×

عين الحلوة ... رجع الخيّ يا عين لاتدمعي

التصنيف: إصدارات مركز هلال

2011-05-17  09:36 ص  1234

 

 

جمال الغربي _ البناء
 
للمرة الأولى في مخيم عين الحلوة إستطاع صوت زغاريد النسوة  من أن يتفوق على أزيز الرصاص في إستقبال جثامين الشهداء الذين سقطوا في مواجهات مارون الراس البطولية في مسيرة العودة إلى فلسطين .
على وقع أغنية "رجع الخي ياعين لاتدمعي فوق كتاف رفقاته ومحبينه " التي تصدح من مكبر صوت إحدى السيارات تحاول والدة الشهيد محمد أبو شليح أن تمسح الدمع الذي يسيل على وجهها لتطلق " زغرودة "  الشهداء مع نسوة آخرين لتزفه عريساً لعروسة مهرها الدماء وهي فلسطين كما تقول.  برباطة جأش الأم الفلسطينية  تهم لإستقبال جثمان فلذة كبدها قبل دخوله إلى مسجد الفاروق عمر بن الخطاب للصلاة عليه بعد أن حمل على أكف محبيه ورفاقه من مخيم المية ومية سيراً على الأقدام إلى مخيم عين الحلوة لينضم إلى أخوة له روا أرض الجنوب اللبناني بدمائهم على بعد أمتار قليلة من فلسطين الذين كانوا يمنون النفس بأن يطأوا أرضها .
ولم يختلف المشهد مع وصول جثمان الشهيدين عماد عماد أبو شقرا إلى مسجد الفاروق عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن سعيد صبحة إلى مسجد الشهداء " الصفصاف"، وهما من أبناء عاصمة الشتات الفلسطيني الذين تشاركا الأمنية بالعودة إلى فلسطين وتحريرها كما يروي عنهما الأصدقاء والأقارب.
بعد أن تم الإنتهاء من الصلاة على الجثامين الثلاث إختلطت زغاريد النسوة مع أصوات الرصاص التي أطلق تحيةً إلى أرواح الشهداء وتأكيداً على أن طريق فلسطين يمر من فوهة البندقية وليس من أقلام معاهدات الصلح والمفاوضات كما يقول أبو محمد وهو أحد أقرباء الشهيد صبحة . إنطلق موكب تشييع موحد من أمام مسجد الفاروق بإتجاه مقبرة درب السيم.
في الجولة الأخيرة للشهداء الأبطال في مخيم عين الحلوة الذي ترعرعوا وتربوا فيه على حب فلسطين هب المخيم بكافة أبناءه لإلقاء نظرة الوداع عليهم فاصطفوا على جنبات الطريق الضيقة  وعلى شرفات المنازل لينثروا على جثامينهم الورود وليروا فيهم جسر العودة الذي يعبرون من خلاله إلى فلسطين في القريب العاجل على حد قول الشاب أحمد المجذوب وهو أحد أصدقاء الشهيد أبو شقرا .
" ياريت كل الشباب الفلسطيني بيسقطوا شهداء في سبيل تحرير فلسطين ... تيتوحدوا المسؤولين والقيادات " بهذه العبارة يشير صبري رباح إلى صورة المشهد التي تعانقت فيها الرايات الصفراء والخضراء والحمراء والبيضاء والسوداء مع بعضها البعض وتلاصقت فيها أكتاف مسؤولي الفصائل الفلسطينية بكافة مشاربها في نفس المستوى وهتفوا بصوت واحد الشعب يريد إنهاء إسرائيل. 
أما المشيعون وتحديداً منهم جيل الشباب والذي عايش معظمه الشهداء الثلاث فكانت قسم من هتافاتهم غاضبة ضد الأنظمة العربية المتآمرة على قضيتهم والمتعاملة مع العدو الإسرائيلي وأبرزها " حطوا الكاس على الكاس حكام العرب أنجاس" . والقسم الأكبر كانت تؤكد على حق العودة والشهادة على طريق تحرير فلسطين ومنها " بدنا نقاتل بدنا نموت ع فلسطين بدنا نعود" و" يا سليمان افتح الحدود ... بدنا نقاتل اليهود" و " عالقدس رايحين شهداء بالملايين " وهتافات أخرى .
عبدالله طه وهو أحد الشباب ممن تعرضوا للإصابة في مارون الراس أبى إلا وأن يشارك في عرس الشهداء الثلاث مستذكرا الشهداء الذين سقطوا أمامه فيصف المشهد بالأسطوري وكيف كانوا يواجهون الرصاص بالصدور العارية لتحقيق حلم حياتهم . ويروي كيف أن أحد الشهداء الذي سقط برصاص القناصة الصهاينة المختبئن والمحصنين في مراكزهم القتالية إستطاع أن يزرع علم فلسطين في أعلى السلك الشائك الحدودي بين فلسطين المحتلة ولبنان.
ويقول طه " في مارون الراس حكاية جديدة من حكايات المجد والبطولة التي يسطرها الشعب الفلسطيني الصامد على الرغم من التآمر الدولي والعربي عليه . لافتاً إلى أنه على إستعداد لأن يكون أول من يقدم كفنه قرباناً لعودة فلسطين.
وريت الجثامين الثرى في المقبرة وارتفعت الهتافات المعاهدة التي بإستكمال ماحققه الشهداء على وقع إطلاق الرصاص . واختتم التشييع بإلقاء كلمات لكل من عضو قيادة حزب الله الشيخ عبد المجيد عمار والسفير الفلسطيني الدكتور عبد الله عبد الله ، رئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد والناطق الإعلامي بإسم عصبة الأنصار أبو شريف عقل حيث أجمعت الكلمات على أن ماجرى في مارون راس يؤكد على تمسك الشعب الفلسطيني بكافة أجياله على حق العودة مهما طال الزمان . وأثبتت الدماء التي سالت أن طريق فلسطين يمر بالمقاومة والنضال ضد العدو الإسرائيلي حتى تحرير الارض من رجسهم.
وكان اللافت في التشييع مشاركة جميع ألوان الطيف اللبناني والفلسطيني الوطني والإسلامي  لاسيما لبنانياً مشاركة وفد قيادي رفيع المستوى من حزب الله ضم بالإضافة إلى عمار ، حسن حدرج، محمود قماطي، غالب أبو زينب والشيخ زيد ضاهر" . ممثل الحزب السوري القومي الإجتماعي الأمين قاسم صالح. أما فلسطينياً فقد حضرت جميع ألوان الطيف الفلسطيني ورموزها .
وكان مخيم عين الحلوة قد شهد ومنذ فترة بعيدة إضراب تام وعام حيث احتلت الرايات السوداء والأعلام الفلسطينية وصور الشهداء شوارع المخيم . وأقفلت مدارس الأنروا ومؤسساتها أبوابها كما هو حال المؤسسات والمحال التجارية. وعم الغضب أبناء المخيم الذين فضلوا عدم الذهاب إلى أعمالهم للمشاركة في التشييع.
 
جرحى في المستشفيات
غصت مستشفيات مدينة صيدا بالعديد من المصابين في مواجهة مارون الراس ، ففي مركز لبيب الطبي الذي يستقبل القسم الأكبر منهم فإن الحديث عن ماجرى يوم الأحد على التلة المشرفة على الأرض المغتصبة يسمع في العديد من غرف المركز وباحاته .
ويتحدث العديد من الممرضين والممرضات عن الحالة المعنوية المرتفعة للمصابين وعزمهم على معاودة الكرة مرة ثانية وكيف أن الحديث عن تفاصيل ماجرى في مارون راس استطاع أن يتغلب على آلام المصابين وينسيهم الوجع الذي سببته الإصابات .
في غرفة العناية المركزة ينتظر رامي قدورة إخضاعه للعملية الثانية بعد أن أجريت له الأولى مساء يوم الأحد في وريد قدمه الذي أصيب به مع كسر في العظم وهو يستذكر ماجرى معه فيقول أن ماجرى هو أمر طبيعي لأن فلسطين هي أرضنا وقبلتنا وما قمنا به هو أقل الواجب وهو تعبير رمزي عن رفض الظلم والإحتلال.
قبل أن يضيف " بعفوية ووسط الألغام وحقول الموت تقدمنا إلى الشريط الشائك لنرفع علم فلسطين".

يؤكد رامي لن أتوانى في تلبية النداء في المرة المقبلة على الرغم من إصابتي لأن فلسطين تستحق منا أكثر من ذلك وأننا كشباب فلسطيني لم ولن ننسى حقنا في الأرض المسلوبة .

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا