×

أبو الحسن: شاهد على مرحلة

التصنيف: أقلام

2020-10-17  09:21 م  443

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.



*بقلم: رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود*

الشيخ محمود البضن (أبو الحسن) لمن لا يعلم، أرسله المرحوم الشيخ سعيد شعبان(رحمه الله ) مع ثلة من شباب التوحيد إلى صيدا ليواكبوا الوضع الذي نجم عن انسحاب القوات الإسرائيلية وعملائها من شرقي صيدا، وللتذكير، ذلك أنه بعد الانسحاب الاسرائيلي في 16 شباط 1985 قام العملاء في 18 آذار، وقد تمركزوا عنوة عن كثير من الأهالي، في البرامية والهلالية وجزء من القياعة ومناطق قريبة جدا من شرق صيدا، قاموا بشن هجوم من شرق صيدا على بقية مناطقها ،والحق أن هذه المناطق هي جزء عضوي من مدينة صيدا وليست منفصلة، ولقد بدأ عدوان الميليشيات ظهراً فيما الناس في أشغالهم في صيدا وبيوتهم في شرقها ، حيث افتعلت الميليشيات اشتباكاً مع الكتيبة 98 من اللواء الثاني عشر في الجيش اللبناني ، ليكون هذا الاشتباك المفتعل ذريعة لعدوانهم الغاشم ، ولقد استمر هذا العدوان حوالي 40 يوما، ثم انسحب المعتدون الى كفر فالوس ،أي حوالي 15 كلم شرقاً ،بعد الانسحاب الاسرائيلي المباغت الى جزين ،إنسحاب نفذه الإسرائيلي منفرداً دون أي تنسيق مع عملائه ، كأبشع دليل على اللؤم الصهيوني ،بعد الانسحاب وهذا العدوان، نشأت ظروف جديدة في شرقي صيدا، ولم تكن قوة الجيش اللبناني ( الكتيبة 98- اللواء 12)التي أعدت لملء الفراغ الأمني الذي سينتج عن انسحاب القوات الإسرائيلية مستعدة لأن تعبئ كل تلك الأماكن، فيما واجهت القوات الوطنية من أهل صيدا وجوارها وأنصارها هذا العدوان، ولقد تمركزت هذه المجموعات في عدة اماكن ،لحماية صيدا من اي هجوم محتمل ، حيث كان العميل لحد يقصف صيدا من وقت لآخر، دون مقدمات ودون مبررات ...
أراد الشيخ سعيد شعبان (رحمه الله) أن يشارك في هذا العمل فارسل مجموعة من التوحيد على رأسهم الشيخ (أبو الحسن)، الذي اكتسب في فترة قصيرة ثقة الكثير من العاملين في الحقل الاسلامي والوطني، وكان ناشطاً على كل الصعد، في التجنيد والتدريب والتثقيف والعلاقات وغير ذلك، واتخذ من مدرسة في شرق صيدا مركزا لهذه المجموعة التي كانت ناشطة وفاعلة، استمر هذا التمركز حتى أوائل العام 91 تاريخ انتشار الجيش اللبناني في أكثر المناطق اللبنانية بعد اتفاق الطائف. هذه المرحلة، ما بين أوائل 85 إلى أوائل 91، شهدت تطورات بارزة ومميزة، شارك المرحوم (ابو الحسن )بكثير منها، وكانت بصماته واضحة سنؤرخها لاحقا بإذن الله، ولكن اللافت أنه خلال أزمتيْ طرابلس ، أي في خريفيْ العامين 83و85 كان يستطيع أن ينقل المعركة إلى صيدا ، إنتقاماً من بعض الأحزاب والجهات التي شاركت في "اضطرابات " طرابلس ، لا نسميها الآن اسما ًآخر ،ولكنه فكّر صيداوياً، إن جاز التعبير ،ولم ينقل المعركة إلى صيدا ، فقام بذلك بقطع الطريق على فتنٍ كان يمكن أن تكون وخيمةً، وكان يردد في كل مناسبة: من يقاتل الصهاينة يرتفع ذكره وتسمو درجاته عند الله وعند الناس، ومن يدخل في الحروب الداخلية حتى لو كان محقا، أو في حالة الدفاع عن النفس تلاحقه شبهة العمالة وإضاعة الاتجاه، سبحان الله قرأ هذا الأمر مبكرا.
يصعب أن نذكره بشخصيته دون المرور على الأحداث المتلاحقة التي أقحمت الجميع بنارها وسوءاتها، ولقد تماهت شخصيته مع هذه الأحداث ويصعب أن تراه بعيدا عنها، المهم أنه استطاع ان يواكب هذه المرحلة بكل ما فيها من صعوبات ، باقل الخسائر ان جاز التعبير، والكمال لله. وقد يصعب علينا اليوم أن نذكر أنه في آخر تجربته الغنية والمتنوعة قد اعتزل الجميع وكانت له مآخذ على كل الذين عمل معهم ، وقد يكون الأشد صعوبة أن نعترف أنه كان محقا في اكثر المآخذ التي كان يسر بها للمقرّبين ...ولكن لنا أن نسأل سؤالا: هل أزمة الإسلاميين محصورة في لبنان او هذه الحركة اوتلك ؟إنها أكبر من ذلك بكثير ، إنها تعم العالم الإسلامي بأسره ، والفائز من يستطيع أن يتجنب سيآتها ولن نسأله عمّا أضاف من حسنات !! إن آخر ما كنت أظنه أن يموت على فراش (الكورونا ) فيما أنه خاض عدة معارك وتعرض لمخاطر جمة ، سبحان الله ، نذكر هنا كلمة خالد بن الوليد على فراش موته ( لقد خضت مائة معركة ، وما من موضع في جسدي إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، وها أنا اموت على فراشي (......) فلا نامت أعين الجبناء طبعاً الأمثال تضرب ولا تقاس، كما نذكر هنا قول الرسول (صلى الله عليه وسلم )من طلب الشهادة بصدقٍ بُلّغ منازل الشهداء ولومات على فراشه ... والله أعلم، إنه ليس بعيداً عن هذه الرتبة ،
رحمك الله ناشطاً حاضراً ناقدا ثاقب النظرة... ملتزما لا يأبه بالانتقادات الساذجة، عسى الله أن يجمعنا معك في مستقر رحمته، إنه سميع مجيب.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا