خليل المتبولي : محجورٌ في بيتي !

التصنيف: أقلام
2021-02-01 04:15 م 187
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.
محجورٌ في بيتي ، أتنقل بين غرفتي والمطبخ والحمام ، أتحدث مع نفسي في جو ميلودرامي ، في مكان أصوغ حدوده وأشياءه ، أروّضه كما يروضني ، أستغل سكونه وأظهره واضحًا وضوح الشمس . أُظهر تكاوينه الداخلية ، زواياه ، تفاصيله التي أصبحت من تفاصيلي ، أُحصي رائحته الغامضة التي تنبعث سرابات قاتمة ، الملتحفة رغبات الحياة ، المتمازجة كالغيوم في السماء .
أسترسل في الانخراط في عزلة مصدّعة ، خارجة على الزمن والوقت ، متنكرًا للرفوف الفارغة رغم الكتب المكدّسة فوقها ، وللخزائن المبعثر داخلها الثياب المهلهلة ، وللمنافض المستلقية فيها السجائر كجنود قتلى في معركة الوجود ، ولكل ما هو جامد ، متحرك في مخيلتي . ألملم أفكاري المنتشرة في كل مكان في البيت ، أتناول حرفًا حرفًا أناجيه وألاغيه ، ألتقط كلمة كلمة وأبحث عن جذرها ومعناها ، أبث فيها حواسي وهواجسي ، أحسمها ، وأقطع الجذور كلها بإحساس التذكّر والحنين بعاطفة حارة ، كأنها شموع أشعلت ليلة الزفاف . الجذر ، قلب ، شعلة ، حرارة ، انبعاث ضوء ، يُفرغ قسماته في صمت الألوان .
محجورٌ في بيتي ، فاقدٌ للحرية في منفاي ، بلا ذاكرة ، الذاكرة رهان المستقبل ،وارتماء في تاريخ بلا موعد ، كيف لهذا الحَجْرُ أن يتزحزح ؟ اسمه من صلب ، والصلب انكشاف لسر الجمود عبر بوابات السجون ، معجون بسحر الهموم ، معصوب الأفق بعلامات وإشارات وأيقونات قرمزية ،وبمجد مدجج بحقائق صادمة ، يصنع أسوارًا بلا مواقيت ، وبلا فواصل . يتقدم الحَجْرُ حاذفًا امتلاء الأيام ، يشرئب على النور ، ويختلط في تواريخ لا تحصي غياباتها سوى سراب مصقول بأرقام فوضوية ، تنتشر على الأرائك والأسرّة ، لتعلن غيابات على شاشات الروح ، تفوح منها رائحة صدأ الزمان والمكان .
محجورٌ في بيتي ، أعدّ خطواتي المتهالكة ، أنظر إلى السقف واللمبة والجدران ودهاناتها ، وإلى البلاط ، محاولًا ضرب طولها بعرضها ، أحسب الضوء الآتي من النافذة ، المرتعش ، المحمّل بغبار السنين . أدخل غرفتي ، أتناول كتابًا ، أقرأ فهرسه ، أنظر إلى عدد صفحاته التي تروي كسر المعادلات ، أعبر أحداثه المكتظة بالشخصيات الرئيسية والثانوية ، أرجع بصداه ، أبصره إشارات سابقة ، أطبقه وأعيده إلى الرف الذي يبكي على أحداث وشخصيات الكتب الحاضنة له .
محجورٌ في بيتي ، سئمتُ ، فما عدتُ أرغبُ في شيء سوى فتح باب البيت ، وتجاوز عتبته ، والخروج إلى الشارع ، لألتقط المد والجزر ، الفرح واللّذة ، الركض والقفز ، واللعب مع العمل ، التعب والعرق ، وتجفيف الريح للرغبة عن جسدي ، أشتهي في العلن وحل المطر ، والشمس الحارقة ، ودمع النساء ، وغضب الرجال ...
أخبار ذات صلة
بعد ضجة فضل شاكر… ما مصير الأسير؟
2025-04-21 09:42 ص 148
كيف يقارب أبو مرعي المشهد الانتخابي البلدي في مدينة صيدا وقرى منطقتها؟
2025-04-20 11:34 ص 107
هل يكون السلاح الفلسطيني ورقة حزب الله الأخيرة؟
2025-04-20 05:20 ص 66
في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الاحتلال ... بقلم د. وسيم وني
2025-04-17 05:45 م 68
موسم جني الثمار
2025-04-13 03:29 م 148
توماس فريدمان: نتنياهو يُطيل أمد الحرب في غزة لسببين
2025-04-10 05:37 ص 106
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

هذا المقال موجه لأبناء مدينة صيدا أقرأوه وأفهموه الانتخابات صيدا
2025-04-19 06:04 م

ال بدو يعرف هيدا رسم الترشيح للإنتخابات البلدية و الاختيارية
2025-04-15 05:51 ص

11 نصيحة بسيطة للحفاظ على صحة الكبد
2025-04-13 10:19 ص

الانتخابات البلدية في صيدا تتجه نحو الإبتزاز مالي والحصص والهيمنة
2025-04-01 02:10 م

الدكتور حازم بديع يحول صيدا من الليل إلى النهار
2025-03-24 11:30 ص

قيمة صادمة لفاتورة الكهرباء الشهرية للحرم المكي.. تقرير يكشف ويثير تفاعلا