×

لأنها في نظره إهانة للكرامة .. الرجل الشرقي يجهل ثقافة الاعتذار

التصنيف: Old Archive

2009-10-26  07:46 ص  1103

 

أنا لا أعتذر مهما كان ، هي من يجب أن يعتذر ،أنا لم أخطئ ، وغير ذلك من العبارات ‏الجوفاء التي يلقيها الرجال جزافاً حين تأخذهم العزة بالإثم رافضين الاعتذار عن خطأ ارتكبوه ‏، وكأن الاعتذار نقص في حق الرجل ، فالرجال في شرقنا ، يعتبرون الاعتذار ضعف وسلوك لا ‏ينتج عنه سوى إهدار الكرامة والتقليل منها، فكلهم يدعون إلي التسامح ويرفعون شعارات ‏كاذبة مثل عفي الله عن ما سلف ، اللي فات مات ، يا بخت من قدر وعفي ، وغير ذلك حين يكون ‏الخطأ خطأهم أما عندما تكون المرأة هي المخطئة فالكل يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور ‏، ذلك لأن العيب يكمن في التربية فالرجل لم يترب علي الاعتراف بالخطأ .

الضعيف هو من يعتذر شعار راسخ في عقل الرجل الشرقي رسوخ الجبال ، على اعتبار أن ‏الاعتذار ضعف ومنقصة لكرامة الرجل خاصة فالأب لا يعتذر لأولاده لأنه الأقوى والأجدر والزوج ‏والمعلم والمدير كذلك لكي لا يشعر الطرف الآخر أنه ضعيف والحقيقة أن الاعتذار الصادق كفيل ‏بتعزيز الثقة بالنفس وإزالة آثار الخطأ بشكل غاية في السمو والرقي الأخلاقي ، الاعتذار ‏ثقافة لم يتعلمها الرجل من الأهل فكيف لفاقد الشئ أن يعطيه ، والعاقل هو من يعترف بخطأه ‏وأين العاقل ؟
الاعتذار بين الأزواج ‏
وفي إطار العلاقات الزوجية نجد أن الاعتذار بين الأزواج، أمر قاصر علي الزوجة فقط ، ‏فالرجل الشرقي يؤمن بأنه القائد والربان ، والقادة لا يخطئون وإذا أخطأوا لا يعتذرون .
‏كل ذلك كي لا تستغل الزوجة واقعة الاعتذار تلك ويزداد دلالها ، كما إن الفهم القاصر ‏والجهل ، يعفي الرجل الشرقي نفسه مهن مسؤولية الاعتذار.
بينما نجد ثقافتنا العربية ‏تروج لمبدأ استعداد المرأة الدائم للاعتذار حتى وإن لم تكن مخطئة وذلك لأنها الأم ولأنها رمز ‏العطاء والتضحية و الاسنفجة التي يجب أن تمتص غضب الجميع وخاصة الرجل كي تسير مركب الأسرة ‏بسلام إلي آخر كل ذلك من المعاني التي خلقت من المرأة الشرقية كائن متسامح دائماً ‏لدرجة«الهبل»والذل الأمر الذي يجعل الرجل الشرقي يشعر بالقوة والغرور وتتردد في أذنيه ‏أصداء أغنية أم كلثوم«عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك»‏
اعتقاد خاطئ ‏
نتحدث عن العلاقة بين الزوجين على أنها علاقة تكامل لا علاقة يبحث فيها كل طرف عما يمنحه ‏القوة فيها، ونؤكد أن أسلوب التربية في المجتمعات العربية يدعم فكرة رفض الاعتذار عموماً ‏، ويزيد من ذلك الرفض لدى الذكور اعتقاد خاطئ بأن الاعتذار يعني انتقاصا من الرجولة، ‏والرجل الشرقي يقبل بأي شيء إلا الانتقاص من ظل رجولته!‏
ولأن ثقافة الاعتذار غائبة تماماً ، فالكل يدافع عن أخطائه بأي شكل وكما يقال( الأحمق هو ‏الأقدر على الدفاع عن أخطائه ، ولا أسهل من تجميع الحجج )وقد نري فكرة أن«الاعتذار ‏ضعف»ترسخت وعمت في أغلب المؤسسات العربية فقلما نجد شركة تليفونات تعتذر عن قطع الخدمة ‏أو شركة طيران تعتذر عن تأخر طائرتها ، أو هيئة للسكك الحديدية تعتذر عن تأخر القطارات ‏شارحة الأسباب لعملائها الكرام ، أو تأجيل ندوة أو حفل أو حتى تأخر ميعاد أي منهما لا ‏نجد أن أية جهة مسؤولة تصدر بياناً تعتذر فيه عما أصاب المختصين من ضرر .
بل العكس نجد ‏الكل يبرر الخطأ ويلقي بالتهم علي الآخرين.

