×

اهل صيدا فضلوا ان يلقوا انفسهم في النار دون ان يستسلموا لجيوش ارتحششتا

التصنيف: Old Archive

2011-03-25  09:51 م  1785

 

محمد باقر شري

في تاريخ لبنان القديم الذي لا يمكن معرفة الحقيقي منه والمدخول (اي المنتحل والمزوّر) وما كنا نقرأه في الصفوف الابتدائية، ان اهل صيدا بلغت لديهم حساسية الشعور بالكرامة والعنفوان درجة انهم فضلوا ان يلقوا انفسهم في النار دون ان يستسلموا لجيوش ارتحششتا.
واذا قيل انهم لم يكونوا في ذلك الوقت مثل سكانها اليوم من حيث الهوية السياسية والقومية، فالجواب على ذلك انه لم يكن هناك تعريف للسياسات والقوميات كما هو الحال اليوم، وان كان يمكن القول بانهم كانوا فينيقيين، وسكان صيدا اليوم، بل سكان لبنان كله شأنهم شأن كل سكان الدول لا يمكن معرفة من هو من سكان لبنان الاصليين ومن هم الوافدون الذين «استطونوه» واصبحوا هم اهلها الحقيقيين، واذا قلت للمواطن الصيداوي او لاي مواطن لبناني آخر ايا كانت قريته او مدينته، هل انت فينيقي او آرامي، او انك من بقايا الذين حلوا في لبنان وبقوا فيه عبر التاريخ، فانه سوف يحيّره هذا السؤال او سوف يستخف به لانه غيرمهتم بان يكون من اصل فينيقي او آرامي او من الوافدين اليه من عمق المنطقة التي تعارف الناس على تسميتها بالمنطقة العربية، ولذلك من العبث او البحث عن اصول اللبنانيين وخاصة في المدن والحواضر عما اذا كانوا من الاصول الفينيقية او الارامية او من العرب الاقحاح، او من بقايا الرومان الذين اسسوا مدرسة الحقوق وشاركوا او «استأثروا ببناء هياكل بعلبك» او «الفينيقيين الاقحاح» اذا صحّ التعبير الذي تشهد عليهم وعلى «كفاءاتهم» الدينامية وتقدمهم الحضاري على اناس بمصيرهم من الجوار او في بلاد الله الواسعة، فان اللبناني سواء كان مواطنا عاديا ومن «الاغلبية الصامتة» او من انتخب المختارة، بان يشعر بالاعتزاز بهؤلاء القوم الذين يقال عنهم انهم اخترعوا الابجدية، وان كان غيرهم من اماكن اخرى تبحث عن امجاد حضارية قديمة او يريد ان ينسب لنفسه وبني قومه ما ليس له او لهم، يدّعي انه ممن «اخترع» الابجدية وان له افضاله على كل البشرية!
وافضل من الايغال في هذا «البحث» ان نستعرض بمناسبة همومنا المحلية، التي فرضتها الانتخابات المحلية البلدية، ان فتوقف بالنسبة لمدينة صيدا، وما يدور فيها من «مخاض بلدي» نكابر ونقول انه مسألة ادارية محدودة التأثير، ولن يكون لها انعكاساتها السياسية لا على مستقبل صيدا ولا على مستقبل لبنان، مستعرضين «محطات» و«مواقف» تاريخية حديثة ومعاصرة قياساً مع تاريخها القديم السحيق، فنجد ان العديد من سياسييها واعلامييها الكبار، قد تركوا بصمات عليها لا تمحّى من الذاكرة بسهولة، وان كانت الظروف التي تجلّت فيها لا تصل الى مستوى «التعملق» الذي يجعلها في مستوى الانضمام الى الصفحات الخالدة في تاريخ هذه البقعة العريقة التي اسمتها الكتب القديمة لبنان، وخاصة في بعض الكتب المقدسة.
ولكن تعميم تهاويل «بسالة صيدا» استناداً الى الصورة الاسطورية التي جسدتها مواقفها من محاولة احد الغزاة في التاريخ اخضاعها مفضلة ان يلقي اهلوها انفسهم في النار وكأنهم ينفذون مقولة احد كبار الاستشهاديين العرب في التاريخ الذي تقدم الى ملاقاة القدر المحتوم في مواجهة بطولية ضد الظلم والطغيان وهو برنجز قائلاً:
الموت اولى من ركوب العار
والعار اولى من دخول النار
وبما ان النار التي تقول بها الاديان السماوية والتي يُعذّب فيها المذنبون والاشرار بعد الموت لم تكن معروفة عند الغزاة والذين تعرضوا للغزو على السواء: فلقد كانت نارهم هي نار الدنيا مفضل «صيداويو» ذلك اليوم ان يلقوا انفسهم فيها لانهم رأوها افضل من «ركوب العار» الاستسلام.
وبذلك فان اوضاعهم ينطبق عليها منطوق الشطر الاول من «بيت القصيد» الذي استشهدنا به.
«اما القبول بالعار خوفا من دخولنا النار الآخروية فالمقصود به ان يمتنع الانسان عن ارتكاب المعصية والجريمة في الحرب حتى لو تسبب ذلك في خسرانه لفرصة احراز النصر، فان «تعييره» بعار التراجع الاختياري الذي تسبب له بخسارة فرصة النصر، يظل عنده افضل من ان يخسر فرصة النصر».
اذا كانت ابادة المدنيين وارتكاب المجازر ضدهم يضمن له النصر، لانه حتى لو احرزوا نصر مع ارتكاب الجرائم سيعرضه الى حساب عسير، سواء جراء عذاب الضمير، او جرّاء النار الاخروية «ذات الوقود»! اذ هم عليها تقود وهم على ما فعلوا «بالابرياء» شهود!
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا