×

إسـرائيل تحوّل خـردة طيرفلسيه إلى صواريخ سياسية!

التصنيف: سياسة

2009-10-15  05:26 ص  1978

 

هي فضيحة إسرائيلية بكل ما للكلمة من معنى. حادث عرضي في بلدة جنوبية مغمورة حولته إسرائيل إلى انفجار في مخزن أسلحة استدعى رفع شكوى من قبلها إلى مجلس الأمن لمناقشة ما أسمته «الانتهاك الخطير للقرار 1701»، عدا عن تحميل سوريا تبعات الاستمرار في تهريب الصواريخ إلى «حزب الله»، وكل ذلك استنادا إلى فيلم التقطته طائرة من دون طيار يرصد ما قيل إنها «عملية نقل صواريخ من مكان الحادث يبلغ طول بعضها أربعة أمتار». ولكن الكذبة لم تعمر كثيرا، إذ سرعان ما انقلب السحر على الساحر ليتبين بـ«العين المجردة» أن ما كان يُنقل على متن شاحنة صغيرة هو الباب الجرار الحديدي للكاراج الذي وقع فيه انفجار محدود ناتج عن تفاعل مواد قابلة للاشتعال.
والبعد الآخر للفضيحة، إضافة إلى فشل العدو الذريع في تحليل الفيلم المصور، هو السعي إلى قلب الأدوار واتهام لبنان زوراً بخرق القرار الدولي 1701، في حين أن وجود الطائرة ـ التي التقطت الصور ـ في الأجواء اللبنانية يمثل بحد ذاته انتهاكا سافرا للقرار المذكور، ويمكن القول إن العدو أدان نفسه بنفسه من خلال «تبرعه» ببث الشريط المصور سعيا إلى إحراج لبنان و«حزب الله»، فإذا بـ«الشريط الطائش» يحوّل مساره ويصيب صاحبه!
وبينما يُنتظر أن يبدأ لبنان بشن هجوم دبلوماسي مضاد في مجلس الأمن والأمم المتحدة مستندا إلى نتائج التحقيق المشترك الذي أجراه الجيش اللبناني و«اليونيفيل»، تبرز أسئلة كثيرة ومشروعة من بينها:
ـ لماذا جرى تضخيم حادث طيرفلسيه في الداخل اللبناني منذ اللحظة الأولى لوقوعه حين بدأ على الفور الترويج لسقوط ما بين خمسة وتسعة قتلى، في حين أن الحصيلة اقتصرت على جريح واحد؟
ـ من ورط بعض وسائل الإعلام في معلومات مغلوطة، ولأي غايات؟
ـ اذا كان الإسرائيلي قد تمكن من التقاط عملية نقل الصواريخ في لحظاتها الأولى، وأرسلت الطائرة الـ«بلا طيار» صورها الى الأرض، لماذا لم يبثها الاسرائيليون مباشرة الى «اليونيفيل» للطلب منهم ملاحقة الشاحنة واعتراضها وضبطها بـ«الجرم المشهود» قبل وصولها الى دير قانون النهر أو بعد وصولها مباشرة؟
ـ هل تعمد الاسرائيلي عدم ابلاغ «اليونيفيل» ومن خلالها الجيش لاظهار الجانبين في موقع العاجز عن حماية الأمن في منطقة جنوب الليطاني؟
ـ ما هو الرابط بين هذا التصرف وما قام به الاسرائيليون عند اطلاق الصواريخ الشهر الماضي من جنوب صور باتجاه شمال فلسطين المحتلة، حيث أعطوا إنذارا للقوات الدولية والجيش بعدم التحرك لمدة عشرين دقيقة في المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ (من أجل قصفها)، وهي مدة اعتبرتها «اليونيفيل» والجيش كافية لفرار من قاموا بهذا العمل المشبوه؟
ـ هل أدرك الإسرائيليون حدود ما يحصل على الأرض بدقة منذ اللحظات الأولى، ولذلك قرروا «التواضع» وبالتالي عدم إرسال صورهم إلى «اليونيفيل» والجيش؟
ـ هل هناك رابط بين «الاستثمار السياسي والإعلامي الداخلي والخارجي» لما حصل، وبين قرار إسرائيل المتأخر بث الصور وإرسالها لاحقا إلى «اليونيفيل» حتى يبنى عليها، ولو من غير ثقة بما تتضمنه... وفقط من أجل تكبير وتضخيم حدود الاستثمار السياسي في الداخل اللبناني؟
ـ اذا كان الإسرائيليون يحاولون إظهار «القبعات الزرق» والجيش اللبناني في موقع العاجز، فهل يمكن أن يشكل ذلك مقدمات لعمل إسرائيلي عدواني ضد لبنان في المرحلة المقبلة، تحت عنوان رصد شاحنة أو صاروخ أو غير ذلك؟
الرواية الرسمية
وفي انتظار أن تضع «اليونيفيل» والجيش اللبناني تقريرهما المشترك حول الحادث، تفيد الرواية الرسمية اللبنانية، ان ما حصل في كاراج مبنى مؤلف من ثلاثة طوابق في طيرفلسيه هو احتكاك اسلاك كهربائية بمواد سريعة الاشتعال (تنر، بويا) الامر الذي تسبب بانفجار محدود ادى الى حريق، وبالتالي اظهر التحقيق ان لا وجود لاي صواريخ او ذخائر في الكاراج بدليل عدم العثور على أي اثر شظايا او تصدع في المكان (تردد أن «اليونيفيل» تشتبه بانفجار شحنة دافعة لقذيفة جراء الحريق).
بعد الحادث، وصل الى المكان شبان الحي (ما بين 7و8) وبدأوا بلملمة البقايا التي خلّفها الحريق، ومن بينها الباب الجرار الحديدي للكاراج (الباب الخارجي) ولفوه بشرشف ابيض ووضعوه في بيك آب صغير تولى نقله، مع بقايا أخرى وضعت في شاحنة صغيرة ثانية، الى بورة فارغة في دير قانون النهر، فيما كانت الطائرة الاسرائيلية من دون طيار تتعقب هذه الحركة وترصدها.
وحسب المعلومات الرسمية فإن التحقيق العسكري اللبناني ـ الدولي، خلص الى «استنتاجات متطابقة الى حد كبير»، بعد ساعات من وقوع الحادث، ولكن مبادرة الجانب الاسرائيلي الى بث الشريط الجوي المصور والادعاء أنه تم نقل صواريخ من مكان الانفجار، استدعى اعادة فتح التحقيق العسكري.

وما أن تسلم الجيش اللبناني من قيادة «اليونيفيل» القرص المدمج الذي أرسله الجانب الاسرائيلي (قرابة الرابعة من بعد ظهر أمس)، حتى تم تشكيل لجنة تحقيق مشتركة من الجيش و«اليونيفيل» توجهت، بعد ساعتين، الى طيرفلسيه وعاينت المكان مجددا ثم انتقلت الى بلدة دير قانون النهر، وتم دخول مكان مطابق للمواصفات التي تضمنها الشريط وتبين وجود شاحنة «بيك آب» بيضاء اللون فيه، وعلى متنها خردة بينها الباب الجرار الحديدي المتضرر الذي تم نقله من المنزل الذي وقع فيه حادث طيرفلسيه، أي عكس ما جاء في الشريط الاسرائيلي.
وقد رفضت الناطقة باسم «اليونيفيل» ياسمينا بوزيان، التعليق على فحوى الشريط المصور الذي بثه الجيش الاسرائيلي، وقالت لـ«المركزية»: ان التحقيق المشترك «لا يزال مستمرا في ضوء معاينة القوة المشتركة موقع الانفجار والمنطقة المجاورة وهو وصل الى مرحلة تحليل المعطيات والمعلومات المتوافرة كما العناصر والمواد التي ضبطت في المكان للتمكن من تحديد طبيعة الانفجار وكيفية حصوله. وأكدت ان التحقيق يتم بطريقة علمية ودقيقة. وختمت بالتأكيد ان التحقيقات تحرز تقدما وهي ستعرض على الاطراف المعنية فور انتهائها ليبنى على الشيء مقتضاه.
«حزب الله»: الملفّقون معروفون بالأسماء
وقال عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله لـ«السفير» ان إقدام العدو الاسرائيلي مرة أخرى على التجسس عبر شريط مصور يتعقب سيارة لبنانية في الجنوب هو اعتداء صارخ على السيادة اللبنانية وخرق للقرار 1701، ويقدم من خلاله هذا العدو دليلا حسيا للامم المتحدة والمجتمع الدولي على أعمال التجسس التي يمارسها وهذا ما يتطلب مسارعة لبنان الى تقديم شكوى عاجلة الى الامم المتحدة استنادا الى الدليل المباشر الذي قدمه العدو بنفسه، كما ان «اليونيفيل» مدعوة الى تحمل مسؤولياتها الواضحة والتحقيق الفوري في هذا الخرق للقرار الدولي واعتباره عنصر إدانة للعدو لا لبس فيه.
أضاف: إن الفبركة الاعلامية ـ السياسية وحملة التلفيقات التي رافقت حادث طيرفلسيه لم تكن بريئة، بل جرت من جهات باتت معروفة لدينا بأشخاصها وأسمائها، وهي لا تتوانى عن الترويج لمعلومات ومعطيات كاذبة بهدف التشويش على المقاومة، حتى لو كان ذلك على حساب أمن لبنان واستقراره، وهو تشويش يلاقيه العدو على المقلب الآخر، ولكن لا يحصد منه سوى الفشل والخيبة.
وأشار فضل الله الى ان البعض، ومن دون تدقيق، تبنى المضمون الاسرائيلي للفيلم المصور ليقع في شر نواياه، وما شاهدناه يظهر حجم التلفيق والتزوير الاعلامي الذي مورس في هذه الحادثة، لافتا الانتباه الى ان العدو ومنذ آب 2006 لا يوفر جهدا إلا ويبذله من أجل التجسس على المقاومة وحركتها، بمختلف الوسائل، وهو حاول استخدام الفيلم الجوي قي هذا السياق ولكنه ارتد عليه.
جنبلاط:
لا بد من تزويد الجيش بدفاعات جوية
وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» تعليقا على رفع اسرائيل شكوى ضد لبنان على خلفية حادث عرضي في طيرفلسيه، ان « العدو الاسرائيلي سيخترع أي ذريعة للإضرار بالامن الوطني والقومي اللبناني، علما انه هو الذي ينتهك يوميا السيادة اللبنانية جواً وبراً وبحراً، وفي الأساس فإن وجود الطائرة، التي التقطت الصور، في الاجواء اللبنانية هو بحد ذاته انتهاك للقرار 1701، لان السؤال الذي يجب ان يطرح في هذا الاطار هو ماذا كانت تفعل طائرة معادية فوق بلدة جنوبية».
ولفت جنبلاط الانتباه الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي لبلدة الغجر فيما يقف المجتمع الدولي متفرجا، منتقدا ازدواجية المعايير في التعاطي. ودعا الاجهزة الامنية الى تكثيف التعاون في ما بينها لمواصلة ملاحقة شبكات التجسس الاسرائيلية التي توقفت فجأة عملية تفكيكها، وذلك منعا لاي مفاجآت او احتمالات سلبية.
وشدد على ضرورة تزويد الجيش اللبناني بأسلحة مضادة للطائرات والدبابات، ملاحظا ان كل الدول امتنعت حتى الآن عن تزويده بهذه الاسلحة، وتكتفي في أحسن الحالات بمساعدته في مجال التدريب.
صلوخ: سنحتج على الخرق الإسرائيلي
وظلّ وزير الخارجية فوزي صلوخ على تواصل مع رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، وتبلغ من قيادة الجيش معطيات أولية حول التحقيق الدولي اللبناني المشترك، ولكنه قال لـ«السفير» انه بعد حصوله على نسخة حول نتائج التحقيق، سيبادر خلال الساعات المقبلة الى ارسال كتاب الى بعثة لبنان في الأمم المتحدة، مرفقا بتقرير الجيش والقوات الدولية حول نتائج التحقيق، من أجل تسليمه الى الأمانة العامة، «ويتضمن دحضا للادعاءات والمزاعم الاسرائيلية وفي الوقت نفسه، نعرض فيه للخروقات الاسرائيلية المتمادية لسيادة لبنان، بما في ذلك التحليق الجوي فوق أجواء الجنوب اللبناني».
اضاف انه «سيتم توزيع نص التحقيق، كوثيقة رسمية، على اعضاء مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة، كما ندرس إمكان تقديم شكوى مضادة الى مجلس الامن احتجاجا على الخرق الإسرائيلي الجوي للقرار 1701وردا على الافتراءات التي روجها العدو».
أضاف صلوخ أن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 وهو نفذ ما كان ينبغي أن ينفذه بفاعلية بينما لم ينفذ الجانب الاسرائيلي أي بند من بنود هذا القرار حتى الآن.
واشنطن قلقة
وفي نيويورك، اعتبر نائب المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن اليخاندرو وولف، أن «الانفجار الذي شهدته قرية طيرفلسيه واستمرار وجود جماعات مسلحة بما في ذلك حزب الله في لبنان» يمثلان خطرا أكبر على السلم والأمن الدوليين». وتابع: إن الانفجار في طيرفلسيه، ومن قبله انفجار خربة سلم، يؤشران إلى انتهاك آخر للقرار 1701. وهذا الأمر يجب أن يكون مصدر قلق لنا جميعا. وأكد وولف استمرار دعم بلاده للتنفيذ الكامل للقرارين 1701 و1559، «بما في ذلك الدعوة إلى أن تكون كل الأسلحة في لبنان خاضعة لسيطرة الدولة».
إسرائيل: الإرهاب يحتل الجنوب
ورأت مندوبة اسرائيل في الأمم المتحدة غابرييلا شاليف تعليقا على حادثة طيرفلسيه أن «حزب الله يواصل تلقي أسلحة مميتة من رعاته والذين هم أعضاء في هذه المنظمة» في إشارة الى سوريا وإيران. واعتبرت أن «حزب الله يواصل بناء بنيته العسكرية التحتية وسط السكان المدنيين جنوب نهر الليطاني». كما زعمت أن أعضاء حزب الله «يهددون قوة «اليونيفيل» بشكل مفتوح ويعيقون تنفيذ صلاحياتها. وأضافت ان انفجار طيرفلسيه «يؤكد بشكل أكبر الخطر القائم في جنوب لبنان. إن جنوب لبنان يحتله إرهاب حزب الله

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا