×

ماذا بعد؟ بهية سكافي

التصنيف: أقلام

2018-07-26  01:21 م  496

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

عندما كنت صغيرة كنت انتظر النهار حتى يأتي. فالليل احيانا كان يزعجني، خصوصا لما كانت تجتاح احلامي كوابيس مزعجة كأن ارى وحشا قبيح الوجه يطاردني او ارى مجموعة من الاشباح تريد محاصرتي لتسلبني لعبتي المفضلة او ان اسمع اصوات تلك العفاريت التي يقال انها تسرح وتمرح في المنازل. احيانا كنت اخاف من النوم كي لا ارى الكوابيس وأعدّ الخطط لتبقى تلك الاحلام البشعة بعيدة عني.

اليوم، وبعد مرور الزمن بتّ اترحم على تلك الكوابيس "اللطيفة" "الرحيمة"، اذ انني اصبحت ارى اقبح وأبشع وأعنف الكوابيس في وضح النهار  من دون الحاجة الى الليل وإغماض عيني بقوة شديدة.

***

سواد وعزاء وعجز في منطقة حارة صيدا يقابلهم رصاص "المناسبات" وعرس في مخيم "عين الحلوة"!   

رصاصة طائشة اخترقت رأس الفتى سليم هادي (17 عاما) في منطقة حارة صيدا مصدرها "عرس" كان يُقام في مخيم "عين الحلوة" المحاذي لها. رصاصة ابتهاجٍ قضت على سليم ودمرت عائلته. شيء غريب عجيب يسيطر على بعض العقول في هذا البلد شيء اعجز عن ايجاد الحروف المناسبة لوصفه. في الفرح يطلقون الرصاص ابتهاجا وفي الحزن يطلقونه انتكاسا وحزنا. الا يعلم هؤلاء ان هناك طرقا عدة للتعبير عن مشاعرهم وأوضاعهم النفسية؟ الانسان كتلة مشاعر وفي تكوينه الف والف طريقة للتعبير. البكاء، والصراخ، والسكوت، والابتسام، والضحك، والتصفيق، والرقص، والزغاريد، ورش الارز، والنوم، والنواح والكتابة الخ...

الرصاصات القاتلة وأصحابها يعيدوني الى مسلسل "عشرة عبيد صغار"، حيث كان السؤال الاوحد "من ستكون الضحية المقبلة؟". مع فارق ان شخصيات المسلسل اقترفوا افعالا بشعة فيما هادي ومن سبقه ومن سيلحقه لم يفعلوا شيئا سوى انهم يريدون الامان والحياة.

***

امس، توفيت الفنانة السورية مي سكاف التي لم تكن تريد ان تموت خارج وطنها. رحلت وبقيت وحوش الموت والدمار وحوش تتلذذ في اقتلاع حنجرة فنان وكسر اصابع رسام والتنكيل بجثة فتى "كتب شعارات معادية"!

رحلت مي وأطفال سوريا ينامون بعيون مفتوحة خوفا من وحوش تريد ان تسلبهم العابهم وأهلهم وحياتهم، غادرت والموت يزور اطفال سوريا وشعبها يومياً بسبب القذائف والبراميل المتفجرة. رحلت ولا يزال هناك العديد من اللاجئين السوريين يتعرضون الى الاهانات والضرب خارج وطنهم لمحاولتهم كسب لقمة العيش... 

اقرأ خبر رحيلك واتذكر كتاباتك الثائرة، ألمح كل تفصيل بالثورة التي مارستها برقيً وعزّة ووجع. أسمع ندءاتك، الصادرة من حنجرتك المتعَبة، والتي كانت تعانقني وتعانق العالقين المظلومين المقهورين المضطهدين في كل انحاء سوريا.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا