×

موسم جني الثمار

التصنيف: أقلام

2025-04-13  03:29 م  110

 
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

بيان في ذكرى مرور خمسين عاماً على اندلاع الحروب الأهلية المسلحة في لبنان

 

(١) موسم جني الثمار

 

يصادف اليوم الأحد 13 نيسان/أبريل 2025، الذكرى الخمسين لانطلاق شرارة الحروب الأهلية المسلحة في لبنان، والتي بدأت بحادثة "بوسطة عين الرمانة"، واعتُبرت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر بعير الكيان اللبناني الهش.

 

لم تكن هذه الحروب مجرد انفجار داخلي عابر، بل جاءت ضمن مشروع إقليمي ودولي هدفه إعادة رسم خرائط المنطقة بما يخدم مصالح الخارج، مستفيداً من هشاشة التركيبة اللبنانية وتعدد مكوناتها. فلبنان لم يكن استثناءً، بل مرآة لانهيارات مشابهة في كيانات متعددة في محيطه.

 

تلك الحروب لم تكتفِ بتحطيم الدولة ومؤسساتها، بل أطاحت أيضاً بفكرة "العيش المشترك"، وأفرغت المساحات العامة من كل ما هو جامع، لصالح نزاعات أهلية زرعت الشك بين "الشعوب" اللبنانية، التي تعامل معها الخارج والداخل معاً، كطوائف لا كمواطنين.

 

ومع أن نصف قرن مضى على انطلاق العنف، لا تزال الدولة غائبة، ويستمر التنافس على الزعامة الطائفية، بدل السعي لبناء دولة مدنية جامعة. فالحرب الإسرائيلية الأخيرة وما تبعها من محاولات فرض واقع ديمغرافي جديد في الجنوب، ما هي إلا استمرار للمشروع نفسه، فيما تبقى الدولة العميقة أسيرة مصالح دويلات الطوائف.

 

ومع استمرار الاحتفالات الشكلية بذكرى الحرب، من الضروري تجاوز الفولكلور إلى الوعي العميق بجذور الحرب، وأسئلتها الكبرى: من اتخذ القرار؟ ولماذا؟ وهل كان يمكن تفاديها؟ فلا مفر من فهم الأسباب كي لا نعيد إنتاج النتائج.

 

لقد تأسس الكيان اللبناني ليس بإرادة شعبية مستقلة، بل ضمن صفقة دولية لاقتسام الميراث العثماني، فضمّ مجموعات متعددة التاريخ والهويات. ولم تفلح محاولات بناء دولة المواطنة، حتى في التجربة الشهابية، لأن النظام الطائفي كان أقوى، وتحول المواطن إلى تابع لزعيم، لا لشريك في الوطن.

 

كما أن الحركة الشعبية التي سبقت الحرب، رغم وعيها الطبقي ورهانها على التغيير السلمي، فشلت في تجاوز البنى الطائفية، واصطدمت بجدران الانتماء الضيق. فكان العمال ينتفضون من أجل حقوقهم، ثم يعودون لانتخاب زعماء طوائفهم.

 

الخطابات الطائفية، من المارونية السياسية، إلى السنية والشيعية، كلها استخدمت "الخطر على الوجود" لتبرير العنف، وإجهاض أي مشروع وطني جامع، وها نحن اليوم ندفع الثمن: نزيف دولة، وتفكك كيان، وولاء للخارج.

 

في هذه الذكرى، نؤكد أن الطريق الوحيد لتفادي الكارثة القادمة، يكمن في إنتاج وعي وطني جديد: يقوم على أن اللبنانيين أفراد متساوون في الحقوق والواجبات، لا رعايا في مزارع طائفية. فقط عندها، يمكن وقف موسم جني ثمار الحروب.

 

13 نيسان 2025.

المنسق العام لحركة التلاقي والتواصل في لبنان لمنطقة صيدا 

#السيدة هنادي حبلي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا