×

جيسيكا ألْبا: جسدي غرناطة التي احتلَّت الجميع...

التصنيف: أمن

2013-07-24  12:40 م  1778

 
سميح صوايا الراضي: 
الجسدُ الإسباني الذي اقتحم هناءةَ الشمال، جيسيكا ألبا، لم يترك للأمريكيين أي خيار ثانٍ، إمّا إعاة النظر بالمفهوم الايروتيكي للهوية، وإمّا ان امبراطورية الاسبان بعيد سقوط غرناطة، ستعود مجددا الى شواطئ كاليفورنيا. والأمريكيون أعظم شعب بتقبّل الآخر، لا سياسة عند الأمريكي إذا تعلق الأمر بالقيمة المفتوحة للأنا. الجسدُ، كشهوة، كأداة شهوة، كموضوع لها، كفضاء، هو إضافة أمريكية لتعريف الكائن : أنتَ جسدٌ إذاً أنتَ موجود. الأمريكيون بعد وراثتهم كل الامبراطوريات العاجزة عن النظر الى الساعة، باتوا الآن أقوى من أي مغزى روحي لايفهم السطة المعرفية التي يعلن عنها جسد جيسيكا ألبا.

جيسيكا لم تجذب عدسات الكاميرا، في الليل والنهار، نحو حركاتها، وحسب، ولم تترك المصورين يحلمون حتى بالتقاط صورة لمنديلها، وحسب، بل فاجأت كل عارضات الأزياء، وكل ممثلات العالم، وهي من أفضلهن، بأنها فائزة بجائزة أكثر الأجساد النسوية تناسقاً في العالم عام 2008 م. لم يكن يحسب الناظر أن هذا الجسد الذي يحاصره هو تصميم دقيق كرقائق الحاسوب ومتناسق كلكمة محمد علي كلاي. هنا لن ننسى أقدم تعريف يوناني للجَمال، قيل واشتغلت عليه الفلسفة الامبراطورية تمهيداً لظهور جيسيكا : "الجَمال هو التناسق" .


النظر الى جسد جيسيكا كالنظر الى الطبيعة، لامجال لخطأ في الحسابات، الكون مصمم بعناية فائقة، بهندسة فريدة، لايمكن أن تقدم شيئا أو تؤخر، أي تعديل يعني انهيار الكون. أي تعديل يعني أن جيسيكا لم تولَد بعد. جيسيكا، في هذا المعنى، برهانٌ فلسفي على الهندسة الكونية، كل ملليمتر من جسدها خليةٌ تتساقط منها ثقافة الشعوب. في كل ميليمتر سفنٌ ستحضر توابل الهند وعنب الشام والذهب الاسباني. قال قائد عسكري لحظة سقوط غرناطة بعدما رأى أبنية تتهدم للعرب : " تبّاً، لقد خسرنا حضارة عظيمة" . خسارة ستُرَدّ في التناسق،لقد سبق وقال شغف محي ابن عربي بالحروف وسحرها الجسدي: " حروفٌ ثلاثة تختصر معنى البداية والنهاية هي الواو والميم والنون"، ذلك انها الحروف الوحيدة التي ينتهي نطقها بالحرف الذي ابتدأت به. لتلفظ النون تبدأ وتنتهي بالنون وكذلك الواو والميم. نحن الآن مع الحرف الرابع جيسيكا، يبدأ الجسد معي، وينتهي، تقول ألْبا، وكل مادمّر في القرن الخامس عشر أستعيده بالتناسق. وتضيف : سمرة حارقة من بلاد صقر قريش، وتناسق جسدي لايأتي بلا ثقافة خلط الأنساب.

كل ملليمتر من هذا التكوين الاستعماري جاء ليقول ويثرثر. جسدي حضارة. تقول جيسيكا، والقصة التي أرويها تبدأ من حيث تنتهي، كحرف النون والواو والميم. لاتضعوا نقودكم في سلّة الغياب. أفكر بالاسبانية، وأتحدث بجسدي الأمريكي، وفي عيني لمعةٌ تودّع جزءا ضاع في القرن الخامس عشر.

تقول جيسيكا: جسدي غرناطة التي احتلّتِ الجميع.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا