×

إبن الشهيد وشقيق الشهيد

التصنيف: أقلام

2018-03-03  10:17 ص  548

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.


اذا كنا نريد التحدث عن رمز المقاومة في الجنوب، خاصة في صيدا ومع عدم تفرقتنا بين شيعي وسنّي ومسيحي، فان المقاومة من الطائفة السنية في اهم مدينة سنية في الجنوب وهي صيدا.
تاريخ اسامة سعد تاريخ حافل بالمقاومة والمواقف الصلبة، فاسامة سعد المقاوم لم يشترك في الحرب الاهلية في لبنان التي استمرت منذ عام 1975 حتى عام 1990. لكن في المقابل قاد جيش التحرير الشعبي، اي جيش الشهيد معروف سعد، في معارك على محاور كفرفالوس ضد العدو الاسرائيلي وجيشه.
معروف عنه انه لا يساير ولا يساوم، وخطه المقاوم لا يتراجع عنه. ورغم قوة المعركة الانتخابية في صيدا، ترشح ضد تيار المستقبل ورسب في الانتخابات لكن بقيَ على صلابته وبقيَ في شوارع صيدا مع شباب صيدا يزورهم ويصافحهم ويبحث معهم كل شؤون صيدا والمقاومة ضد العدو الاسرائيلي.
اسامة سعد هو ابن الشهيد معروف سعد، الذي استشهد في بداية الحرب اللبنانية، وفي الوقت ذاته هو شقيق الشهيد مصطفى سعد، الذي تم تفجير قنبلة امام منزله ادت الى اصابته اصابات خطرة ولاحقا توفي بمرض عضال.
ان اسامة سعد هو احد اهم الشخصيات السنيّة المقاومة والرافضة لاي مساومة مع العدو الاسرائيلي بل يعرف المقاومة ولذلك حافظ على خط المقاومة في صيدا ومحيطها، وفي الوقت ذاته معروف عنه انه غير متعصّب دينيا او مذهبيا ابدا، بل هو رمز للعلاقة بين سنّة صيدا والسنّة في قرى صيدا وصولا الى جزين، وهو على علاقة ممتازة مع المسيحيين وحافظ اثناء الحرب على وجودهم في مناطق كان يريد البعض تهجير المسيحيين منها، لكنه تصدى لهم ووقف في وجههم.
هو حليف المقاومة، اي حليف حزب الله، وحليف صلب لحزب الله والمقاومة عن قناعة كاملة للوقوف في وجه العدو الاسرائيلي.

الدكتور اسامة معروف سعد

الدكتور أسامة معروف سعد ولد سنة 1954م، وهو سياسي لبناني وعضو سابق في المجلس النيابي وزعيم التنظيم الشعبي الناصري وهو ابن السياسي الراحل معروف سعد. تخرج سنة 1979م، في كلية الطب في جامعة القاهرة. عين سنة 2002م بعد وفاة مصطفى سعد نائبا عن صيدا و2005م انتخب عن دائرة صيدا وخسر مقعده النيابي عام 2009 لمصلحة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبـ 23,041 مقابل 13,512 صوتاً.
من مؤسسي التنظيم الشعبي الناصري، ورئيسه بعد رحيل أخيه مصطفى سعد. يؤدي دورا أساسيا في صيدا تحديدا والمخيمات فيها. من المعروف عنه قربه من الناس والدفاع عن مصالح الفقراء بشكل خاص. من القلائل الذين يطرحون المشاكل الاقتصادية والاجتماعية على بساط البحث بعيدا عن المناكفات السياسية. لم يشارك في الحرب الاهلية التي عصفت بلبنان 1975-1990، واجه الجيش الإسرائيلي وعملاءه على محاور كفرفالوس (جيش التحرير الشعبي- قوات الشهيد معروف سعد). له مواقف مميزة في السياسة اللبنانية، كان تقريبا النائب الوحيد الذي لم يسم السنيورة لرئاسة الحكومة الأولى والثانية ولم يمنح حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ثقته (مرتين).
كان دائما من المعادين للسياسات الاقتصادية لتيار المستقبل وخاض عام 2004 معركة انتخابية شرسة بعد تحالف تياره مع د. عبد الرحمن البزري في الانتخابات البلدية لمدينة صيدا ضد اللائحة المدعومة من رئيس الوزراء اللبناني وقتذاك رفيق الحريري وحصدت اللائحة المدعومة من سعد يومذاك 20 مقعدا من أصل 21.
ولكن في عام 2010 استطاع تيار المستقبل رد الدين لأسامة سعد حيث خسرت اللائحة المدعومة من التنظيم الشعبي الناصري امام لائحة الوفاق والانماء برئاسة محمد السعودي والمدعومة من تيار المستقبل والجماعة الإسلامية وبنتيجة 21-0.
ولكي نعرف تماما من هو المرشح المقاوم، اسامة سعد ابن الشهيد معروف سعد فلا بد من نشر تفاصيل استشهاد معروف سعد سنة 1975.
وهذا يعطي الخلفية الحقيقية الى المرشح اسامة سعد الذي هو ابن الشهيد معروف سعد احد اهم قادة مروا في تاريخ مدينة صيدا.
يوميا يروى على لسان رجل عاش تلك الأيام والليالي، قبل وبعد اغتيال معروف سعد في صيدا العام 1975. كيف تم التحضير للتظاهرة؟ كيف تصرّف الجيش؟ ما هو دور صائب سلام وابنه تمّام سلام؟ وما هو دور جورج حاوي وكمال جنبلاط ومحسن ابرهيم؟
المطر ينهمر بغزارة، شوارع صيدا مقفرة، نادراً ما تلحظ أناسا يمرون أمام محل حلويات الرملاوي في شارع رياض الصلح، الساعة تشير إلى الثامنة والنصف مساء الثلاثاء 25 شباط 1975. كنت جالساً ومحي الدين النوام نتحدث عن تظاهرة صيادي الأسماك في الغد ضد شركة بروتيين. أتى أحد مسؤولي الحزب الشيوعي اللبناني آنذاك محي الدين حشيشو يسأل عن عدنان الزيباوي. أخبرته أن الأخير توجه إلى منزله، فطلب مني مرافقته إلى هناك. وفي الطريق أخبرني حشيشو معلومات وصلته من الحزب تفيد بأنّ الوضع لن يكون عادياً غداً، وأن الجيش اللبناني سينتشر ويتخذ إجراءات استثنائية وأنه من الضروري عدم تقديم أي مبرر يسمح له بتنفيذ خطوات قد تكون مضرة بالتحرك.
وصلنا إلى منزل الزيباوي، أعاد حشيشو سرد المعلومات، صغى الزيباوي بانتباه، وبعد تفكير اقترح ذهابنا إلى منزل معروف سعد ونقاش الموضوع معه. وصلنا إلى منزل الأخير، كان باب منزله مغلقاً بشكل موارب، طرقنا الباب، استقبلنا زهير غزاوي الذي أخبرنا أنّ سعد في اجتماع مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكننا أصررنا على رؤيته. حضر سعد واستمع إلى كلام حشيشو. طلب سعد أن نتوجه إلى تعمير عين الحلوة لنقاش الموضوع مع رئيس نقابة صيادي الأسماك معروف بوجي واصطحاب يوسف الصفدي معنا.
توجهت وحشيشو والصفدي إلى التعمير. علمنا أن بوجي نقل منزله إلى صيدا القديمة قرب الجامع العمري الكبير. هناك أخبرناه بما نعرفه وأن سعد يطلب منه التدخل لعدم توتير الأجواء ومنع أي شخص قد يعمد إلى تفجير أصابع ديناميت، وافق بوجي ووعدنا خيراً. عدنا إلى منزل سعد لإعلامه بالنتيجة، وعند مغادرتنا، التفت حشيشو نحوه قائلاً: من الأفضل عدم مشاركتك في التظاهرة غداً. لكن سعد ردّ بعصبية: «وتريد أن يقول البعض انّ معروف سعد تخلى عنا وعن مطالبنا. نراكم غداً في التظاهرة».
صباح الأربعاء 26 شباط، الوضع شبه طبيعي، الجيش اللبناني منتشر في ساحة النجمة. مررت بالزيباوي وذهبنا معاً إلى التظاهرة.
التظاهرة كانت صغيرة فعدد المشاركين لا يتجاوز الـ150 شخصاً، يسيرون تحت المطر الغزير يتقدمهم سعد والدكتور نزيه البزري. خرجت التظاهرة من صيدا القديمة نحو الشاكرية، إلى سوق الخضر... لتسير في شارع رياض الصلح. عند وصولها إلى بناية صيدا سنتر، صودف مرور شاحنة للجيش اللبناني. بادر أحد المتظاهرين إلى رشقها بالحجارة. ما دفع سعد الى نهره ومنعه من التمادي بعمله الاستفزازي وطلب من سائق الشاحنة إكمال طريقه.
وصلت التظاهرة إلى ساحة النجمة. سمعنا صوت انفجار أصبع ديناميت بعيد نسبياً، تلاه عدد من الرصاصات. معروف سعد يهوي أمامنا، أحد الأشخاص كان يحمل مظلة تحمي سعد من المطر أصيب بكفه. المتظاهرون يتراكضون في اتجاهات متفرقة، نفر من الناس بقي لحمل معروف سعد ونقله في سيارة مرسيدس 190 إلى مستشفى لبيب أبو ظهر.
عدت إلى بناية جنبلاط حيث كنت أعمل، حاولنا الاتصال بمنزل كمال جنبلاط الذي كان يرأس اجتماعاً للأحزاب الوطنية في ذلك النهار. خطوط الهاتف لم تسعفنا، جربنا استعمال هواتف فؤاد جنبلاط، د. ناصيف باسيلا، إضافة إلى هاتفنا من دون نتيجة. بعد نحو 15 دقيقة اتصل بنا محسن إبراهيم من منزل جنبلاط يسأل عما يحصل في صيدا، أخبرناه بسرعة تفاصيل الحادث.
نقل سعد إلى الجامعة الأميركية، وصيدا أعلنت الإضراب العام وقطع الطريق الرئيسة. الناس على أعصابهم، يتابعون وضع سعد الصحي. ثلاثة أيام بعد الحادث والمحال مقفلة والطرق مقطوعة. السبت بعد الظهر، تصل لجنة مكلفة من رئيس الوزراء آنذاك رشيد الصلح للتفاوض من أجل فتح الطرق والاستماع إلى مطالب الصيادين من جهة، ومطالب لجنة 26 شباط الصيداوية من جهة أخرى، اللجنة المكلفة كانت برئاسة الوزير عباس خلف وعضوية محسن إبراهيم وجورج حاوي.
عقدت اللجنة اجتماعاً مع نقابتي الصيادين في صيدا وصور، عند الثالثة بعد الظهر في نادي خريجي المقاصد، استمعت خلاله اللجنة إلى مطالب النقابتين بشأن الترخيص لشركة بروتيين واستمرار عمل الصيادين. بعد ذلك انتقل المجتمعون إلى مدرسة عائشة أم المؤمنين الكائنة مقابل النادي للاجتماع إلى لجنة 26 شباط. وخلال الاجتماع وعند الساعة السادسة تقريباً سمعنا أصوات إطلاق رصاص، فخرجت لمعرفة ما يجري، كانت دبابات الجيش وآلياته تدخل الشوارع الرئيسية للمدينة، ساد جو من الوجوم على المجتمعين، حاول خلف مكالمة الرئيس الصلح لاستيضاح الأمر دون طائل. الاشتباكات بدأت في المدينة، والظلام يسدل ظلاله عليها، اللجنة تغادر صيدا عائدة إلى بيروت لمعالجة الوضع.
الأحد في 2 آذار 1975 اجتماعات مكثفة تفضي إلى خروج الجيش من صيدا، وهذا ما تم مساء الأحد. صباح الاثنين صيدا تلملم جراحها وتتهيأ لدفن الذين سقطوا خلال الاشتباكات، الجمهور يتجمّع قرب جامع الزعتري، وفود رسمية وشعبية تشارك في التشييع. كانت المفاجأة وصول الرئيس صائب سلام يرافقه نجله تمام سلام.
ظهر الخميس 6 آذار 1975 أعلنت وفاة معروف سعد. أهل المدينة تصرّفوا كما لو أنّهم تيتّموا وخسروا أغلى ما عندهم. الدموع تنهمر من عيون الرجال والنساء، يندبون مرحلة ناصعة من تاريخ المدينة مثلها معروف سعد.
ظهر الجمعة 7 آذار سُجّي الجثمان في الجامع العمري الكبير، ليودعه أهالي المنطقة ولتشهد المدينة أكبر جنازة في تاريخها، ودعت فيها رجلاً تماهى تاريخه الشخصي مع تاريخ صيدا الوطني اللاطائفي.

موجز قصير عن الشهيد مصطفى سعد شقيق المرشح المقاوم أسامة سعد

وهنالك ناحية هامة في حياة المرشح المقاوم اسامة سعد هو ما قام به شقيقه الشهيد مصطفى سعد الذي تم تفجير سيارة بمنزله واستشهدت ابنته ناتاشا.
ومع ذلك أكمل مصطفى سعد نضاله رغم اصابته بتشويه كامل وبشظايا في كل جسمه. ولاحقا توفي نتيجة مرض عضال، ولذلك ننشر جزءاً من سيرة شقيق المرشح المقاوم اسامة سعد.
وهنا لا بد من كتابة قسم صغير عن حياة الشهيد مصطفى سعد، ان نذكر ما حصل معه في مدينة صيدا عندما قرر الحزب الشيوعي اخراج مصطفى سعد من صيدا، وكان مصطفى سعد في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وخطط الحزب الشيوعي لإخراج الشهيد مصطفى سعد من مدينة صيدا، وهنا كان اليد اليمنى للشهيد مصطفى سعد مناضل اسمه رضا وهو المسؤول في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ويقول في شهادته امورا عديدة، فيروي عن فشل حينا وعن نجاح حينا اخر ولحظات تخبط ولحظات اعتدال.
قرر الحزب الشيوعي إخراج مصطفى سعد من صيدا. هذا القائد الحقيقي للمقاومة في حينها، الرجل الذي صمد في مدينته وتصدى وبقي صوته عالياً تحت الاحتلال، كان واضحاً ان الإسرائيليين سيقتلونه قبل انسحابهم، بعدما وضعوه في إقامة جبرية.
قام الرفاق وعددهم حوالى 23 شخصاً بعملية تسلل إلى المدينة لإجلائه. وقع خلاف بيننا. أنا كنت ضد أن يشارك من ليس مُجَرّباً كفاية، لأن الوصول إلى صيدا بعد الباروك والريحان يتطلب مهارات ذهنية وجسدية استثنائية. قلت إن هناك مسؤولية على حياة الناس.
وقعت محاولة اغتيال سعد الذي قتلت طفلته ناتاشا، وأصيب هو بما نعرفه من جراح غيّرت وجه حياته إلى الابد، هذا البطل المغبونة حكايته.
في الشهر الذي تلا هذه المحاولة، أي في شباط من ذاك العام 1985، انسحب الاسرائيليون من صيدا وشرقها وجزء من مناطق النبطية والزهراني واقليم التفاح وصور.
في ثلاث سنوات من العمل، كنا قد حققنا بناء تنظيم بشري متماسك، وقمنا بواجبنا تاماً. استشهد منا وجرح واعتقل الكثيرون. صار منا جيل من الكادرات كان واحدهم يدخل الى المعتقل، ويعذب، ولا يعترف، كما تطور مستوى القدرات القتالية والقيادية. كنا نعتقد اننا بتنا أقوياء.
بعد هذا التحرير الجزئي، قال عقل الحزب السياسي برئاسة مصطفى سعد إن الأرض لمن يحررها. قال ايضا ان الاستمرار على هذه الوتيرة من العمليات، منا ومن غيرنا بالطبع، سيحرر ما تبقى من الأرض.
شارل أيوب

الديار

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا