×

هل يلتحق فلسطينيّو «اليرموك» و«عين الحلوة» بحريق «الربيع العربي»؟

التصنيف: مخيمات

2015-04-24  10:35 ص  605

 

ناصر شرارة / الجمهورية
بعد مقتل اللبناني مروان عيسى من «سرايا المقاومة» التابعة لـ«حزب الله» على يد مجموعة محمد الشعبي في مخيم عين الحلوة (من جند الشام) حصلت تطوّرات مقلقة داخل المخيم من وجهة نظر مراجع سياسية متابعة للوضع؛ منها فشل المساعي التفاوضية بين اللجنة الفلسطينية العليا في عين الحلوة والدولة اللبنانية لتسليم قتلة عيسى، وأيضاً فشل مساع موازية لتنفيذ خطة أمنية تغطّيها الفصائل الفلسطينية لإخضاع حي الطوارئ (حيث التكفيريون) لرقابة مشددة.

في محاولة للتوصّل الى إنجاز هذين الهدفين، أو أحدهما على الأقل، سَعت الدولة اللبنانية للتفاوض مع طيف الفصائل الفلسطينية في المخيم عبر مستويَين، الاول بَذلته مخابرات الجيش، وبعد فشله انضمّ الأمن العام في مسعى لإنقاذ الموقف، لكنه لم يُفلح أيضاً.

اللافت في هذه التطورات من وجهة نظر المراجع السياسية، أنها تفسح في المجال لتسجيل ملاحظات مقلقة وأكثر من خطرة:

أوّلها، حدوث تراجع مفاجئ عن سياق سَلس ساد في العلاقة بين قوى المخيم والاجهزة الامنية اللبنانية منذ نحو ثلاثة أعوام.

وثانيها، أنّ هذا التراجع ترافق مع سوابق أمنية وسياسية خطرة حدثت للمرة الأولى داخل المخيم، منها إقدام التكفيريين للمرة الاولى على قتل مواطن لبناني داخل المخيم. ولكنّ اللافت أنّ هذه السابقة تبعتها سوابق لاحقة غير معهودة في سجل المخيم الأمني والسياسي، منها انّ من الجهات المعرقلة لتنفيذ الخطة الامنية لضبط التكفيريين في المخيم وتحصين أمنه، هي «رام الله»، أو أقلّه «فتح» - محمود عباس» وفق مصطلحات التسمية المستخدمة في عين الحلوة. ولم يسبق أن كان لـ»فتح» مثل هذا السلوك حيال أيّ إجراء لتبريد اجواء المخيم تطرحه الدولة اللبنانية أو تشجّعه.

ومن هذه السوابق أيضاً أنه بعد أيام على قتل عيسى، وبدلاً من أن تنكفئ المجموعات التكفيرية خوفاً من ردود فعل تصيبها جرّاء فعلتها، نفّذت جريمة ثانية داخل المخيم تصبّ في الإيحاء السياسي نفسه الذي حملته العملية الاولى التي استهدفت قتل لبناني من «سرايا المقاومة»، وتمثّلت في محاولة اغتيال ابو علي شكيب العينين أحد مسؤولي حركة «الجهاد الاسلامي» الكبار في عين الحلوة، الحليفة الأقرب لـ»حزب الله».

وبحسب تفسيرات متداولة في الكواليس ذات الصِّلة بأوضاع عين الحلوة، فإنّ التغيّر الذي ساد مزاج العلاقة بين المخيم والدولة اللبنانية مرتبط بنحو وثيق بأحداث مخيم اليرموك في سوريا، وذلك انطلاقاً من اعتبارات عدة، منها أنّ النسيج الاجتماعي للمخيّم، وبعد طفرات نزوح اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، خصوصاً من اليرموك اليه، باتَ متداخلاً بمقدار كبير مع النسيج الديموغرافي للأخير (ربع سكان المخيم أصبحوا من نازحي اليرموك)، بمعنى آخر أنّ أيّ حدث يحصل في اليرموك يجد صدى عملياً له في عين الحلوة.

ومن هذه التفسيرات أيضاً أنّ القوى الفلسطينية والإسلامية نفسها المتحاربة في اليرموك موجودة الآن في عين الحلوة؛ من «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» الى «حماس» و«جبهة النصرة» وحتى «داعش»... وعليه، فإنّ التماسات القائمة بينها في اليرموك لديها تتمة على أرض الواقع المُعاش في عين الحلوة.

وثمّة أمر ثالث أبلغ وهو أنّ رام الله لم تعد حرّة في اتخاذ مبادرات التهدئة، لا في اليرموك، ولا في عين الحلوة، كون حسابات التوتر الاقليمي باتت موجودة في اعتبارات طريقة توظيف الأحداث في هذين المخيمين؛ وهذا ما يفسّر إرباك «أبو مازن» تجاه التعاطي مع سيطرة «داعش» على اليرموك، وكيف انّ فصيله داخل مخيم عين الحلوة يعرقل للمرة الأولى مبادرة تطرحها الدولة اللبنانية لتهدئة أجوائه.

والواقع أنّ كل هذه التطورات استدعت نوعاً من الاستنفار لدى الاجهزة الامنية اللبنانية لاحتواء ظاهرة تفلّت معادلات استقرار المخيم من عقال ضبطها المحسوب والدقيق في توازناته.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ اتصالات الاجهزة اللبنانية اتسعَت في اتجاه التواصل مع مفاصل قرار المخيم في الخارج أيضاً: في رام الله، ومع محمد دحلان في دولة الإمارات العربية، ومع أطراف اقليمية ذات صلة بأمنه. وتفيد هذه المعلومات انّه حتى عيون قيادة «اليونيفيل» عادت لتتركّز عليه، انطلاقاً من أنّ سقوط مخيم اليرموك في يد «داعش» قد تنتقل عدواه الى مخيم عين الحلوة.

وترى قيادة القوة الدولية في الناقورة أنه لا يمكن للقرار 1701 ان يتساكَن في جنوب لبنان مع حالة «داعشية» مسيطرة، او حتى شِبه مسيطرة في عين الحلوة الذي يمكنه بالنار أن يُقفل طريق إمداد «اليونيفيل» بين بيروت ومواقعها في قطاع انتشارها جنوب نهر الليطاني.

تدرك «اليونيفيل» التي يوجد لديها خطة جاهزة لاستعمال المواصلات البحرية لتجنّب عين الحلوة، في حال خروجه عن السيطرة، أنّ ثلاثة أرباع معركة مخيم اليرموك التي يديرها النظام السوري بأدوات فلسطينية (التي استقرت على كَرّ وفرّ يطيل أمد القتال فيه ما يجعل محتملاً أن تطاول تداعياته عين الحلوة)، يتمّ تدعيمها لوجستياً من المخيمات الفلسطينية في لبنان.

فقبل نحو أسبوع تبلّغت قيادة «اليونيفيل» معلومة مفادها أنّ 300 عنصر من «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» انتقلوا من البقاع اللبناني للقتال في مخيم اليرموك الى جانب النظام السوري.

ويرى مراقبون أنّ هذا التطور يعبّر عن بداية مسار «هجرات فلسطينية» من لبنان للانتصار لـ»محور الممانعة» في الساحة الفلسطينية ـ السورية، الأمر الذي ستستتبعه «هجرات نصرة فلسطينية معاكسة» انطلاقاً من لبنان، وذلك لـ«الجهاد» في اليرموك الى جانب الإسلاميين المتشددين. وهناك خشية من أنّ يؤشّر هذا المسار الى بدء إرهاصات حرب فلسطينية - فلسطينية في الشتات الفلسطيني تفضي اليها تداعيات الأزمة السورية.

ويخلص هذا التقدير الى أنّ مخيمات لبنان تنزلق لتصبح جزءاً من معركة مخيم اليرموك الفلسطيني، لوجستياً بداية، ومن ثم انقساماً سياسياً بين صفوف لاجئيها حول الموقف ممّا يحدث هناك، وتالياً بدء تعاظم الفرز بين إسلاميّي هذه المخيمات وقواها القريبة من النظام السوري.

وأخيراً وهو الأخطر، ويتمثّل في محاولة جعل نتائج معركة اليرموك على صِلة بمكان تكون له الأمرة على مستوى تمثيل الشتات الفلسطيني المتمركز بمعظمه في سوريا ولبنان، اضافة الى الأردن.

وبكلام آخر لمصدر فلسطيني: هل يكون اليرموك ساحة «أمّ المعارك» بين «فتح» و«حماس»، وأيضاً بين فصائل فلسطينية اخرى لديها ارتباطات اقليمية، حول من تكون له الأمرة في شأن تمثيل الشتات الفلسطيني في أيّ مفاوضات مقبلة للتسوية؟ وإذا كان الجواب نعم؛ فمَن يضمن بقاء مخيم عين الحلوة، المسمّى عاصمة الشتات الفلسطيني، خارج هذا النزاع؟

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا