×

عائلة الشهيد.. "شجرة" تشمخ وتزهر

التصنيف: سياسة

2009-11-01  04:50 ص  1523

 

 

رولا عبدالله
يتمدد الوطن في عيد مولد الرئيس الشهيد الخامس والستين على طول المساحات المسيّجة بالوفاء. يبارك أولاده في السير على درب الجلجلة. يمسح عن جباههم جرحاً مزمناً من أيام غدا البلد ساحة تصفية حسابات خاصة وضيّقة. يرد رياح النفوس الخبيثة المستترة بوجوه باسمة: "ماذا تفعل هنا؟". "هم" طرحوا عليه مثل هذا السؤال، وكانت الاجابة: "هذا بلدي أفديه بدمي". وكان رد الفعل المجرم، وتتالت الجرائم، ومن بعده أخذت العائلة تكبر، صارت بالملايين. تناجيه أباً وأمجاداً وذكرى لا تغيب: الوطن زعيم، أب، عائلة، أمجاد، حضارة، أرض ووفاء...
كان أولاده السبعة ينتظرونه في المساء الأول من كل تشرين. يطفئون الأضواء من أجل أن تحلو المفاجأة. يخمّنون بأنّ نداء الواجب الى وطنه قادر على اسقاط مثل تلك المناسبة من أجندته، وسواء تذكّر أو انهمك في جلسة عمل، يفاجئونه بكعكة العيد وشمعة اضافية والكثير من القبل والحب. يرددون وصاياه: الوطن عائلة كبيرة، ليس مظلة ولا مفاتيح وصكوك. الوطن أرض وانسان ووجد عابق في الجذور المعششة في خلايا المكان.
وكانت تطلع الشمس، فتنقشع الشوارع والعمارات وزبد البحرعلى حياة مفعمة بالأمل. يفرح الرئيس لباقات الورد الجوري، لمحاولات أبنائه في تجميل الحياة أكثر، ولكلمات عفوية سجلها الأحفاد في الذكرى: "عقبال المية يا جدو". وكان الرجاء بأن يبقى الجد شاهداً على نهضة وعمران ونجاحات يسجّلها الأبناء في زمانه، لكن الحقد أعمى وثقيل فوق الألف كيلو من المتفجرات الحارقة. يغيب في الجسد وتبقى أفعاله تقتاد الى الوهج المزنّر بشهادة حب منثورة على الأرصفة وفي الساحات والبساتين العابقة بأريج الروح. تقطف زهرة ليمون ذات صباح مبلل بمطر العيد: كم مناسبة تاهت في الغياب؟ كم حسرة ترك في الأبناء؟ كم عائلة حملت اليتم والفراق من بعده؟.
ما عاد أولاده سبعة. كبر الرقم كثيراً متجاوزاً الدوائر ونسب الدم. ثمة صلة قربى أوثق تجمع المعلّم بتلامذته. أولاده "أبناء الحياة" الذين حصّلوا علومهم في مدرسة تؤمن بالآخر، تدحض الحروب وما تخلّفه من دمار في الاقتصاد وتأجيج في الانقسامات والفتن. وكان على الأب أن يعلّم، يغامر، ينفخ في النفوس الميتة، يحثّ على الفعل والحراك ونبذ سفك الدماء. يقصّ عليهم كيف أنه في مثل عمرهم قصد المدينة بحثاً عن حياة تغرسها شتلة خضراء تقاوم بها ركام الأبنية المحطمة والشوارع المختومة بأكياس من الرمل والحجارة. وبقي يسابق الفجر، لا يهادن ولا يستسلم في وجه كل من امتهن وضع العصي والبارود على خط سير اعمار وانماء البلد، الذي هو العائلة، والذي هو مبعث فخر الى العالم. وكلما تبوأ منبراً أو منصباً أو صحب حفيداً الى قلب المدينة، يطمئن الحشود المتجمهرة من حول مسيرته: "البلد في موقع يخوّله أن يكون مركزاً رئيساً للتجارة وللتربية وللخدمات الصحية والسياحية والاعلامية"، أما الرسالة فتتمثل بكون: "لبنان دائماً باب مشرّع على الديموقراطية والحرية وعلى كل ما هو نبيل على هذه الأرض وفي مقدمته رسالة السلام والتسامح".
في عيده آن فهم الوطن من دون أرصدة جانبية. يستذكر رجلا بعظمة التاريخ الذي يحكي عن رجال برعوا في السياسة، كما في البناء، كما في الأبوة، كما في أمور كثيرة كانت في عداد الأحلام بعيدة المنال. في العيد الخامس بعد الشهادة احساس مؤلم بالفقدان، لكن الرهان على قلبه الكبير وحضوره المعنوي.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا