تيار المستقبل من موجة جماهيرية متعاطفة إلى تنظيم متفلت من الضوابط
التصنيف: سياسة
2009-11-06 09:19 ص 1834
تحاول اللجنة الخماسية اليوم، لملمة أوراق «تيار المستقبل» المبعثرة، وشدشدة أوتاره كي تتمكن من عزف «لحن تنظيمي» سليم، لا يشكو من «نشاز» في وقت الأزمات. تضع نصب عينيها التحضير لمؤتمر عام يفترض أن يرى النور في أوائل العام المقبل، سيساهم في إعادة إطلاق العملية الحزبية، انتخابياً وفكرياً، وتعمل اللجنة اليوم، على تحديد مكوناته العناصرية.
سيتولى المؤتمر العام إجراء الانتخابات، الأمين العام، المكتب السياسي، الهيئة التنفيذية، فيما سيصار إلى انتخاب الرئيس من القاعدة بعد المؤتمر، كما سيتم إقرار الهيكلية التنظيمية بعد مناقشة التعديلات المقترحة، لـ«تيار المستقبل» الذي سيحافظ على تسميته.
الرئاسة محسومة لسعد الحريري، فيما الأمانة العامة يحوم حولها مجدداً اسم أحمد الحريري. سيناريو الاعتراض قد يفرض نفسه مرة أخرى، بانتظار المخرج اللائق.
حملت لجنة «تركة» الثغرات التي واجهها «التيار» في تجربته القصيرة في الزمن، ولكن المكثّفة بحسب أهله، ودارت بها بين المحازبين والمناصرين. كان لا بدّ من إعادة صياغة الهيكلية الداخلية للتيار في ضوء الملاحظات التي «تلملمها» اللجنة من هنا وهناك، من خلال التشاور مع القيادات الوسطية والقطاعية والقاعدة، حول كيفية تطبيق النص الذي يعيد النظر بالهيكلية القائمة، بناء على معطيات الأرض وممارسات المرحلة الماضية، بهدف الخروج بصيغة توحدّية بين المناطق والقطاعات، إلى جانب البحث عن إطار اندماجي يتطلب تحديد الصلاحيات والمهام.
بعد نشوء «الذراع الأمنية» للمستقبل اختلط الحابل بالنابل، ولعل منطقة الطريق الجديدة أبرز نماذج الاختلاط بين «المنطقين» و«رجالهما». فكان شباب «التيار» يتجنّبون تبني «بطولات» رجال الأمن، إلا أنهم كانوا يضطرون لمعالجة التداعيات اللاحقة. في كثير من الحالات كان النشاط على الأرض هو معيار الانتساب إلى التيار، سواء كان نشاطاً سياسياً، أو أمنياً!
كثيرة هي العقبات التي تواجه التنظيم الجديد، وتصعّب من مساره لا سيما إذا كان عزم على السير قدماً في هذا المشروع، وأبرزها:
ـ غياب الموارد المالية الثابتة، في ضوء التجربة السيئة التي سادت خلال المرحلة السابقة، والتي لا تشجع على المضي في هذا الاستثمار المفتوح.
ـ يفرز التنظيم صفوف المؤيدين، بين ملتزم يحظى بامتيازات الدرجة الأولى، وغير ملتزم يحظى بـ«فتات» الدرجة الثانية.
- المال الذي أفسد سمعة «التيار» في مناطق تواجده، وصار الهدف بالنسبة لـ«المستقبليين» بدل الوسيلة، ما يستدعي القيام بجهود جبارة لإعادة إطلاقه.
- غياب بنية تنظيمية متماسكة: لا اجتماعات للوحدات التنظيمية، ولا وجود لقيادات وسطية مؤهلة، بل مجرّد مزيج من مناصرين، منتفعين، «قبضايات»، «مفاتيح» انتخابية، و«مثيرين» للعصبية المذهبية... يلتقون، كلّ لأسبابه ضمن تركيبة يطغى عليها العامل الشخصي على الحزبي.
- يطغى الالتزام بشخص الحريري، الأب والابن، على الالتزام الحزبي، فيما تغيب الدورات التثقيفية والحصانة الحزبية، عن بال القيمين على التنظيم.
ـ أنزلت الورقة السياسية للحزب التي يفترض أن تكون الورقة الفكرية للتنظيم «بالبراشوت» على الحزبيين الذين لم يتمكنوا من مناقشتها أو إبداء رأيهم فيها.
ـ إسقاط الماكينات الانتخابية المناطقية على الهيكلية التنظيمية، فيتحول أحد المفاتيح الانتخابيين إلى مسؤول منطقة دون أن يخضع لاختبار معايير الكفاءة للموقع الحزبي. وفي ضوء غياب الالتزام الحزبي والإطار التنظيمي، باستثناء قطاعات المهن الحرّة، اضطرت القيادة إلى التعامل مع بعض الفاعليات المناطقية، كقيادات أمر واقع لدمجها في التركيبة الحزبية الناشئة، ولذا ثمة صعوبة في تنظيم هذه الحالة الشعبية.
أهداف اللجنة الخماسية
تضع اللجنة كما يقول النائب السابق مصطفى علوش نصب عينيها هدف تحويل «تيار المستقبل» من تيار سياسي فضفاض إلى حزب منظّم يحمل نواة صلبة قادرة على إدارة التيار، والانفتاح بشكل واسع على شرائح كبيرة من المجتمع، عبر المساهمة في إشراك المرأة والشباب ومختلف أطياف المجتمع اللبناني، إضافة إلى تعميم منطق الديموقراطية والثقافة السياسية لدى الكوادر، واحترام التراتبية داخل التيار.
ويبدو أن الاتجاه بحسب مصادر اللجنة، هو لرفع منسوب اللامركزية في العمل التنظيمي بهدف تكريس التفاعلية بين القيادة والقاعدة، وتمكين القاعدة من رفع الصوت عالياً كي يبلغ رأس الهرم عبر قنوات رسمية. ورغم أن التيار لا يزال طري العود، لا خوف من فتح الباب أمام مزيد من «جرعات» اللامركزية، لأن أي تنظيم بنظر المصادر يسعى للاستمرار، عليه أن يكون جاهزاً لأي تعديلات في نمط عمله وهيكليته بما يلبي احتياجات قاعدته وممارستها للعلاقة التنظيمية، دون أن يعني ذلك إسقاط تجربة أي حزب على حزب آخر. وبتقديرها فإن اللامركزية لا تعني الانفلاش أو تحويل الحزب إلى «فرانشايز» يمنح امتيازات إلى مجموعات مناطقية.
وتبنى اللامركزية بنظر علوش على منطق الانتخابات، وإمكانية التمويل الذاتي أو التمويل المسبق لأنشطة حزبية لتشجيع المبادرات الفردية ضمن الأطر الحزبية.
يقول علوش إنه لن يتم اختراع مناصرين أو محازبين، بل سيتم الاعتماد على ناشطين في التيار وفي الماكينات الانتخابية للاستفادة من خبراتهم، حيث سيكون المعيار هو نجاح أو فشل تلك التجربة للانضمام إلى القطار الحزبي.
لا يقف طموح «تيار المستقبل» عند سقف مخاطبة الشارع السني، كما تشير المصادر، بل يتطلّع إلى المواطن، اللبناني، أياً يكن انتماؤه الطائفي. وإن دفع اغتيال الرئيس الحريري غالبية الشارع السني إلى الوقوف إلى جانب «تيار المستقبل» فهذا فخر له، ولكن لا يفترض إغفال طموح الرئيس الشهيد طوال مسيرته السياسية لإرضاء كلّ اللبنانيين. و«تيار المستقبل» هو مؤتمن اليوم على هذا الإرث. لم تتضمن أدبيات التيار الحالية والموروثة، أي كلام موجه إلى طائفة بحدّ ذاتها، وحتى في الممارسة لم يميز الحريري بين مواطن وآخر فكيف يمكن لتياره أن يسلك مساراً مغايراً؟
ولذلك فإن الكلام الذي يضع «تيار المستقبل» في خانة مذهبية مقفلة، هو وهم، وسيسقط في الممارسة، وفقاً للمصادر، كما لا يمكن تحميل القيادة مسؤولية التأييد الذي تلقاه راهناً من جمهور معين، لأنها لم تتقصد يوماً التوجه إلى هذا الجمهور وحده. لا مفردات دينية في قاموسها، ولا تعابير فئوية، وإن كانت تنكفئ في بعض المناطق وذلك لأسباب تتعلق، إما بانطواء هذه المناطق على ذاتها، وإما لتجنب استفزاز سياسي لا مصلحة للتيار فيه.
في طليعة أهداف «التيار»، بحسب المصادر، تكريس المواطنية قولاً وممارسة، التي تتنافى مع مفهوم المذهبية والطائفية، وذلك عملاً بـ«وصايا» الرئيس الراحل الذي توجهت كلّ نشاطاته نحو المواطن اللبناني، وهذا رصيد كبير على التيار أن يحافظ عليه.
تيار مقفل أو متفلت؟
ثمة نقاش مكثف، على المستوى الرسمي تقوده اللجنة الخماسية، وعلى مستوى غير رسمي، تشهده أروقة القادة «المستقبليين»، تتمحور حول جدوى إقفال التيار تنظيمياً، وحول فوائد التفلّت من ضوابط الأطر التنظيمية، علماً بأن القرار نهائي في تأطير موجة التأييد التي يستقطبها «التيار»، غير أن البحث جار حول إمكانية الإبقاء على الأطر التنظيمية الفضفاضة أو العمل على تضييقها. ولا تزال تلك التساؤلات الكبيرة من دون إجابات بانتظار سلة المشاورات. المهم هو الإبقاء على علاقة تفاعلية، سواء كانت محكومة بسياسة البطاقات الحزبية أو متحررة منها.
ويزيد علوش على هذا الكلام مؤكداً أن ثمة قرارا نهائيا بتأطير التيار، إلا أنه لن يكون تياراً مقفلاً، بل منفتحاً وقادراً على الاستيعاب، على أن يحفظ في داخله نواة «التيار» من حزبيين ملتزمين، في موازاة شريحة من المناصرين غير الحزبيين، الذين سيتم ربطهم إلى الهيكلية الحزبية من خلال المناطق، ومن خلال القطاعات المهنية التي ستتولى أيضاً التنسيق مع المناصرين.
يوم أطلقت الورقة السياسية كان الهمّ الانتخابي هو الغالب. رأت النور عشية الاستحقاق النيابي، وبدا أن الرسالة موجهة إلى الناخبين لا الى المحازبين. كثيرة هي الملاحظات التي سجلت وتسجّل على الورقة، بعضهم قال إنها منتج ترويجي قامت بتصنيعه شركة إعلانات، البعض الآخر افتقد الفكر العقائدي فيها، والهوية، صاغها عقل تسووي، فوجدها من دون «طعم أو لون أو رائحة». ولكن القيّمين على «التيار» يقيمون الورقة إيجابياً وإلا لما طرحت أمام الجمهور، فهي عصارة نقاشات مكثفة، وأفكار كثيرة، وهي لم تطرح من باب «الديكور» المكمل للبيت الحزبي، لأن البراعة ليست في استقطاب الجمهور فقط بل في جذب تأييد واعٍ للأفكار التي نطرحها، وهذا ما نحاول ممارسته. الحيوية التي أبداها الشارع هي تشجيع للانطلاق، ولذا يفترض وضع سند فكري للمبادرات الشعبية، وصياغة رؤية جديدة.
