×

تلميذات ثانويات البنات يروين غياب الشبّان عن محيطهن الأكاديمي

التصنيف: Old Archive

2009-10-24  06:18 ص  1599

 

 

إنها الواحدة والنصف ظهراً. يبدو الشارع خاليا من المارة. تبدأ السيارات بالتوافد الى المكان. منها ما يركن في زاوية، ومنها ما يدور حول الهدف عدة دورات. يقرع جرس المدرسة. ما هي إلا ثوان حتى تبدأ الفتيات بالخروج من الباب الرئيسي. تلامذة وطالبات من سن الرابعة عشرة إلى السابعة عشرة، في مدرسة خاصة بالبنات.
لا تخرج فتاة بمفردها، بل يخرجن إلى الشارع في مجموعات. يتدلى الشعر على الكتفين، تنطلق التعديلات على اللباس الرسمي (الكوستوم)، وترتسم ابتسامات صغيرة على الوجوه. أما الهدف فهو: لفت أنظار الشباب المتواجدين أمام المدرسة.
ترحب بعض الفتيات بالتحدث عن وجودهن في مدرسة خالية من الذكور. أما البعض الآخر فيظهرن عبوساً ويرفضن نقاش هذه المسألة، ومنهن أيضاً فتيات تحمر وجناتهن خجلا حين تصل إلى آذانهن كلمة «شباب».
منذ دخولها المدرسة، لم تتعرف روى (16 عاماً) إلى مدرسة مختلطة. فوالدها يزيد الأمر تعقيدا عاماً بعد عام، ويرفض الموضوع بتاتاً. تزعجها الفكرة، وخصوصاً بسبب القمع الذي يفرضه الوالد. تضطر أحيانا إلى فعل أشياء كثيرة دون علمه. فمثلا، لا تعلم روى والديها بدوام المدرسة الصحيح، بل تضطر الى تغييره أمامهما كي تخرج برفقة صديقها. تدخل صديقتها إلى خط المحادثة: «بدي أعرف مين هالمعقّد اللي طلع بفكرة بنات لحالن!». تضحك مجموعة من الفتيات، ويوافقنها الرأي. فيتطوعن للحديث عن مغامرتهن.
في المشهد نفسه، تتذمّر هناء مما يجري أمامها. هي جديدة على مدارس البنات، لكنها اضطرت على الانضمام إليها مؤقتا، بعدما واجهت مشكلة إعادة التسجيل في مدرستها القديمة. تقول هناء أن زميلاتها يبالغن أحيانا بالتصرف: «وكأن بحياتن ما شايفين شاب!». تؤكد أن تواجدها في مدرسة خاصة بالبنات لا يزعجها على الإطلاق، لكن ما يرعبها هو نميمة البنات ومشاريعهن التي يطلقنها بعد الدوام الدراسي.
تصفيق لأستاذ الكيمياء!
تلفت بيرلا، وهي تلميذة في إحدى مدارس الأشرفية، إلى أنها خلال فصول الدراسة لا تلتقي بشباب سوى أقربائها. تؤكد أنها لا تستطيع أن تقع بغرامهم، «لأنهم متل اخواتي». تدعو إلى ضرورة الاختلاط مع شباب غرباء، خصوصا في مرحلة المراهقة. وبرأي بيرلا، المدرسة هي المكان الوحيد للاختلاط بالشباب، كونها من بيئة محافظة ولا يسمح لها والداها بالخروج إلا إلى أماكن معينة. تعاني بيرلا اليوم من مشكلة كبيرة، وهي أنها «كلما حاول شاب التحدث معي، أشعر بالخجل وأهرب منه». لا تعرف إذا ما تعاني منه هو عبارة عن «عقدة نفسية» أو «خوف من الأهل»، كما تقول.
وللأساتذة حصتهم في الموضوع. في إحدى المدارس الرسمية، ينال أستاذ الكيمياء، وهو شاب في الثلاثين من عمره، تصفيقاً حاداً من طالباته في الصف الثانوي الأولى، كلما دخل الصف. ويعود سبب التصفيق إلى أنه الشاب الوحيد الذي يعلّم في المدرسة كلها. وتشير إحدى طالبات الصف الى أن احدا لا يستطيع التركيز في حصته، خاصة لأنه «وسيم، ولا يعاملنا بقسوة». وفي الوقت عينه، تعتبر انه «من غير المنطقي أن تأتي الإدارة بشباب ليعطونا الدروس، بينما يمنعون عنا الزملاء الذكور في الصف!».
أما سابين فتعتقد أن «الصف بلا ذكر هو كالسماء بلا مطر». هي لا تطلب «الاندماج في المدرسة مع نجوم هوليوود وأبطال المسلسلات التركية، بل طلاب عاديين من جيلنا نتعرف إليهم ليصبحوا أصدقاءنا طوال العمر». وبسبب وجودها ضمن مجتمع نسائي لأكثر من ست ساعات يوميا، أصبحت سابين تبادر إلى طلب الصداقة من الشباب، حتى أن البعض يتهمها بالمبالغة في تصرفاتها.
«بشكر ربي ما في جامعة للبنات»
قررت والدة وعد أن تسحبها من مدرسة مختلطة وتسجلها في مدرسة خاصة للبنات لأنها أصبحت في الصف الثاني المتوسط. وكون وعد فلسطينية الهوية، قررت الوالدة تسجيلها في إحدى مدارس المخيمات الفلسطينية التابعة لـ«الانروا». تقول الوالدة أنها بدأت تشعر بالخوف على ابنتها في هذا السن، خصوصا ان الأخيرة «بدأت تنضج وتفهم كل شيء». وتشرح أن ابنتها أصبحت في الفترة الأخيرة تهتم بمظهرها الخارجي. في المقابل، تشير وعد إلى أنها، من خلال انضمامها الى مدرسة للبنات، أصبحت ترغب أكثر في الممنوع. تعي كيفية اتخاذ أهلها قرار إبعادها عن الذكور. لا تزعجها الفكرة كثيرا، كونها تعيش في المخيّم حيث تكتظّ الأزقة ببيوت اللاجئين، «كأننا عايشين مع بعض، شباب وبنات».
أما ميرنــا فتســخر من فكرة المدارس الخاصة بالبنات، لكن بلا حيلة: «لأن الطالب لا يستطيع التحكّم بأهله وفرض اسم المدرسة التي ينوي الانضمام اليها». وميرنا في صف الثانوية العامة، قضت سنواتها الدراسية في مدرسة للبنات، و«بشكر ربي ما في جامعة للبنات». لا تعلم ميرنا حتى الساعة لماذا يفصلون الشباب عن البنات في المدارس، متسائلة بخشية حول ما إذا كان من المعقول اعتماد الطريقة نفسها في مراكز العمل!
وهنا، ترى أن الطالبة التي تتخرج من مدرسة للبنات تشعر بخوف وتوتر قبل الانضمام الى الجامعة: «هل يجب أن أرسم الحدود بيني وبينهم؟».
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا