×

في رومية،سجناء من نجمة الى خمس نجوم

التصنيف: المرأة

2011-04-11  09:00 م  1198

 

 

سجناء يصنعون "ثورة" داخل السجن، ويحاولون فرض شروطهم عبر أدواتهم من داخل السجن وينجحون أحياناً، سجناء ليسوا مساجين سياسيين بل بجرائم عادية، ولكن لديهم برنامجهم الواضح والمعد حسب الأصول للتفاوض ولفرض الشروط، وكذلك لديهم آليات الثورة الحديثة التي تنقلت في العالم العربي، من هواتف نقالة وأجهزة كومبيوتر نقالة أيضاً و"فايسبوك" و"تويتر" يضاف إليها بعض من "بلاك بيري" للرسائل الصورية السريعة والخبريات الطازجة. السجناء وسجنهم هذا ليس في أوروبا بل في لبنان وهذا ما شاهده العالم يومي أمس وأول من أمس عن المسجونين في رومية.

من داخل السجن يديرون المعركة، أو أن المعركة تدار من خارج السجن، ولكنهم يأخذون على عاتقهم جزءاً من إدارتها، يتحركون ويغلقون أبواب السجن ويعتقلون عدداً من العناصر الأمنية، كما يعتقلون عدداً أكبر من المساجين الذين يرفضون المشاركة في التحرك، ويهددون بتفجير المكان إن اقترب أحد منهم، يعلقون لائحة مطالب كاملة، كما يصرون على تلازم مسارات التفاوض بين حركة قطع الطريق أمام السجن وغرفهم، يحرقون خزاناً للمازوت حين تصل المفاوضات إلى حدود مغلقة، لا أحد يستطيع أن يقول لهم لا، فهم لديهم الحماية اللازمة التي سمحت لهم البدء بالمعركة.

يلعبون معركة إعلامية متكاملة، ويمارسون لعبة الإشاعات، يتصلون بمحطات تلفزيونية، أو تتصل بهم هذه المحطات حيث يدّعون أن سجيناً قتل وأن سجيناً آخر وضعه الصحي سيئ جداً، ليكتشف الناس أن هذه الإشاعات هي جزء من الحرب الإعلامية لتحقيق شروطهم، أو حتى للمساهمة في عملية سياسية تأخرت شهوراً عديدة.

بالتأكيد أن لمساجين رومية وغيرهم من المساجين في لبنان مطالب محقة، وهذه المطالب تحقق جزء منها أو هي في طور التحقق وبعضها تأخر لأسباب كثيرة، ولكن بالتأكيد أن مطالبهم حق لهم وللمواطنية في لبنان. فالموقوفون يستحقون تسريع محاكماتهم لأن بعضهم قطع مدة المحكومية في حال اثبتت عليه الجريمة، وفي حال كان بريئاً فهو يدفع الثمن، فيما المجرم الحقيقي يسرح ويمرح خارج السجن. ويستحقون أيضاً مع باقي السجناء توزيعهم على سجون أحدث وأفضل تتسع لهم حيث لا يجدون مكاناً للجلوس خلال ساعات النهار، او التمدد براحة ليلاً، ويستحقون أن يكون لهم مشاغل تعطيهم علماً كما يستحقون أن يتمكنوا من مقابلة عائلاتهم في أمكنة مرتبة وجيدة.

إضافة إلى أنهم يستحقون تنفيذ أحكامهم بدقة، فمن عليه حكم أشغال شاقة، فيجب تأمين أمكنة خاصة بهم لتنفيذ الأحكام الشاقة والأشغال القاسية، ومن هو محكوم بالاعدام يجب أن ينفذ الحكم به سريعاً، لأن انتظار حبل المشنقة يصعّب الحياة عليه، مع ان مبدأ الإعدام مرفوض. والبعض ممن أنهوا أحكامهم ولم يتم اطلاق سراحهم يستحقون أن يطلق سراحهم ليعودوا إلى حياتهم بعيداً من صخب السجن والأزمات التي يولدها.

أيام أزمة سجن رومية وغيره من السجون أظهرت أيضاً أن هناك فساداً لدى بعض العناصر المولجة التعاطي مع السجناء، كما قال وزير الداخلية والبلديات زياد بارود. هذا الفساد الممتد في الدهر ليس إلا جزءاً من أزمة يعيشها النظام اللبناني بسبب الزبائنية التي تطغى على العلاقات التي تكوّنه بدل قيام دولة مدنية ديموقراطية تحدد بدقة مكامن الخلل وتعطي لكل ذي حق حقه، وتبني العلاقة بين المواطنين على أساس المواطنية وليس على أساس الفساد والحماية التي تؤمنها المجموعات والمذاهب والسلاح.

في لقائه مع الصحافيين، أظهر الوزير زياد بارود خطة عمل لتحسين وضع السجون موجودة منذ العام ، نفذت منها أجزاء، وكذلك تحدث عن العمل لبناء سجنين اضافيين في الجنوب والشمال بعد الانتهاء من بناء سجن زحلة. بارود أشار إلى أن ثلاث سنوات من عمر الحكومات التي شارك فيها كانت من أفضل السنوات في تحقيق مطالب المساجين في لبنان، والحكومات هي الحكومة الأخيرة للرئيس فؤاد السنيورة وحكومة الرئيس سعد الحريري، حيث تبدلت الكثير من معايير التعاطي مع السجناء، كما تم تسريع العمل بترتيب انتقال إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، حيث يصير هناك متخصصون في إدارة السجون.

في رومية، شباب لبنانيون مسجونون بسبب عدد من المشاكل التي مرّت عليهم، كلها مشاكل اجتماعية أوصلتهم إلى السجن. هؤلاء الشبان يستحقون الكثير من العناية ليعودوا إلى المجتمع كشركاء وليس كمنبوذين أو مستغلين من قوى سياسية ومذهبية لتنفيذ برامج سياسية لها علاقة بحرق اسم وزير وتغييره في تشكيلة الحكومة العتيدة التي طال ارتحالها كالذاهبة في الصحراء.

لغة الأمر الواقع، كانت المسيطرة خلال الأيام الماضية في أكبر سجون لبنان. أمر واقع مرتبط بمنظومة مركّبة خارج السجن، منظومة تستطيع اسقاط حكومة وتكليف من تريد، تقطع طريق المطار وتغلق الطرق أمام سجن رومية، بدعوى أن صاحب الحق سلطان، "وكنت في زماني سلطان زماني، عدى عليّ الهوى ورماني"، أو "الهوى سلطان العاشقين".

الهواتف الخلوية التي استعملها السجناء للحديث إلى غرفة العمليات التي تحركهم وإلى التلفزيونات التي تحولت منبراً لبعض من صاروا نجوماً تلفزيونيين يعرفهم المجتمع اللبناني، هذه الهواتف لم تستطع وزارة الداخلية ايقافها مع انها طلبت ذلك من وزارة الاتصالات، ولكن حساب البيدر هو بالتأكيد غير حساب الحقل.

عمر حرقوص

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا