×

سليم الغزال : أخلاق والتزام

التصنيف: سياسة

2011-05-03  03:51 م  607

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
صيدا : 30 جمادي الأول 1432 هـ
الموافق له 3 أيار 2011 م
سليم الغزال : أخلاق والتزام
هو واحد من القلائل ، الذين يضيفون إلى مواقعهم وألقابهم ومهماتهم ، ولا تضيف لهم تلك الألقاب والمواقع شيئا ، نعم كما قالوا هو (أبونا سليم) ، سواء كان كاهنا مبتدئا أو ارشمندرتيا أو مطرانا أو نائبا بطريركيا عاما ، هو نفسه ذلك الشخص المتواضع الصادق الرزين الهادئ الموصول بربه ، بالقيم التي يؤمن بها ، ولطالما ذكرنا بالصفات التي اسبغها الله تعالى في القرآن الكريم على أتباع سيدنا عيسى عليه السلام {... وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً... } الحديد27 ، وأيضا قوله تعالى : {... ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } المائدة82 ، لقد عرفته وأنا فتى صغير في أول صفوف (التكميلية) ، كما كانت تسمى ، كان يحرص على أن يتمشى في الملعب في الفرص مع الشيخ فؤاد سعد تحديدا أو مع أي مدرس للدين الإسلامي في المدرسة ، وكان يردد انه يريد أن يطبع في أذهان الطلاب كيف يسير الشيخ والخوري متصافيين متحابين ، ويريد أن يعّلم بسلوكه كما بالتدريس في الصفوف .
ثم عرفناه في وقت السلم ، قبل الحرب وبعدها وخلالها ، وظل هو هو لم يتغير : ابتسامته ظلت كما هي ، وكذلك هدوؤه ورزانته ، لقد غيرت الحرب كثيرا من الناس وظهر منهم ما كانوا يخفونه من الأحقاد والعداوة المبطنة ، على الضفتين ومن الجميع ، أما هو فظل صامدا بشخصه بمكانه بصفاته بابتسامته وحكمته ، مرة وحيدة رأيته غاضبا بل مرتين :
الأولى : عندما تعثر مشروع إعادة المهجرين إلى شرق صيدا ، وكان هو على رأس اللجنة المولجة بعودة المهجرين ، يصرخ بكل الم : لن أكون شاهد زور . أحسست أن غضبه هذا ليس من شخصيته وطبعه ، ولكني هنأته عليه لان يدل على صدقه واستقامته، وان خلقه وتواضعه ليس نابعا عن ضعف في شخصيته ، ولكن عن إرادة وقرار والتزام ديني ، ولقد كان غضبه في محله وقتها ، ولقد أثمر فيما أظن بعد ذلك ما أصلح الأحوال وأعاد الأمور إلى نصابها بشكل من الأشكال .
وأما الثانية : فعندما كان يتكلم عن رجل حرم أخته من الميراث متذرعا بأسباب واهية ، يغضب للشأن العام كما لانتهاك الحقوق ، وفيما عدا ذلك هو دائم الابتسامة والهدوء .
فضائله كثيرة ، أظن أن كل جهة تحب أن يكون عندها مثله ، لان مثل هذا الرجل الذي يدخل القلوب دون استئذان ، ويحبب الناس لفكره ولمن ينتمي إليهم . هذا هو الأب (سليم غزال) الذي ربحته صيدا ولم تخسره مشغرة ولم تخسره بقية لبنان .
لو كنا نستطيع أن نعمم هذا النموذج على رجال الدين جميعا لصلح الأمر كله ، فهل رأيتموه بين الطلاب معلما ، وبين الفقراء مواسيا ، وبين المصابين معزيا ، وبين المحتارين موجها ، وبين الغاضبين مهدئا.. إذا رأيتموه فاعلموا عند ذلك ، انه النموذج الذي نطمح أن يكون عليه رجل الدين الذي يرعى الرعية ويبحث عن حاجاتها ويبني لهم المؤسسات والجمعيات ويؤسس اللجان، ثم تأخذ اسم الآخرين ويتناسى انه فعل شيئا .
نعم ، نختلف في الله ، أو على الله ، في نوع الإيمان وتفصيله ، ولكننا نؤكد إن مثل هذا السلوك وهذه الأخلاق هي باب التراحم بين الناس وباب التعايش والعيش المشترك ، بل هي الحصانة التي تحول دون المشاكل والاضطرابات والحروب والاشتباكات والتنازع والكيديات .
عسى الله أن يلهمنا الجميع التعلم من هذه الأخلاق .
عمّنا الله جميعا برحمته الواسعة أحياء وأمواتا .
 
الشيخ ماهر حمود

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا