×

خليل المتبولي : يا لهذه الجريمة المروّعة !

التصنيف: أقلام

2018-01-22  01:41 م  281

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

قرابة الساعة السادسة والنصف من مساء الحادي والعشرين من كانون الثاني من العام 1985 دوّى انفجار ضخم هزّ مدينة صيدا ، ترك أهلها في حيرة من أمرهم ، مما جعلهم  يتراكضون نحو مصدر الإنفجار وهم في حالةِ  ذهولٍ واندهاش ، أسئلةٌ كثيرةٌ وإرباكٌ كبير حول المكان والشخصية ، الدخان قريب من البحر بل يتصاعد من منطقة الراهبات ، هل هي عملية استشهادية ؟ لأنّ في تلك الفترة كان الإحتلال الصهيوني رابضاً على قلب مدينة صيدا والجنوب ، وجاثماً على صدور أهلها . لا ، لا ، لا  إنها سيارة مفخخة واقفة تحت شرفة منزل مصطفى سعد ( أبو معروف ) ، إنها محاولة اغتيال ، يا لطيف ، يا لطيف ، الله يستر!

يا لهذه الجريمة المروّعة !  

فجّر الجبناء ، فجّر العملاء الخونة العابثون بأمن الوطن ومصيره ، الراغبون بالذّل والعار والهوان ، العاملون على خراب وتدمير كل ما له علاقة بالوطنية والعزّة والشرف ، لكل ما له علاقة بالديمقراطية والتحرّر ، لكل ما له علاقة بصون كرامة الأوطان والإنسان ، هؤلاء الجبناء المجرمون ، فجّروا من خلال سيارة مفخخة و عبر الهاتف منزل مصطفى معروف سعد ( أبو معروف ) الواضع حجر الأساس مع الكثير من الوطنيين والشرفاء لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والذي أصبح فيما بعد رمزاً لها ، والمصدّر للمواقف الوطنية والقومية ، والرافض الأول للطائفية والمذهبية ، والمدافع عن حقوق الإنسان أياً كان دينه ، ومحرضاً لجموع العمال والفقراء .  هذا الإنفجارأدّى إلى إصابته بجروح بالغة أفقدته بصره، فيما استشهدت ابنته ناتاشا وجاره المهندس محمد طالب، كذلك جُرحَتْ زوجته لوبا وابنه معروف ونجا طفله نديم .

يا لهذه الجريمة المروّعة

إنّ العملاء والصهاينة يومها ، لم يوجهوا اغتيالهم وضربتهم ضد مصطفى معروف سعد ( أبو معروف ) وحده ، ولا همهم الشخص كشخص على الرغم من دوره الطليعي والمقاوم ومواقفه البطولية والوطنية  ، بل ضد كل الوطنيين الشرفاء والأحرار ، والمؤمنين بالعدالة الإجتماعية ، وبدولة وطنية ترعى مصالح أبنائها بالعدل والمساواة . لقد كان هدف هذا الإغتيال البشع واضح هو ضرب المقاومة الوطنية اللبنانية ، وضرب العيش المشترك والوحدة الوطنية ، وضرب القوى والأحزاب الوطنية اللبنانية والفلسطينية ، وضرب كل مَن يدافع عن الوطن وكرامته وسيادته واستقلاله ...

   يا لهذه الجريمة المروّعة

انتفضت صيدا بكبيرها وصغيرها ، وثارت أكثر على الإحتلال وعملائه ، فطلب أبو معروف قبل سفره لتلقي العلاج من أبناء مدينته أن يعملوا بجهد أكبر لدرء الإحتلال وأن يكونوا أقوياء أشداء على أعداء الوطن  ، وأن يحرصوا على أن تبقى صيدا عاصمة الجنوب وبوابة المقاومة ، وحضنا دافئا للشعب الفلسطيني وقضيته ، وأن يتصدّوا للتآمر على القرى والبلدات ذات الاغلبية المسيحية في شرق صيدا وساحل جزين ، والذي عمل أول ما عمل بعد رجوعه من العلاج إلى عودة العائلات المسيحية الى شرق صيدا ، وهكذا حمل الصيداويون الشرفاء رايته القومية ، وساروا في مسيرته التقدّمية ، ومشوا على خطى مقاومته الوطنية .

يا لهذه الجريمة المروّعة !

إن محاولة الإغتيال هذه أتت في سياق الصراع بين أناسٍ يريدون أن يكونوا مستَعْبدين ومرهونين ومذلولين ومكبلين بقيود الإحتلال والإستعمار ، وأناس يريدون أن يكونوا شرفاء أحرار مقاومين كل احتلال واستعمار مستعدين أن يستشهدوا من أجل كرامة وعزة الوطن وشعبه ...

ثلاث وثلاثون سنة مرّت ، وملف قضية محاولة الإغتيال لا يزال عالقاً ، بل لن يحرّك ساكناً ، رغم كل الوعود ، والجهود والمساعي  التي بُذلت . المخطِّط العدو الصهيوني ، والمنفِّذ جماعة من العملاء وبعض اللبنانيين المرتبطين بأجهزة أمنية ، هؤلاء المجرمون معروفون بأسمائهم وصفاتهم ، هؤلاء الإنتهازيون الخونة السائرون وراء الخراب والدمار ، أعداء الحياة والإنسان والحرية والوطن ، يجب النيل منهم مهما طال الزمن ومهما لمّعوا صفحاتهم وادّعوا البراءة والوطنية ...

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا