×

نوّاف سلام: لم نعد ملفّاً على طاولة مجلس الأمن

التصنيف: سياسة

2009-12-16  06:04 ص  1211

 

مذ تأسست الأمم المتحدة إلى اليوم، شغل لبنان مقعداً غير دائم مرة واحدة (1953 و1954) حلّ فيه شارل مالك. في 15 تشرين الأول 2009 انتخب للمرة الثانية وحلّ فيه السفير نوّاف سلام الذي يقول لـ«الأخبار» إن للبنان رسالة في مهمته الجديدة هي إعلاء القانون الدولي لأنه يدرك مغزى فرض منطق القوة. سيكون لبنان صوت قضايا العرب. لكنه ينادي أيضاً، من داخل مجلس الأمن، بإصلاحه كي يصبح معبّراً عن التغييرات التي طرأت على العالم

أجراها: نقولا ناصيف
يقول نواف سلام إن المقعد غير الدائم للبنان بدأ الإعداد له عام 1996 عندما طُرح ترشيحه بقرار من الجامعة العربية، انضمّت إليه منظمة دول المؤتمر الإسلامي، ثم الدول الآسيوية في الأمم المتحدة. ويضيف: «عدم استمرار ترشيحنا كان سيبدو رسالة خاطئة إلى العالم بأننا دولة فاشلة أو شبه فاشلة، أو دولة عاجزة وغير قادرة على صنع سياستها الخارجية. بذلنا أقصى جهدنا كي نؤكد أن لبنان يثابر على استعادة عافيته والخروج من أزماته. كان الرئيس ميشال سليمان حاسماً، سواء في الإصرار على استمرار الترشح كما في خطابه في الأمم المتحدة العام الماضي، أو في دعوته الدول الى دعم هذا الترشيح، كما في البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة. انتخابنا في مجلس الأمن، بالعدد الكبير من الأصوات التي حازها وهو 180 صوتاً من 192 صوتاً، كان تجديد ثقة بلبنان. وقد لمست بدوري أنه لا يزال يحظى باحترام المجتمع الدولي والتطلع إلى دور يمكنه الاضطلاع به. كان انتخابنا للعضوية قبل تأليف الحكومة، وهو سبب آخر لتبرير الثقة الدولية بنا. أضف أن مقعدنا في مجلس الأمن يعزّز وضعنا التفاوضي حيال الدول الكبرى، ويجعلنا صوتاً قوياً داخل مجلس الأمن للدفاع عن قضايانا وقضايا العرب. أصبحنا إلى طاولة مجلس الأمن بعدما كنا خارجه، وأكسبنا ذلك قيمة مضافة حيال الدول الأخرى التي ستحتاج إلى صوت لبنان ودوره، وإلى إكساب الوضع العربي حالاً مميّزة لكون لبنان سيمثّل العرب في السنتين المقبلتين. تخوّف البعض من أن تفضي العضوية إلى مشكلة داخلية بين اللبنانيين حيال ملفات حساسة. واقع الأمر أن لبنان، مذ دخل إلى مجلس الأمن، لم يعد ملفاً على طاولته. لا هو مشكلة ولا مادة للتفاوض، بل طرف جالس إلى الطاولة لا عليها. ولا يزال وضعنا، على هشاشته والمشكلات التي نعانيها في الداخل، أصلب من أعضاء آخرين في المجلس وأمتن. سبقتنا إلى العضوية أخيراً دول كبلجيكا واجهت بعد انتخابها فيه أزمة حكومية استمرت أشهراً. وجودنا في المجلس لن يحملنا على تمثيل العرب فحسب، بل أيضاً على همّ تحقيق الإجماع العربي. وما دام هناك إجماع عربي، يقوى دور لبنان الذي يمثّل جزءاً من هذا الإجماع، ولا يمكن عندئذ أن يكون موقفه مختلفاً عن الإجماع العربي. لا إجماع عربياً لا يكون لبنان طرفاً فيه».
وعندما يقع الانقسام العربي، هل يبدأ إحراج موقع لبنان؟
يجيب سلام: «للبنان مصالحه التي يدافع عنها. إذا كان ثمّة إجماع فهو يعزّز دوره، وفي حال غياب هذا الإجماع لا يسعه إلا العمل على تحقيق أوسع تلاق عربي يلامس الإجماع من دون تخلّي لبنان عن مصالحه».
وهل تحرج عضويته في مجلس الأمن الموقف اللبناني الذي لا يزال يواجه امتحان دعوة المجلس له إلى تطبيق القرارين 1559 و1701، يجلس إلى طاولة التصويت على قرارات فيما يؤخذ عليه عدم استكماله تطبيق قرارات تتصل به؟
يقول سلام: «في ما يتعلق بالقرار 1701، في بيروت أو في نيويورك، طالبنا بالتطبيق الكامل له، وفق التعبير الدبلوماسي، بكل مندرجاته. لبنان يعتبر أنه طبّق من جانبه القرار 1701 كاملاً ولا يزال يصرّ على مطالبة إسرائيل بوقف انتهاكها السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، ونحن نرسل باستمرار تقارير مفصلة إلى المجلس لمطالبته بالتأكيد على إسرائيل أن تحترم السيادة اللبنانية والانسحاب الكامل من بلدة الغجر. نطالب أيضاً الأمم المتحدة بالقيام بما هو مطلوب منها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ونطالب إسرائيل باستكمال تسليمنا خرائط القنابل العنقودية التي ألقتها في الجنوب. بل الأصح أننا نستنفر الأمم المتحدة والقرار 1701 لحمل إسرائيل على تطبيقه كاملاً».
لكنها تتهم لبنان بعدم تطبيق القرار وتتذرّع بسلاح حزب الله؟
يضيف سلام: «قلت مراراً في مداخلاتي ومراسلاتي في مجلس الأمن، كلما انطلق صاروخ من الأراضي اللبنانية أو وقع انفجار في مكان ما هناك، إنه ليس لإسرائيل القيام بردّ فعل، بل يلحظ القرار 1701 آلية للمعالجة من خلال القوة الدولية، وإن على إسرائيل احترام هذه الآلية والتزامها. ولكن ليس لها المبادرة بالاعتداء على لبنان كرّد فعل والتذرّع بالمادة 51 من شرعة الأمم المتحدة لتبرير الاعتداء بالقول إنها تدافع عن نفسها. الدفاع عن النفس لا يدخل في هذا السياق، أبرزنا في مجلس الأمن أكثر من مطالعة قانونية تؤكد صحة الموقف اللبناني».
والقرار 1559؟
«عند البحث في اللجنة الخامسة للجمعية العموميّة المنوطة بها المسائل المالية والإدارية التي تعدّ موازنات بعثات الأمم المتحدة إلى الخارج، قلنا للجنة إنه يتعيّن إبراز مؤشرات الإنجازات. القرار 1559 يتحدّث عن احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، ويتعيّن تبيان إخلال إسرائيل بتنفيذ القرار لأنها لم تحترمه ولا تزال تحتل أراضي في الغجر ومزارع شبعا ولم تنسحب منها، بإقرار الأمم المتحدة، فيما الجيش السوري انسحب وتأكد انسحابه الشامل. القرار 1559 لا يسمّي سوريا بل يقول باحترام سيادة لبنان وخلوّه من جيوش أجنبية على أراضيه. طالبنا في كتب رسمية إلى الأمانة العامة بتعديل مؤشرات الإنجاز والأخذ بتطور العلاقات اللبنانية ـــــ السورية وبداية العمل على التبادل الدبلوماسي. أما في موضوع سلاح حزب الله، فطالبنا في كتاب رسمي بالأخذ بقرارات الحوار الوطني وانطلاق الحوار برئاسة رئيس الجمهورية توصلاً إلى الاتفاق على استراتيجيا دفاعية شاملة للبنان، وهي مطروحة الآن على طاولة الحوار الوطني».
لكن الأميركيين يطالبون باستمرار باستكمال تطبيق القرار 1559؟
يقول السفير في نيويورك: «لست معنياً بما يقوله الأميركيون. هناك موقف آخر للفرنسيين والروس. أنا معني كبعثة لبنانية في الأمم المتحدة بما يقوله لي البيان الوزاري الذي هو دستور عملنا هناك ليس إلا».
طالبنا مراراً بمؤشّر الإنجازات لإلزام إسرائيل أيضاً احترام القرار 1559
وكيف يترجم علاقته بالسفير السوري بشار الجعفري: «هي علاقة ودّية وعلاقة عمل. أنا على تواصل معه ومع السفراء العرب، ونعقد اجتماعات دورية لمناقشة الملفات الكبرى التي تواجهنا في مجلس الأمن وأخصّها الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. ونحن على تنسيق كامل. الأمر لا يتعلق بالبعثة السورية وحدها. هناك لاعبون عرب آخرون كل بحسب الملفات التي تعنيه. هناك سفراء السودان والصومال وفلسطين الذين لهم أزماتهم أيضاً. موضوع الصومال مهم للغاية في مجلس الأمن سواء بالنسبة إلى داخله أو لجهة تنفيذ اتفاق جيبوتي، أو لجهة إرسال قوات حفظ سلام إليه وهل تكون قوات حفظ سلام دولية أم قوات حفظ سلام أفريقية بقرار دولي. هناك أيضاً القرصنة في القرن الأفريقي. هناك أزمات السودان التي لا تقتصر على دارفور بل أيضاً العملية السياسية واستفتاء السنة المقبلة. وأيضاً أزمات عربية أخرى كالذي بين جيبوتي وأريتريا، والعراق، والأزمة العراقية ـــــ الكويتية، ومشكلة الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب وموريتانيا، ناهيك بالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان. عدد كبير من الملفات العربية التي هي في ذاتها أزمات شائكة، على بعثة لبنان كعضو غير دائم متابعتها بدأب والبقاء على اتصال برؤساء بعثات الدول المعنية. في المقابل ثمّة مواضيع يقاربها مجلس الأمن في ذاتها. ليس على جدول أعماله ملف اسمه إيران أو كوريا، بل أخطار انتشار الأسلحة النووية والمحاكم الدولية والأطفال والمدنيين والمرأة في النزاعات المسلحة وبناء السلام، إلى أزمات تمتد من هايتي في القارة الأميركية مروراً بجورجيا وكوسوفو والبوسنة إلى أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والعراق، وصولاً إلى أفريقيا التي تستحوذ على 65 في المئة من مناقشات المجلس، وتشمل، إلى الصومال والسودان، البحيرات الكبرى والكونغو. عام 2008 عقد مجلس الأمن 219 جلسة رسمية، و18 اجتماعاً مع الدول المساهمة في عمليات حفظ السلام، و177 جلسة مشاورات، أي بمعدل اجتماع يومياً».
يضيف سلام: «كبلد صغير، نعتبر أن لنا رسالة هي الدفاع عن قضايانا وقضايا العرب لأنها محقة. ستكون لنا رسالة في إعلاء دور القانون الدولي في حلّ النزاعات. إما أن نكون مع الشرعية الدولية وسيادة القانون، وإما مع منطق القوي والغالب. في مقابل منطق القوة سنقول بمنطق القانون. كبلد صغير، ندرك أكثر القانون الدولي في الدفاع عن الصغير في مواجهة الكبير، والضعيف في مواجهة القوي، والفقير في مواجهة الغني».




رفع انتخاب لبنان عضواً غير دائم أعضاء البعثة من سفير و3 دبلوماسيين (كارولين زيادة وأسامة خشّاب وبريجيت طوق) إلى 9 دبلوماسيين (إبراهيم عساف ومجدي رمضان وتوفيق جابر وفادي زيادة وعلي قرانوح). وهي البعثة اللبنانية الأكبر في الخارج، لكنها الأصغر بين أعضاء مجلس الأمن.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا