×

جبل الحليب حولته الحروب إلى تجمع يضم 2500 نسمة

التصنيف: Old Archive

2010-10-27  11:12 م  2286

 

هيثم زعيتر

قبل 62 عاماً احتل العدو الإسرائيلي فلسطين، وطرد وهجر أهلها الحقيقيين في منتصف العام 1948، حيث لجأ قسم منهم قسراً الى لبنان وعلى عدة دفعات، وتفاوتت طريقة تعاطي الدولة اللبنانية و«الأونروا» بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، ومن نزح بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عُرف بفاقدي الأوراق الثبوتية.. الفلسطينيون في لبنان يتوزعون على مخيماتٍ تسلمت «الأونروا» الإشراف عليها بعد انشائها منتصف العام 1949، فبقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة، مع عدم وجود احصاء دقيق عن العدد الحقيقي، وإن كانت إحصاءات «الأونروا» تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية أو جنسيات أجنبية وعلى عدة مراحل، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان.. الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، ويعانون واقع معيشي وإجتماعي صعب مع استمرار حرمانهم من الحقوق الإنسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية في لبنان، ولم يعد لهم حق تملك شقة التي كان معمولاً بها الى ما قبل 10 سنوات، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص «الأونروا» لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن على أهلها، وأيضاً في ظل إصرار البعض على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ «الجزر الأمنية».. يقع «تجمع جبل الحليب» عند الجهة الشرقية الجنوبية لمخيم عين الحلوة، ويتبع عقارياً إلى بلدة درب السيم، وغالبية العقارات مملوكة إما من أهالي درب السيم أو أشخاص آخرين وبينهم فلسطينيون تملكوا سابقاً.. وقد أطلق عليه الإسم لوقوعه على مقربة من مركز لوكالة «الأونروا» كان يوزع الحليب على الأطفال والعائلات الفلسطينية، قبل التوقف عن ذلك مع تقليص خدماتها.. في العام 1964 أفرزت الدولة اللبنانية العقارات وأشاد آل بيضون بنايتين، تتألف كل منهما من 7 طوابق، وكذلك أبنية سكنها لبنانيون واشترى عدد من الميسورين من أبناء مخيم عين الحلوة شققاً، ومع الأحداث أجّر اللبنانيون مساكنهم الى فلسطينيين، قبل أن يبيعوها لهم لاحقاً بسبب الأوضاع الأمنية، فضلاً عن عقارات اشتراها عدد من أبناء المخيم وسجلوا ملكيتها، قبل البدء بإقرار قانون منع تملك الفلسطيني.. بعد الإجتياح الإسرائيلي في حزيران من العام 1982 دمرت العديد من المباني في تلك المنطقة، وصولاً إلى ربيع العام 1985، حيث وقعت أحداث ما عُرف بشرقي صيدا، فتوسع التمدد الفلسطيني بإتجاه ذلك الجبل، وبدأ إسمه يبرز مع كل حدث أمني نظراً لتواجد قواعد عسكرية للثورة الفلسطينية فيه، ولشبكة المضادات الأرضية التي كانت مزروعة هناك، لموقعه الإستراتيجي، حيث يرتفع عن سطح البحر نحو 150 متراً، ويُشرف على المنطقة الممتدة من الزهراني جنوباً إلى ما بعد جسر الأولي شمالاً.. وكثيراً ما نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات لها على مواقع عسكرية في جبل الحليب، مما أدى إلى سقوط شهداء وضحايا وجرحى وتدمير العديد من المنازل والمقار.. «اللـــــواء» وضمن ملف الحقوق الفلسطينية في لبنان، تلقي الأضواء في الحلقة الثانية والعشرين على «تجمع جبل الحليب»، الذي تتبع عقاراته بلدة درب السيم المشرف على مخيم عين الحلوة..
بتاريخ 16 تشرين الأول من العام 1986 – أي قبل 24 عاماً، كان المقاتلون الفلسطينيون المرابضون في جبل الحليب يُطلقون نيران المضادات الأرضية و«صواريخ سام» - التي تُحمل على الكتف، بإتجاه طائرتين إسرائيليتين من نوع «فانتوم»، كانتا تنفذان غارات على قواعد تابعة لحركة «فتح» والفصائل الفلسطينية في منطقتي جبل الحليب والمية ومية. ونجح المقاتلون بإصابة إحدى الطائرتين إصاباتٍ مباشرة، مما أدى الى سقوطها، وكان على متنها الطيار الإسرائيلي رون أراد (الذي ما زالت تُطالب به «إسرائيل» حيث بقي مصيره مجهولاً منذ ذلك التاريخ)، الذي سقط جنوبي نهر سينيق لجهة طنبوريت – زغدرايا – قرب درب السيم، ووقع بأيدي عناصر من حركة «أمل»، بعدما فشلت الفصائل الفلسطينية في الوصول الى «الكنز». فيما تمكنت قوات الإحتلال الإسرائيلي من إنقاذ ملاحها الآخر يشاي أور، من خلال ضربها زناراً نارياً في دائرة 2 كلم في المنطقة، حيث شوهد بأم العين وهو يتسلق سلّم طائرة الإنقاذ. ومع المضايقات التي تعرّض لها اللاجئون الفلسطينيون خلال الأحداث الأهلية في لبنان، بدأ يتزايد عدد المقيمين في جبل الحليب، وخصوصاً مع توافد فلسطينيين من مخيمات بيروت وصور، فضلاً عن ميسورين من أبناء مخيم عين الحلوة، وجدوا في هذه المنطقة مكاناً قريباً من المخيم،،إضافة إلى عدد من فاقدي الأوراق الثبوتية الذين وفدوا إلى لبنان بعد العدوان على غزة في العام 1967. ويتفاوت واقع حال سكان المنطقة، بين مالكين لشقق أو عقارات، وآخرين أقاموا مساكن لهم، أو سكنوا في منازل تركها أهلها الأصليون، ومنهم من استأجرها من أصحابها، حيث يبلغ عدد المقيمين في جبل الحليب أكثر من 3 آلاف نسمة، يتوزعون بين التجمع الجديد من الجبل للجهة الجنوبية، وتحديداً في المنطقة الفاصلة ما بين منطقة «الكنايات» والمدخل الجنوبي لمخيم عين الحلوة لجهة درب السيم، والجهة الشمالية لما كان يُعرف سابقاً مركز «الأعاشة». يُعاني المقيمون في المنطقة من عدم توافر البنى التحتية والخدمات الأساسية، وخصوصاً أن «الأونروا» لا تعترف بهذه المنطقة، على اعتبار أنها خارج نطاق عملها منذ تسلمها مهمة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وتزداد معاناة المقيمين، وخصوصاً مع وجود مجاري صرف صحي مكشوفة، وعدم تعبيد الطرقات المحفرة، التي لم يطأها «الزفت» منذ سنوات عديدة، وهو ما ساعد على إنتشار الأمراض، وبشكل خاص الجلدية، فضلاً عن ضيق التنفس والربو وأمراض القلب. وقد استدعى هذا الواقع تشكيل لجنة شعبية مؤلفة من شخصيات إجتماعية من أبناء منطقة جبل الحليب لمتابعة القضايا الإجتماعية والخدمات مع المعنيين. كما عانى المقيمون في التجمّع على مدى عدة سنوات من مشكلة المياه، وكانوا بحاجة الى تأمين 4 دفّاشات حتى يتمكنوا من إيصال المياه الى مساكنهم، شرط أن يتوفّر التيار الكهربائي، ومؤخراً حلت المشكلة، حيث قامت «منظمة الإسعاف الأولي» الفرنسية بتمديد شبكة مائية عبر قساطل بلاستيكية قياس 2 إنش للخط الرئيسي، وبين الإنش والإنش ونصف الإنش للفرعيات، مزوّدة بدفّاش بقوة 3 أحصنة لزيادة قوّة الضغط، بهدف تأمين المياه الى 120 وحدة سكنية، مع الأخذ بالحسبان ما يكفي لتوفير المياه الى 40 وحدة سكنية أخرى من المقيمين في منطقة جبل الحليب. في منطقة جبل الحليب توجد «مستشفى سعد صايل» التابع لـ «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني»، ولكنها متوقفه حالياً عن تقديم الخدمات الإستشفائية، فضلاً عن «مؤسسة غسان كنفاني الثقافية» التي تضم أطفالاً من أبناء المخيم، ومنهم من هم من ذوي الحاجات الخاصة، إضافة إلى «مؤسسة الكرامة للمعوقين» التابعة لـ «منظمة التحرير الفلسطينية».
‭{‬ أمين سر اللجنة الشعبية لـ «تجمع جبل الحليب» أبو محمد قدورة، أشار إلى أن عدد المقيمن في التجمع نحو 370 عائلة فلسطينية، يُشكلون ما يقارب 3 آلاف نسمة، بإستثناء 3 عائلات لبنانية، ويعاني الجميع ظروفاً معيشية صعبة». وأوضح «أن هذا التجمع محروم من خدمات «الأونروا»، كما لا يستفيد من خدمات الدولة اللبنانية، وهو ما زاد المعاناة، لأن البنى التحتية قديمة جداً، وتختلط المياه الآسنة ومياه الصرف الصحي بمياه الشرب، بينما في الجزء الجنوبي من التجمع المحاذي لدرب السيم، لا توجد شبكة للصرف الصحي، فيعتمد السكان في تصريف المياه الآسنة والعادمة على حفر جور صحية للمياه المالحة، مما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية، فتصل أضرارها إلى الآبار الإرتوازية التي تغذي المنطقة وحتى جزء من مخيم عين الحلوة». وقال: مؤخراً قامت «منظمة الإسعاف الأولي» الفرنسية» يترميم شبكة مياه الشرب وربطها بالشبكة الرئيسية، مما خفف من معاناة السكان في تأمين المياه، ولكن تعذر على «منظمة الإسعاف الأولى» ترميم المساكن، وخصوصاً في الحي الجنوبي من التجمع لممانعة مالكي الأرض الأساسيين. واستطرد بالقول: تقوم «منظمة التحرير الفلسطينية» بتقديم بعض التقديمات، حيث ساهمت في تبديل شبكة الكهرباء القديمة في التجمع، وشراء محول كهربائي بقوة (250 K.V.A)، فيما دفع سكان التجمع جزءاً من ثمن المحول الكهربائي عبر المساهمات التي جمعتها منهم اللجنة الشعبية. وشرح قدورة دور اللجنة الشعبية بأنها «تقوم بجمع اشتراكات شهرية من الأهالي، تستعمل في صيانة شبكة الكهرباء، وإجراء تحسينات داخل التجمع، مثل إنارة الأزقة، وتعبيدها، بعدما أصبحت مكاناً لتجمع المياه الآسنة والحشرات، مما يسبب أمراضاً وخصوصاً لدى الأطفال، فكأن الفلسطيني لا يكفيه أمراض الحساسية والربو والأمراض والجلدية والقلب، التي يُعاني منها جراء البناء العامودي وتلاصق المساكن، وعدم دخول أشعة الشمس إليها وتفشي الرطوبة». وأبدى أمين سر «اللجنة الشعبية» عتبه على «وكالة «الأونروا» التي لم تُقيم عيادة أو مدرسة في التجمع، وهما تقعان بعيداً نسبياً عنه، مما يُشكل صعوبة أمام المريض للوصول إلى العيادة الطبية، وكذلك الى مدارس «الأونروا»، حيث يضطر الطلاب الى قطع المخيم من جهته الجنوبية إلى الشمالية، مما يؤثر على وصولهم إلى مدارسهم، وخصوصاً في فصل الشتاء الماطر، وطوفان ما يُسمى بشوارع وأزقة بمياه الأمطار التي تختلط بالمياه الآسنة». وطالب «وكالة «الأونروا» تحمل مسؤوليتها في تأمين الخدمات للمقيمين في تجمع جبل الحليب، إسوة بالخدمات التي تقدم إلى باقي المخيمات الفلسطينية». ولفت إلى «مشكلة تُعاني منها 15 عائلة فلسطينية تُقيم في التجمع، ممن يُطلق عليهم «فاقدي الأوراق الثبوتية»، داعياً «منظمة التحرير الفلسطينية» الى «التعاطي الجدي مع فاقدي الأوراق الثبوتية، فهي المرجعية الوطنية والسياسية والشعبية والرسمية لهؤلاء الناس، وخصوصاً أن غالبيتهم أعضاء في فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» أو الفصائل الأخرى». وختم قدورة بالتأكيد على «رفض التوطين وأي شكل من أشكال التهجير، فنحن متمسكون بحق العودة إلى أرضنا فلسطين، ولا نقبل بكل بقاع الدنيا بديلاً عنها».

‭{‬ خلال جولة في التجمع انطلاقاً من مدخله الجنوبي صادفنا أبو محمد عبد الوهاب (في العقد الرابع من عمره)،الذي أوضح «أن المنطقة التي نُقيم فيها نمت بسرعة جراء التزايد السكاني للاجئين الفلسطينيين، الذين وفدوا من مخيمات بيروت وصور جراء الظروف الأمنية التي تعرضوا لها». وأشار إلى «أن «تجمع جبل الحليب» يفتقر إلى أبسط الخدمات، فـ «الأونروا» لا تقدم تجاه هذا التجمع أي من الخدمات التي تقدم للمخيميات الأخرى، كما أن مساهمات «منظمة التحرير الفلسطينية»، تكاد لا تذكر، فهي تقتصر على المساهمة في شراء محول كهربائي أو إصلاح أعطال في الشبكة الكهربائية، أما الجزء الأكبر، فيتحمله سكان التجمع عبر الإشتراكات الشهرية البسيطة، وجمع التبرعات، وهي لا تكفي لتأمين متطلبات التجمع، فالأزقة تملؤها الحفر والأخاديد، وتتحول صيفاً إلى غبار، وشتاء إلى برك وحفر مائية تمتلئ بالمياه الآسنة مما يجعلها مرتعاً للحشرات والقوارض». وأضاف: أما شبكة الصرف الصحي ومياه الشرب، فهي قديمة جداً أو مهترئة، وقد اختلطت مياه الشرب بمجاري الصرف الصحي، مما أدى إلى حالات تسمم عديدة، وإنتشار الأمراض والأوبئة لدى الأطفال. وتحدث «أبو محمد» بألم عن «فاقدي الأوراق الثبوتية» الذين يقيمون في التجمع، فقال: أنا أحد الذين يُعانون من هذه المأساة، ولدي أربعة أطفال، ونتيجة لعدم إمتلاكنا الأوراق الثبوتية لا نستطيع العيش بشكل كريم، ولا نستطيع الخروج إلى خارج المخيم أو تثبيت زواجنا قانونياً، فقط نثبته شرعياً لدى المحاكم الشرعية، وبالتالي لا نستطيع تثبيت سجلات الولادة لأطفالنا، مما يعرضهم للحرمان من التعليم والإستشفاء والتنقل والعمل لدى الكبر أو حتى الزواج. ودعا «وكالة «الأونروا» «النظر إلى المقيمين في جبل الحليب، الذين لا تُقدم لهم أي نوع من الخدمات»، مطالباً «المرجعيات الثلاثة المعنية باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إيجاد حلول مناسبة لنا كي نستطيع العيش بكرامة، ونشعر أننا بشر، لأننا ضيوف على الأرض اللبنانية إلى حين عودتنا إلى أرضنا، التي لا نقبل عنها بديلاً، حتى لو ملكونا الدنيا بأسرها».
‭{‬ نترك «أبو محمد» وهمومه ونتابع السير في أزقة التجمع، فنشاهد عدداً من النسوة اللواتي إمتنعن عن ذكر أسمائهن أو التقاط صوراً لهن، ولكنهن بادرن إلى دعوتنا لنقل معاناة «تجمع جبل الحليب» إلى الرأي العام. وحدها بادرت «أم محمود» النابلسي (التي حفرت السنين تجاعيد على وجهها وأظهرت حجم المعاناة التي تعيشها) إلى القول: إننا نعيش في ظل أوضاع وظروف صعبة جداً، فالأزقة والزواريب ضيقة وتفصل بين مساكن متلاصقة لا تدخلها أشعة الشمس، والفقر يسكن معنا في مساكن مسقوفة بـ «الزينكو»، تتحول حارة صيفاً وباردة شتاء. وهي مساكن لا تقينا مطر الشتاء، فسقوف «الزينكو» مثقوبة، وبعض ألواحها تالف، مما يجعلها منظراً فقط، وليس بإستطاعتنا حتى إبدال ألواح «الزينكو» بأخرى جديدة. المرأة الستينية تساءلت: من ينقذنا من هذا الوضع المأساوي؟ فوكالة «الأونروا».. لا تقدّم لنا أي شيء، فلا هناك نظافة أو رش للمبيدات أو جمع للنفايات، وهذا هو أقل ما يُمكن أن تقوم به، وهو واجب عليها. وختمت «أم محمود» بالقول: فلسطين هي أحلى بقاع الأرض، ونحن ننتظر العودة إليها بفارغ الصبر، لأننا لا نبدلها بكل دول العالم، ومن قال إننا نريد أن نتوطن، نحن نصرّ على حقنا في العودة مهما طال الزمان.

‭{‬ وعلى بُعد عدة أمتار صادفنا محمود بدوي «أبو وائل» (في العقد السابع من عمره) يتكأ على عكازين تساعدانه على السير بعدما عانى ضنك الحياة، فوافق على الحديث، ولكن بدون تصوير قبل أن يقتنع بأن الصورة تُعطي مرآة حقيقية عن حاله فقال: لقد طُردنا من أرضنا ولجئنا الى أن وصلنا الى هنا، فمن المسؤول عنا! واستطرد بالقول: من المسؤول عن إخراجنا من هذا الجو اليائس، حيث تنتشر الأمراض والأوبئة، وخصوصاً لدى الأطفال، مع العائلات الكبيرة، حيث يضطر 8-10 أشخاص أن يسكنوا في مسكن بأحسن حالاته يتألّف من غرفتين صغيرتين. واشتكى من» أن المدارس ليست قريبة، فالطلاب تحرقهم أشعة الشمس الملتهبة صيفاً، خلال توجههم لها سيراً على الأقدام لأكثر من كيلو متر طولي، ويغرقون بمياه الأمطار شتاءً، أما الأزمة والمساكن في الحي الجنوبي الفرعي من التجمّع، فإنها تُعاني من طوفان المياه في الأزقة، التي تدخل الى المساكن فتغرقها وتتلف المقتنيات التي بداخلها». وطالب بأن «تقوم وكالة «الأونروا» بواجباتها أسوة بباقي المخيمات الفلسطينية، لأن من يسكن التجمّع هم فلسطينيون، كما أن على «منظمة التحرير الفلسطينية» إيلاء التجمّع اهتماماً أكبر ومد يد العون للمقيمين فيه، وعلى مؤسسات المجتمع المدني أن تأتي الى التجمّعات وخصوصاً الى جبل الحليب، وتقوم بإعداد وإجراء دراسات وأبحاث، وعلى ضوئها تقدّم الخدمات والمساعدات التي نسمع عنها فقط ولم نرها في يوم من الأيام». وختم بدوي بالقول: العودة، ثم العودة، ثم العودة الى فلسطين، هي مطلبنا، ولا يُمكن أن نقبل بغيرها، فنحن نرفض التوطين والتهجير، وبوصلتنا الوحيدة هي فلسطين وعاصمتها القدس، فلسطين التاريخية بمياهها وبحرها وجوّها وسهولها وجبالها، هي لنا وسنعود إليها عاجلاً أم آجلاً. ..خلال مغادرتنا «تجمع جبل الحليب»، كان عدد من الأطفال يلهون بين أزقته، وبين مجاري الصرف الصحي المتداخلة مع شبكة المياه، التي ترتطم قساطلها وألواح «الزينكو» بالأسلاك الكهربائية المنتشرة كشبكة عنكبوتية، نظراً لإضطرار أبناء التجمّع الإشتراك بمولدات كهربائية، مع الإستمرار المتكرر لقطع التيار الكهربائي، وحتى خلال الفترة المقررة لتزويد التجمع بها، وهو ما يُلحق أضراراً بالغة بالمعدات الكهربائية التي تحترق. تنتشر بين أزقة التجمع عبارات مجاري الصرف الصحي، حيث يعمد المقيمون في المساكن المجاورة لها الى وضع بعض قضبان الحديد وألواح «الزينكو» وصب باطون عليها.. ولكن تبقى بين زاروب وآخر مجارٍ مكشوفة، مما يشكل خطراً على حياة العابرين، الذين سقط منهم أكثر من شخص في هذه «الأقنية»، وخصوصاً الأطفال، الذين لا يجدون مكاناً للعب واللهو إلا في الأزقة الضيّقة.
«مؤسسة غسان كنفاني» إهتمام بالأطفال والمكفوفين
في الجهة الشرقية من جبل الحليب، شيدت «مؤسسة غسان كنفاني الثقافية» مبنى لها، يحمل اسم الكاتب الشهيد، والتي أنشأتها زوجته آني غسان كنفاني، في العام 1974 – تزامناً مع الذكرى الثانية لإستشهاده، والتي تواظب على زيارة المؤسسة والإشراف على برنامجها في رياض الأطفال ومراكز التأهيل الشمولي التكاملي في رعاية وتربية الأطفال، وتنمية مواهبهم للتطوير الحسي والإبداع لدى الطفل، وتنشيط ذاكرتهم تأكيداً على غرس حب فلسطين والأرض والإنتماء فيهم، والدفاع حتى العودة، وهو ما آمن واستشهد لأجله غسان كنفاني قبل 38 عاماً.. وكذلك مساعدة المكفوفين، عبر الصف الذي تم افتتاحه بهدف مساعدتهم على أن يكونوا عنصراً له دوره الفاعل في المجتمع من خلال علمه وعمله وإعالة نفسه أو عائلته، بعيداً عن ذل السؤال ومد يد العون، فتحققت أحلام المكفوفين فاقدي نعمة النظر، حيث حوّلت الى بصيرة ساعدت المكفوفين التعلم على الطباعة، وصولاً الى بعض الأشغال، علهم ينخرطو في المجتمع ولا يستسلمون لليأس، فحيققون أحلاماً حرموا منها، معوّضين عنها ما أمكن وفقاً للظروف

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا