×

شكوك “المحور” و”حزب الله” حول تحوّل أسامة سعد

التصنيف: أقلام

2021-12-06  04:12 م  541

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

الصحافي ابراهيم بيرم النهار 

منذ #الانتخابات النيابية الاخيرة، دخل الامين العام لـ”التنظيم الشعبي الناصري” اسامة سعد في شبه احتجاب سياسي، اذ ندرت مواقفه السياسية المعتادة، وإنْ صدرت فباقتضاب، وأبعد من ذلك بدا وكأنه يغرد تماما خارج سرب المحور السياسي المفترض انه كان منضويا فيه، والذي يفترض ايضا ان اصوات ناخبي هذا المحور في دائرة صيدا – جزين قد ساهمت بامتياز في عودته الى مجلس النواب بعد غياب لدورتين متتاليتين.

مع هذا الحد المحدود من الحراك والتفاعل لإطار سياسي نشأ في اوائل عقد الستينات على يد المناضل الشعبي النائب السابق معروف سعد على وقع التقدم الكاسح لـ”الناصرية” في الوجدان العربي، تبدّى للراصدين ان وريث قيادة هذا الاطار الآخذ ظله ككل التيارات “القومية والثورية” بالانحسار السريع، وكأنه يحيل نفسه الى تقاعد، او في احسن الحالات الى ظل ينأى به عن اي تفاعل مع حركة الاحداث.

فمنذ ان اقفلت صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، حرص اسامة سعد على ألا يخطو في اي خطوة يُقدِم عليها هذا المحور في سياق المسار الذي اختطه. والامر لا يتعلق فقط بتأييد من ينتقيه هذا المحور او يزكّيه لبلوغ سدة الرئاسة الثالثة، او الانضمام الى تكتل نيابي لا بأس بحضوره، بل انطلق ليكون في موقع الندية للزعامة السياسية الباسطة ظلها على الطائفة السنية منذ نحو عقود ثلاثة. فالغياب والابتعاد الباعثان على هذا الاستغراب عند النائب سعد امتد واستطال الى أبعد من ذلك، وتحديدا الى ما يعتبره محوره الاساسي تشكيكاً بما كان حتى الامس يعامل كـ”مسلّمات وثوابت ومنطلقات” في العمل القومي.

فاذا كان يمكن لسعد ان يقدم تبريرا لهذا النأي بالنفس عن كل ما يتصل بيوميات الواقع الحكومي والنيابي لهذا المحور والصراعات المتصلة به او الناجمة عنه، تحت عنوان عريض هو: لن نخالط نخبة سياسية حاكمة استهلكها الفساد وسيّرها الافساد فانهكت اقتصاد البلاد ومالية العباد، لذا فان اي مخالطة لها او دنو منها هو مجلبة للشبهات يتعين اجتنابه، وان ما كان يُنقل من كلام يدور في مجالس سعد استدعى شك رفاق المسيرة واخوة الدرب، فأقاموا على استنتاج فحواه ان قناعات الرفيق العتيق قد بدأت تهتز، لذا لا تستغربوا إن وجدتموه ذات صبيحة في كنف فضاء سياسي آخر.

وبحسب مصادر الجهة الراصدة، فان سعد تجاوز الخطوط الحمر عندما تحدث مرارا في تلك المجالس الضيقة عن “ان لبنان لم يعد بمقدوره تحمّل تبعات الاوزان الثقيلة لمشروع #حزب الله”. ويقرن استنتاجه هذا بالقول انه “مع بدء تقبّله لهذا فانه ما انفك مقيماً على ايمانه التام بمشروع المقاومة الدائم ضد الاحتلال الاسرائيلي وضرورة استرداد الحق الذي كان والده الشهيد معروف سعد من اوائل الذين شخصوا الى الميدان قبيل النكبة الكبرى في محاولة يائسة لاستنقاذ هذا الحق قبل فوات الاوان، فعاد مع الخائبين”.

لم يكن امر “تخفف” الرجل من تركة موروث الماضي السياسي مجرد كلام او اطلاق تساؤلات، بل تعداه الى الابتعاد عن كل تطور يكون فيه “للمحور” ناقة او جمل، اذ على سبيل المثال لم يصدر التنظيم موقفا من احداث الطيونة إلا بعد مضي اكثر من 36 ساعة على وقوعها وبعد تساؤلات ملحاحة وعبر بيان شديد الابهام.

أما مسافة الابتعاد الكبرى فقد تجلت في اعتراض اكثر وضوحا على ما يصفه بـ”التدخل الخارجي في شؤون دول عربية، كونه اعتداء موصوفا يكشف ظهر الامن القومي العربي”، ومقصود الكلام هنا التدخل الايراني في الامن الحيوي السعودي. وهو مصطلح ليس جديدا على القسم الاكبر من الناصريين سواء في لبنان او في اليمن نفسها، خصوصا ان رموز هذا التيار هناك غادروا صنعاء الحوثية والتحقوا بركب عبد ربه منصور في الرياض.

ولم يخرق هذا التحول الصامت الا تلك المساهمة المتواضعة نسبيا لشباب التنظيم في حراك 17 تشرين في عاصمة الجنوب، واصطدام سعد ومجموعة من انصاره مع حفنة من “تجار الغالونات” التي راجت ابان ازمة فقدان المحروقات.

في غضون كل ذلك، كان سعد يحاول بجهد مكثف التستير على تباين عمودي داخل اعلى هيئة قيادية في التنظيم هي الامانة العامة. فبحسب اعضاء في تلك الهيئة ان سعد لم يدعهم الى أي اجتماع منذ ما يقرب الثلاثة اعوام تحاشيا لاي صدام محتمل مع عدد من اعضاء هذه الهيئة ناقشوا في الاجتماعات الاخيرة “مسألة الثوابت الناصرية والقومية ومخاطر مفارقتها او الالتفاف عليها”.

واذا كان ثمة من يجد مسوغات لعامل بالشأن العام شاء في لحظة مراجعة ذاتية ان يغادر مركب مرحلة تبدو بكامل تفاصيلها جانحة نحو الافول، فان السؤال الاهم: ماذا عن ردة فعل اركان “المحور”؟ وبوضوح اكبر ماذا عن تقديرات قطب هذا المحور وهو “حزب الله”؟
على رغم الحرص الشديد الذي يبديه هذا القطب على الحيلولة دون اصدار اي اشارة قريبة او بعيدة تنمّ عن انزعاج او لوم او عتب على فقدان هذا “الرافد”، فان في مناخ الحزب من يفصح ان الجهات ذات الصلة بالامر فيه التقطت بشكل مبكر جدا ارهاصات تحولات الرجل ابن العائلة ذات السبق في “التاريخ النضالي العريق” فاحترمت رغبته المضمرة . لذا يذكر المعنيون انه منذ الانتخابات الماضية لم تسجل الا زيارتان من الحزب الى دارة الرجل. ومع علمه بان سعد وجد لنفسه فرصة مد خطوط التواصل مع جهات ناصبت الحزب تاريخيا العداء وما زالت (البعث العراقي)، فانه حظر على كل من هو محسوب عليه تناول سعد بلسان سوء او انتقاد.

ولكن الذي لا يخفى ان الحزب لم يشأ ان يتلقى خسارة مزدوجة في عاصمة الجنوب ومعبره الاجباري اليه فيفقد حليفا تاريخيا ويخرج من “مولد المدينة” بلا اثر، لذا سارع الى ولوجها من مسالك ودروب وعلى صهوة خيارات مختلفة.

والسؤال الاهم والاصعب هو: ماذا عن الموقف من الانتخابات المقبلة؟ وهل يفكر الحزب بحليف آخر يدعم ترشيحه لأحد مقعدَي المدينة؟

لذلك لدى الحزب حسابات اخرى ما زال يكتنفها الغموض والابهام، لكنه يعدّ ليكون جاهزا لكلا الاحتمالين: فهو لم يوصد الباب امام سعد إن شاء العودة، وفي الوقت عينه لن يعدم البديل.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا