×

خليل المتبولي : عين الحلوة وعبثية التقاتل !

التصنيف: أقلام

2023-08-04  03:15 م  237

 
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

 

بقلم : خليل ابراهيم المتبولي 

هي أيّامٌ مرعبة تدعو للشفقة ، الأخوة تتقاتل فيما بينها بلا هدف ، وحوشٌ بشريّة تتكاثر وتتصارع

وتفترس بعضها لتظهر مدى قوتها وعظمتها وسيطرتها ، إنّ الجميع يتقاتلون لكي يختلسوا بأي ثمن

قوة وجودهم وتثبيت حقهم بالسيطرة والهيمنة ، إنما كلّ ذلك على حساب مَن ؟ على حساب الناس

الضعفاء البسطاء الفقراء المعتّرين الذين يطمحون بالعيش الكريم والحياة السعيدة ، ولا يرجون من

هذه الحياة رغم ظروف حياتهم القاسية وتهجيرهم ، وعيشهم في بقعةٍ صغيرة من وطن ليس وطنهم

واعتبارهم لاجئين ، سوى الأمن والأمان وحياة مستقرّة ، وبعض من عدالةٍ اجتماعية . 

عين الحلوة تشعر بوطأة العجز أمام قوى الاستبداد والتسلّط الميليشياوي ، والأصوليّة الهمجية ، وهي

في الحقيقة تخضع بقهرٍ وألم لهذا التسلّط العنجهي ، ومن خوفها لا تجرؤ مع شعبها على التفكير في

أنّ المسيطِر عليها لا يستحق التملّق ، لأنّ القوّة والشراسة لا تفرض احترامًا ولا تقديرًا ، ولا أمنًا ولا

سلامًا ، وهذا العقاب المنزَل عليها من أبنائها لا تستحقه،لأنها كانت الحاضنة له بعد الطرد والتهجير

من أرضه في الشتات.

إنّ ما عاناه أهلنا في مخيم عين الحلوة في هذه الأيام ، وما يعانيه من قتل ودمار وتشريد ورعب هو

عارٌ على جبين كل مَن تسبب وافتعل هذه المعركة . مأساة ما بعدها مأساة ، وعبثية ما بعدها عبثية !

معركة كرٍّ وفرٍّ تخلو من الهدف والمعنى ، معركةً هي من نتاج مسبباتٍ لتصوّرٍ مسبق لغايةٍ يسعون

إليها ضمن لعبة العبث بمصير شعبٍ عاجزٍ عن تثبيت هويته المطمورة تحت ركام القضية المركزية

المتحركة في اتجاهات شتّى ، والتي تكشف عُهر الحكّام المتلاعبين في حقيقة وجوهر وطنهم

المغتصَب ، الوطن المتروك لمصيره ، حتى أصبحوا بعيدين عنه مسافة أزمنة عديدة وكثيرة ، إنّهم

يتلهون بالقشور ويعبثون في الصميم حتى أصبح وطنهم ذكرى يتكدّس على حطامه . 

عين الحلوة المقهورة على شبابها الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر على أرضها كالعصافير

يصطادون بعضهم بعضًا دون رحمة ولا شفقة ، ودون خوفٍ من الله الذي يحتمون به والله بريء 

منهم ، ودون وجل ،سرقوا الطمأنينة وراحة البال ، وراحوا ينشرون الرعب في القلوب وفي النفوس . 

 

عين الحلوة ما عادت قادرة على الحزن ، وماعادت قادرة على الفرح ، الثورة والنضال والكفاح

المسلّح من أجل فلسطين ماتوا ، وانتقلوا إلى نعمة نسيان جوهرهم . الأخ يقتل أخاه ، والأب يسلّم ابنه

، والأم تأكل أطفالها ، إنها العبثية بحد ذاتها . 

عبثوا عبثًا فظيعًا في عين الحلوة ، العين لم تعد عينًا ، لقد اًصبحت نهرًا من دماء الأخوة والأبناء ،

وكذلك لم تعد حلوة لأنّها أصبحت مرّة المذاق ملوّثة ، طعمها حاذق لا يصلح لشيء . عبثية التقاتل

ومعمودية الدم ، وجنون التسلّط والتحكّم ، وعبادة القوّة وسياسة الروح العسكريّة الميليشياوية ،

دمّرت كل ما هو جميل وإنساني ، وغرزت مخرزًا مسمومًا في عين الحلوة .

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا