×

اقدم حيلة لإبعاد "غزاة" المحاصيل.. حارس يرفض التقاعد!

التصنيف: أقلام

2018-08-24  01:35 م  687

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

رافت نيعم

صامت ابداً لكنه اذا نطق سيحكي قصصا وحكايات تختزنها ذاكرة الحقول وسيفشي اسرار ضحاياه من طيور كاسرة وحيوانات مفترسة وقعت اسيرة الوهم وفريسة الخوف منه حتى اورثته لسلالاتها ، واحالها الى كائنات اسيرة الوهم الذي نجح المزارع في اقناعها بحقيقته ..

هو ناطور الحقول وحارسها ورفيق الفصول ومطربها رغم صمته ومن حوله اوركسترا الطبيعة ، حنجرته الرياح وصوته ما تحركه الأخيرة من ملابسه ومن ايقاع اوان معدنية تتدلى منه. يبدل ثيابه مرة كل عام او عامين بقدر ما تصمد تحت وطأة عوامل الطبيعية من حر ومطر وعواصف ، تخاله الطيور والحيوانات المغيرة على الحقول الزراعية شخصاً في هيئة انسان من لحم ودم فتفر فزعاً ..

هو شخصية وهمية من صنع الانسان لكنه موجود ، حيلة قديمة قدم البشرية ، ارتبطت ولا تزال بتراث المجتمعات الزراعية خصوصاً .. حيلة أثبتت على مر الزمان أنها افضل إجراء أمان لحماية المحاصيل الزراعية من غارات الطيور وهجمات الحيوانات البرية والشاردة ، وانها البديل الأنجع بيئيا للحفاظ على التنوع البيولوجي الذي تشكل هذه الطيور والحيونات جزءاً منه بدلا من قتلها او تحويل الحقول الى مكامن وأشراك تؤدي لإنقراضها...

رغم تطور اشكال الزراعة وانماطها ووسائلها وتقنياتها بقي "خيال الصحراء" او "فزاعة الحقول" صامدا في الأراضي الزراعية محافظاً على حضوره ودوره الذي لا يزال مجدياً في طرد " الغزاة" طيرا كانوا ام وحشاً ..

خشبتان تتقاطعان طولا وعرضا لتصبحان اشبه بشخص له ساعدان ورأس يغرزه المزارع في حقله ويلبسه بعضا من ثياب بالية وعادة ما تكون متنوعة بين نسائية ورجالية وكأنه يشبه الانسان وتوضع في أعلاه قبعة ليبدو في هيئة انسان. وتضاف اليه احيانا كثيرة بعض " الاكسسورات " كأن يثبت في احد طرفيه عصا أو فأس ليبدو وكأنه يحملها ويخيف بها اي غريب او يعلق برقبته صفائح معدنية من التنك تصدر اصواتا كلما حركها الهواء ..

رغم ادخال بعض التعديلات والتحديث على اشكال والوان ومكونات " خيال الصحرا" في بعض البلدان المتطورة كإضافة "مرش" مياه عليه او جعل وجهه يتخذ شكل وجه حيوان او طائر تخافه باقي الحيوانات والطيور، او ادخال آلات تحدث اصواتا او تبعث اضواءاً لضمان ابتعادها عن الحقل.

بعض الطيور التي لا تيأس من محاولات الاغارة على الحقول، حتى اذا ما فقد رادعها ثيابه او اسلحته بفعل عوامل الطبيعة، تجدها تتجاهل وجوده وكأنها اكتشفت سره فترى بعضها يقف فوق رأسه وكأنها تسخر منه الى أن يستعيد ما فقده من عدة وهيبة!

في حقله في بلدة دير الزهراني في الجنوب والتي تشتهر بزراعة الخضراوات والبقوليات والحبوب يٌمسك "أبو علي" بعدد من "شخوص " خيال الصحراء ( الفزاعة ) ويُوزعها باتقان على طول وعرض حقله المزروع بالحبوب والخضراوات مانعا الطيور والحيوانات من خنازير وثعالب وسباع من الاقتراب حيث تساهم الرياح في تحريك لباس (الفزاعة ) لترتفع اليد اليسرى معانقة اليد الأخرى ... رغم نحول جسده ، لا يزال " الحارس الأصيل" مواظباً على زراعة ارضه وحراثتها وجني محاصيلها معتمدا في ذلك على الطرق والأدوات البدائية التي ورثها عن والده ، ومحيلاً مهمة حراستها في غيابه الى " الحارس البديل" ... فـ"الفزاعة" او "خيال الصحراء" برأيه، كفيل بطرد الطيور والحيوانات المتطفلة على الحقل.

واذا كانت ثياب " الفزاعة " تبدل مع كل موسم او كل سنة ، فإن صاحبها لا يحال على التقاعد مهما تقادم عليه الزمن الا اذا انتفت الغاية من وجوده!

(رأفت نعيم-صيدا)

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا