنيين، وهو التفاهم الذي عُدّ اساسا للانسحاب الاسرائيلي من لبنان بعد اقل من اربعة اعوام. ولم يفت صفي الدين التركيز على دور الحزب التاريخي في نقل الاسلحة والصواريخ وتقنيات القتال الى غزة. وثمة من يحلل هذا الكلام على انه نوع من القول بان دورنا انتهى وننتظر ان يستكمل الفلسطينيون فصول المواجهة لتبلغ النهاية المأمولة.

والى جوار هذا التحليل يسكن تحليل آخر فحواه ان صفي الدين لم يوصد ابواب الاحتمالات الاخرى اذا ما تطورت الامور وتدحرجت في غزة.

وعليه فان الحزب لا يخفي انه يتابع بدقة مسار المفاوضات غير المباشرة بين الفصائل والاسرائيليين (عبر وسطاء مصريين وقطريين) وسعي الفلسطينيين الى ادخال "حماية سكان حي الشيخ جراح (أسّ المشكلة ومبتدأها) كبند اساسي"، وإنْ نجحت الفصائل في ذلك فعندئذ ثمة بداية اكيدة لمرحلة مختلفة لمصلحة الشعب المضطهد الذي بدأ مواجهاته الاولى عام 1936.

وعليه فان الحزب يتعمد سياسة "لا تهوّر ولا مغامرات يستفيد منها العدو الباحث عن مخارج وجبهات يصدِّر منها ازمته"، لكنه يعي في المقابل ان عليه ان يثبت يوميا انه حاضر في قلب المشهد، وانه وضع نفسه يوما "احتياطا استراتيجيا للشعب الفلسطيني متى طلبوه وجدوه"، لذا فهو على اعلى درجات الارتياح للكلام الاسرائيلي عن حجم قدراته اذا ما قيست بقدرات الفلسطينيين، اي انه في نظرهم العدو الاكثر شراسة وقوة وجهوزية.

ويبدي قياديون في الحزب ارتياحا اكبر لما تناهى الى علمهم من جهات فلسطينية ابلغتهم كيف ان الاسرائيلي يحسب الف حساب لكل حركة على الحدود مع لبنان، ولكل انشطة الدعم والاسناد اليومية التي تتم تحت عين الحزب وبرعايته.

ويستذكر نائب الحزب عن الجنوب حسن عزالدين في اتصال مع "النهار" كلاما اطلقه سيد الحزب بعد حرب تموز عام 2006 عندما قال: "كنا ابان تلك الحرب الشرسة علينا نشعر بان معنوياتنا تعلو لتناطح السحاب لو سمعنا صوتا متضامنا او نشاطا داعما في اقاصي الارض". ويضيف عزالدين ان "هذا الكلام يختزن الكثير من الدلالات، ونحن نأخذه دوما بالاعتبار من دون ان نقفل باقي الاحتمالات، فلكل ساعة حسابها وملائكتها، وبالعموم نحن لا نعتبر انفسنا بمنأى عن المعركة".
الحزب لا يعتبر نفسه متفاجئا بما حصل، فهو يرصد نتنياهو باحثاً منذ زمن عن مخارج من مأزقه المتمادي، لذا لن يدع مجالاً لأية مفاجآت.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا