×

أميركا في لبنان: عاجزة بلا السعوديّة... وبداية خلاف مع فرنسا

التصنيف: أقلام

2021-09-19  12:17 م  251

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

ابراهيم ريحان اساس

المملكة ليست صندوقاً لبقايا كوارث أميركا السّياسيّة في المنطقة ونفايات أخطائها". هكذا أجاب مسؤول خليجي أحد الصحافيين، في مجلس خاصّ، ردّاً على سؤال عن سبب عدم استقبال المملكة العربية السعودية لاجئين أفغاناً، بناءً على طلب أميركي.

جاء هذا الجواب قبل أيام من رفض وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان إعطاء موعد لوزير الدفاع الأميركي الجنرال أوستن لويد. وزير دفاع القوّة العظمى في العالم. وزير دفاع الإمبراطورية التي قيل يوماً إنّها تحكم العالم وحيدةً، كقوّة "أحاديّة".

الجنرال لويد أعلن  بنفسه أنّه "ينتظر موعداً". وفي هذا مؤشّر إلى الهوّة الكبيرة التي باتت تفصل بين السعودية وإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن. الإدارة التي بدأت عهدها بالتضييق على المملكة لدفعها إلى وقف الدفاع عن نفسها في اليمن، بإيقاف صفقة سلاح ضرورية، ثمّ لوّحت بملفّ "11 أيلول"، الذي تبيّن لاحقاً أنّ قيادة إيران أقرب إلى التورّط، وأنّ قيادة المملكة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالعدوان الهمجيّ على نيويورك.

لكن ما تأثير هذا كلّه على لبنان؟ وكيف انعكس هذا على يوميّات اللبنانيين؟

لطالما ظنّ كثيرون أنّ السعودية هي الذراع الماليّة لأميركا، وأنّ أميركا هي الذراع العسكرية والأمنيّة للسعودية. معادلة كانت مغرية ومطمئنة لِمَن يريد أن يبسّط المشهد السياسي بين الخليج وأميركا.

لكنّ هذه الصورة ليست حقيقية. وها هي أميركا المنسحبة من الشرق الأوسط، على وشك أن تدفع فاتورة كبيرة. فالمملكة يمّمت وجهها شطر روسيا، كما فعل الرئيس المصري جمال عبد الناصر حين تخاذلت أميركا عن دعمه، وحصل على دعم لتأميم قناة السويس، ثمّ على الدعم السياسي والخبرات العسكرية، التي سمحت لجيش عبد الناصر بعبور القناة في عام 1973 بعد 3 سنوات من رحيله. وهو الاتجاه نفسه للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعتمد للجيش المصري مصادر متنوّعة دولياً محرراً بذلك الجيش من "كزاجية" الادارة الأميركية.

اليوم يفعل الأمير محمد بن سلمان الأمر نفسه. فقد وقّعت المملكة اتفاقية دفاعية مشتركة مع روسيا فلاديمير بوتين، بقيت قيمتها وبنودها غير معلومة، في وقت كان يُبلغ طالبي الموعد في البنتاغون بأنّ وقته لا يسمح باستقبال الجنرال لويد.

يعرف قادة المملكة أنّ أميركا الراحلة من الشرق الأوسط، يمكن استبدالها، لكنّ المملكة الباقية هنا، لا يمكن استبدالها.

 

السعوديّة القويّة

كلّ هذا يشير إلى أمرٍ لا يمكن إغفاله: "السّعوديّة قويّة أمام أميركا"، و"السعوديّة تعرف قدر قوّتها"، ولا تتهاون في كرامة صورتها، ولا يمكن أن تخضع لإدارة بايدن، وأن تسكت على الطريقة التي يجري التعامل معها بها.

وسط كلّ هذا المشهد، يبقى التّعاطي السّعوديّ مع أميركا بشأن الملفّ اللبنانيّ مُجرّد تفصيل. إذ رفَضت السّعوديّة 3 مرّات طلبات أميركيّة بشأن مُساعدة لبنان:

الأولى: أثناء لقاء وزيريْ الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسيّ جان إيف لودريان مع نظيرهما السّعوديّ الأمير فيصل بن فرحان آل سعود خلال لقائهم على هامش اجتماع وزراء الخارجيّة لدول مجموعة الـ20 في إيطاليا. حينئذٍ لم يُبدِ وزير الخارجيّة السّعوديّ حماسةً للطّلب الأميركيّ – الفرنسيّ.

الثّانية: زيارة السّفيرتين الأميركيّة والفرنسيّة لدى لبنان دوروثي شيا وآن غريو إلى الرّياض، حيث طلبتا مُساعدة السّعوديّة لدعم الجيش اللبنانيّ والقوى الأمنيّة اللبنانيّة. وفي هذا الإطار يذكُر مصدرٌ أميركيّ لـ"أساس" أنّ السّفيرتين عادتا من الرّياض بـ"خيبة أملٍ". إذ إنّ الاستقبال السّعوديّ لم يكن على قدر المُهمّة التي سافرَتا لأجلها. وسمعتا في الرّياض ما سمعه وزيرا الخارجيّة في إيطاليا من أنّ المملكة لن تُساعد لبنان ما دام مصدرَ تهديدٍ لأمنها والأمن العربيّ، وما دام حزب الله مُصرّاً على الإخلال بالتّوازن السّياسيّ في البلاد عبر الهيمنة على الرّئاسات الـ3 ومجلسيْ النّواب والوزراء.

الثّالثة: أثناء مُشاركة السّعوديّة في مؤتمر دعم لبنان الذي عقدته فرنسا في الذّكرى السّنويّة الأولى لتفجير مرفأ بيروت. فعلى الرّغم من جمع المُؤتمر لـ370 مليون دولار من المُساعدات، كان ثُلثاها (218 مليون دولار) من واشنطن وباريس، إلّا أنّه لم يكن على قدرِ الآمال بسبب غياب مفتاح الدّعم العربيّ، السّعوديّة.

الموقفُ الخليجيّ تجاه لبنان ثابتٌ ولم يتغيّر. المُتغيِّرُ الذي طرأ هو السّياسة الأميركيّة مع مجيء إدارة جو بايدن، التي سارعَت إلى "تجيير" الملفّ اللبنانيّ لفرنسا بعد اتّصالٍ بين الرّئيسين بايدن وإيمانويل ماكرون في شهر كانون الثاني الماضي،

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا