"النهار"- رضوان عقيل

لا يغيب عن حسابات الثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" ومختبرهما الانتخابي التركيز على تحرك المعارضة في الجنوب رغم اطمئنانهما الى تثبيت مقاعدهما النيابية والذود عنها بعد رحلة مشتركة وطويلة خاضاها معاً منذ دورة 1992. وتعمل ماكيناتهما بوتيرة عالية في أقضية الجنوب ودوائره الانتخابية على صعيد التواصل مع القواعد الحزبية، فضلاً عن اعطاء أهمية للاصدقاء والمناصرين. ولا يخفي القائمون على هذه العملية الصعوبات التي تعترضهم بسبب الاوضاع المعيشية التي هزت الشرائح الكبرى من العائلات اللبنانية. ولم يسلم الجنوبيون من كل هذه الضغوط وإنْ كان الحزب يساهم في تأمين النفقات المعيشية لأعداد كبيرة من محازبيه المتفرغين. ولم يقصّر المغتربون هنا في رفد عائلاتهم بمساعدات مادية شهرية ليكون وضعها أفضل من مناطق اخرى. ولا تخفي شريحة من المتمولين الشيعة، ولا سيما الذين يعملون في افريقيا، التعبير عن انزعاجهم الشديد من حجز ودائعهم في المصارف، لأن جنى اتعابهم في الاغتراب بات مهددا ولا يأملون كثيرا في الحصول عليها شأن سائر المودعين.

على صعيد "أمل"، تنشط ماكيناتها ولجانها في النبطية وصور وبنت جبيل والزهراني وسائر القرى في الجنوب، للتواصل مع المواطنين وشد الاحزمة الانتخابية استعداداً للاستحقاق المقبل. ويقوم الحزب بالفعل نفسه وسط الحديث عن استبداله نائبا أو نائبين في صور والابقاء على الآخرين في الجنوب.

ولم يخفِ مناصرون "حركيون" هذه المرة توجيه انتقادات الى عدد من النواب بحجة انهم لم يكونوا على المستوى المطلوب وانهم لن يستطيعوا تقديم اكثر.

وتريد مجموعات لابأس بها من القواعد إحداث تغيير والاتيان بوجوه جديدة. ويأتي هذا الكلام بعد تلقّيهم ان عملية استبدال اسماء ليست محسومة وسيعاد ترشيح الوجوده النيابية نفسها بنسبة كبيرة، الامر الذي خلق نوعا من التململ حتى في صفوف قياديين في الحركة، وإنْ لم يعلنوا هذا الامر ويرددون ان لديهم كل الثقة بالرئيس نبيه بري ومشروع الحركة وميثاقها.
وربطاً بملف النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر المدعى عليهما في تفجير المرفأ، يرجح ابقاء القديم النيابي الحركي على قِدمه، الامر الذي ساهم في "حماية" زملاء لهما في كتلة "التنمية والتحرير" من الحزبيين وبقية الاعضاء فيها. وجرى إبلاغ اكثر من اسم في صفوف الكتلة بالاستعداد للترشح الذي دشنه عضو هيئة الرئاسة قبلان قبلان عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي.

وثمة اكثر من جهة حزبية تتلقى في تقاريرها واحصاءاتها الداخلية مطالبات يعبَّر عنها بضرورة عدم الهروب من "تحسين النسل" النيابي.

في غضون ذلك، كان اللافت في اللجان الانتخابية الحركية هذه المرة تطعيمها بمجموعات من الشباب الناشطين والفاعلين في قراهم، واكثرهم من الجامعيين المتحمسين والمؤمنين بنهج الامام موسى الصدر. ولا تتورع هذه الثلة في جلساتها الداخلية عن توجيه انتقادات لاذعة الى عدد من النواب. وتواجه هذه الحلقة الشبابية اقرانها الذين يتوزعون ما بين اليسار والمجتمع المدني في الجنوب.

في مقابل "الثنائي" تستعد منصة "نحو الوطن" لخوض الانتخابات في الجنوب ودعم مرشحين يتلاقون مع الافكار التي وضعتها. ورفعت الشعارات على طول الاوتوستراد والطرق الرئيسية من صيدا الى الناقورة وآخر قرية حدودية، الى جانب رايات الحركة والحزب.
ويبذل المعارضون في الجنوب جهودا كبيرة للمشاركة في الانتخابات بلوائح موحدة لجمع اكبر عدد من الاصوات ومواجهة "الثنائي" في عرينه. ويميل هذا الفريق الى عدم التعاون مع كل شخصية او حزب كانت تربطه علاقة مع السلطة. مع الاشارة الى ان الاتصالات مفتوحة بين المرشح السابق عن المقعد السني في مرجعيون عماد الخطيب والمرشح الارثوذكسي "القواتي" فادي سلامة. ولم يحسم الاول قرار ترشحه النهائي قبل معرفة ما سيرسو عليه خيار الرئيس سعد الحريري. وفي دائرة الزهراني - صور تجرى اتصالات مع المهندس رياض الاسعد لمعرفة ما اذا كان سيترشح في هذه الدورة ام لا.

وتحضّر "نحو الوطن" اسماً شيعياً في الزهراني، كما يجري العمل على ترشيح لائحة مكتملة في هذه الدائرة مع التركيز على مسألة ان يتم تقديم المرشحين بـ "اثواب مستقلة" عن الاحزاب والسلطة، ولا سيما ان مرشحين يعارضون الاخيرة لكنهم على علاقة مع مراجع طائفية وحزبية. ويجري التفتيش في الزهراني عن اسم كاثوليكي لينافس النائب ميشال موسى، على ان تصبّ الاصوات المعارِضة للاول من "العونيين" و"القواتيين" الى المجتمع المدني. وتتواصل المنصتان مع الحزب الشيوعي ومنتديات في صور والمناطق، فضلا عن السفير خليل الخليل وشخصيات كانت تدور في فلك "الاسعدية".

وثمة وجوه لا تغيب عن الشاشات تطمح الى الترشح، وهي لا تلتقي بعضها بعضاً ولا تخفي انتقاداتها في الغرف المغلقة.

كذلك لا تلتقي "نحو الوطن" مع "كلنا ارادة" حيث لا تعارض خوض الانتخابات "على القطعة" بحسب وضع كل دائرة، ولا اشكالية لدى الاخيرة في التعاون مع اسماء حزبية اعلنت طلاقها مع السلطة بغية الاستفادة من اكبر عدد من الاصوات، مع الاشارة الى ان خبراء في الاحصاءات والانتخابات يحذرون من تعاون المنصة الاخيرة مع كل ما يرمز الى السلطة، لان هذا الامر سيخسرهم الكثير ويفقدهم الصدقية التي يتحدثون عنها امام اللبنانيين.