في تقدير علوش أن المفهوم العقائدي بات من الماضي لأنه يجمّد إمكانيات الحوار كونه فكراً مقفلاً، لا يفتح المجال أمام التطور. ولهذا فإن الورقة السياسية لـ«تيار المستقبل» تعتمد على الفكر الليبرالي الإنساني الجدلي، القادر على تطوير نفسه، مع المحافظة على ثوابت أساسية والالتزامات القومية والوطنية، لكن التوجهات الاقتصادية والسياسية تبنى على أساس جدلية الوقت والحدث. هذا البناء يسعى، بنظر علوش إلى تخليص «المستقبل» من الوقوع تحت رحمة العاطفة من جهة، وتحت منطق الريعية والمساعدات من جهة أخرى، بهدف تحفيز عامل الالتزام الحزبي على غيره من العوامل، ولكن هذا لا يمنع بعض المناصرين من أن يبقوا تحت تأثير العوامل الأخرى.
الوقوف عند رأي القاعدة قد يلاقى بحماسة وقد يواجه بامتعاض، ولكن بالنهاية، فإن الحوار هو ما يحكم العلاقة، وقبل إقرار الصيغة النهائية للتنظيم، سوف تعرض على قواعد التيار لإبداء الملاحظات والتوضيحات والتعديلات المقترحة قبل أن يصبح نصاً نهائياً»، كما يشير علوش.
أما بشأن المال، فلفتت المصادر إلى أنه اتهام مبهم لأنه يحوّل ما يقدمه الرئيس الشهيد من مبادرات إنسانية إلى نوع من المثالب، علماً بأن المال لم يقدّم إلى الناس من دون مبرر، ولذلك فإن التحدي اليوم هو في تحويل الولاء عن مصلحة إلى ولاء سياسي لمشروع يخدم كلّ اللبنانيين.
لم تعدّل الورشة التنظيمية في مسار غير المحبذين لمبدئها، وفي تقديرهم لا قدرة لأي تنظيم في حماية سعد الحريري، وحده جمهوره يملك هذا «السلاح»
سيتولى المؤتمر العام إجراء الانتخابات، الأمين العام، المكتب السياسي، الهيئة التنفيذية، فيما سيصار إلى انتخاب الرئيس من القاعدة بعد المؤتمر، كما سيتم إقرار الهيكلية التنظيمية بعد مناقشة التعديلات المقترحة، لـ«تيار المستقبل» الذي سيحافظ على تسميته.
الرئاسة محسومة لسعد الحريري، فيما الأمانة العامة يحوم حولها مجدداً اسم أحمد الحريري. سيناريو الاعتراض قد يفرض نفسه مرة أخرى، بانتظار المخرج اللائق.
حملت لجنة «تركة» الثغرات التي واجهها «التيار» في تجربته القصيرة في الزمن، ولكن المكثّفة بحسب أهله، ودارت بها بين المحازبين والمناصرين. كان لا بدّ من إعادة صياغة الهيكلية الداخلية للتيار في ضوء الملاحظات التي «تلملمها» اللجنة من هنا وهناك، من خلال التشاور مع القيادات الوسطية والقطاعية والقاعدة، حول كيفية تطبيق النص الذي يعيد النظر بالهيكلية القائمة، بناء على معطيات الأرض وممارسات المرحلة الماضية، بهدف الخروج بصيغة توحدّية بين المناطق والقطاعات، إلى جانب البحث عن إطار اندماجي يتطلب تحديد الصلاحيات والمهام.
بعد نشوء «الذراع الأمنية» للمستقبل اختلط الحابل بالنابل، ولعل منطقة الطريق الجديدة أبرز نماذج الاختلاط بين «المنطقين» و«رجالهما». فكان شباب «التيار» يتجنّبون تبني «بطولات» رجال الأمن، إلا أنهم كانوا يضطرون لمعالجة التداعيات اللاحقة. في كثير من الحالات كان النشاط على الأرض هو معيار الانتساب إلى التيار، سواء كان نشاطاً سياسياً، أو أمنياً!
كثيرة هي العقبات التي تواجه التنظيم الجديد، وتصعّب من مساره لا سيما إذا كان عزم على السير قدماً في هذا المشروع، وأبرزها:
ـ غياب الموارد المالية الثابتة، في ضوء التجربة السيئة التي سادت خلال المرحلة السابقة، والتي لا تشجع على المضي في هذا الاستثمار المفتوح.
ـ يفرز التنظيم صفوف المؤيدين، بين ملتزم يحظى بامتيازات الدرجة الأولى، وغير ملتزم يحظى بـ«فتات» الدرجة الثانية.
- المال الذي أفسد سمعة «التيار» في مناطق تواجده، وصار الهدف بالنسبة لـ«المستقبليين» بدل الوسيلة، ما يستدعي القيام بجهود جبارة لإعادة إطلاقه.
- غياب بنية تنظيمية متماسكة: لا اجتماعات للوحدات التنظيمية، ولا وجود لقيادات وسطية مؤهلة، بل مجرّد مزيج من مناصرين، منتفعين، «قبضايات»، «مفاتيح» انتخابية، و«مثيرين» للعصبية المذهبية... يلتقون، كلّ لأسبابه ضمن تركيبة يطغى عليها العامل الشخصي على الحزبي.
- يطغى الالتزام بشخص الحريري، الأب والابن، على الالتزام الحزبي، فيما تغيب الدورات التثقيفية والحصانة الحزبية، عن بال القيمين على التنظيم.
ـ أنزلت الورقة السياسية للحزب التي يفترض أن تكون الورقة الفكرية للتنظيم «بالبراشوت» على الحزبيين الذين لم يتمكنوا من مناقشتها أو إبداء رأيهم فيها.
ـ إسقاط الماكينات الانتخابية المناطقية على الهيكلية التنظيمية، فيتحول أحد المفاتيح الانتخابيين إلى مسؤول منطقة دون أن يخضع لاختبار معايير الكفاءة للموقع الحزبي. وفي ضوء غياب الالتزام الحزبي والإطار التنظيمي، باستثناء قطاعات المهن الحرّة، اضطرت القيادة إلى التعامل مع بعض الفاعليات المناطقية، كقيادات أمر واقع لدمجها في التركيبة الحزبية الناشئة، ولذا ثمة صعوبة في تنظيم هذه الحالة الشعبية.
أهداف اللجنة الخماسية
تضع اللجنة كما يقول النائب السابق مصطفى علوش نصب عينيها هدف تحويل «تيار المستقبل» من تيار سياسي فضفاض إلى حزب منظّم يحمل نواة صلبة قادرة على إدارة التيار، والانفتاح بشكل واسع على شرائح كبيرة من المجتمع، عبر المساهمة في إشراك المرأة والشباب ومختلف أطياف المجتمع اللبناني، إضافة إلى تعميم منطق الديموقراطية والثقافة السياسية لدى الكوادر، واحترام التراتبية داخل التيار.
ويبدو أن الاتجاه بحسب مصادر اللجنة، هو لرفع منسوب اللامركزية في العمل التنظيمي بهدف تكريس التفاعلية بين القيادة والقاعدة، وتمكين القاعدة من رفع الصوت عالياً كي يبلغ رأس الهرم عبر قنوات رسمية. ورغم أن التيار لا يزال طري العود، لا خوف من فتح الباب أمام مزيد من «جرعات» اللامركزية، لأن أي تنظيم بنظر المصادر يسعى للاستمرار، عليه أن يكون جاهزاً لأي تعديلات في نمط عمله وهيكليته بما يلبي احتياجات قاعدته وممارستها للعلاقة التنظيمية، دون أن يعني ذلك إسقاط تجربة أي حزب على حزب آخر. وبتقديرها فإن اللامركزية لا تعني الانفلاش أو تحويل الحزب إلى «فرانشايز» يمنح امتيازات إلى مجموعات مناطقية.
وتبنى اللامركزية بنظر علوش على منطق الانتخابات، وإمكانية التمويل الذاتي أو التمويل المسبق لأنشطة حزبية لتشجيع المبادرات الفردية ضمن الأطر الحزبية.
يقول علوش إنه لن يتم اختراع مناصرين أو محازبين، بل سيتم الاعتماد على ناشطين في التيار وفي الماكينات الانتخابية للاستفادة من خبراتهم، حيث سيكون المعيار هو نجاح أو فشل تلك التجربة للانضمام إلى القطار الحزبي.
لا يقف طموح «تيار المستقبل» عند سقف مخاطبة الشارع السني، كما تشير المصادر، بل يتطلّع إلى المواطن، اللبناني، أياً يكن انتماؤه الطائفي. وإن دفع اغتيال الرئيس الحريري غالبية الشارع السني إلى الوقوف إلى جانب «تيار المستقبل» فهذا فخر له، ولكن لا يفترض إغفال طموح الرئيس الشهيد طوال مسيرته السياسية لإرضاء كلّ اللبنانيين. و«تيار المستقبل» هو مؤتمن اليوم على هذا الإرث. لم تتضمن أدبيات التيار الحالية والموروثة، أي كلام موجه إلى طائفة بحدّ ذاتها، وحتى في الممارسة لم يميز الحريري بين مواطن وآخر فكيف يمكن لتياره أن يسلك مساراً مغايراً؟
ولذلك فإن الكلام الذي يضع «تيار المستقبل» في خانة مذهبية مقفلة، هو وهم، وسيسقط في الممارسة، وفقاً للمصادر، كما لا يمكن تحميل القيادة مسؤولية التأييد الذي تلقاه راهناً من جمهور معين، لأنها لم تتقصد يوماً التوجه إلى هذا الجمهور وحده. لا مفردات دينية في قاموسها، ولا تعابير فئوية، وإن كانت تنكفئ في بعض المناطق وذلك لأسباب تتعلق، إما بانطواء هذه المناطق على ذاتها، وإما لتجنب استفزاز سياسي لا مصلحة للتيار فيه.
في طليعة أهداف «التيار»، بحسب المصادر، تكريس المواطنية قولاً وممارسة، التي تتنافى مع مفهوم المذهبية والطائفية، وذلك عملاً بـ«وصايا» الرئيس الراحل الذي توجهت كلّ نشاطاته نحو المواطن اللبناني، وهذا رصيد كبير على التيار أن يحافظ عليه.
تيار مقفل أو متفلت؟
ثمة نقاش مكثف، على المستوى الرسمي تقوده اللجنة الخماسية، وعلى مستوى غير رسمي، تشهده أروقة القادة «المستقبليين»، تتمحور حول جدوى إقفال التيار تنظيمياً، وحول فوائد التفلّت من ضوابط الأطر التنظيمية، علماً بأن القرار نهائي في تأطير موجة التأييد التي يستقطبها «التيار»، غير أن البحث جار حول إمكانية الإبقاء على الأطر التنظيمية الفضفاضة أو العمل على تضييقها. ولا تزال تلك التساؤلات الكبيرة من دون إجابات بانتظار سلة المشاورات. المهم هو الإبقاء على علاقة تفاعلية، سواء كانت محكومة بسياسة البطاقات الحزبية أو متحررة منها.
ويزيد علوش على هذا الكلام مؤكداً أن ثمة قرارا نهائيا بتأطير التيار، إلا أنه لن يكون تياراً مقفلاً، بل منفتحاً وقادراً على الاستيعاب، على أن يحفظ في داخله نواة «التيار» من حزبيين ملتزمين، في موازاة شريحة من المناصرين غير الحزبيين، الذين سيتم ربطهم إلى الهيكلية الحزبية من خلال المناطق، ومن خلال القطاعات المهنية التي ستتولى أيضاً التنسيق مع المناصرين.
يوم أطلقت الورقة السياسية كان الهمّ الانتخابي هو الغالب. رأت النور عشية الاستحقاق النيابي، وبدا أن الرسالة موجهة إلى الناخبين لا الى المحازبين. كثيرة هي الملاحظات التي سجلت وتسجّل على الورقة، بعضهم قال إنها منتج ترويجي قامت بتصنيعه شركة إعلانات، البعض الآخر افتقد الفكر العقائدي فيها، والهوية، صاغها عقل تسووي، فوجدها من دون «طعم أو لون أو رائحة». ولكن القيّمين على «التيار» يقيمون الورقة إيجابياً وإلا لما طرحت أمام الجمهور، فهي عصارة نقاشات مكثفة، وأفكار كثيرة، وهي لم تطرح من باب «الديكور» المكمل للبيت الحزبي، لأن البراعة ليست في استقطاب الجمهور فقط بل في جذب تأييد واعٍ للأفكار التي نطرحها، وهذا ما نحاول ممارسته. الحيوية التي أبداها الشارع هي تشجيع للانطلاق، ولذا يفترض وضع سند فكري للمبادرات الشعبية، وصياغة رؤية جديدة.
في تقدير علوش أن المفهوم العقائدي بات من الماضي لأنه يجمّد إمكانيات الحوار كونه فكراً مقفلاً، لا يفتح المجال أمام التطور. ولهذا فإن الورقة السياسية لـ«تيار المستقبل» تعتمد على الفكر الليبرالي الإنساني الجدلي، القادر على تطوير نفسه، مع المحافظة على ثوابت أساسية والالتزامات القومية والوطنية، لكن التوجهات الاقتصادية والسياسية تبنى على أساس جدلية الوقت والحدث. هذا البناء يسعى، بنظر علوش إلى تخليص «المستقبل» من الوقوع تحت رحمة العاطفة من جهة، وتحت منطق الريعية والمساعدات من جهة أخرى، بهدف تحفيز عامل الالتزام الحزبي على غيره من العوامل، ولكن هذا لا يمنع بعض المناصرين من أن يبقوا تحت تأثير العوامل الأخرى.
الوقوف عند رأي القاعدة قد يلاقى بحماسة وقد يواجه بامتعاض، ولكن بالنهاية، فإن الحوار هو ما يحكم العلاقة، وقبل إقرار الصيغة النهائية للتنظيم، سوف تعرض على قواعد التيار لإبداء الملاحظات والتوضيحات والتعديلات المقترحة قبل أن يصبح نصاً نهائياً»، كما يشير علوش.
أما بشأن المال، فلفتت المصادر إلى أنه اتهام مبهم لأنه يحوّل ما يقدمه الرئيس الشهيد من مبادرات إنسانية إلى نوع من المثالب، علماً بأن المال لم يقدّم إلى الناس من دون مبرر، ولذلك فإن التحدي اليوم هو في تحويل الولاء عن مصلحة إلى ولاء سياسي لمشروع يخدم كلّ اللبنانيين.
لم تعدّل الورشة التنظيمية في مسار غير المحبذين لمبدئها، وفي تقديرهم لا قدرة لأي تنظيم في حماية سعد الحريري، وحده جمهوره يملك هذا «السلاح»
أخبار ذات صلة
بهية الحريري تنقل باسم الرئيس الحريري التهاني الى رئيس الجمهورية
2025-01-21 07:36 م 44
لم أعد أي جهة"... سلام: وزارة المال ليست حكراً لأحد
2025-01-21 07:34 م 45
أسامة سعد في الذكرى 40 لمحاولة اغتيال رمز المقاومة الوطنية المناضل الراحل مصطفى سعد:
2025-01-21 05:29 م 49
أكبر عملية ترحيل" بتاريخ أميركا.. ترامب ليس أول من ينفذها
2025-01-21 06:03 ص 59
الشرع: ترامب قادر على تحقيق السلام في الشرق الأوسط
2025-01-21 06:01 ص 41
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة
2024-12-19 01:42 م
حبلي زار السعودي وتم التباحث في شؤون المدينة