الاعتذار يبدأ من الطفولة ‏
ان ثقافة الاعتذار إذا أردنا تعميمها في المجتمع علينا بالبدء من مرحلة الطفولة المبكرة ‏من خلال غرس تلك القيمة في أطفالنا بين أقرانهم.
فالأم إذا رأت ابنها في خلاف مع أصدقائه ‏أو زملائه، تشجعه على هجرهم وعدم الاعتذار لهم حتى لا يفقد مركزه وسطهم، على اعتبار أن ‏الأقوى لا يعتذر.
وتكون تلك هي البداية التي تتراكم عليها باقي السلوكيات الرافضة ‏للاعتذار بين كل أفراد المجتمع.
هذا عدا أننا نجد في ثقافتنا العربية العديد من أبيات ‏الشعر التي تتناول المدح والفخر ولكن قلما تجد بيتاً شعرياً في الاعتذار».في كتابه«كيف تؤثر ‏في الناس وتكسب الأصدقاء» ‏
يؤكد ديل كارنيجي الخبير الأميركي على أهمية الاعتذار في توطيد علاقة الإنسان بالمحيطين به ‏وتعزيز مكانته لديهم، على عكس الشائع لدينا، فيقول:«إذا عرفنا أننا مخطئون وسلمنا ‏بالهزيمة لا محالة فلما لا نسبق الشخص الآخر إلى التسليم بذلك؟ أليس من الأفضل أن نكون نحن ‏من نوجه النقد لأنفسنا بدل أن يوجهه لنا الشخص الآخر؟».
مضيفا:«كل أحمق يستطيع الدفاع ‏عن أخطائه، أما أن تسلم بأخطائك فهذا هو سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس والى ‏الإحساس بالرقي والسمو».

الاعتذار فن وذوق ‏
من ناحية أخرى، يؤكد خبراء فنون التعامل والاتيكيت أن الاعتذار فن له أصول وقواعد، ‏أهمها التي عبر عنها الخبير سيد جلال في أحد كتبه بقوله ان عنصر التوقيت وحسن اختياره هو ‏أول خطوة في فكر الاعتذار.
فمن الضروري اختيار الوقت المناسب للاعتذار لمن أخطأنا في حقه، ‏والتفكير في الطريقة التي تناسب الاعتذار بما يتماشى مع شخصية الطرف الذي وقع الخطأ في ‏حقه.
فاذا كان يحب الزهور على سبيل المثال من الممكن ارسال باقة ورد، مصحوبة بكلمة ‏اعتذار رقيقة.
وإذا كان قارئا نرسل له كتابا شيقا في مجال اهتمامه به مع كلمة رقيقة ‏تذيب ما في النفوس من غضب.
وهناك ايضا، حقيقة أخرى مهمة، ألا وهي عدم الاعتذار للشخص ‏الذي اخطأنا في حقه أمام الغير حتى لا نجرح مشاعره، بالإضافة إلى تفضيل عدم الاستعانة بشخص ‏ثالث لتسوية الخلاف.
فهو ينصح بأن يظل قاصراً على الطرفين المتخاصمين.
أما أخيرا وليس ‏آخرا، من الضروري ان يتحلى الطرف الذي نتقدم له بالاعتذار بروح التسامح، واتساع الأفق ‏والقدرة علي العفو ويتعلم ونتعلم جميعاً أننا لسنا ملائكة لكننا بشر نخطئ ونصيب

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا