تساؤل عن التداخلات البيئية مع السياسية!
سامر زعيتر
<عود على بدء>، هي حكاية النفايات في مدينة صيدا، والتي وصلت الى ذروتها·· لتتشعب عنها مشاكل ومعضلات قد يكون بعضها مرتبط بالشق البيئي وأخر يحمل الكثير من التساؤلات والهمسات في صالونات أبناء المدينة والجوار··
فمن أين تكون البداية، في هذه السلسلة اللامتناهية من الأزمات، سؤال يحتاج الى كثير من البحث والتعمق لمشكلة زادت عن الثلاثة عقود ونيف، مرت على المدينة فيها الكثير من المآسي، ولكن بقي جبل النفايات جاثماً على صدور أبنائها، يلوث صبح يومهم وتفوح منه الروائح الكريهة مساء ليلهم، لتصدر المدينة مشاكلها الى عمق البحر الأبيض المتوسط، حيث وصلت نفايات المكب الى قبرص، ولم تصل المشكلة الى حل رغم تعدد الطروحات والتي بدورها واجهتها الكثير من الصعوبات··
منذ أسبوعين دق رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي ناقوس الخطر، معلناً عدم استقبال المكب للنفايات من خارج مدينة صيدا، بعدما وصل الى طاقته الإستيعابية القصوى، وبات عرضة لإلقاء ما تبقى فيه من نفايات الى البحر ليخلف مشاكل بيئة أخرى··
بالمقابل، طرح حلاً للمشكلة من خلال تشغيل <معمل معالجة النفايات> الذي يحتاج الى 350 طناً كي يستطيع العمل··
ولكن ما هو جديد هذه المشكلة·· <أراطل> من النفايات تغمر طرقات وشوارع ضواحي مدينة صيدا، والسبب معروف أو قد يكون غير ذلك! فهل تتجاوز المشكلة الشق البيئي الى السياسي؟
<لـواء صيدا والجنوب> يُسلط الضوء على مستجدات المشكلة··
على امتداد ناظريك وأينما ذهبت يتكرر المشهد في بلدات منطقة صيدا وتحديداً في شرق المدينة، بعدما أعلنت بلدية صيدا اقفال مكب النفايات وعدم استقبال نفايات المنطقة، والإقتصار على رمي نفايات المدينة، ليتضرر من هذا القرار أهالي وسكان بلديات: حارة صيدا، الهلالية، البرامية، بقسطا، مجدليون، الصالحية وعبرا الجديدة، أما عبرا القديمة وبلدات الغازية وعنقون فلديها مكبها الخاص، فيما تعمد بلديات القرية وعين الدلب ودرب السيم والمية ومية إلى إلقاء نفاياتها في مكب القرية·
وبعد مرور أسبوعين تعالت صرخات أبناء المدينة من سكان هذه المناطق لتضم صوتها الى أهالي بلدات شرق صيدا، مطالبة بتشغيل <معمل معالجة النفايات> لحل هذه المشكلة، وخصوصاً أن المعمل بات جاهزاً ، وتأخر تشغيله ينتظر الإتفاق على كيفية تسديد قيمة معالجة النفايات·
مبادرات وعراقيل لتأمين حل جزء لهذه المشكلة، ورفع النفايات من البلدات السبعة، بادرت النائب بهية الحريري الى تقديم أرض خاصة في منشآت كفرفالوس، كمكب مؤقت للبلديات غير القادرة على إلقاء نفاياتها، فاعتبر الأهالي انه <جاء الفرج>، ولكن فاعليات وأهالي المنطقة في كفرفالوس وقضاء جزين، توحدوا رغم خلافاتهم السياسية عند نقل أول شاحنة من النفايات عبر الشركة المتعهدة ، لتخلق مشكلة جديدة برفض أبناء تلك المنطقة تحمل مشكلة نفايات الجوار·· رغم أن ملكية هذه الأرض هي خاصة·
فمن يتحمل المسؤولية واستمرار هذه المشكلة البيئة، سؤال يطرحه الأهالي وأبناء البلدات من أبناء مدينة صيدا والجوار؟ فيما عدم تشغيل المعمل يبقى المعضلة التي تحتاج الى حل، فبعدما كان المعمل هو الحل أصبح هو المشكلة، لتبقى الإتصالات جارية، حيث كان رؤساء بلديات <اتحاد صيدا ? الزهراني> التقوا رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الداخلية المحامي زياد بارود وعدد من فاعليات المنطقة وطالبوا بسرعة تشغيل معمل معالجة النفايات في المدينة·
وحتى يأتي الفرج لرفع النفايات من الطرقات والشوارع، لا يزال المكب يمثل مشكلة كبيرة خصوصاً مع مخاطر إنفجار <غاز الميثان>، والأضرار الصحية التي يلحقها بالمواطنين والبيئية البرية والبحرية، فيبقى الحل الأكثر ملائمة تشغيل <معمل معالجة النفايات>، بعدما بات جاهزاً، ولكن خلف مشكلتين:
- الأولى: تمثلت بحاجة المعمل الى 350 طناً من النفايات يومياً تتأمن هذه الكمية من نفايات مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة والبلديات المنضوية ضمن <إتحاد بلديات صيدا ? الزهراني>، اضافة الى نفايات اتحادات بلديات: جزين، جبل الريحان، إقليم التفاح وساحل الزهراني·
- أما المشكلة الثانية، فهي عدول ادارة المعمل عن الإتفاقية القديمة والتي كانت وافقت فيها على تسلم كمية نفايات مدينة صيدا ومعالجتها دون مقابل مع <إتحاد بلديات صيدا ? الزهراني>، فيما بات على بلديات <اتحاد بلديات صيدا ? الزهراني> اليوم دفع بدل معالجة النفايات كباقي البلديات الأخرى، فيما تعفى بلدية صيدا، وهو ما رفضته هذه البلديات·
مشكلة بيئية أم سياسية! أما المخاوف التي تطرح أن تكون القضية خرجت عن اطارها البيئي الى السياسي، في ظل التأزم الحاصل في البلد، والذي وصل إلى حالة من الانقسام والفرز الذي طاول أيضاً النفايات، وأن يكون ما يجرى الآن له علاقة باستحقاقاتٍ أخرى، ومنها عدم إجراء انتخابات لرئاسة <إتحاد بلديات صيدا ? الزهراني>، التي لم تتم حتى الآن على الرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على إجراء الانتخابات البلدية، وكذلك مفاعيل للإنتخابات النيابية و<غرفة التجارة والصناعة والزراعة> في صيدا والجنوب··
أما مخاوف البلديات بأن يتم الدفع من <الصندوق البلدي المستقل> مبلغ 40% من الحصة المستحقة لها، فضلاً عن 40% الحصة المستحقة من الصندوق لـ <إتحاد بلديات صيدا ? الزهراني> والبالغة ما يقارب 4 مليارات ليرة لبنانية - أي ما يوازي مليار وستمائة ألف ليرة لبنانية، على غرار ما هو حاصل مع الشركة المتعهدة لجمع النفايات والتي يتم اقتطاع حصتها البالغة حوالى ملياران ونصف المليار ليرة لبنانية مباشرةً من الصندوق البلدي، فمن شأنه أن يتم اضعاف قدرات هذه البلديات، والتي تتخوف من خروج مدينة صيدا من الإتحاد، إن لم يتم الإتفاق على ايعاز رئاسة الإتحاد لها··
ووقعت البلديات في محيط مدينة صيدا بارباك لعدم رفع النفايات، جراء عدم توفر مكان لديها لرمي النفايات، حيث تتكدس أكوام النفايات إلى جوانب الحاويات، التي امتلأت، حيث باتت تشكل خطراً صحياً وبيئياً، فضلاً عن المنظر الجمالي، فيتم اللجوء إلى رش هذه النفايات بالكلس لعدم تفشي أضرارها وروائحها·
|
أخبار ذات صلة