×

الاهل بين مطرقة المدرسة وسندان المعاهد الدراسية…أزمة التعليم خارج أسواره

التصنيف: تربية

2025-04-10  10:21 ص  211

 

صيدا نت

بقلم كامل عبد الكريم كزبر

 

في ظل تراجع جودة التعليم في بعض المدارس، باتت المعاهد التعليمية الخاصة تُشكّل ملاذاً يلجأ إليه العديد من الأهالي كحل لإنقاذ أبنائهم من تدني المستوى الدراسي، خصوصاً بعد ظهور نتائج امتحانات نصف السنة. عندها، يشعر الأهل بالقلق من ضعف أداء أولادهم، فيسارعون إلى تسجيلهم في معاهد خاصة أملاً في تحسين النتائج، وهكذا يجدون أنفسهم بين مطرقة المدرسة وسندان المعهد، لتبدأ رحلة جديدة من التكاليف المادية، في وقت يعاني فيه كثير من الناس من أوضاع اقتصادية صعبة.

هذه الظاهرة، رغم ما قد يبدو فيها من دعم للتلميذ، إلا أنها تحمل في طيّاتها الكثير من السلبيات. أول ما يظهر من هذه السلبيات هو العبء المالي الذي يقع على كاهل الأسرة، فالمعاهد التعليمية ليست مجانية، وغالباً ما تكون رسومها مرتفعة، خصوصاً إذا التحق التلميذ بعدة مواد أو كان في صفوف الشهادات. هذا الضغط المالي لا يمر دون أثر، فقد يضطر الأهل لتقليص نفقات أساسية من أجل تأمين تكاليف الدروس الخصوصية.

ولا يقف الأمر عند المال فقط، بل إن المعاهد تساهم أحياناً في إضعاف دور المدرسة، إذ يبدأ التلميذ في النظر إلى المدرسة كمجرد مكان روتيني، لا يتلقى فيه ما يكفي من المعرفة، ويعتمد بشكل كامل على ما يُقدَّم له في المعهد ومنهم من يظن ان مجرد دخوله المعهد يضمن نجاحه في مادة الأستاذ ،وهنا تبرز مشكلة أخطر، وهي حين يكون معلم المدرسة هو نفسه من يدرّس في المعهد في هذه الحالة، تبدأ المقارنات بين أسلوبه داخل الصف وأساليبه في المعهد، وقد يلاحظ التلاميذ أن المعلم يبذل جهداً أكبر خارج المدرسة، حيث يتحول التعليم إلى خدمة مدفوعة الثمن، ويضيع دور المدرسة كمؤسسة رسمية مسؤولة عن التعليم العادل والمتكافئ.

الأدهى من ذلك، أن بعض المعلمين قد يُميّزون طلاب المعهد عن طلاب المدرسة، عبر تسريب بعض الأسئلة أو تلميحات مهمة للامتحانات لا يعرفها سواهم. هذا السلوك غير المهني وغير الأخلاقي يُكرّس الفجوة بين الطلاب، ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم، ويزرع الإحباط في نفوس التلاميذ الذين لا يستطيع أهاليهم دفع تكاليف المعاهد.

إلى جانب كل ذلك، يُعاني التلميذ من ضغط نفسي متواصل، نتيجة التنقل بين المدرسة والمعهد، دون راحة كافية أو وقت للأنشطة الترفيهية والاجتماعية. فيتحول التعليم إلى عبء ثقيل، وقد يصل الأمر بالبعض إلى كره الدراسة والشعور الدائم بالإجهاد والتوتر أو الدراسة فقط من أجل اجتياز الامتحان دون الاهتمام ببناء التفكير النقدي او الفهم الحقيقي وعليه فإن النتيجة تكون إعداد تلميذ يُجيد الحفظ لا التحليل، ويستعد للامتحانات لا للحياة.

في النهاية، لا يمكن إنكار أن المعاهد قد تكون مفيدة في حالات معينة، لكن الإفراط في الاعتماد عليها، خاصة في ظل غياب الضوابط المهنية والأخلاقية، يجعلها عبئاً على التلميذ ووسيلة ضغط على الأهل، بدل أن تكون داعماً حقيقياً للعملية التربوية. المطلوب اليوم رقابة حقيقية على أداء المعلمين، وضبط العلاقة بين المدرسة والمعاهد، وضمان عدالة التعليم وجودته لجميع التلاميذ، دون تمييز أو استغلال.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا