×

سوق العمل الصيداوي.. قلّة الفرص وتداخل المتغيّرات

التصنيف: إقتصاد

2013-11-06  11:37 ص  1025

 

 سامر زعيتر - اللواء

ما بين السير على خطى الآباء في البقاء داخل الوطن وفتح مصالح خاصة، أو السفر إلى دول الاغتراب، تبقى الخيارات مفتوحة، ولكن ما تلبث أن تضيق يوماً بعد آخر...
واقع يكرّسه سوق العمل الصيداوي، ومعه تكثر الأسئلة، فهل يلقى سوق العمل في المدينة قبولاً لدى أبناء «عاصمة الجنوب» والمقيمين فيها؟ وماذا عن انعكاس الأزمات المتلاحقة في صيدا ولبنان على الشباب؟
حيرة ترتسم على وجوه المنخرطين حديثاً في سوق العمل، ترافقها حيرة مماثلة على وجوه الشباب الذين لا يزالون يبحثون عن فرص عمل تؤمّن لهم العيش بكرامة، ولكن ما تلبث أن تأتي الإجابة سريعاً على لسان أبناء المدينة والمقيمين فيها أيضاً...
قلّة في فرص العمل، يُقابلها شكوى التجار قبل العاملين، ومعها غياب الزبائن وقاصدي المدينة، فيما العنصر الأجنبي، وإن كان يأخذ من درب الشباب، لكنه في الوقت نفسه يحقق دفعاً إيجابياً في تعزيز القدرة الشرائية وتأمين الطاقة الانتاجية...
«لــواء صيدا والجنوب» يُسلط الضوء على سوق العمل في «عاصمة الجنوب» صيدا، حيث عاد بهذه الانطباعات...

النوم مبكراً!
يجلسون في المقاهي بعد انتهاء الدوام الجامعي أو الانتهاء من أعمال لا تؤمّن لهم حياة كريمة، وذلك بسبب التفاوت ما بين المداخيل وتكاليف الحياة، فيما النوم مبكرا سمة لا زالت طاغية.
{ الصيداوي عادل سنبل عبّر عن مشاكل الشباب بالقول: «لا يوجد في مدينة صيدا فرص عمل بالمعنى الحقيقي، فعند الساعة السابعة مساءً «تنام المدينة»، وبالتالي لا يتم تحريك العجلة الاقتصادية فيها، كما أن الزبائن من خارجها باتوا لا يرغبون بالمجيء إليها».
وأضاف: «أتابع دراستي الجامعية في اختصاص المحاسبة، وبالتأكيد هناك صعوبة في إيجاد فرص عمل بعد التخرّج، لذلك أرغب في السفر إلى الخارج، لأنه لا تتوافر في لبنان فرص عمل بالمعنى الحقيقي، وبسبب ارتفاع الأسعار فإن الشباب يعجزون عن الزواج وبناء مستقبل حياتهم في وطنهم، بالرغم أن واقع العمل في العاصمة أفضل من صيدا، لكن مقارنة بدول الاغتراب فإن السفر يعطي مدخولاً أعلى للشباب».

خسارة «الرجل الغريبة»
{ بدوره ربيع غزال تحدث عن أثر الأزمات المتلاحقة على زبائن المدينة بالقول: «كنا في السابق نرى «رجلاً غريبة» في المدينة والتنوّع في الزبائن الذين كانوا يقصدون صيدا من مختلف المناطق، لكن اليوم قلّ الزبائن من خارج المدينة بسبب «الحزازيات» السياسية وما حدث مؤخراً من أحداث متلاحقة، أثّرت على السوق التجاري الذي حرم من هؤلاء، إضافة إلى أن بعض التجار انتهج سياسة استغلال الغريب وزيادة أسعار السلع عليه، فأصبحنا نرى التفرقة بين ما يقدّم لأبناء المدينة ومن هم خارجها، فضلاً إلى استغلال واقع الفلسطينيين والسوريين في التوظيف برواتب أقل للتهرّب من الضمان الاجتماعي، ومن أجل كل ذلك أرغب في السفر إلى خارج لبنان، لأنه لم يعد لنا دور نقوم به في المدينة، أو في بلدنا بسبب غياب فرص العمل، الأمر الذي يدفعنا إلى تغيير اختصاصنا الجامعي أيضاً».

السير على خطى العائلة
{ أما عمر اسكندراني فاختار السير على خطى العائلة في صناعة الحلويات، وعبّر عن ذلك بالقول: «أتابع تعليمي الجامعي في إدارة المصانع، وذلك لأننا نملك حلويات الإسكندراني لصناعة الحلويات، والهدف هو العمل في نفس مجال مهنة صناعة الحلويات، ففي ظل الأوضاع الحالية فإن الانخراط في مهنة الأهل هو الخيار الأفضل، وأنا اخترت هذا الطريق، لأن الشباب يتخرّجون من الجامعات ولا يجدون عملاً، بينما المصلحة تعد أكبر فرصة للعمل وخصوصاً من يملك خبرة وسمعة جيدة في هذا المجال».
{ الأمر نفسه أشار إليه عماد النعماني بالقول: «اخترت العمل في مهنة الوالد، ولو لم يكن لدينا مصلحة، لكنت تابعت تعليمي، لكن بما أننا نملك «مطعم أبو بهيج النعماني» لبيع «السندويشات»، فأردت متابعة مسيرة الوالد، وأنا مرتاح بهذا الخيار، لأن فرص العمل في مدينة صيدا تعد قليلة، ونحن ننصح الشباب الذين لم ينجحوا في دراستهم تعلّم مصلحة تفيدهم في الحياة، فهناك مصالح تتطلب الخبرة وعليها طلب كبير، ولكن الشباب لا يتعلمونها، ونحن نقوم بتدريب الشباب ونبذل مجهوداً كبيراً كي يتعلموا هذه المصلحة التي يتقاضون عليها رواتب معقولة مقارنة بساعات العمل الطويلة».

الانزعاج من السياسيين
{ بدوره أبو العبد أسطة قال: «أعمل في مصلحة «السندويشات» منذ 10 سنوات، وهذه المصلحة تؤمّن كرامة الشاب، لكنها لا تؤمّن له المقدرة على شراء منزل بسبب ارتفاع الأسعار، حيث لا يستطيع العامل شراء منزل بسبب قلّة الدخل، فعلى صعيد صيدا وحتى لبنان، فإن المدخول لا يكفي لشراء منزل، وهو أمر مزعج، يضاف إلى الانزعاج من السياسيين في لبنان لأنه بصلاح السياسيين تصلح البلد».

عمل مزدوج
{ أما بسام طحيبش فقام بالدمج بين مهنتين معتمداً على سواعده، حيث أوضح ذلك بالقول: «أعمل منذ 3 سنوات في مجال الصفائح المعدنية وذلك في معمل بمنطقة الجية، وانتظرت لمدة 3 سنوات بعد تخرّجي من المعهد كي أجد هذا العمل، وقبل ذلك بحثت عن عمل في مدينة صيدا، لكن لم أجد ما هو مناسب. ولكن للأسف فإن مدينة صيدا تفتقر إلى المصانع الكبرى أو إلى الأماكن التي يمكنها تأمين فرص العمل، سواء لأبناء المدينة أو المقيمين فيها، وبالتأكيد هناك فرص عمل أكثر في العاصمة، ولكن عموماً فإن جميع فرص العمل في لبنان لا تحقق طموحات الشباب. وبما أن لديّ خبرة في مجال العلاج الفيزيائي أصبح لديّ مهنتان، لكن ذلك لا يكفي الشباب لبناء مستقبل سواء في لبنان أم في خارجه، كون الظروف والأحوال تتجه نحو الأسوأ».

مقارنة بسيطة
{ بدوره السوري محمد (رفض ذكر أسم عائلته) قال: «جئت إلى مدينة صيدا منذ 11 شهراً والآن أعمل في مهنة الحلاقة/ والتي كنت أعمل بها في سوريا، ولكن بسبب الأحوال هناك اضطررنا للمجيء إلى لبنان، وببساطة لا نستطيع مقارنة الأوضاع المعيشية بين البلدين، فالشباب في سوريا بإمكانهم الحلم بالمستقبل وفتح منزل، أما في لبنان فإن الوضع صعب للغاية، ولا يستطيع الشاب سوى تحقيق السترة ليس إلا، ونحن نعلم ذلك ليس من خلال ما نعيشه وحسب، بل من خلال ما نجده من أحوال الزبائن، فمن خلال الحديث مع الشباب الصيداوي نجدهم دائماً لديهم الرغبة للسفر. ومن يملك رأس المال فإنه يستطيع العيش بكرامة في هذا البلد، حيث نلاحظ في لبنان ارتفاع تكاليف التعليم والاستشفاء، لكن في سوريا هذه الأمور مؤمّنة، والعامل البسيط يستطيع العيش وكذلك الغني، إضافة إلى فرض سياسة التسعير ومراقبة التموين والمعلبات».
{ أما الفلسطيني محمد الخالدي، فقال: «لا نجد الكثير من فرص العمل في مدينة صيدا، وبالتأكيد فإن المهنة أفضل من التعليم، لذلك اخترت العمل مبكراً كي أتعلم مهنة الحلاقة، وأنا أعمل في هذه المصلحة منذ عام، وأمل أن أنجح في هذا المجال».

ربّ ضارة نافعة
{ بدوره أيمن أحمد، الذي عاد إلى لبنان بعد إنهاء تخصصه الجامعي في الولايات المتحدة الأميركية لم يتمكن من إيجاد عمل إلا بعد سنوات طويلة، وروى ذلك بالقول: «درست في أميركا في اختصاص معالجة التلوث البيئي، لكن لم أجد فرصاً للعمل في صيدا. كما عملت لفترة محدودة في عمان، عدت بعدها إلى لبنان لأبقى دون عمل لفترة طويلة، ولكن بسبب الأزمة في سوريا، أتيحت لي فرصة للعمل مع أحد الجمعيات الفرنسية المتخصصة في مساعدة النازحين السوريين في مدينة صيدا، وذلك في مجال فحص المياه والتأكد من عدم تلوثها».
مشاهد من حياة أبناء المدينة والمقيمين فيها، ما بين البحث عن فرص للعمل داخل المدينة أو اللجوء إلى الهجرة، تفتح العيون على واقع تتداخل فيه المتغيّرات، فيتحوّل سالبها إلى إيجابي، وربما العكس كذلك.           

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا