×

لبنان أمام اختبار الإصلاح: حكومة نواف سلام تبدأ مسيرتها وسط أزمات مصيرية

التصنيف: كتب صيدا نت

2025-02-09  10:00 ص  106

 

 

 

بعد أقل من شهر على تكليفه، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام تشكيل حكومته الجديدة، وهي أول حكومة مكتملة منذ عام 2022، في خطوة توحي بانطلاق مرحلة جديدة في المشهد السياسي اللبناني، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات حول مدى قدرتها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وسط نظام سياسي قائم على المحاصصة والطائفية.

 

حكومة إصلاح أم حكومة تحديات؟

 

تولى نواف سلام، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية والدبلوماسي المعروف، رئاسة الحكومة بوعود واضحة بإصلاح النظام القضائي والاقتصادي في لبنان. وتعهد بأن تكون حكومته “حكومة إصلاح” خالية من القوى السياسية التقليدية المتورطة في الفساد، ما أثار ردود فعل متباينة بين الأوساط السياسية والشعبية.

 

لكن المشهد العام لا يوحي بأن الطريق أمام حكومته سيكون ممهداً، إذ تواجه سلسلة تحديات كبرى، أبرزها:

 • الوضع الاقتصادي المتدهور: منذ عام 2019، يعاني لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة أدت إلى انهيار العملة الوطنية، وإغلاق مئات المؤسسات، وتراجع مستوى معيشة المواطنين إلى أدنى المستويات. ورغم المفاوضات الطويلة مع صندوق النقد الدولي، لا تزال الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة عالقة بسبب الخلافات السياسية.

 • الإصلاحات القضائية ومحاربة الفساد: لطالما كانت السلطة القضائية في لبنان خاضعة للتجاذبات السياسية، ما أضعف ثقة المواطنين بها. سلام وعد بإصلاح هذه المنظومة، لكن تنفيذ ذلك في ظل التدخلات السياسية العميقة يظل تحدياً كبيراً.

 • إدارة الملف الأمني والتوترات الحدودية: تتزامن ولادة الحكومة مع قرب انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في 18 من الشهر الجاري، ما يضعها أمام اختبار أمني حساس، خاصة أن أي تصعيد جديد قد يعيد البلاد إلى دائرة المواجهات العسكرية.

 • المحاصصة السياسية في التعيينات: رغم خطاب سلام الإصلاحي، فإن لبنان لا يزال خاضعاً لنظام المحاصصة الطائفية، ومن المتوقع أن تشهد حكومته ضغوطات كبيرة في التعيينات الإدارية، خصوصاً أن الفترة المتبقية على الانتخابات النيابية المقبلة قصيرة نسبياً (سنة وأربعة أشهر)، ما قد يدفع القوى السياسية إلى محاولة استغلال هذه الفترة لتعزيز نفوذها في مؤسسات الدولة.

 

تحولات في المشهد السياسي اللبناني

 

يشير تشكيل حكومة سلام إلى تحول نسبي في المشهد السياسي، حيث جرى إبعاد بعض القوى المقربة من حزب الله عن مواقع القرار الأساسية، وهو ما قد يُفسَّر على أنه محاولة لطمأنة الدول الخليجية، خصوصاً السعودية، التي اشترطت تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية مقابل استئناف دعمها المالي للبنان.

 

ورغم أن البعض يرى في ذلك فرصة لإعادة تموضع لبنان إقليمياً، فإن الأمر قد يثير استياء بعض الأطراف الداخلية التي اعتادت على النفوذ في الحكومات السابقة. لذا، فإن نجاح حكومة سلام سيعتمد إلى حد كبير على مدى قدرتها على تحقيق توازن بين الضغوط الداخلية والخارجية دون الدخول في صدامات سياسية تعرقل عملها.

 

هل تنجح حكومة سلام في كسب ثقة الداخل والخارج؟

 

أمام هذه الحكومة الجديدة مساران واضحان: إما أن تحقق إنجازات ملموسة في ملف الإصلاحات، ما سيعزز ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بها، أو أن تصبح مجرد حكومة مؤقتة تعيش تحت وطأة الضغوط السياسية دون تحقيق تغييرات فعلية.

 

ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، سيبقى التحدي الأكبر هو تفادي الوقوع في فخ التجاذبات السياسية التي لطالما أعاقت مسار الإصلاح في لبنان. فهل سيتمكن نواف سلام من كسر هذه الحلقة المفرغة، أم أن حكومته ستكون مجرد محطة جديدة في مسار الأزمات اللبنانية المتراكمة؟

الأيام المقبلة ستكون كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا