×

ممرضو لبنان... قلقون

التصنيف: الشباب

2011-05-12  09:18 ص  1768

 

 

12 أيار: يوم الممرض/ة العالمي. هو ليس عيداً، على الأقل بالنسبة إلى نقابة الممرضات والممرضين بل مناسبة للإطلالة على واقع مهنة لم تأخذ حقها بعد. الحملة الإعلامية للتشجيع على امتهان التمريض تبدأ بمؤتمر عالمي عن «العولمة والتمريض» تفتتحه النقابة، اليوم
فاتن الحاج - الأخبار:
«بدي أدرس تمريض لأتزوج حكيم». طبعاً، لا يعكس هذا الجواب الذي تلقته روز حرفوش، مسؤولة معهد التمريض في مستشفى الجنوب في صيدا، لدى سؤالها إحدى طالباتها عن سبب اختيارها التمريض، الرغبة الحقيقية لجميع الممرضات. لكنّ البحث عن شريك أفضل هو واحد من إغراءات المهنة الكثيرة، مع الانخفاض العالمي في أعداد الممرضين، وانفتاح أسواق العمل الأميركية والأوروبية والخليجية أمامهم بشروط خيالية. تقول حرفوش إنّ إحدى الممرضات اللبنانيات تتقاضى في بلجيكا 8 آلاف يورو شهرياً! وهي من حملة الامتياز الفني «TS».
في لبنان، لا تزال المهنة تخضع للعرض والطلب من جهة، وتوصيف العمل والعلاقات داخل كل مستشفى من جهة ثانية، أما المفارقة، «فالهوّة بين راتب الممرض في بيروت، وراتبه في المناطق»، تقول حرفوش.
ماذا عن دوامات العمل؟ تشرح الممرضة التي تزاول المهنة منذ 30 عاماً أنّ من يدخل التمريض حديثاً يداوم في النهار ليتمرن ويتأقلم مع نظام المستشفى، و«بعدين بيصير هناك مشاكل بدوام الليل، وخصوصاً بالنسبة إلى الممرضات المتزوجات. فالمستشفيات لا تراعي جميعها وضع الممرضة المتزوجة، وإن كان بعضها قد استحدث حضانات للأطفال مرفقة بها تتناسب ودوام الممرضة الأم».
اللافت هنا أنّ الدراسات أظهرت وقوع معظم الأخطاء التمريضية بعد الساعة السادسة من العمل، وبالأغلب خلال دوام الليل، «أما تراكم التعب، فينفجر إما بالمريض أو بالطبيب»، بحسب حرفوش.
لكن حتى هذا الأمر يتفاوت بين مستشفى وآخر، إذ تقدم إدارة مستشفى ما تحتاج إلى ممرض بعينه ليقوم بالمهمة الليلية إغراءات مثل بدل سهر أو بدل توتر، فعمل الممرضة في قسم العناية الفائقة مثلاً يختلف عن عملها في طابق عادي.
ماذا يطلب المريض من الممرضة؟ «تسمعلو وتتحمّلو»، تقول حرفوش، «فالتخفيف من آلام المريض الصحية والنفسية والمادية ليس بالأمر السهل، وما بيصير إلّا بعد خبرة طويلة بالتمريض».
لكن حرفوش تستدرك أنّ هذه الخبرة لا تُصرف في كل المستشفيات. كيف؟ توضح أنّ المستشفيات لا تعترف بخبرة الممرضات اللواتي يأتين إليها من مستشفيات أخرى. هكذا، على الممرضة أن تنسى كل سنوات خبرتها وتبدأ من جديد في الرتبة والراتب، فيما المفارقة أنّ خبرتها تكون سبب قبول طلبها. وتلفت حرفوش إلى أنّ الفارق بين راتب ممرضة تعمل منذ 10 سنوات وأخرى دخلت حديثاً وتحمل الشهادة نفسها لا يتجاوز 100 ألف ليرة لبنانية!
ماذا عن التمريض بين الأمس واليوم؟ يستوقف حرفوش «برستيج» بعض ممرضات اليوم المتخرجات من الجامعات. تستغرب كيف تقول الممرضة «أنا ليسانسييه وما خصني بالمريض». هذه الأخيرة تريد أن تجلس في مكتبها، مع أن المريض أساس التمريض. تشعر حرفوش، التي تخرجت من كلية التمريض في الجامعة اليسوعية منذ 30 عاماً، بأنّها تتخرّج للتو «بحب مهنتي وما بدي إياها تتبهدل». هذا أيضاً ما تُعلّمه لطلابها. مع ذلك، لا تعتقد أنّ هناك ممرضاً واحداً مهما قست ظروفه لا يعمل أثناء الدوام، والدليل أن الممرضين في بعض المستشفيات يقومون بواجباتهم رغم مرور أشهر على عدم تقاضيهم رواتبهم. مع ذلك، لا تخفي حرفوش القول إنّ الممرضات يعانين الملل نتيجة الروتين اليومي و«هناك فرق بين إنو تجي عالشغل بدينامية أو ما إلها خلق».
نقيبة الممرضات والممرضين كلير غفري زبليط تُقرّ هي أيضاً بأنّه ليس هناك واقع واحد للممرضين في كل المناطق، لكن النقابة سعت، بحسب زبليط، إلى توحيد شروط العمل وبيئته، عبر إعداد سلسلة رتب ورواتب طُبقت في المستشفيات الخاصة الكبيرة في بيروت وضواحيها وبعض مستشفيات جبل لبنان ولم يلتزم بها معظم المؤسسات الاستشفائية خارج العاصمة، بحجة «بدنا مصاري للجهات الضامنة، والضمان الاجتماعي بيدفع هالقد على التخت (تعرفة السرير)». وبحسب السلسلة، يكون الراتب الشهري لممرض بشهادة البكالوريا الفنية ((BT (695 ألف ليرة لبنانية)، ممرض مجاز من حملة الامتياز الفني أو الإجازة الجامعية (875 ألف ليرة لبنانية)، ممرّض متخصص (950 ألف ليرة لبنانية)، ممرض من حملة الماجستير (مليون و50 ألف ليرة لبنانية).
وإذا كانت المستشفيات الحكومية تلتزم السلسلة، فأزمتها في مكان آخر، إذ تعتمد على الممرض المياوم لكون التثبيت يجري عبر مباراة لمجلس الخدمة المدنية لا تنظَّم بصورة دورية، حتى بات عدد المياومين يفوق عدد المثبّتين في الملاك. والمعروف أنّ المياوم لا يتمتع بحقوق الموظف، فلا ضمان صحياً ولا إجازات سنوية ولا تعويض نهاية خدمة.
لا تغفل زبليط الحديث هنا عن التأخر في دفع الرواتب حتى في بعض المستشفيات الحكومية الكبيرة. كذلك لا تخفي الفوضى الناجمة عن سوء تنظيم المهنة وما حصل في بعض مستشفيات إحدى المناطق خير دليل. هكذا، فجأةً ومن دون سابق إنذار، اتفق أصحاب المستشفيات على عدم دفع بدل النقل للممرضين وقدره 8 آلاف ليرة لبنانية.
أما قانون تنظيم ممارسة المهنة الجديد، فينام في أدراج مجلس النواب، وهو عالق تحديداً في لجنة التربية النيابية. والسبب؟ تقول زبليط إنّ جدلاً وقع بشأن اشتراط حصول الممرض على «الليسانس»، فيما يكون من ينال البكالوريا الفنية (BT) مساعد ممرض. وإذا كان القانون الجديد يعتمد توصيات منظمة الصحة العالمية والمجلس الدولي للتمريض ومعايير اعتماد المستشفيات في وزارة الصحة، فالمطلوب، بحسب زبليط، إعادة النظر في برامجنا التعليمية لمعرفة مدى تطابق البرامج مع التوصيات. وبالفعل، ألفت المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، أخيراً، لجنة شاركت فيها النقابة تولّت إعادة النظر في محتويات برامج BT عناية تمريضية لتتلاءم مع معايير تصنيف الشهادات في المستشفيات. أما الفئة الأكثر ظلماً، بحسب زبليط، فهم حملة الامتياز الفني (TS). فالأفق مسدود أمام هؤلاء ولا يحق لهم أن يدرسوا الماجستير في الجامعات.
هل هناك فعلاً ممرضون يهملون المريض على خلفية أنّهم يرفضون القيام بمهمّات لا تليق بشهاداتهم؟ تنتفض النقيبة قائلة: «مش صحيح أبداً هيدا الحديث وإذا كانت هناك شكوى على هذا الصعيد فلتقدَّم إلى النقابة التي تعمل لحماية المريض بموازاة الدفاع عن حقوق الممرض».
لكن ماذا بشأن أنّ النقابة لا تعرف الممرضين إلّا في أوقات الانتخابات؟
تستغرب زبليط عدم مبادرة الممرضين أنفسهم إلى التواصل مع النقابة التي أخذت إذناً بالتأسيس في عام 2002، وبدأت تعمل على الأرض منذ عام 2004، علماً بأنّ عدد المنتسبين إليها في كل المناطق بات يبلغ 9460 ممرضاً وممرضة. «ما نفعله اليوم هو تغذية التواصل بين النقابة والممرضات بكل الأدوات، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي»، تقول النقيبة، و«باستطاعة هؤلاء حضور جمعياتنا العمومية وزيارة موقعنا الإلكتروني الذي يجهز بحلته الجديدة خلال 15 يوماً (www.orderofnurses.com). الموقع لا يتوجه إلى الممرضين الحاليين فحسب، بل أيضاً إلى الممرضين المستقبليين، أي الشباب الذين يرغبون في امتهان التمريض».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا